المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد صحة الخبر من دون الكشف عن التفاصيل
ملخص
بعد انتشار خبر وجود الشيخ الدرزي ليث البلعوس في فندق يقع وسط منطقة عاليه داخل جبل لبنان، تجمع عدد من شباب المنطقة حول الفندق رفضاً لوجوده، مما اضطر، وفق وسائل مصادر أمنية، الجيش اللبناني للتدخل وتطويق المكان.
خلال الساعات الماضية، أشارت تقارير إعلامية لبنانية وسورية إلى أن الشيخ السوري ليث البلعوس دخل الأراضي اللبنانية، وكان يوجد تحديداً في منطقة جبل لبنان، مما أثار جدلاً وقلقاً وبلبلة لدى بعض في الداخل كما في السويداء، وبخاصة لدى الذين يعدون أن البلعوس وبدعمه السلطة السورية الجديدة “خان” أهله على حد قولهم، وبخاصة في ظل الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة الواقعة جنوب سوريا.
وبعد انتشار خبر وجوده داخل فندق يقع وسط منطقة عاليه في جبل لبنان، تجمع عدد من شباب المنطقة حول الفندق رفضاً لوجوده، مما اضطر، وفق وسائل مصادر أمنية، الجيش اللبناني للتدخل وتطويق الفندق الذي قيل إنه وجهة محتملة للبلعوس، وتأمين إخراجه.
فيما أكد المصدر السوري لحقوق الإنسان صحة هذه الأنباء، لم يصدر حتى الساعة الجيش اللبناني أي بيان نفي أو تأكيد لهذا الخبر أو حتى من السلطات اللبنانية.
“اندبندنت عربية” تواصلت مع مدير المرصد رامي عبدالرحمن الذي جدد تأكيده هذا الخبر، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
تجمع شباب في محيط فندق قيل إن البلعوس يتواجد بداخله في جبل لبنان (مواقع التواصل الاجتماعي)
وفي حين نفت مصادر إعلامية وجود البلعوس داخل الفندق بصورة قاطعة، أكد مسؤولون في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه الزعيم الدرزي اللبناني الوزير السابق وليد جنبلاط، أن لا معلومات مؤكدة عن مكان وجود الشيخ بلعوس، إن كان في سوريا أو داخل لبنان.
مؤكدين أنهم كحزب تقدمي اشتراكي وتابع لا يتواصلون مع أي طرف من الأطراف في محافظة السويداء، و”هذا شأن سوري داخلي، فيما موقف الحزب يعبر عنه جنبلاط بصورة شخصية أو بيانات الحزب الرسمية”.
الشيخ البلعوس ووجوده في السويداء
وبعد انتشار خبر وجوده في لبنان، نفى الشيخ بلعوس في حديث إعلامي صحة هذا الخبر، قائلاً إن هناك من يحاول إيقاع لبنان في الفتنة.
وخلال وقت سابق، أصدر بياناً شديد اللهجة دان فيه الأحداث الدامية التي وقعت داخل السويداء، محملاً المسؤولية لأولئك “الذين سعوا إلى زج الدروز في صراعات ومشاريع خارجية هدفها تمزيق النسيج الوطني السوري وتحقيق مصالح دول معادية”.
وأجرى محادثات مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، مكتب رئيس اللجنة السيناتور جيمس ريتش وعضو المجلس السيناتور جين شاهين، وعرض واقع السويداء، طالباً تشكيل لجنة حقوقية مستقلة لتوثيق الانتهاكات وحماية المدنيين، وأطلعهم على أن “هناك طرفاً استحوذ على قرار الطائفة وأقصى الآخرين”، مؤكداً “أنه لم يترك السويداء خلال الأيام الحرجة، وكان دائماً حاضراً سواء بصورة مباشرة أو من خلال تواصله اليومي مع الأهالي ومع الفعاليات ومع الوطنيين الذين يعملون بصمت لحماية الناس”.
الشيخ البلعوس في لقاء مع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة” (سيريا تايمز)
في المقابل، كانت حركة “رجال الكرامة” أصدرت بياناً خلال الـ22 من يوليو (تموز) الجاري نفت فيه أية علاقة لها بليث البلعوس، وأعلنت مقتل 46 من مقاتليها جراء الاشتباكات التي شهدتها السويداء”.
وقالت إن “الإعلام الرسمي المضلل يستمر بزج اسم الحركة في تصريحات ومواقف لا تمثلها، وآخرها تقديم ليث البلعوس كقيادي في حركة رجال الكرامة”، مؤكدة أنه “ليس من صفوف الحركة منذ عام 2016″. واتهم البيان وسائل الإعلام الرسمية بـ”المشاركة في سفك الدماء من خلال تضليل الحقائق”، متحدثة عن تمسكها بـ”تضحيات عشرات الشهداء الذين سقطوا في وجه العدوان الغادر”.
وحركة “رجال الكرامة” مجموعة مسلحة في جنوب السويداء أسسها الشيخ وحيد البلعوس والد ليث البلعوس، قبل أن يُغتال عام 2015، ومن أبرز ما دعت إليه رفض تجنيد الشبان الدروز ضمن الحرب السورية والتمسك بنهج الدفاع الذاتي للمجتمع الدرزي، دون الانخراط في المعارك الكبرى.
انعكسات الخبر على المشهد الدرزي
على الصعيد اللبناني وبعد أحداث السويداء الدامية، ظهرت مواقف لبنانية متباينة من التطورات هناك، فيما تضاربت مقاربة تصريحات وليد جنبلاط بين من يرى فيه صوت العقل السياسي الذي يحاول حماية الطائفة من الانزلاق إلى صراعات عبثية، ومن يعده متسرعاً في إطلاق الأحكام أو التدخل في شؤون السويداء الداخلية.
جنبلاط كان اتخذ موقفاً يوازن بين التحذير من الانخراط في مشاريع خارجية، والدفاع عن وحدة الدروز، لكنه لم يخف قلقه من تمدد الفوضى في جبل العرب واستغلالها لإضعاف موقع الطائفة داخل سوريا، علماً أن جنبلاط كان صرح بأن أحداث السويداء بدأت عندما “دعا بعض إلى الحكم المحلي”، مما تسبب في تفاقم الأوضاع الأمنية ودفع الحكومة السورية إلى إرسال قوات الأمن إلى المحافظة، محذراً من أن “إسرائيل تسعى أكثر من أي وقت مضى إلى تفتيت دول المنطقة”.
السويداء والسيناريو الأسوأ: أين يتواجد الهجري وإلى أين يمكن أن يلجأ؟
في المقابل، يرى بعض أن جنبلاط يسير على نقيض المزاج الدرزي العام، وبرزت موجة اعتراض واسعة على تصريحاته، إذ رأى كثر أنها لم تعبر عن حجم الكارثة الإنسانية التي عاشتها السويداء، وأنها بدت أقرب إلى محاولة تسييس المأساة بدل الانتصار للضحايا. وأن عدداً من النشطاء والقيادات المحلية في جبل العرب عدوا أن جنبلاط لم يظهر التعاطف المطلوب، بل أطلق مواقف “باردة ورمادية” خلال توقيت يحتاج إلى خطاب تضامني صريح وواضح، وسط شعور بأن طائفة الدروز في لبنان تتحدث من موقع مختلف عن الدروز في سوريا، الذين يعيشون ظروفاً صعبة.
ومع ذلك، فإن هناك من يرى أن جنبلاط وعلى رغم الخلافات ما زال يملك نفوذاً رمزياً على الساحة الدرزية، لكن أحداث السويداء الأخيرة أظهرت وجود شرخ واضح بين نهج زعامات لبنان والمزاج الشعبي في جبل العرب، الذي يرى أن وقت المجاملات السياسية انتهى أمام دماء الضحايا.
الدلالات السياسية للحادثة وانعاكسها على لبنان
إلى ذلك وجود البلعوس في لبنان، إن صح الخبر، يشكل مؤشراً إلى تصاعد الخلاف داخل البيت الدرزي، فيما انقسمت الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي بين من يعده “رمزاً لمقاومة الفوضى” ومن يراه “شخصاً هارباً من مسؤولياته في السويداء”. التفاعل كان ملحوظاً وبخاصة بين الدروز داخل لبنان وسوريا، حيث ظهرت دعوات تطالب بعدم السماح له بالدخول، مقابل أصوات أقلية دعت إلى “ترك الباب مفتوحاً” لأية شخصية درزية تبحث عن ملاذ موقت.
وكانت “اندبندنت عربية” تواصلت مع وزارة الداخلية والبلديات داخل لبنان في محاولة لاستيضاح صحة هذا الخبر وتفاصيل عنه، من دون أن تلقى رداً.