تبدو رادارات المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، موجهة بدقة نحو الساحة اللبنانية، ترصد أي خطاب أو تصريح يصدر عن مسؤول أو سياسي لبناني، لتردّ عليه بسرعة عبر منصّة “إكس” بأسلوب لافت، يجمع بين السخرية والاختزال، ويذكّر بأسلوب رئيسها دونالد ترامب، الذي لطالما استخدم المنصات الرقمية ساحة للتعليقات الحادة والمباشرة.
في هذا السياق، علّقت أورتاغوس على تصريح لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، كان قد قال فيه إن “شروطها على لبنان مستحيلة”، فردّت عبر حسابها: “المخدرات مضرة وليد”. لم يتأخر جنبلاط في الرد، فنشر صورة رمزية تعود لعام 1917 تُظهر جندياً يقاتل يرافقه شبح الموت، وعلّق عليها بعبارة The Ugly American #MorganOrtagus، في إشارة رمزية إلى السلوك المتغطرس الذي يُنسب أحياناً الى بعض المسؤولين الأميركيين في الخارج.
وسبق ذلك تعليق آخر من أورتاغوس على تصريح نائب الأمين العام لـ”حزب الله”، الشيخ نعيم قاسم، الذي دعا إلى شطب موضوع نزع سلاح المقاومة من قاموس النقاش اللبناني، فاكتفت بكلمة ساخرة واحدة “yawn” (تثاؤب).
في السياق نفسه وفي رسالة عيد الفصح، أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي نداءً إنسانياً، دعا فيه إلى إنهاء الحروب ووقف تصنيع الأسلحة والاتجار بها، قائلاً: “العالم بحاجة إلى خبز لا إلى سلاح”. وشدد على ضرورة مدّ اليد للفقراء ووقف قتل الأبرياء.
جعجع ينتقد منطق التهديد
المواقف حول السلاح لم تقتصر على أورتاغوس، فقد علّق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، على الحملة الخطابية للحزب، منتقداً ما وصفه بـ”منطق التهديد والوعيد وقطع الأيدي”، معتبراً أن ذلك يتنافى مع الدولة والديموقراطية والسلم الأهلي. ورأى أن على من يعتمد هذا الخطاب أن “يكفّ عن استعماله ويترك الحكم الجديد ينتشل البلاد من المأساة التي أوصلونا إليها”، داعياً إلى منح الحكومة الجديدة فرصة لإعادة بناء الدولة.
سليمان يدين التهديد بحرب أهلية
رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان، أدان بدوره أي تهديد بالحرب الأهلية أو التلميح بضعف الجيش، مؤكداً أن “الاحتفاظ بالسلاح خارج سلطة الدولة” يمنع قيام المؤسسات ويعطّل الاقتصاد، كما يعوق استعادة الثقة بالدولة على المستوى الدولي.
دعم من السفير الايراني
وفي مقابل الحملة الداخلية التي طالت “حزب الله”، جاء الردّ الداعم من السفير الايراني في بيروت، مجتبى أماني، الذي كتب عبر “إكس” أن “مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة ضد الدول”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تواصل تزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة، بينما تضغط على دول أخرى لنزع سلاحها تحت ذرائع مختلفة. واعتبر أن الحفاظ على القدرة الردعية هو “خط الدفاع الأول عن السيادة”.
جولة ثانية من المفاوضات
تزامن هذا السجال الداخلي مع تطورات مهمة على مستوى التفاوض الاقليمي، إذ اختُتمت الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في العاصمة الايطالية روما، بين مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، بوساطة عُمانية.
وأعلنت وزارة الخارجية العُمانية أن اللقاء أسفر عن تفاهم على عقد جولة ثالثة في مسقط خلال أسبوع، بعد مشاورات فنية على مستوى الخبراء. وأوضح البيان أن الاتفاق المحتمل يهدف إلى جعل إيران “خالية من الأسلحة النووية والعقوبات”، مع ضمان حقها في تطوير برنامج نووي سلمي.
وأشار عراقجي إلى أن المحادثات “تسير في الاتجاه الصحيح”، متحدثاً عن تفاهم أفضل على المبادئ العامة، لكنه حذّر من الإفراط في التفاؤل، مشدداً على أن المعيار هو ما يحدث خلف أبواب التفاوض، وليس التكهنات الإعلامية.
وأكد أن المفاوضات محصورة في الملف النووي من دون التطرق إلى قضايا أخرى، لافتاً الى أن المرحلة المقبلة ستشهد مشاورات تقنية في سلطنة عمان تسبق اجتماعاً جديداً لكبار المفاوضين في نهاية الأسبوع.