جنود إسرائيليون يطلقون قذيفة مدفعية صوب أهداف في قطاع غزة (أ ف ب)

طرفا القتال في غزة، “حماس” واسرائيل ، ليسا منشغلين  بعد. فالحركة تؤمن بأنها ستدحر القوات الإسرائيلية وتعيدها على أعقابها في حملة شاملة لـ”تحرير فلسطين” بكاملها وإقامة الحكم الإسلامي فيها على طريق الخلافة، ولا مجال للبحث في مستقبل آخر غير هذا. وفي الجهة المقابلة لا ترى حكومة إسرائيل أي مستقبل لـ”حماس” وشقيقاتها في القطاع غير نزع سلاح كل الميليشيات المرتبطة بإيران. أما الدول العربية، فتطالب بمعظمها بوقف لإطلاق النار من دون تحديد أي مستقبل لغزة، وبخاصة لحركة “حماس” لأن العرب لا يريدون فرض أي تصور على أهل غزة وعلى الفلسطينيين، ولا يريدون إعلان حرب على “إسلاميي القطاع”، ولا على إيران، ما دامت إسرائيل تقاتل الفلسطينيين، لكن أطرافاً دولية متعددة، بما فيها في الولايات المتحدة، بدأت تطرح صيغاً عدة لاحتمال حدوث مرحلة ما بعد “حماس” في غزة. فلنستعرض بعضها، سواء أحدث التغيير أم لا.

الموقف الإسرائيلي

مما نسمع ونرى، لا الحكومة في إسرائيل ولا الأحزاب الإسرائيلية ولا الرأي العام داخل الدولة العبرية يؤمنون بغزة تحكمها حماس وشركاؤها، إذ إن “هجوم النقب” أحدث صدمة نفسية عميقة داخل البلاد، بحجم ضربات 11 سبتمبر (أيلول) في أميركا، ولن تتوقف الحكومة الأمنية القومية قبل إسقاط “حماس” عسكرياً أولاً، ثم البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية بعد ذلك. ومما أشارت إليه حكومة بنيامين نتنياهو هو قرارها بإقامة سلطة عسكرية موقتة ومطعمة ببيروقراطية فلسطينية من داخل وخارج غزة.

 

الموقف الفلسطيني

كما أسلفنا، الموقف الفلسطيني بشقيه، “حماس” والسلطة، في موقع ثابت، وهو رفض أي بحث في مستقبل غزة مع إسرائيل. فـ”حماس”، ومعها المحور الإيراني لا يعتزمون الانسحاب من مواقعهم، أو من أي بقعة في القطاع، فهي معركة حتى كسر الهجوم الإسرائيلي بنظرهم. أما السلطة الفلسطينية فهي ترفض التفاوض حول مستقبل غزة ما دامت المعارك دائرة، لكن حكومة محمود عباس قد تجد نفسها في موقع تفاوضي إذا خسرت “حماس” الحرب. وهذا قد يكون أيضاً أمراً واقعاً.

الغرب وأميركا

بشكل عام، دول التحالف الغربي بقيادة واشنطن، توافقت على أمور عدة. أولاً، أن يكون هناك سعي حثيث إلى إيجاد وقف لإطلاق النار. ثانياً، هناك سكوت عن حماية “حماس” أو اعتبارها شريك مفاوضات مستقبلية. ثالثاً، يتمسك الغرب بمبدأ عدم القبول بتهجير أهل غزة من القطاع وضرورة البقاء فيه. رابعاً، الحوار مع السلطة الفلسطينية حول احتمال عودتها إلى غزة وتسلمها السلطة فيها إذا سقطت “حماس” عسكرياً. وأخيراً، يمكن استشراف أن الموقف الغربي يتلخص في التفاوض مع حكومة عباس حول مستقبل القطاع والتفاوض مع العرب حول مستقبل غزة، ولكن كجزء من حل الدولتين، وليس من ثلاث.

فالواقع الحالي مكون من ثلاث دول، إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، ونظام “حماس”. وقد يكون الموقف الغربي كما يلي: إذا أردتم تفادي الاحتلال العسكري الإسرائيلي في غزة فلا بديل عن دولة فلسطينية في الضفة والقطاع تديرها حكومة معتدلة بشرعية “السلطة الفلسطينية التاريخية”.

ولكن الحرب لم تنتهِ في غزة، وأوراق الحروب الأخرى المقبلة من المستعمرات الإيرانية لم تلعب بقوة حتى الآن. سنرى.