–
نفت الحكومة السورية مجدداً المزاعم حول الحصار المفروض على محافظة السويداء، واعتبرتها “محض كذب وتضليل”، فيما يؤكد ناشطون ومسؤولون محليون في المحافظة أن الحصار قائم بالفعل، وأن كميات المساعدات الضئيلة التي وصلت لا تسدّ سوى جزء بسيط من احتياجات السكان.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا إن “مزاعم حصار محافظة السويداء من قِبل الحكومة السورية محض كذب وتضليل”، مشيراً إلى أن الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات “لأهلنا المدنيين داخل المحافظة، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية”. وأوضح البابا أن الممرات فُتحت لـ”تسهيل الخروج المؤقت لمن شاء منهم خارج مناطق سيطرة المجموعات الخارجة عن القانون”.
واعتبر أن “مزاعم الحصار دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون، لتسويق فتح معابر غير نظامية مع محيط السويداء داخل الجمهورية وخارجها، لإنعاش تجارة السلاح والكبتاغون، التي تشكل مصدر تمويل أساسي لهذه المجموعات”، مضيفاً أن “عودة المؤسسات الحكومية لعملها في فرض سيادة القانون داخل محافظة السويداء يهدد بقاء العصابات الخارجة عن القانون فيها، ويؤثر على تمويلها غير الشرعي”.
من جانبه، قال رئيس غرفة تجارة وصناعة السويداء أبو عدي نبيه بكري إن المحافظة “محاصرة بكل شيء بعد المجازر والكارثة الإنسانية”. وأضاف في تصريح لشبكات محلية أن ما يدخل من مساعدات “ضئيل جداً، وتجار السويداء لا يمكنهم الخروج من المحافظة في الظروف الراهنة”. وقالت المحامية ديانا مقلد الموجودة في مدينة السويداء، لـ”العربي الجديد”، إن الوضع الأمني مستقر في المدينة، حيث لم تعد تُسمع أصوات إطلاق نار، على الرغم من تواصل الحذر من جانب المدنيين.
أما في الريفين الغربي والشمالي من المحافظة، فما زالت تنتشر مجموعات من قوات العشائر، ربما تتحين الفرصة للدخول إلى المحافظة مجدداً، كما حصل يوم أمس الثلاثاء، حين شنت تلك المجموعات هجوماً من ناحية بلدة الثعلة، لكن المقاتلين المحليين تمكنوا من صدهم. وقالت إنها تعمل في هيئة الإغاثة، وما زالت العديد من العائلات تقيم في المدارس بسبب عدم الأمان، ووجود قناصين في المناطق الغربية.
وفي الوضع الأمني أيضاً، لفتت مقلد إلى أن منطقة ريمة حازم التي تبعد 6 كيلومترات عن مدينة السويداء، وتقع في المنطقة الغربية، شهدت معارك عديدة وتعرض الكثير من بيوتها للحرق، ولا تزال هناك جثث فيها لم تتمكن فرق الهلال الأحمر من الوصول إليها، بسبب انتشار القناصين على أسطح المنازل في تلك المنطقة، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر ربما يحاول اليوم الوصول إلى المنطقة.
وحول الوضع الإنساني والمعيشي، قالت مقلد إن المدينة تخضع للحصار، حيث لا يوجد بنزين ولا أدوية ولا أي نوع من الخدمات، على الرغم من دخول بعض قوافل المساعدات حتى الآن، لكن ما تحمله تلك القوافل لا يكفي أبداً، ويحاول المجتمع المحلي التعاضد لتأمين الطعام للمحتاجين، وسط درجات حرارة مرتفعة، مع تعطل ضخ المياه في غالبية أحياء المدينة بسبب الأعطال الفنية. ولفتت إلى اعتماد معظم الناس على الصهاريج للحصول على مياه الشرب. كما أشارت إلى عدم تمكن الأهالي من دفن العديد من الجثث، بسبب ندرة البنزين المطلوب للسيارات التي تحمل تلك الجثث، بينما رائحة النفايات تزكم الأنوف، وسط مخاوف من انتشار الأوبئة بين الناس بسبب قلة المياه.
ولخّصت المشهد بالقول: “الحياة معدومة تماماً. شلل كامل في كل الأعمال الإدارية لأن الموظفين غير قادرين على الالتحاق بوظائفهم”. من جانبه، قال الناشط وضاح عزام لـ”العربي الجديد”، إن المساعدات التي دخلت تقتصر تقريباً على الطحين، حيث دخلت خلال القوافل الأربعة كمية 200 طن فقط، إضافة إلى المازوت بما يكفي فقط لتشغيل المشافي والأفران بالحد الأدنى. وأضاف أن القوات الموجودة في ريف السويداء تقطع الطريق، باستثناء قوافل الهلال الأحمر، مشيراً إلى أن قوات العشائر بقيادة سامي الهفل هي من تقطع الطريق، وأن قوات الأمن ليست لها سيطرة عليها، وقد جرى اشتباك بين الجانبين بسبب الخلافات بينهما على قطع الطريق، وفق قوله.
وأكد عزام أن طريق بصر الحرير مقطوع، وتمر المساعدات عبر طريق بصرى الشام، مشيراً الى التواصل مع تجار من درعا لجلب بضائع إلى السويداء، لكن جرى منع سيارات التجار من الوصول إلى المدينة، موضحاً أن تدخّل بعض عائلات حوران هو ما سمح بدخول بعض قوافل المساعدات. ولفت إلى أنه دخل قبل يومين صهريج بنزين أفرغ حمولته في كازية كنج عند بلدة ولغا، وأبلغ الناس بإمكانية الحضور إلى الكازية لأخذ احتياجاتهم، لكن قنص شخصان من جانب القناصين الموجودين في البلدة التي تبعد نحو 3 كيلومترات فقط عن مدينة السويداء.
إلى ذلك، أفاد مراسل “العربي الجديد” بأن قافلة للهلال الأحمر السوري تستعد لدخول مدينة السويداء لإجلاء عائلات ترغب بمغادرتها، ومن بينها أشخاص يحملون الجنسية الأردنية والأميركية، وسيُؤمَّن وصولهم إلى معبر نصيب الحدودي تمهيداً لمغادرتهم البلاد.