أعلن وجهاء ومشايخ مدينة جرمانا في ريف دمشق، أمس الجمعة، التزامهم بالاتفاق المبرم مع الحكومة الجديدة، وقطع الطريق أمام الحملات الطائفية التي تشتعل التوتر في المنطقة، وذلك غداة خروج احتجاجات شعبية مساء الخميس، أكدت رفضها دخول قوى الأمن العام إلى المدينة، أو تنفيذ بنود الاتفاق المبرم بين الحكومة بدمشق والمرجعية الدينية للدروز في جرمانا.
ومن أمام دار شيخ الطائفة في المدينة، أكد الشيخ هيثم كاتبة، في كلمة له مساء الجمعة، أمام حشد عفير من عائلات مدينة جرمانا على وحدة الكلمة، مؤكدا أن مرجعية كل أهالي المدينة هو ما يقرره مشايخ جرمانا.
وخلال الاجتماع أكد كل من كاتبة والشيخ أبو فهد عبد الوهاب دبوس على وحدة الموقف والحفاظ على المحبة والألفة، وأن كل قرار تم اتخاذه هو للحفاظ على أمن المدينة بكل ما تحويه من أطياف.
كما أصدر مشايخ وأهالي مدينة جرمانا الجمعة، بيانا تحدث باسم أهالي المدينة، أكدوا فيه التزامهم «بما تم الاتفاق عليه مع الإدارة والحكومة الحالية في بداية شهر آذار/ مارس من العام الحالي»، معتبرين أن الاتفاق «أمر نافذ، ونحن حريصون كل الحرص على تطبيقه، ولا سيما فيما يتعلق بتفعيل واستمرار عمل الدولة ومؤسساتها، وفي مقدمتها عمل الناحية والأمن العام».
وأكد البيان «على مخرجات اجتماع أهالي المدينة ومشايخها في الرابع من آذار، والذي شدد على أن «دمشق هي قبلتنا، والغوطة وأهلها هم عمقنا وامتدادنا». كما لفت البيان إلى أن «مشايخ المدينة هم الجهة الوحيدة التي تمثل المدينة وأهلها».
كما أكد البيان أن على أهالي المنطقة «الامتثال لقرارات مشايخ المدينة وهو من الثوابت التي ميزت المدينة وأبناءها، وساهم في تحصينها في مختلف الظروف، ونحن على يقين بأن شبابنا سيكونون، كما كان أسلافهم وآباؤهم، حريصين على هذا النهج الثابت، وسط المرحلة الدقيقة التي يمر بها وطننا الحبيب، وإعادة بناء الدولة، تتطلب منا جميعاً التحلي بأعلى درجات العقل والحكمة، وهو ما نطلبه ونراهن عليه من الجميع».
الناشطة الميدانية ريتا التي فضلت حجب كنيتها، وهي من أهالي وسكان مدينة جرمانا تحدثت في اتصال مع «القدس العربي» عن أسباب التوتر في المدينة، وخروج الاحتجاجات مساء الخميس، حيث قالت: سلّم وجهاء ومشايخ جرمانا الخميس لقوى الأمن العام بعض الأشخاص ممن كان النظام السابق يتعامل معهم، بعضم تجار مخدرات، وأعقب ذلك اجتماع لوجهاء المنطقة وأعيانها ومشايخها مع ممثلين من أهالي المدينة وبعض الأشخاص المتورطين أصلا وتجار مخدرات، لتبيان الوقائع وإخبارهم بتسليم بعض المتورطين للحكومة في دمشق».
وأضافت: «ضم الاجتماع، المؤيد للحكومة الجديدة والرافض لها، بينما تحدث المشايخ بكل وضوح عن بدء سريان الاتفاق، ودخول قوى الأمن إلى جرمانا، لضبط الأمن، حيث استمر الاجتماع قرابة الساعتين تقريبا، وانتهى بقبول قسم كبير من الأهالي وتأييدهم للقرارات، ورفض البعض رأي المشايخ، حيث حملوا رايات الطائفة ونددوا بقرار المرجعية الدينية للطائفة».
وزادت: «لست على معرفة شخصية بمن خرج عن إجماع ورأي مشايخ جرمانا، لكنهم وحسب الأهالي والأصدقاء، على صلة وثيقة مع المتورطين الذين سلمهم مشايخ المدينة إلى الحكومة في دمشق».
وبناء على ما سبق «خرج مشايخ المدينة ببيان أكدوا فيه على ثبات موقفهم، وذلك بالاتفاق مع وجهاء البلد من أصحاب الرأي والمكانة، إلا أن القسم الآخر ندد بقرار المشايخ واعتبروا أن جرمانا لمن يحمل السلاح فيها».
وحسب المصدر، فإن «الاتفاق السابق بين وجهاء جرمانا والحكومة في دمشق، اشترط دخول 100 عنصر من قوات الأمن العام إلى مخفر المدينة ودمج عدد من شبان جرمانا معهم في العمل الأمني، وتسليم المطلوبين، لكن هذا الاتفاق كان صادما بالنسبة لقسم من الأهالي وهو ما سبب التأخر في تنفيذه».
وحول الحلول من وجهة رأي أهالي جرمانا، يقول الناشط السياسي مهند شهاب الدين، مؤسس التجمع الديمقراطي العلماني لـ «القدس العربي»: المطلوب من الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، معاقبة المتطاولين والمتجاوزين للقانون، ومنع محاولات الثأر التي تحصل أحيانا، كما هو مطلوب منه المزيد من المشاركة من أبناء المجتمع الأهالي والمحلي، وتطويع وتوظيف عناصر من أهالي المناطق لتقوم بمهمة الحماية المحلية، على أن تتبع للأمن العام بشكل مباشر، لأننا مع سلطة القانون.
وأضاف: المطلوب من السكان الإيمان بأن دمشق هي قبلة السوريين، والرئة التي تتنفس منها سوريا بالكامل، ولا يمكن أن تكون الحلول جزئية أو مناطقية، ولا يمكن التمادي في التخوين بهذه الحكومة، لافتا إلى أنه لا بد أن تكون الثقة مشتركة من الطرفين، ولا بد من الإشارة إلى حالة مرضية بالمجتمع نتيجة إيمان بعض الأقليات بأنهم عبارة عن حالة خاصة، ولهم بعض الامتيازات، وهذه الحالة عبارة عن ثوب مرضي، يغيّب الوطنية ويغلّب عليها الحالة المناطقية والطائفية.