·
التشكيك بالوفد الكردي يُعبّر عن أزمة عميقة في فهم التحولات السياسية وموازين القوى، ويعكس رؤية يسارية طفولية تغلّفها نزعة انتقادية بلا بدائل واقعية….!
أولاً: الوفد الكردي المشكَّل ليس مثالياً، لكنه خطوة ضرورية ، وقد تشكّل بموجب توافق كردي ( حزبي – مدني – شخصيات مستقلة ) أعلن عنه في كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025، ما يجعله نتاج قرار جماعي شارك فيه جميع أعضاء الكونفراس ، الذين لم يحددوا اسماء الوفد أو آلية اختياره ….! وتركوا آلية الاختيار والاسماء للتوافق بين ENKS وPYD وقائد قسد مظلوم عبدي .
ثانياً: الحديث عن غياب “شخصيات مستقلة” أو ممثلين عن المجتمع المدني يبدو محاولة لاجهاض المبادرة، وتجاهل طبيعة الوفد الذي يتفاوض سياسياً على الحقوق القومية، لا على مشاريع خدمية أو برامج تنموية.
فالمجتمع المدني له دوره، لكنه ليس الجهة المعنية بصياغة الحلول السياسية والدستورية ، ويمكن بعد الاتفاق على النقاط الأساسية تشكيل لجان تخصصية من الخبراء والمستشارين والمجتمع المدني لمناقشة التفاصيل ووضع الصياغات النهائية.
ثالثاً: الإصرار على تصنيف أعضاء الوفد وفق “من محسوب على من” يكرّس منطق الوصاية والتشكيك، ويغفل أن كل الأطراف خضعت لمسار تنسيقي واضح .
رابعاً: الزعم بأن PYD ملزم باتفاق قائد قسد مظلوم عبدي مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، مغالطة سياسية. لأن الاتفاق يتناول جوانب أمنية وعسكرية وإدارية مرحلية، بينما مهمة الوفد الكردي أعمق وأكثر استراتيجية: مستقبل الشعب الكردي ضمن الدولة السورية الجديدة.
خامساً: المقارنة بين الوفد الكردي ووفد الإدارة الذاتية الذي التقى معاون وزير في الحكومة الانتقالية ليست في محلها.
اليوم، وبعد سقوط النظام وبداية مرحلة انتقالية، كل المكونات السورية تفاوض حكومة لم تكتمل بعد، لكن الواضح أن المسألة الكردية لم تعد تُدار من غرف المخابرات، بل على طاولات الحوار و التفاوض الوطني.
أما بالنسبة للذين يثيرون موضوع “المناطقية”، بحجة عدم وجود ممثلين من عفرين أو كوباني، فإما أنهم يجهلون الواقع، أو يتعمّدون التحريض.
يكفي أن قائد قسد مظلوم عبدي من كوباني، وهو الراعي الرئيسي لهذا الاتفاق ومساره، وقد تكون إلهام أحمد – من عفرين – جزءاً من هذا الوفد لاحقاً.
وفوق ذلك، الأحزاب المشاركة تمثّل كل المناطق الكردية من ديرك حتى عفرين، ولا أحد يحصر نفسه في “الجزيرة” كما يزعم المشككون.
فالتفاوض سيتم على أسس سياسية وقومية، لا على أساس “الكوتا المناطقية” وبالتالي فهذا الوفد كردي ولكل الشعب الكردي، وليس لمنطقة جغرافية…!
وأخيراً، من يشكك فليعلن موقفه بوضوح والا يختبئ خلف إصبعه :
إما أن يكون مع الحوار والتفاوض الذي تقوده قوى كردية حقيقية موجودة على الأرض، أو أن يكون من دعاة الفراغ والانقسام الذي لم يجلب لنا سوى التهميش والانكار .
التنظير سهل، بينما تحقيق الإنجاز السياسي وسط هذا الخراب السوري هو التحدي الحقيقي — وهذا ما يجب أن يفعله الوفد الكردي رغم كل العقبات