المستشار الألماني في طائرة عسكرية لتفقّد القدرات القتالية لقواته. أ ف ب
مع تصاعد حدّة العنف والمخاطر في الشرق الأوسط، بعد مرور أكثر من أسبوعين على عملية “طوفان الأقصى”، أرسلت برلين فرق أزمات إلى السفارات الألمانية في المنطقة، وحرّكت قوات عسكرية إضافية إلى قبرص.
وأوضحت وزارة الدفاع الألمانية، أنّ الهدف من ذلك العمل على زيادة القدرات القيادية والتخطيط والسيطرة للقوات العملانية عند الحاجة لعمليات الإجلاء، واحتمال تنفيذ عمليات لإنقاذ رهائن.
نقل وحدات من النخبة
وأوردت القناة الثانية في التلفزيون الألماني “زد دي أف”، أنّه تمّ تتبّع رحلات جوية لطائرات إلى قبرص خلال الأيام القليلة الماضية، نقلت فرقاً من وحدة السبّاحين المقاتلين التابعة للقوات البحرية الألمانية ومن الشرطة الفيدرالية، حيث تمّ تشكيل غرفة قيادة أولية هناك، من أجل تنفيذ عمليات إجلاء محتملة. في حين، تمّ نقل جنود من وحدات النخبة جواً إلى الأردن.
وقال وزيرالدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الخميس الماضي، خلال زيارة قصيرة لقواته في بيروت، إنّ طاقم السفينة الألمانية “كورفيت اولندبوغ” التي تبحر قبالة الساحل اللبناني، قد تلعب دوراً مهمّاً في المساعدة بعمليات الإجلاء إذا ما كان ذلك ضرورياً، في سياق الهجوم البري للقوات الإسرائيلية على غزة. وتهدف الاستعدادات أيضاً لمنع مشاهد الفوضى، مثل تلك التي حدثت أثناء الإجلاء من أفغانستان.
وفي الإطار عينه، ذكرت صحيفة “برلينرمورغن بوست” أخيراً عن مسؤولين أمنيين، أنّ الهدف هو التمكّن من إجلاء المواطنين الألمان تحت الحماية العسكرية في حالات الطوارئ، وبشكل أساسي من لبنان وإسرائيل، وسط مخاوف من مهاجمة “حزب الله” لإسرائيل.
وأشار المسؤولون للصحيفة، إلى أنّه وفي حال تفاقم الوضع وتوقفت حركة الطيران المدني من لبنان، ستكون القوات الخاصة جاهزة على الفور للقيام بعمليات إخلاء عسكرية، حيث تمّ وضع المظليين ووحدات المروحيات الهجومية في حالة تأهّب. وأوردت الصحيفة أيضاً، أنّ نقل وحدات من النخبة يطرح السؤال عمّا إذا كان هؤلاء قادرين أيضاً على الاستعداد لإنقاذ الرهائن من قطاع غزة. وتفيد وزارة الخارجية عن وجود مجموعة من 8 رهائن لدى “حماس”، والحالة الواحدة قد تشمل أيضاً العديد من أفراد الأسرة.
وحيال ذلك، أفادت التعليقات أنّ الحكومة عادةً ما تعتمد على المفاوضات لتحرير الرهائن الألمان أو دفع الفدية في حالات الإختطاف في الخارج. ووفقاً للدوائر الأمنية، هناك سببان لعدم الإقدام على إنقاذ الرهائن لدى “حماس” بواسطة قوات النخبة المدرّبين، الأول الخطر الناجم عن هذه المهمّة، لأنّه يتردّد أنّ البعض محتجز في مترو أنفاق غزة تحت الارض، وهذا ما لم تتدرّب عليه وحدات النخبة الألمانية. والثاني، أنّ الجيش الإسرائيلي لا يريد أن تُنتزع هذه الورقة منه.
وفي هذا الصدد، أشارت “برلينرمورغن” أنّ وحدة خاصة من مكتب التحقيقات الفيدرالي لديها خبرة في إنهاء احتجاز الرهائن المتواجدين حالياً في إسرائيل، وهي تقوم بجمع البيانات حول الرهائن وتقدّم المشورة للجانب الإسرائيلي في التخطيط للعمليات.
ديناميتان محتملتان للتصعيد
وعن خطر التصعيد المحتمل في المنطقة، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ديكارت فورتز لشبكة “ايه اردي” الإخبارية، إنّ هناك ديناميتين محتملتين، أولاً، توسّع مساحة التضامن التي سيُظهرها العرب الإسرائيليون والفلسطينيون في الضفة الغربية، والخطر الثاني، تفاقم الوضع مع “حزب الله” في جنوب لبنان، ومن ثم سيكون هناك بالطبع خطر التصعيد الإقليمي.
وفي ما يخصّ تقييم المخاطر والعواقب التي تترتب على الهجوم البري الإسرائيلي المخطّط له لقطاع غزة، قال الخبير فورتز، إنّ الهجوم سيكون صعباً للغاية وسيتطلّب بالتأكيد استعدادات كبيرة وهو محفوف بالمخاطر، وحتى ولو نجح الهجوم فإنّه سيؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وستكون هناك ردّة فعل في كل أنحاء العالم، ومن دون إغفال ضغط واشنطن من أجل إطلاق الأسرى أولاً. وعندها سيُطرح السؤال، ماذا تريد إسرائيل أن تفعل فعلياً في قطاع غزة؟ لأنّه باعتبارها قوة احتلال سيتعيّن عليها أيضاً ادارة هذا القطاع مع ما يقابل ذلك من جهد، وما ستواجهه من مخاطر.
الإفتقار لوسطاء مقبولين
وعن الصعوبات التي تواجهها محاولات وقف التصعيد حالياً، اعتبر الخبير في الديبلوماسية والسياسة الأمنية والعلاقات الدولية فريدي غشتيغر لموقع “أس أر اف”، أنّ المحاولات الجادّة صعبة في هذه المرحلة لأسباب عدة أهمها: تصاعد حدّة العنف وافتقار الجميع للرغبة في التسوية، وهذا غير مناسب لجهود التهدئة ـ لأنّ التنازلات المتبادلة سوف تكون ضرورية لتحقيق النجاح. ومن جهة ثانية، فإنّ اسرائيل خلقت واقعاً على الأرض من خلال بناء مستوطنات في الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل حلّ الصراع مع الفلسطينيين أكثر صعوبة، عدا ذلك، هناك في الوقت الحالي نقص في وسطاء السلام المقبولين والموثوقين عالمياً.
وعن إمكان لعب الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دوراً من أجل التوصل إلى حلّ ديبلوماسي للصراع المستجد في الشرق الأوسط، اعتبر غشتيغر، أنّ السياسة الخارجية في بروكسل “ثقلها ضعيف” على الرغم من أنّ المفوضية تشارك بقدر كبير من أموال الإتحاد الأوروبي في المنطقة، ناهيك بالانقسام السيئ داخل التكتل، بعدما اتخذت دول مثل ألمانيا وهولندا والعديد من دول أوروبا الشرقية، موقفاً واضحاً مع تل أبيب، بينما دول أخرى كإسبانيا وبلجيكا وجدت نفسها في المعسكر الفلسطيني. أما بالنسبة للأمين العام للأمم المتحدة، فلم يُطلق أي خطة سلام لأنّه يعلم بأنّه لن تكون لها أي فرصة نجاح، ويحتاج إلى دعم من مجلس الأمن، أقوى هيئة تابعة للأمم المتحدة، وهذا غير موجود بسبب الصراعات بين القوى الكبرى.