Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان
  • مقالات رأي

حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان

khalil المحرر يوليو 8, 2025

حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء
على الرغم من أن غالبية الحرائق في لبنان مفتعلة، بحسب الخبراء، وخصوصًا في ظلّ الانهيار الاقتصادي، إذ ازدادت عمليات قطع الأشجار للتدفئة بسبب ارتفاع كلفة المحروقات، إلا أن التغير المناخي، الذي يؤدي إلى زيادة حالات الجفاف الشديدة وتواترها وارتفاع درجات الحرارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يُعدّ عاملًا حاسمًا في تفاقم المشكلة.

“بدأ موسم الحرائق باكرًا هذه السنة”، هذه الجملة أو العنوان الذي يُستعمل منذ أكثر من عشر سنوات عند اندلاع الحرائق لم يعد يشكّل صدمة، فمع كثرة الحرائق التي بدأت تتوزّع على جميع فصول السنة، أصبح استعمال هذه الجملة نوعًا من الكليشيه الذي عفا عليه الزمن.
افتتحت القبيات شمال لبنان موسم الحرائق، وتبعتها مناطق أخرى في عكار، وصولًا إلى أخبار الحرائق الآخذة بالتوسع في مناطق الساحل في سوريا، إلى الحرائق في اليونان، تركيا، إسبانيا، وفرنسا، أي أن جميع دول حوض المتوسط تتعرض للحرائق بشكل غير مسبوق.
بحسب العلماء، وبعد دراسة البيانات، سجّلت منطقة البحر الأبيض المتوسط، وخصوصًا الجزء الغربي منها، درجات حرارة تفوق المعدلات الموسمية، الأمر الذي فاقم الجفاف في هذه المناطق، وسيجعلها عرضة لحرائق كارثية خلال فصل الصيف.

حريق القبيات
شهدت أعالي بلدة القبيات شمال لبنان حريقًا امتدّ على أيام عدة، وازدادت حدّته ليل الأحد والإثنين، وما فاقم من سرعة انتشار النار هو الهواء الذي هبّ على المنطقة، الأمر الذي صعّب السيطرة على الحريق الذي أتى على نحو 11 هكتارًا من الغابات التي تحتوي على عدد كبير من أشجار الشوح، بالإضافة إلى أنواع أخرى.

بحسب الدكتور أنطونيو معيكي، الناشط البيئي وعضو في جمعية “درب عكار”، فإن المنطقة التي طاولها الحريق هي من المناطق النادرة والمميّزة بيئيًا، بحيث تتداخل فيها أشجار الشوح والصنوبر والأرز واللزاب، وهذا التداخل لا نراه كثيرًا في الغابات في لبنان وحتى حول العالم.

وأكد معيكي أن قوّة الرياح لعبت دورًا سلبيًا في محاولة السيطرة على الحريق. العدد الكبير من المتطوّعين وأبناء المنطقة، بالإضافة إلى سرعة استجابة الدفاع المدني عبر مركزه في القبيات والمساندة من مراكز أخرى في عكار، ذلك كله ساعد في السيطرة على الحريق، خصوصًا أن مركز الدفاع المدني في القبيات يمتلك عددًا من المعدات والآليات الكبيرة والصغيرة التي تمكّنه من التدخّل الفعّال.

لكنه شدّد على غياب التنسيق الفعّال بين مختلف الجهات على الأرض، وهذا أمر يتكرّر عند كل كارثة، وخصوصًا الحرائق، لافتًا إلى أنه كان بالإمكان تفادي هذا الحريق لو تمّت مراقبته بشكل جيّد، خصوصًا أنه استمر لأيام عدة، وفي اليومين الأولين تم الإعلان عن السيطرة على الحريق، ولكن سرعان ما عاد للاشتعال مجددًا وبشكل أقوى.

على أبواب موسم الحرائق، شدّد معيكي على ضرورة دعم فرق “المستجيب الأول” التي تلعب دورًا أساسيًا في التصدّي لحرائق الغابات وتكون مدرّبة، وعملها فعّال على الأرض، ودعا إلى تنظيم مشاريع الحراسة في الغابات طوال الفترة المقبلة بهدف رصد الحرائق بسرعة والتبليغ عنها، واستمرار أعمال الحراسة والمراقبة حتى بعد الانتهاء من إطفاء الحريق وتبريده. كما دعا إلى الالتزام والعمل بحسب الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات.

الدكتور أنطوان ضاهر، الناشط البيئي ورئيس مجلس البيئة في القبيات، والذي كان من الأوائل الذين أبرزوا جمال منطقة عكار وتنوعها البيئي عبر إطلاق رحلات المشي في الطبيعة، تحدّث عن المنطقة التي تعرّضت للحريق وعن تصنيفها كأكثر المناطق تنوعًا بيولوجيًا. والحديث هنا ليس فقط عن تنوع الأشجار، بل أيضًا النباتات والزهور والحشرات والحيوانات الصغيرة والكبيرة التي تشكّل هذه المنطقة موطنًا متوازنًا لها، وقد تحتاج إلى سنين طويلة لتعيد بناء هذا النظام البيئي.

يتحدث ضاهر بحرقة عن خسارة عدد كبير من أشجار الشوح الكيليكي، وهذا اسمه العلمي، وهو من أكثر الأشجار ندرة في لبنان، ويُسمّى بالكيليكي نسبة إلى وجوده في منطقة كيليكيا. ويؤكّد أن غابات عكار والضنيّة وصولًا إلى محمية إهدن تُعتبر آخر موطنٍ لها، حيث تختفي هذه الأشجار جنوبًا من الكرة الأرضية، وتُعدّ من القلائل التي صمدت منذ ما قبل العصر الجليدي، بينما ظهرت أشجار الأرز واللزاب بعد ذلك العصر. ويعتبر ضاهر هذه الأشجار “متاحف طبيعية” من الصعب تجدّدها، وخسارتها هي خسارة أبدية.

يشدّد ضاهر على ضرورة التعامل مع الحرائق بشكل أفضل، وأن تكون هناك مراقبة للغابات المحترقة حتى بعد الانتهاء من عمليات الإطفاء، وذلك لمنع تجدّدها، فالنار قد تكون قد أُطفئت، ولكن احتمال إعادة اشتعالها قد يمتدّ لمدة خمسة إلى سبعة أيام. لذلك يجب تنظيم نوبات حراسة مع آلية صغيرة للتدخّل السريع.

ينتقد ضاهر تعامل الدولة مع التحقيقات لكشف مفتعلي الحرائق، ويقول إن الدولة والأجهزة الأمنية قادرة على التحقيق والكشف عن أعقد الجرائم في لبنان، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالجرائم البيئية يتم الاستخفاف بها ولا يتم التعامل معها بطرق جدية، بل يكتفي المعنيون بتسجيل شكوى وفتح تحقيق سرعان ما يُوضع في الأدراج ويُنسى الموضوع. وبرأيه، فإن القبض على فاعل واحد وإنزال عقوبات كبيرة بحقه، بحجم الضرر الذي تسبّب به، قد يكونا رادعًا للكثير من المستفيدين من إشعال الحرائق، سواء بهدف استخراج الحطب للتدفئة أو الفحم، وصولًا إلى استفادة البعض من الحرائق لتسهيل التعدّي والبناء عليها.

يشدّد ضاهر على ضرورة حماية الغابات المحترقة ومنع الرعي وقطع الأشجار المحترقة أو استخراج أي شيء منها، وذلك لتتمكّن هذه الغابات من إعادة إنتاج نفسها بالطرق الطبيعية. وانتقد تعامل الجهات المحليّة مع الحريق الذي ضرب المنطقة في السابق، حيث عمد الناس إلى قصّ الأشجار المحترقة بطريقة عشوائية، الأمر الذي أحدث ضررًا بيئيًا كبيرًا على التنوع في تلك المنطقة المحروقة.

مع بداية موسم الحرائق، يلفت ضاهر الى ضرورة تفعيل غرفة عمليات إدارة الأزمات في اتحاد البلديات، وهي موجودة ومجهّزة، ولكنها بحاجة إلى تفعيل، وضرورة أن تكون هناك خطة مواجهة للتدخل، مع غرفة عمليات ميدانية في مكان الحريق لتنسيق جهود جميع من يكون موجوداً على الأرض بطريقة فعّالة، من تأمين للمياه، والاتصالات، ونوبات الحرس، وتوزيع الفرق على الأرض.

ويجب القيام بمناورات وتدريبات لمحاكاة حصول حريق، ليكون الجميع مستعدًا عند حصول الكارثة. والأهم هو دور البلديات في التشدد في منع إشعال النار خلال الفترة الممتدة من حزيران/ يونيو إلى تشرين الأول/ أكتوبر، وهي عادة منتشرة في القرى للتخلص من الأعشاب.

يؤكد ضاهر أن تأثيرات التغير المناخي بدأت تظهر بشكل أكبر، فمثلًا حصول هذا الحريق على ارتفاع عالٍ يعدّ سابقة في لبنان، إذ تؤكّد البيانات أن غالبية الحرائق كانت تحدث تحت ارتفاع 1100 متر في غابات الصنوبر والسنديان، وقلّما كانت هناك حرائق للشوح أو الأرز أو اللزاب. بالإضافة إلى التمدّد العمراني المتزايد في الجبال والمتداخل مع الغابات، ما يزيد من احتمالية الأخطاء البشرية في اشتعال تلك الغابات. أما على صعيد الشحّ المائي الناتج من تراجع المتساقطات بشكل كبير في السنوات الماضية، وخصوصًا هذه السنة، وجفاف الينابيع والآبار وبرك تجميع المياه، فسيؤدّي إلى اللجوء إلى مياه البحر في محاولة إطفاء الحرائق، الأمر الذي سيؤدّي إلى ارتفاع نسبة ملوحة الأرض، ما سيؤثر على حركة الإنبات في الغابات المحروقة.

أثنى الدكتور ضاهر على خطوة وزارة البيئة وبلدية القبيات بالتقدّم بدعوى على مجهولين بجرم الحرق، وأمل بألّا تكون هناك تدخلات سياسية لتغطية هؤلاء المرتكبين.

خالد طالب، مؤسّس جمعية “درب عكار” ومؤسّس فريق “المستجيب الأول”، والذي لا يهدأ، وكان من أوائل الواصلين إلى الحريق مع آليات مخصّصة للتدخل السريع وفريق مدرّب يُعدّ من الأفضل في لبنان، أثنى على “النخوة” التي يتميّز بها شباب القبيات وعكار عند اندلاع الحريق، وتطوّع المئات منهم على الفور لمكافحة الحرائق.
إلّا أنه دائمًا ما يُكرّر الحاجة إلى التنسيق ووجود غرفة عمليات ميدانية لتنسيق الاستجابة، والاعتماد أكثر على التواصل بالأجهزة لتنسيق عمل الفرق وحمايتها أيضًا من توحّش النار، خصوصًا أن غالبية الفرق على الأرض تتواصل عبر الواتسآب في مناطق لا توجد فيها تغطية أو شبكة، ما يعقّد موضوع التواصل الفعّال بين مختلف المجموعات.

جمعية “درب عكار”، التي تُعنى أيضًا بتوثيق الحياة البرية والنباتية في عكار، تأسف لأن الحريق أتى على نحو 300 شجرة شوح معمّرة، مؤكدة صعوبة إنبات الشوح مجددًا، لأنه بحاجة إلى فيء وظلّ ليستطيع النمو، وهذه العوامل غير متوافرة لتستطيع الغابة تجديد نفسها.

كذلك أسِف على أشجار اللزاب التي تحتاج إلى مئات السنين لتنمو مجددًا: “حتى أحفاد أحفادنا لن يروا هذه الغابة مجددًا”، يقولها بحسرة، مؤكدًا أن مكافحة ذلك الحريق كانت لتكون سهلة لو توافرت المعدات المناسبة، مثل الآليات الصغيرة أو الفرق المدرّبة.

خالد، الذي تعطّلت سيارته المجهّزة في وسط الحريق، أسف لضعف التمويل الذي حرمهم من تصليح آلياتهم أو شراء آليات جديدة ستمكّنهم من التدخل سريعًا، خصوصًا أن فريقه يغطي منطقة عكار، بل ويشارك في حرائق في مناطق أخرى من لبنان. فمثلًا، بعد الانتهاء من حريق القبيات، توجّهوا إلى منطقة بزال في عكار لإخماد حريق آخر.

“في ظلّ غياب التمويل المؤسساتي، تعتمد جمعيتنا على التبرّعات والتمويل من الأفراد… نقاتل النيران باللحم الحيّ”.

واقع الغابات في لبنان
تشير الدراسات إلى أن غابات لبنان تبلغ مساحتها نحو 139 ألف هكتار، وتغطي نحو 13 في المئة من أراضيه. وفي السنوات الأخيرة، وصل مجموع خسائر المساحة الخضراء إلى 360 مليون متر مربع، أي نحو 9.8 في المئة من المساحة الخضراء.
بحسب مرصد جامعة البلمند، فإن المعدل السنوي للحرائق هو ألف هكتار، وفي العام 2020 وحده احترق نحو 7000 هكتار، وفي العام 2022 قضت الحرائق على نحو 700 هكتار.

يشدّد المرصد على أن الحرائق التي تطاول الأرز واللزاب والشوح هي الأخطر، لصعوبة تجدّدها، بينما حرائق غابات السنديان والصنوبر فلديها إمكانية الإنبات الطبيعي.
يتميّز لبنان بفرادة غاباته في منطقة البحر الأبيض المتوسط من حيث التنوع الموجود فيها، وتؤكد الدراسات الاقتصادية أن لغابات لبنان فرصًا اقتصادية كبيرة في حال عرفنا كيفية استثمارها، وخصوصًا في موضوع دعم السياحة البيئية، التي قد تساهم في إيرادات كبيرة للدولة اللبنانية.

عدا عن دور الغابات في تثبيت المنحدرات، تلعب المساحات الخضراء دورًا حيويًا في دورة استدامة المياه وحماية المجاري المائية، إذ تلعب الغابات دورًا في الاحتفاظ برطوبة التربة، ما يضمن استدامة مياه الينابيع والأنهار والجداول.
صحيح أن لبنان بلد صغير، ولكن تشير الدراسات البيئية إلى أنه من الأغنى بالتنوع البيولوجي، ويتمتع بواحدة من أعلى كثافات التنوع الزهري في حوض البحر الأبيض المتوسط، ففيه نحو 1.11 في المئة من أنواع النباتات في العالم، ويصل عدد الأنواع المسجلة في لبنان إلى 2600 نوع من النباتات الأرضية، و3.5 في المئة منها متوطّنة فقط في لبنان.

أيضًا، وبحسب تقارير الأمم المتحدة، تُعدّ غابات لبنان موطنًا للكثير من الأنواع المهددة بالانقراض والمتوطنة، ونحو 1.3 في المئة منها تُعتبر نادرة.
كذلك الأمر بالنسبة الى بعض الثدييات التي تتخذ من غابات لبنان موطنًا لها، إذ انقرضت سبعة أنواع منها، بحسب تقرير رفعته وزارة البيئة اللبنانية في العام 2011. وتشكّل الغابات في لبنان موطنًا لنحو 370 نوعًا من الطيور.

تغيّر المناخ وتأثيره على غابات لبنان

على الرغم من أن غالبية الحرائق في لبنان مفتعلة، بحسب الخبراء، وخصوصًا في ظلّ الانهيار الاقتصادي، إذ ازدادت عمليات قطع الأشجار للتدفئة بسبب ارتفاع كلفة المحروقات، إلا أن التغير المناخي، الذي يؤدي إلى زيادة حالات الجفاف الشديدة وتواترها وارتفاع درجات الحرارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يُعدّ عاملًا حاسمًا في تفاقم المشكلة.

فمن المتوقع أن يشهد لبنان ارتفاعًا في درجة الحرارة بمقدار 1.6 إلى 2.2 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، وبمقدار 2.2 إلى 4.9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. كما يُتوقع أن ينخفض معدل هطول الأمطار بنسبة تتراوح بين 6.5 و9 في المئة بحلول منتصف القرن، وبنسبة تتراوح بين 9 و22 في المئة بحلول نهاية القرن، وذلك بناءً على محاكاة أجرتها مراكز أبحاث على منطقة المتوسط.

من المتوقع أيضًا أن تزداد أيام الجفاف المتتالية، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع من خلال تهيئة الغابات والأحراج لنشوب الحرائق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع معدلات الحرارة وانخفاض عدد الأيام الباردة سيؤثران على متطلبات البرودة اللازمة لإنبات البذور والأزهار، وبالتالي صعوبة تجدّد الغابات المحترقة.

كما أن التغيّر في أنماط الشتاء والمتساقطات سيؤثر على بقاء النباتات وتكاثرها، فضلًا عن أن تغير المناخ سيزيد من تفشي الأمراض والآفات وانتشار أنواع طفيلية أو “غازية”، ما يؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي.

وبحسب تقرير صادر عن AFDC عام 2019، فإن غابات شمال لبنان وعكار والهرمل من الأكثر تأثرًا بتغير المناخ.

سابقاً، تعرّضت غابات لبنان للحرائق لكنها عادت وتجددت، خصوصًا الغابات التي تحوي أنواعاً من الصنوبر والأرز اللبناني والتنوب والعرعر والسرو، إلا أن تحوّل المناخ وجنوحه من مناخ شبه رطب إلى مناخ جاف سيؤثران على هذه الأشجار، المعروفة بحساسيتها الشديدة لتغير المناخ.

وبحسب البيانات التي تم تجميعها على مدار عشرات السنين، فإن خطر الحرائق يتزايد بين حزيران/ يونيو وأيلول/ سبتمبر، إذ تظهر الرسوم البيانية أن هذه الفترة تشهد أعلى عدد من المناطق المحروقة وحوادث الحرائق، إلا أنه، ومع ازدياد فترات الجفاف، يطول موسم الحرائق ليصل إلى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ما يُسبب تهديدًا أكبر للغابات.

حوكمة الغابات وإدارتها

حتى عام 1935، كان لبنان يتبع قوانين الغابات العثمانية. وفي عام 1949، اعتمدت الحكومة “قانون الغابات” المستوحى من القانون الفرنسي، وهو أحد أقدم قوانين حماية الغابات في المنطقة، ولا يزال هذا القانون ساري المفعول حتى اليوم، وأُجري عليه تعديل عام 2000 ليشمل تجريم العمليات والأفعال غير القانونية في الغابات والأحراج.

ويُحدد القانون إدارة الغابات وحمايتها، وينظّم الأنشطة فيها، بما في ذلك الرعي، والتقليم، والتخفيف، وإنتاج الفحم.

التحدي الأبرز أمام واقع الغابات في لبنان هو تشتّت المسؤوليات والتنافس بين الوزارات، وتوزّع الصلاحيات على جهات متعددة، ما يُضعف القدرة على قيادة الحوكمة الوطنية للقطاع، بحسب منظمة الأغذية والزراعة.

تُعدّ وزارة الزراعة المؤسسة الرئيسية التي تنظّم قطاع الغابات، وتُصدر القوانين والأنظمة المتعلقة بالغابات والمراعي، وتعمل على بناء القدرات، والتخطيط المحلي من خلال مراكزها الإقليمية، كما تراقب الوزارة تنفيذ القوانين من خلال مأموري الأحراش.

وتدخل إدارة الغابات أيضًا تحت سلطة وزارة البيئة، التي تُعدّ الجهة المسؤولة عن حماية التنوع البيولوجي للغابات، وإدارة الغابات داخل المحميات والمواقع الطبيعية.
كما تلعب وحدة إدارة مخاطر الكوارث في رئاسة الحكومة دورًا أساسيًا في إدارة حرائق الغابات. وتشرف وزارة الداخلية والبلديات على احتياجات البلديات وقدراتها، وتقدّم الدعم من خلال الدفاع المدني، وتُعنى قوى الأمن بإنفاذ القانون.

أما الجيش اللبناني، فله دور في مكافحة الحرائق والمشاركة في إعادة التحريج. وتشرف وزارة المالية على ملكيات الأراضي من خلال المديرية العامة للسجل العقاري والمساحة. ولوزارة السياحة دور أيضًا في السياسات البيئية عبر دعم السياحة البيئية والمشي ومراقبة الطيور.

هذا التداخل الكبير في الصلاحيات، إلى جانب غياب البيانات العقارية ولوائح استخدام الأراضي، أدّى إلى صراعات، وأخذ بعضها منحى طائفيًا (مثل النزاع على القرنة السوداء)، أو نزاعات مسلّحة كما حصل بين فنيدق وعكار العتيقة على خلفية ملكية القموعة، بالإضافة إلى مافيات المرامل والكسارات التي تُفتك بالغابات.

في مناطق جرود القبيات والهرمل، ضرر الكسارات كبير وملموس، سواء بالقطع المباشر، أو بالتأثير غير المباشر من خلال التفجيرات والغبار.

بحسب تقرير للبنك الدولي، بين عامي 1989 و2005، دمّرت المقالع 738 هكتارًا من المراعي، و676 هكتارًا من الأراضي الزراعية، و137 هكتارًا من الغابات. وفي عام 2021، ازداد عدد المقالع إلى 1425 مقلعًا، دمّرت 6172 هكتارًا، منها 2378 هكتارًا من المراعي، و1099 هكتارًا من الغابات، وكل ذلك في ظلّ غياب الاستقرار السياسي، وصعوبة تطبيق القوانين.

الحرائق تعمّ دول البحر الأبيض المتوسط

بالتزامن مع حرائق لبنان، شهدت المنطقة الساحلية في سوريا، خصوصًا في محافظة اللاذقية، عددًا من الحرائق، وقد أظهرت الفيديوهات ألسنة النار المرتفعة، وعدم قدرة فرق الإطفاء على مكافحتها.

وأكدت التقارير أن وعورة التضاريس في المنطقة، ووجود مخلفات من الحرب كالألغام، صعّب من مهام فرق الإطفاء، بالإضافة إلى سرعة الرياح. وقد أتت النيران حتى الساعة على نحو 7500 هكتار من الأراضي، مع إخلاء عدد من القرى.

وبحسب تقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن سوريا تشهد ظروفًا مناخية هي الأسوأ منذ 60 عامًا، وأن الجفاف غير المسبوق في المنطقة سيجعل أكثر من 16 مليون شخص عرضة لانعدام الأمن الغذائي.

في اليونان، تعرّضت غابات جزيرة كريت لحرائق كبيرة تمّت السيطرة عليها، ولكنها عاودت الاشتعال في ظلّ موجة حرّ غير مسبوقة، ودرجات حرارة أعلى من المعدلات الطبيعية، بالإضافة إلى رياح قوية أدت إلى تفلّت النيران ووصولها إلى مناطق سكنية وسياحية، حيث تم إجلاء الكثير من السكان.

في تركيا، اجتاحت الحرائق عددًا من المقاطعات، وكذلك في إسبانيا، حيث أتت النيران على 6500 هكتار. وفي فرنسا أيضًا، نشبت حرائق في ظل موجة الحر التي تجتاح أوروبا، والتي دفعت السلطات السويسرية إلى إغلاق إحدى وحدات المفاعلات في منشأة للطاقة النووية إثر ارتفاع درجة حرارة مياه النهر.

“التغير المناخي ليس مشكلة مستقبلية بل كارثة راهنة”، هذا ما أكّده عدد من علماء المناخ أخيراً، منتقدين الاستخفاف في التعامل مع هذا الموضوع، ومؤكدين أن الحرائق ليست كوارث طبيعية بل نتيجة مباشرة لتغير المناخ.

وقد هاجموا الحكومات الأوروبية التي فشلت في تنفيذ إجراءات استباقية، على الرغم من وجود خطط واستراتيجيات لتحسين إدارة الغابات وتقليل انبعاثات الكربون، ودعوا إلى تعزيز وعي الناس والحكومات تجاه التغير المناخي، وعدم تحويله إلى مجرّد نقاش سياسي يتم فيه تبادل الاتهامات، بل إيلاؤه الأهمية القصوى، لأنه مرتبط بموضوع البقاء.

 

Continue Reading

Previous: هل يعود شبح 2006 إلى عراقٍ لم يتجاوز سؤال: سُنّيٌّ أم شيعيّ؟…المصدر : موقع درج…أيوب سعد – صحافي عراقي
Next: نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

هل يعود شبح 2006 إلى عراقٍ لم يتجاوز سؤال: سُنّيٌّ أم شيعيّ؟…المصدر : موقع درج…أيوب سعد – صحافي عراقي

khalil المحرر يوليو 8, 2025

Recent Posts

  • تمويل “البنتاغون” لـ”قسد”.. أبعاده وانعكاساته على مسار التسوية مع دمشق شيلان شيخ موسى.المصدر:موقع الحل .نت
  • نائب رئيس كتلة “دام بارتي” النيابية لرووداو: يجب توفير ضمانة قانونية لمن يلقون السلاح……المصدر:رووداو ديجيتال
  • للمرّة الأولى اسرائيل تستهدف سيّارة في الشمال… و”حماس” تُكذّب روايتها! المصدر: لبنان الكبير
  • هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت
  • ما السبب في تعطيل الاتفاق بين أربيل وبغداد؟ المصدر :رووداو دیجیتال

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يوليو 2025
  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • تمويل “البنتاغون” لـ”قسد”.. أبعاده وانعكاساته على مسار التسوية مع دمشق شيلان شيخ موسى.المصدر:موقع الحل .نت
  • نائب رئيس كتلة “دام بارتي” النيابية لرووداو: يجب توفير ضمانة قانونية لمن يلقون السلاح……المصدر:رووداو ديجيتال
  • للمرّة الأولى اسرائيل تستهدف سيّارة في الشمال… و”حماس” تُكذّب روايتها! المصدر: لبنان الكبير
  • هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت
  • ما السبب في تعطيل الاتفاق بين أربيل وبغداد؟ المصدر :رووداو دیجیتال

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • الأخبار

تمويل “البنتاغون” لـ”قسد”.. أبعاده وانعكاساته على مسار التسوية مع دمشق شيلان شيخ موسى.المصدر:موقع الحل .نت

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • الأخبار

نائب رئيس كتلة “دام بارتي” النيابية لرووداو: يجب توفير ضمانة قانونية لمن يلقون السلاح……المصدر:رووداو ديجيتال

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • الأخبار

للمرّة الأولى اسرائيل تستهدف سيّارة في الشمال… و”حماس” تُكذّب روايتها! المصدر: لبنان الكبير

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت

khalil المحرر يوليو 8, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.