أشاع حديث قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، عن جيش سوري واحد و”مركزية عسكرية”، جواً من التفاؤل المشوب بالحذر في سوريا التي لا تكاد تخرج من بؤرة توتر حتى تقع في أخرى.
وأكد عبدي قبل يومين، في مقابلة له مع قناة “العربية” السعودية، أن قواته ستندرج ضمن وزارة الدفاع السورية. وقال: “متفقون مع الحكومة على وحدة سوريا بجيش واحد”. وأضاف أن العمل جارٍ على تطبيق جميع بنود اتفاقية آذار/مارس (اتفاق الرئيس السوري أحمد الشرع مع عبدي) قبل نهاية العام الجاري.
تصريحات “إيجابية”
تصريحات عبدي التي وصفت بـ”الإيجابية”، قوبلت بارتياح، بسبب النبرة غير المعتادة لـ”قسد” في حديثها عن الدولة السورية منذ اندلاع التوتر، وبعدها الأحداث الدامية في السويداء، والتي بدأت “قسد” بعدها، تُصعّب من شروط اندماجها مع الجيش السوري، حيث اشترط أكثر من مسؤول فيها، أن لا تتم عملية الاندماج قبل تحقيق الانتقال السياسي في سوريا، وهو ما ترفضه حكومة دمشق، التي تطالب بعدم المماطلة في تطبيق اتفاق آذار.
وفسّر مصدر مقرب من “قسد” لـ”المدن”، نبرة عبدي “المعتدلة” برغبة “قسد” بإفساح المجال أمام نجاح جولة التفاوض مع الحكومة السورية المُزمعة، في العاصمة الفرنسية باريس. وقال إن هناك اعتقاداً لدى “قسد”، بأن ما جرى في السويداء سيدفع الحكومة إلى تقديم تنازلات في التفاوض، وهو ما تطمح إليه، متابعاً: “لذلك لا تريد قسد قطع الطريق على مكتسبات متوقعة في باريس”.
وأشار المصدر إلى التقاء فرنسي-أميركي على ضرورة نجاح المفاوضات، معتبراً أن “عرقلة قسد للمفاوضات يعني إضعاف موقفها أمام الأطراف الداعمة لها”.
لكن مع ذلك، لم يتوقع المصدر أن تشهد مفاوضات باريس تقدما كبيراً، نظراً لتعقيد ملف اندماج “قسد” بالجيش السوري، خصوصاً لجهة اشتراط دمشق ذوبان عناصر التنظيم في تشكيلات الجيش السوري، وهو ما ترفضه “قسد”، التي تطالب بضم عدد كبير من العناصر (100 ألف مقاتل) في تشكيل واحد.
تشكيك بجدية “قسد”
في المقابل، قوبلت تصريحات عبدي بتشكيك، وسط اتهامات باستمرار “قسد” بتبني نهج “المماطلة”، وإصرارها على مطلب “اللامركزية”، وما يدعم ذلك إشارة عبدي إلى أن “المؤسسات السيادية فقط يجب أن تكون مركزية”.
ويقول الكاتب والسياسي الكردي علي تمي، إن تصريحات عبدي هدفها التهرب من الضغط الذي تمارسه واشنطن على “قسد”، حيث تريد الولايات المتحدة نزع فتيل توتر كبير في سوريا، للحيلولة دون اندلاع مواجهات دامية في شمالي شرق سوريا.
ويضيف تمي لـ”المدن”، أن ما جرى في السويداء نبّه “قسد” إلى ضرورة احتواء غضب العشائر العربية. وقال: “في السويداء أثبتت العشائر أنها قادرة على خوض مواجهات شرسة، رغم ضعف حضورها هناك، مقارنة بمناطق سيطرة قسد”.
بذلك، يعتقد تمي أن المواجهة بين الدولة السورية و””قسد قادمة، وقال: “يبدو أن سوريا ذاهبة نحو تكرار تجربة عفرين في شمالي شرق سوريا”.
تيارات داخل قسد
من جهته، يشير المحلل السياسي فواز المفلح، إلى وجود تيارات “متصارعة” داخل “قسد”، موضحا لـ”المدن”، أن “عبدي لا يقود كل قرار التنظيم، وإنما هناك أكثر من جناح يختلف كل منهم في الطريقة التي يريد التعامل بها مع الحكومة السورية”.
ويقول المفلح إن قرار “قسد” بيد تيار “متشدد” يرتبط بحزب “العمال الكردستاني”، وهذا التيار يتبنى خيار المواجهة على تقديم التنازلات. ويضيف “لذلك تُعلن تركيا دائماً جاهزيتها لتعزيز القدرات الدفاعية السورية، وتحذر من مخطط تقسيمي لسوريا”.
وينص اتفاق آذار/مارس على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.