بينما تتصاعد الأخطار التي تواجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم نتيجة موقفها الصارخ الداعم لإسرائيل عقب هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري على البلدات الإسرائيلية تواجه إدارة الرئيس جو بايدن تداعيات أخرى داخل أميركا، بدءاً من احتمالات وقوع هجمات إرهابية، مروراً بتصاعد معاداة اليهود وكراهية الإسلام، وانتهاءً بتزايد الاحتجاجات داخل بعض أجنحة الإدارة الأميركية والكونغرس التي بدت منزعجة كثيراً من الميل الزائد من بايدن وحكومته لتأييد إسرائيل بشكل مطلق من دون النظر إلى التداعيات المحتملة والأضرار التي قد تلحق بالولايات المتحدة، فما هذه التداعيات؟ وكيف يمكن أن تنعكس على مواقف الإدارة الأميركي
جبهات متعددة
منذ أن أعلنت إدارة بايدن موقفها الصريح بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإزالة حركة “حماس” من غزة عقب الهجمات التي شنتها الجماعة المسلحة بالتعاون مع فصائل فلسطينية أخرى على بلدات غلاف غزة وأدت إلى مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي، بدأ الدعم العسكري الأميركي المفتوح لتل أبيب من خلال إرسال عشرات من طائرات النقل العسكري التي نقلت ذخيرة وعتاداً لإسرائيل، فضلاً عن إرسال حاملتي طائرات ومجموعتيها الضاربتين من مدمرات وطرادات وقطع بحرية أخرى، كما وسعت الإدارة الأميركية من نطاق تعاونها الاستخباراتي وأرسلت مستشارين عسكريين لتقديم الدعم والتنسيق، ناهيك بالدعم السياسي والدبلوماسي واستخدام الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لإجهاض مشاريع القرارات التي تطالب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”.
غير أن هذا الدعم الأميركي غير المسبوق في التاريخ لإسرائيل جلب معه تداعيات خارجية وداخلية، ففي الخارج استهدفت هجمات طائرات “الدرون” التي أطلقتها الميليشيات التابعة لإيران مواقع عسكرية أميركية في سوريا والعراق، وتوقع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يكون هناك احتمال للتصعيد من قبل وكلاء إيران ضد القوات الأميركية، ولهذا أمرت الخارجية الأميركية غالبية موظفيها في أربيل بالعراق بالمغادرة، وأشارت إلى تهديدات تتعلق بالإرهاب والاختطاف والصراع المسلح والاضطرابات المدنية، كما نصحت الأميركيين بعدم السفر إلى العراق، بينما تتوخى الولايات المتحدة الحذر من احتمال اتساع نطاق الحرب وتصاعد ردود الفعل التي تنذر بالخطر ضد المصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم وليس فقط في الشرق الأوسط.
تحديات الداخل
غير أن التداعيات داخل الولايات المتحدة أيضاً بدأت تتخذ وجهة مختلفة خاصة خلال الأيام الأخيرة وعلى أكثر من صعيد، إذ بدأت نبرة رفض الموقف الأميركي تظهر بدرجة ما داخل أروقة السلطة في الخارجية الأميركية والكونغرس، كما اندلعت تظاهرات حاشدة معارضة لقصف غزة في ولايات عدة مثل نيويورك وإلينوي ومينيسوتا وفلوريدا، وكذلك في واشنطن العاصمة، وامتلأت ساحات وسائل التواصل الاجتماعي بصور وأخبار وتعليقات متصارعة حول ما يجري من صراع بين إسرائيل و”حماس” وخلفيات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والدور الأميركي.
وشكل كل هذا ضغطاً متزايداً على الإدارة الأميركية وأجبرها على تعديل نسبي في موقفها، فعمدت إلى التواصل مع الإسرائيليين لفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية وتأجيل غزو قطاع غزة، وطالب بايدن حكومة نتنياهو بضرورة التزام القانون الدولي الإنساني الذي يعرف باسم قانون الحرب” والذي يحرم استهداف المدنيين والمنشآت غير العسكرية، ولأول مرة عرض الرئيس أموالاً للفلسطينيين النازحين، وحذر من أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء بعد (أيلول) 2001، والتي لا ينبغي لإسرائيل أن تكررها، ومع ذلك استمرت انعكاسات الحرب والغزو البري الإسرائيلي المتوقع في شغل موقع متقدم داخل الولايات المتحدة.
جبهة الرفض في الكونغرس
نشأت نبرة متحدية للدور الرسمي الأميركي المؤيد بشكل مطلق لإسرائيل داخل أروقة السلطة وهدد الغضب الزاحف داخل يسار الحزب الديمقراطي بالنمو، وبخاصة بعد قيام إسرائيل بقصف غزة بغارات جوية والتحرك نحو غزو بري محتمل، حيث اتهم الديمقراطيون التقدميون بايدن بالتحريض على حرب أدت بالفعل إلى مقتل آلاف الفلسطينيين، واشتعلت هذه المشاعر بعد تفجير مستشفى المعمداني بمدينة غزة، وأوضح الغضب والارتباك مدى خطورة سير بايدن على حبل مشدود بحسب ما أشارت عضوة مجلس النواب جاسمين كروكيت التي اعتبرت أن الأعضاء التقدميين يجدون أنفسهم مضطرين إلى محاولة تحقيق التوازن.
وفي حين أن الجمهوريين أثنوا على رد فعل بايدن على هجوم “حماس”، وصوروا الصراع إلى حد كبير على أنه قضية بين قوى الخير والشر، بدت شرائح واسعة من الناخبين الديمقراطيين، وبخاصة الشباب منهم، متشككة إن لم تكن معادية، للسياسة الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين، وهم غير راغبين في دعم الحرب، حتى رداً على هجوم “حماس” الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي.
وبدا الاستياء واضحاً في وثيقتين، فقد وقع 55 عضواً تقدمياً في الكونغرس رسالة دعت إلى استعادة الغذاء والماء والوقود والإمدادات الأخرى التي قطعتها إسرائيل عن غزة، وطالب مشروع قرار آخر في مجلس النواب شارك في صياغته 13 ديمقراطياً فقط بوقف التصعيد الفوري ووقف إطلاق النار في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
ووقع 411 موظفاً في الكونغرس من المسلمين واليهود وبعضهم من مساعدي النواب لحث أعضاء الكونغرس على دعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” في ضوء معاداة السامية (اليهود) وكراهية الإسلام والمسلمين والمشاعر المعادية للفلسطينيين التي تتصاعد في جميع أنحاء البلاد.
استقالة ذات معنى
وامتدت الاعتراضات على طريقة إدارة بايدن للأزمة إلى وزارة الخارجية الأميركية، إذ قدم جوش بول وهو مسؤول بارز في مكتب الشؤون السياسية العسكرية استقالته بسبب النهج تجاه الصراع والخلاف السياسي حول تزويد إسرائيل بشكل مستمر بالأسلحة الفتاكة، وعلى رغم وصف بول هجوم “حماس” بأنه وحشي وفظيع، فإنه اعتبر أن رد إسرائيل، ومعه الدعم الأميركي و”الوضع الراهن للاحتلال”، لن يؤدي إلا إلى معاناة أكثر وأعمق لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن هذا ليس في صالح واشنطن على المدى الطويل.
وانتقد بول استجابة إدارة بايدن وجزء كبير من الكونغرس، معتبراً أن القرارات السياسية التي تشمل إرسال الأسلحة قصيرة النظر ومدمرة وغير عادلة، ومتناقضة مع القيم نفسها التي تعتنقها أميركا، لأنها سياسة متهورة ومبنية على التحيز والملاءمة السياسية، وتعكس الإفلاس الفكري والجمود البيروقراطي، وأن الدعم الأعمى لجانب واحد مدمر على المدى الطويل لصالح الشعب على كلا الجانبين.
صراع الشارع
لم تتوقف مظاهر الاختلافات حول سياسة إدارة بايدن من الصراع على الخارجية الأميركية والكونغرس، إذ شهدت عشرات من المدن الأميركية تظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة في مقابل تظاهرات أخرى تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم “حماس”، ووصلت الاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار إلى داخل مبنى الكونغرس وحوله، وشارك بها مئات من الطلاب اليهود والمسلمين، فضلاً عن فئات أخرى.
واجتذبت الاحتجاجات والمسيرات على جانبي الصراع الآلاف، وزادت الهجمات المعادية لليهود والمسلمين من الشعور بعدم الارتياح، بينما تستعد إسرائيل لغزو بري لغزة، وشملت أربع تظاهرات متزامنة في مدينة نيويورك آلافاً عدة رفعوا الأعلام الفلسطينية، واعتقلت خلالها الشرطة العشرات بسبب عرقلة حركة المرور، فيما شهدت عشرات المدن الأخرى تظاهرات مماثلة، غير أن مدينة نيويورك تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى أنها موطن لأكبر عدد من السكان اليهود خارج إسرائيل ولواحد من أكبر المجتمعات الإسلامية في البلاد.
وبلغت المشاجرات الثقافية الأوسع مداها مع تباين المواقف، فقد أجلت إحدى الجمعيات الثقافية حدثاً يضم الروائي فيت ثانه نجوين بشكل مفاجئ بعد أن وقع على رسالة مفتوحة تنتقد إسرائيل، ودعا عضو مجلس مدينة كوينز في نيويورك روبرت هولدن، منظمة “وين” غير الربحية المعنية بخدمات المشردين إلى معاقبة أحد موظفيها، الذي شوهد في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين، وفي المقابل وزعت منظمة “برونكس” للتضامن مع فلسطين ملصقاً يظهر صورة النائب الديمقراطي ريتشي توريس، وعليها عبارة “مطلوب بتهمة الإبادة الجماعية”، وكتب توريس على موقع “إكس”، “لن أخجل من القتال من أجل الناخبين اليهود الذين يشعرون بالتهديد من المذبحة الأكثر دموية ضد اليهود منذ المحرقة”.
معاداة اليهود والمسلمين
منذ هجوم “حماس” على جنوب إسرائيل والرد الإسرائيلي عليه، تصاعدت معاداة السامية وكراهية الإسلام والمسلمين بقوة بفضل الصور القادمة من غزة وإسرائيل، وكلما طال أمد الصراع، زاد التهديد الذي يواجه اليهود والمسلمين في أميركا بحسب ما تقول بربارا سلافين من مركز ستيمسون، “فبعدما ألقى بايدن خطابات عدة لدعم إسرائيل، وسافر إلى هناك مؤكداً احتضانه الوثيق لإسرائيل لتلبية حاجة عديد من اليهود في جميع أنحاء العالم إلى الراحة والتضامن، إلا أنه مع ارتفاع عدد القتلى في غزة وتصاعد غضب العرب والمسلمين تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، يتعين على واشنطن أن تفعل أكثر من مجرد تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة”، بحسب سلافين.
وتصاعدت مخاوف من تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” وسط الصراع، والذي عكسته حادثة طعن رجل من إلينوي لطفل فلسطيني مسلم يبلغ من العمر ست سنوات حتى الموت وأصاب والدته بجروح خطيرة، وعلى رغم من أن بايدن أعلن في خطاب من المكتب البيضاوي إدانته كراهية الإسلام ومعاداة السامية في أعقاب هذه الحادثة، إلا أن المجتمع الأميركي المسلم يخشى عودة مناخ انعدام الثقة الذي شهدته الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وهو ما عكسه البيان الصادر من مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية الذي دان الهجمات المزعومة ضد الفلسطينيين ودعا المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام إلى إنهاء التحريض ضدهم.
وعلى الجانب الآخر، قال رئيس المجموعة التي تراقب النشاط المعادي للسامية في مدينة نيويورك إن حوادث الكراهية تضاعفت منذ السابع من أكتوبر، من نحو حادثة واحدة كل يوم إلى أكثر من حادثة في اليوم، وتشمل هذه الحوادث الصراخ بالشتائم، وإطلاق النار على رجال يهود وكتابات “الصليب المعقوف”، وهو شعار النازية.
وحتى قبل الأزمة الأخيرة، وصلت جرائم الكراهية ضد اليهود في الولايات المتحدة إلى 37 في المئة عام 2022، وهو أعلى رقم مسجل منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي.
ومن بين أبرز الحوادث الأخيرة التي أثارت المخاوف، عملية طعن رئيسة الكنيس اليهودي في ديترويت سامنثا وول التي تعرضت لطعنة قاتلة في منزلها، إلا أنه لم تظهر أية أدلة تشير إلى أن هذه الجريمة كانت بدافع معاداة اليهود حتى الآن، وفقاً للمسؤولين في ديترويت.
الخوف من الإرهاب
لكن الأحداث الأخيرة جددت المخاوف من عودة الأعمال الإرهابية إلى الظهور في الولايات المتحدة والغرب بصفة عامة، والتي كانت تبدو حتى وقت قريب وكأنها في طريقها إلى الانحدار، وبخاصة بعدما أشادت الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة “إرهابية” من أفريقيا إلى باكستان بهجوم “حماس” في وقت سابق من هذا الشهر، وحذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي من احتمال وقوع هجمات على الأراضي الأميركية مماثلة لتلك التي وقعت في أوروبا، حينما أطلق رجل يدعي انتماؤه لتنظيم “داعش” النار على سويديين اثنين فأرداهما قتيلين في بروكسل.
ويخشى المتخصصون في مجال مكافحة الإرهاب والتمرد من أن تميل الهجمات الناجحة، مثل تلك التي نفذتها “حماس”، إلى إلهام جماعات وأفراد آخرين ذوي تفكير مماثل للقيام بأعمال أخرى، في محاولات لإثبات قوتهم وجذب مزيد من الأموال والمجندين، فضلاً عن إمكانية ظهور جماعات جديدة، ويقول الأستاذ في جامعة جورج تاون ومؤرخ الإرهاب بروس هوفمان إنه “من الناحية التاريخية، يحاول الإرهابيون شق طريقهم إلى الأضواء، سواء كانت لهم علاقة بالأحداث أم لا، لأن هجوم (حماس) كان بمثابة نجاح غير مسبوق لأي جماعة مسلحة ضد إسرائيل، التي تتباهى بامتلاكها أحد أفضل الجيوش في العالم، وبالنسبة إلى المجموعات الأخرى، فإن هجوم (حماس) يمنحهم فرصة لا تصدق لإثبات أهميتهم، والتعبير عن التضامن، وأن يصبحوا لاعبين مرة أخرى”.
وتراقب الوكالات الحكومية الأميركية المدن التي تضم أعداداً كبيرة من الشتات الفلسطيني، مثل لوس أنجلوس وديترويت وشيكاغو، وتبحث في وسائل التواصل الاجتماعي عن حركة المرور التي قد تنذر بخطر هجوم على حدث عام كبير يوقع ضحايا جماعيين، بحسب ما قال أحد مسؤولي الاستخبارات الأميركية لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبينما يقول المتخصصون في شؤون الجماعات الإرهابية إن تصاعد العنف والهجمات أمر لا مفر منه، فإن شدته ستعتمد على طول العمليات العسكرية الإسرائيلية، والأضرار التي لحقت بغزة، وما إذا كان الصراع سيتسع، حيث يشير كين ماكالوم الباحث في شؤون الشرق الأوسط إلى احتمال أن تؤدي الأحداث العميقة في الشرق الأوسط إما إلى توليد حجم أكبر من التهديد أو تغيير شكله من حيث ما يتم استهدافه، ومن حيث كيفية استلهام الناس، كما أوضح هوفمان من جامعة جورج تاون أنه إذا طال أمد الرد الإسرائيلي فسيكون لدى الجماعات الإرهابية الأخرى مزيد من الوقت للتجمع، ويمكن أن تتلاشى المنافسات الطائفية المختلفة بين بعضها عندما تبدأ في التعاون والتنسيق لهجماتها.
التأثير في بايدن
وعلى رغم جميع المخاوف الأميركية يظل السؤال الأهم بالنسبة إلى الرئيس بايدن هو هل ستغير حرب الشرق الأوسط آراء الناخبين تجاهه بعدما انخفضت معدلات تأييده في الأشهر الماضية؟ فقد قدم بايدن نفسه كزعيم عالمي خلال الأزمة، ومع ذلك، يحذر الاستراتيجيون من أن إعادة انتخابه قد تعتمد أكثر على القضايا المحلية مثل الاقتصاد.
ويشير استطلاع للرأي أجرته جامعة “كوينيبياك” إلى أن 76 في المئة من الناخبين يعتقدون أن دعم إسرائيل يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة إلا أن 42 في المئة فقط وافقوا على تعامل بايدن مع الصراع مقارنة بنحو 37 في المئة لم يوافقوا.
وفي حين يمكن أن تتغير طبيعة الحملة الرئاسية إذا استمر الصراع بين “حماس” وإسرائيل في الهيمنة على الأخبار لأسابيع وأشهر، حيث يمكن له تقديم نفسه كرئيس في زمن الحرب، إلا أن هذا قد لا يستمر طويلاً مثلما ما حدث مع الرئيس جورج بوش الأب بعد حرب العراق عام 1991، والتي بدأت وانتهت بسرعة، بما بدا في ذلك الوقت انتصاراً واضحاً، لكنه مع ذلك خسر الانتخابات لصالح بيل كلينتون بسبب الاقتصاد، وهو ما يحمل أيضاً أخطاراً سياسية لبايدن الآن.
وإضافة إلى ذلك يخاطر بايدن بنفور كثير من الجناح اليساري في حزبه، الذين يشيرون إلى ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في غزة، والذي من المرجح أن يرتفع مع مواصلة إسرائيل هجومها، بينما اختار بايدن أحد الجانبين في صراع ليس لديه سيطرة تذكر عليه.
والأكثر إلحاحاً هو أن الديمقراطيين التقدميين الأصغر سناً، والأكثر نشاطاً، أقل ميلاً إلى منح بايدن فائدة من الحرب حيث وجد استطلاع “كوينيبياك” أن غالبية الناخبين الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و34 سنة يعارضون إرسال أسلحة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل، فيما يشير بعض المتخصصين الاستراتيجيين إلى أن احتضان بايدن لإسرائيل قد يدفع الناخبين الشباب المسلمين والتقدميين نحو التصويت لكورنيل ويست، المرشح المستقل للرئاسة الذي يخوض الانتخابات وفق برنامج أكثر وضوحاً مناهض للحرب.
أحد الأمثلة على حالة التذمر هذه شهدته ولاية أريزونا الثلاثاء الماضي، إذ استقبلت مجموعة من طلاب الجامعات نائبة الرئيس كامالا هاريس بسخرية بعد أن قدمت نقاط حوار إدارة بايدن حول كيف أن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون السلام والأمان، وتقرير المصير.