يواجه ترمب في نيويورك محاكمة مدنية بتهمة الاحتيال والتزوير (غيتي)

صباح يوم الأربعاء الماضي وصل الرئيس جو بايدن  إلى إسرائيل للتعبير عن تضامنه مع الدولة الإسرائيلية بعد الهجوم الدموي الذي شنته عليها حركةحماس”. إضافة إلى ذلك، علق بايدن على التفجير الذي طال مستشفى الأهلي العربي المعمداني في غزة والذي أثار ردود فعل شاجبة وغاضبة بالقول إن المعلومات الاستخباراتية الأميركية تشير إلى ضلوع “الطرف الآخر” في التفجير.

في غضون ذلك، وبالعودة إلى الداخل الأميركي، دخل مجلس النواب الأسبوع الثالث من دون انتخاب رئيس له مع فشل الجمهوري جيم جوردان (النائب عن ولاية أوهايو) اليميني المتطرف المثير للجدل في الحصول على ما يكفي من الأصوات لقيادة المجلس الأدنى في الهيئة التشريعية الأميركية.

يمنح هذا المشهد المنقسم بايدن بعض التوهج القليل إذ يرى عديد من الأميركيين بأن تقدمه في السن ليس فقط بعائق. فالسنوات الـ36 التي أمضاها في منصب سيناتور في الولايات المتحدة وخصوصاً كرئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ فضلاً عن سنواته الثماني كنائب للرئيس منحته الحكمة والخبرة في تولي الأزمات الدولية. في تلك الأثناء، ليس بوسع الجمهوريين جمع 217 صوتاً لانتخاب رئيس لمجلس النواب على رغم أنهم غالبية.

لكن ما يتم نشره يحظى بالقدر نفسه من الأهمية لما لا ينشر ونعني بذلك الأخبار المتعلقة بالرئيس السابق دونالد ترمب. ليس هذا مرتبطاً بغياب أو نقص في التغطية. فكما هي الحال دائماً مع الرئيس السابق الذي تم توجيه اتهامات جنائية إليه أربع مرات وعزله مرتين، غالباً ما كانت موجة من العناوين الرئيسة تتبع ترمب وتدور كلها في فلكه.

يوم الإثنين، أصدرت القاضية الفيدرالية تانيا شوتكان أمراً جزئياً بالتكتم أو منع النشر ضد الرئيس السابق لمنعه من إطلاق تعليقات “مسيئة” أو “تحريضية” حول الأشخاص أو الكيانات المرتبطة بقضية تدخله في الانتخابات.

في غضون ذلك، يواجه ترمب في نيويورك محاكمة مدنية بتهمة الاحتيال والتزوير بقيمة 250 مليون دولار بعد أن أجرت المدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جايمس تحقيقاً ووجهت تهماً مدنية في حقه. والأربعاء، تم توقيف أحد موظفي محكمة نيويورك لأنه صرخ في وجه الرئيس السابق.

بيد أن تلك الأخبار بالكاد ظهرت على الشاشات ووسائل الإعلام مقارنة بالأخبار المحيطة بالحرب في الشرق الأوسط والفوضى في أوساط الجمهوريين في البرلمان. وإن دل ذلك على أمر فهو أن نفوذ ترمب له حدود أيضاً.

جل ما قام به ترمب للتربع مجدداً على عرش الأخبار في الأسابيع الأخيرة هو عندما قام خلال الأسبوع الماضي بوصف الميليشيات اللبنانية حزب الله “بالذكية للغاية” بعد الهجوم الذي وقع في إسرائيل، كما قال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “تأذى للغاية” سياسياً بسبب الهجوم وقال إنه “لم يكن مستعداً وكذلك إسرائيل”.

في هذه المرحلة، أصبحت المعارك القانونية التي يخوضها ترمب أمراً مألوفاً بالنسبة إليه. فمحاكماته لن تنطلق بغالبيتها قبل العام المقبل ومعظم الإدلاءات وجلسات الاستماع التي تحصل ليست سوى تدابير إجرائية في الوقت الراهن. في تلك الأثناء، تستمر الحرب في غزة والفوضى في أوساط جمهوريي البرلمان في الاستحواذ على الأخبار واتخاذ منعطفات جديدة.

كما أن ترمب أخرج نفسه من دائرة الأخبار. عندما قام بحملته الرئاسية الأولى عام 2015، كان غالباً ما يوجه الإهانات لمنافسيه المزعومين على تويتر (إكس حالياً) ويطلق تعليقات تحريضية خلال النقاشات والمناظرات. وعندما أصبح رئيساً، كانت أكثر الأضواء في العالم موجهة صوبه لأن كل ما كان يقوم به الرئيس مرتبط بتداعيات محلية ودولية.

لم تعد تلك الحال اليوم. فعلى رغم قيام إيلون ماسك بإعادة حسابه على منصة “إكس”، يفضل ترمب النشر على موقعه “تروث سوشال” Truth Social كما رفض المشاركة في أي من المناظرات الأولية للجمهوريين بعد أن قام بتحييد أكثر خصومه صعوبة حاكم فلوريدا رون دو سانتيس. فما زال قادراً على القيام بذلك بشكل كبير لأنه لا يزال يتمتع بفارق كبير في الولايات التي خضعت للتصويت المبكر مثل أيوا ونيوهامبشاير وكارولينا الجنوبية.

فضلاً عن ذلك، يستمر ترمب في الهيمنة على استطلاعات الرأي. وتجعل حتمية ترمب المزعومة المراسلين أقل اهتماماً في تغطية أحدث أخباره وتصرفاته الغريبة. فعلى مر أعوام، تجاوز ترمب كل القيود الاجتماعية المسلم بها وانتهك كل التقاليد وتفوه بما لا يجب قوله واستنزف قدرة الشعب على الغضب. بصريح العبارة، أصبح تصرف ترمب مرادفاً لما قام بتعطيله في السابق وهو استعراض متوقع في المشهد السياسي.

لا يعني أياً من تلك الأمور بأن تصرفات ترمب ليست مهمة. فهي تكشف كلها عن بعض من مؤهلاته للرئاسة. ويظهر حكم التكتم الصادر ضده انتهاكه المستمر حكم القانون. وتظهر تعليقاته المرتبطة بإسرائيل إشادته المستمرة بالأنظمة الاستبدادية وكيف ينظر إلى العلاقات الدولية من خلال عدسة صفقات بحتة وهو أمر فهمه كل الأميركيين خلال فترة رئاسته.

تتطلب كل هذه الأمور محاسبة صارمة وحازمة، لكن في الوقت الحالي، تقدمت أخبار أخرى على ترمب وهذا ما يكشف عن أسوأ مخاوفه أو كوابيسه: لم يعد محور الكون السياسي طوال الوقت.

© The Independent