لعلّه كان أفضل للدكتور رضوان السيّد لو اقتصر على موضوع اختصاصه وهو « الدراسات الإسلامية »، أو حتى « فقه القرون الوسطى »، بدل « الخوض »، الآن فقط، في الموضوع السوري الذي لم يُعرَف عنه « تعاطيه » فيه حينما كان مئات « المعارضين » في السجون، وحينما كان النظام الحقير يزهق أنفاس مئات الألوف من السوريين.
مقال الدكتور رضوان السيد، وعنوانه « إلى الأقلويات: أحمد الشرع باقٍ »، ينضحُ بتهديدٍ صريح لجماعاتٍ تُعبَّرُ عن تنوّع سوري جميل، ويُذكّر بـ « نظام المِلَل » العثماني.. البائد، أكثر مما يشير إلى مستقبل سوريا كما يتمناه، ربما، معظم السوريين.
وصراحةً، لا نعتقد أن المقال يعبّر فعلاً عن موقف المملكة العربية السعودية التي لم تستخدم يوماً مثل هذه النبرة التهديدية إزاء مواطنين عرب أياً كان انتماؤهم الطائفي!
بدايةً، « نظام الشرع باقٍ ». صحيح. والحقيقة أن « أحداً» لا يسعى، الآن، لإسقاطه.
جاء نظام أحمد الشرع نتيجة تفاهم أميركي مع جماعة من الأصوليين السوريين يقودها السيد أحمد الشرع الذي تخلّى عن حلفاؤه السابقين من « القاعدة » و« داعش ».
وهذا يُحسَب له وليس عليه.
ليس واضحاً حتى الآن ما هو الدور الذي لعبته روسيا، ولكن من الواضح أن الأميركيين أدخلوا تركيا على الخط السوري بعد تفاهمهم مع الشرع. ومن الواضح أيضاً أنه لولا تدخل السعودية الباهر لكانت سوريا المثخنة والمُنهكة ستظل خاضعة للعقوبات الأميركية إلى زمن بعيد (مثل كوبا). وهذا يُحسب للسعودية التي دعمت نظاماً يقطع طريق طهران ـ بيروت، كما يخفّف من نفوذ روسيا وحتى الصين (كما يرغب الأميركيون أيضاً).
إذا، لا أحد يسعى لإسقاط نظام السيد أحمد الشرع! حتى إسرائيل!
ولكن ذلك كله ليس « القصة كلها »!
،عبثاً، بحثنا في مقال المفكر والاستاذ الجامعي الدكتور رضوان السيد عن مفاهيم مثل « الدستور » و« الديمقراطية » و « البرلمان »، أو حتى « الإخاء » و« المساواة » التي راجت حتى في عهد « السلطان عبد الحميد » العثماني، فلم نجدها! بحثنا عن كلمة « الحرية »، لم نجدها!
وبالمناسبة، أنا نشرت في « الشفاف » أول « مسودة دستور سوري » لفترة ما بعد الأسد، أعدّها المحامي أنور البني، في العام 2005. أي قبل 20 عاماً. ثم نشرنا نسخة أكثر تطوّراً في العام 2024. لا يبدو أن الدكتور رضوان السيد يعرف ذلك لانشغاله بـ »المِلَل والنِحَل »!
هل يعتقد الدكتور رضوان السيد أن « إعلان دمشق » وكل إعلانات المعارضين السوريين كان موضوعها الوحيد استبدال « الأسد » بمستبدّ آخر؟ او استبدال طائفة بأخرى؟ وهل وجد في أي من أدبيات المعارضين السوريين مطلباً من نوع « دين الدولة الإسلام » ورئيس الدولة « سنُي ».
هل تذكّر د. رضوان السيّد”رزان زيتونة“، وعلي العبدالله، وميشال كيلو، ورياض الترك، ورياض سيف، وأنور البني، وجورج كتن، والدكتور منير شحّود، واللبناني سمير قصير، ومئات غيرهم (وليعذروني.. لكثرتهم!) ممن عاشوا أو ماتوا من أجل سوريا ديمقراطية وتعددية؟
ماذا بعدَ بقاء احمد الشرع، الذي لا يطالب أحد بإسقاطه حتى الان؟
أي نظام سيحكم سوريا؟ أية أحزاب؟ هل ستعود سوريا إلى ما يشبه النظام البرلماني والديمقراطي، أم هل ستغدو « إمارة إسلامية » نكايةً بالعلويين والدروز؟ هل يقتصر موضوع « الاكثرية » و « الأقلية » على الطوائف، أم أنه يمكن أن يعني الأكثريات والأقليات السياسية؟ واستطراداً، هل سيكون في سوريا صحف وتلفزيونات حرة؟ أم هل ستبقى في « نظام الحزب الواحد »؟
هذه أسئلة كنا نتمنى أن نسمعها من « مفكر » و »أستاذ جامعي » بمرتبة الدكتور رضوان السيد!
نظام أحمد الشرع باقٍ الآن، وهو يحظى بدعم أميركي وسعودي وتركي وأوروبي واضح. وربما يعتبره معظم السوريين أفضل الموجود للحؤول دون تشرذم البلاد ومسلسل حروب أهلية.
لكن من يسميهم الدكتور رضوان « أقليات » هم مواطنون سوريون، وليسوا « أضراراً عرضية »، يتم ذبحها في « الساحل » وفي « السويداء ». وهم يطمحون لأن يكونوا « مواطنين » وليس « رعايا »!
كنا نتمنى على “المفكر الاسلامي” ان يبشر السوريين والشرع بنظام مدني في عصر العولمة والانفتاح العالمي، وليس بنظام يستلهم الشريعة الاسلامية ليتم استبدال الاستبداد العلوي باستبداد سني، بدولة طلب رئيسها مهلة خمس سنوات لانجاز دستورها! هل سيخترع البارود لكتابة دستور لسوريا علما ان هناك محاولتين سابقتين كان بامكانه الاستعانة بهما!
هل الذين أسقطوا نظام الاسد هم الشرع واعوانه؟
لقد بدأت الثورة السورية « سلمية سلمية » وانخرط فيها عامة الشعب السوري، فكان الاجدى بالدكتور رضوان، ان يلفت نظر الشرع الى ان جميع السوريين شركاء في الانتصار، قبل الايغور والشيشان والآذريين وشذاذ الآفاق من “الاسلامويين”، الذين وان نزعت عنهم اميركا صفة الارهابيين لا يغير في طبيعتهم اي شيء.
كلمة اخيرة: لا تعوَضوا « عِقدكم » اللبنانية في سوريا لفترة ما بعد الأسد!