يتمدد إقليمهم ليشمل ثلاث دول هي جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا بموقع بحري مميز
ملخص
على رغم ما تمثله الجغرافيا السكانية للعفريين من أهمية، إلا أن وجودهم في إريتريا غير معترف به ككيان ذي حقوق سياسية أو إقليمية مستقلة ضمن سياسات النظام الحاكم.
يشكل العفريون امتداداً جغرافياً ما بين إثيوبيا وجيبوتي، وفي إريتريا يعيشون على سواحل البحر الأحمر، لتشمل مناطقهم مدناً مهمة كمصوع وعصب. وضمن موجة التنافس البحري ما بين إثيوبيا المطالبة بمنفذ بحري، ورفض الجوار الإقليمي في كل من الصومال وإريتريا ومصر، تبرز أهمية “المنطقة العفرية” على سواحل البحر الأحمر، حيث هبات الجغرافية وتحديات السياسة، فيما يمثله “الإقليم العفري” غير المعترف به من أهمية لا تخلو من تبعات.
يتمدد الإقليم العفري جغرافياً ليشمل ثلاث دول، ففي جيبوتي يشكلون واحداً من أكبر مكونين اثنين في البلاد هما (العيسا والعفر)، نسبتهم ما بين (35 في المئة إلى 40 في المئة) من سكان هذا البلد، أي مليون و153 ألف نسمة إلى جانب العيسا ذوي الأصول الصومالية.
يتمركز العفريون في الشمال الغربي من البلاد، ومناطقهم المشهورة هي تاجوراه وأوبوك. وتتمتع قبيلة العفر في جيبوتي بحقوق سياسية، ولهم تمثيل في الحكومة، وهم ينتشرون على امتداد منطقة جغرافية واحدة عبر الحدود بين إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي. ضمن “مثلث العفر”، وهو غني بالظواهر الجيولوجية (منطقة الوادي المتصدع).
يتحدث العفريون لغة (العفر أو العفرآف)، وهي لغة كوشية شرقية، وغالبيتهم مسلمون ويتبعون أنظمة تقليدية في إدارة مجتمعاتهم العشائرية. كما يمثل الإقليم العفري نموذجاً للتداخلات الثقافية واللغوية العابرة للحدود السياسية، وعلى رغم انقسامهم بين ثلاث دول، يحتفظ العفريون بهويتهم الجامعة ولغتهم ونمط حياتهم الرعوي والزراعي.
أما في إثيوبيا فيتمدد الإقليم العفري ليشمل المنطقة العفرية المسماة بإقليم عفر، وهو واحد من الأقاليم الفيدرالية الإثيوبية الـ12، وتتوسع المنطقة العفرية من شمال شرقي إثيوبيا حتى حدود جيبوتي وإريتريا، لتضم مدناً رئيسة مثل أسايتا التي ظلت العاصمة التقليدية للعفريين في إثيوبيا خلال عقود ماضية، إلى جانب مدن أخرى مثل سمرا العاصمة الإدارية الحالية والحديثة للإقليم.
تمثل قومية عفر إحدى القوميات الرئيسة في إثيوبيا (التواصل الاجتماعي)
ويشمل الإقليم الإثيوبي أجزاء من منخفض عفر، وهو منطقة جيولوجية ذات طبيعة متغيرة، وفي تمدد إلى الغرب يحادد إقليمهم إقليم أمهرة، ممتداً إلى إقليم عروسي التابع لإقليم أوروميا غرباً.
أما في إريتريا فيشمل المثلث العفري السواحل الجنوبية من إريتريا، في منطقة فورو وزولا وما حولها، ومناطق عصب وما حولها في الجنوب الشرقي.
وعلى رغم ما تمثله الجغرافيا السكانية للعفريين من أهمية، إلا أن وجودهم في إريتريا غير معترف به ككيان ذي حقوق سياسية أو إقليمية مستقلة – ضمن سياسات النظام الحاكم – كما هو حادث في كل من جيبوتي وإثيوبيا، وذلك على رغم من انتشارهم الإثني والثقافي، وتشكيلهم في إريتريا الجزء الغالب في المجتمعات الإسلامية الساحلية.
تبعات متجددة
فبقدر ما أعطى التاريخ للعفريين (3 ملايين نسمة) من تميز في الجغرافيا المتنوعة تلحق بهم تبعات، بدءاً من تشتتهم على ثلاث دول، وحرمانهم من حقوقهم السياسية في بعض الدول، وهناك من يشبههم بالأكراد في منطقة كردستان الذين يقدر عددهم بـ30 مليوناً، وتشمل مناطقهم أربع دول هي تركيا شمالاً، وإيران شرقاً، والعراق جنوباً، وسوريا غرباً.
والسؤال الآن، هل أوجدت قضية الساحل الذي تطالب به إثيوبيا لفت نظر حقيقي إلى العفريين على السواحل الإريترية؟ هذا التساؤل تجيب عنه الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة في التجاذبات والمناكفات المتبادلة بين أديس أبابا وأسمرة.
الرئيس الإريتري أسياس أفورقي بدوره حذر في أخر ظهور له إثيوبيا من الحرب، واصفاً طموحات الدولة المجاورة بالوصول إلى البحر بأنها “متهورة”.
1114185-1774417964.jpg
تصريحات أفورقي الأخيرة ونعته طموحات إثيوبيا بـ”المتهورة” تعبر عن قلق حقيقي من سعي أديس أبابا إلى ضم ميناء “عصب” إلى تصورها الاستراتيجي (غيتي)
وقال أفورقي في لقاء تلفزيوني في الـ20 من يوليو (تموز) الجاري، “إذا اعتقدت إثيوبيا أنها قادرة على إغراق القوات الإريترية بهجوم بموجات بشرية، فهي مخطئة”، وذلك في إشارة لمطالبات إثيوبيا التي يبلغ عدد سكانها نحو 130 مليون نسمة بالوصول إلى البحر، وإشاراتها غير المنقطعة بأحقيتها في اقتناء مرفأ على البحر الأحمر.
وتخشى إريتريا مما تسميه بالطموحات الإثيوبية من حرب تشنها الأخيرة لتحقيق أهدافها البحرية بالوصول عمداً إلى ميناء عصب الذي يبعد من إثيوبيا بنحو 700 كيلومتر، وقد ظل كل من مينائي عصب ومصوع المنفذين البحريين الرئيسين لإثيوبيا طوال عقود ماضية ما قبل استقلال إريتريا في مايو (أيار) عام 1993.
ذرائع لشن حرب
وتأتي الاتهامات المتبادلة في أجواء تنافسية اتهمت فيها أديس أبابا هي الأخرى جارتها باحتلال أراض إثيوبية، ضمن تطورات الحرب بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير تيغراي (2020-2022)، التي انتهت باتفاق بريتوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022. وكانت إريتريا شاركت إلى جانب الجيش الإثيوبي في الحرب، واحتلت مناطق حدودية تابعة لإقليم تيغراي لا تزال تحتفظ بها.
وزارة الإعلام الإريترية، أشارت في بيان رسمي خلال يوليو (تموز) الجاري، إلى ما وصفته باستخدام الحكومة الإثيوبية “الذرائع” في حملاتها الدبلوماسية الأخيرة، بهدف خلق صراع وحشد الدعم الدولي لسياسات وصفتها بالمزعزعة للاستقرار. وبحسب البيان الإريتري، فإن أديس أبابا كثفت خلال الأيام الماضية من تحركاتها الدبلوماسية، بما في ذلك توجيه رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من قادة الدول، متهمة إريتريا بـ”الاستفزازات المتكررة والتعدي على السيادة الإثيوبية”، وهو ما وصفته أسمرة بـ”حيلة مكشوفة” تسعى من خلالها أديس أبابا إلى تبرير أجندتها الحربية طويلة الأمد، على حد تعبير البيان.
ووصف الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الحكومة الإثيوبية بالتضليل، على خلفية رسالتها إلى الأمم المتحدة، وبتأجيج الصراعات في المنطقة، وكونها رسالة “صبيانية” تعكس محاولة حزب الازدهار الحاكم التغطية على ما اعتبرها “استعدادات حربية”، وفق تعبيره. وفي السياق ذاته، اعتبر أفورقي أن الخطاب الإثيوبي تجاه بلاده بمثابة إعلان حرب، على رغم ما وصفه برغبة أسمرة في بناء علاقات “ثنائية متينة” مع أديس أبابا. وقال موجهاً حديثه للقيادة الإثيوبية، “قبل جر الشعب الإثيوبي إلى حروب غير مرغوب فيها أو استخدامه لأغراض سياسية، يجب أولاً حل المشكلات الداخلية للبلاد”.
وكان رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد وقع في يناير (كانون الأول) عام 2023 مذكرة اتفاق مع دولة أرض الصومال غير المعترف بها، لاقتناء ميناء على الشواطئ الصومالية، وهو ما دفع كلاً من الصومال ومصر وإريتريا لمواجهة الطموح الإثيوبي بالرفض القاطع، وأدت تطورات القضية إلى إنشاء التحالف المصري – الصومالي – الإريتري.
تغيير ديمغرافي متوقع
ضمن التطور المترائي والتبعات الأولية التي تشهدها المنطقة عموماً، والمنطقة العفرية على وجه الخصوص، يتوقع أن يتسبب الصراع بين إثيوبيا وإريتريا في أبعاد مترامية، ويأتي التساؤل حول مستقبل المنطقة العفرية في إريتريا بحكم موقعها على البحر الأحمر في ظروف التنافس الإثيوبي- الإريتري.
فبينما يتهم النظام الإثيوبي بأطماع بحرية بانتزاع موانئ بحرية ما بين الشواطئ الصومالية والإريترية، تشير دلائل إلى ما يمكن أن يتخذه النظام الإريتري من خطوات تغيير ديمغرافي واستهداف للعفريين الذين يبلغ عددهم 600 ألف شخص ويمثلون أربعة في المئة من سكان إريتريا البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، وذلك وفق أهداف عدة، منها محاولته استغلال الظروف الراهنة في رسم معادلة سكانية جديدة في إريتريا في حيثيات ما يتمتع به العفريون الإريتريون الذين يشكلون غالبية مسلمة من مواقع بحرية استراتيجية.
ويخشى النظام الإريتري أيضاً مما يمثله العفريون الإريتريون من تمدد لهم في إثيوبيا وجيبوتي، الذي قد يحقق تعاوناً مشتركاً في حالة نشوب حرب، وربما استغلال نظام أديس أبابا لذلك في معركته المحتملة.
محاربو عفار في مناطق انتشارهم بإثيوبيا (مواقع التواصل)
وضمن مؤشرات الاستهداف، نبه المتحدث الرسمي باسم التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر نصر الدين أحمد علي، في مقابلة معه، إلى الأهمية الجغرافية التي يتمتع بها العفر في منطقة القرن الأفريقي، حيث يقطنون في المنطقة الممتدة المسماة بالمثلث العفري على طول سواحل البحر الأحمر، إضافة إلى ضفاف نهر أواش في إثيوبيا.
وقال نصر الدين “إن العفر في إريتريا لم ينالوا أي حقوق منذ استقلال البلاد، وتعرضوا لتضييق واسع من الحكومة الإريترية، شمل منعهم من المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، إلى جانب محاولات منهجية لإبعادهم من الساحل وحرمانهم من ممارسة الأنشطة البحرية”.
وأوضح “أن وضع العفر في إثيوبيا ’أفضل‘ مقارنة بإخوانهم في إريتريا، بعد أن حصلوا على حكم ذاتي ضمن النظام الفيدرالي الإثيوبي عبر إقليم خاص يمثلهم ويوحدهم”، مشيراً إلى أن الإقليم أصبح له دور كبير داخل الدولة الإثيوبية. كما اتهم النظام الإريتري بالسعي إلى “إقصاء العفريين عن البحر الأحمر”، متهماً أن أول من احتج على منحهم إقليماً خاصاً في إثيوبيا كان النظام في أسمرة، “لأنه لا يريد وجود كيان موحد للعفر”.
وذكر أن العفر في إريتريا أسهموا في استقلال إريتريا، لكنهم أصبحوا لاحقاً “من أكبر المستهدفين من النظام”، مشيراً إلى أن الحكومة الإريترية تسعى إلى السيطرة على أراضي العفر وثرواتهم وموقعهم الاستراتيجي.
وكان بيان صادر للمنظمة الديمقراطية لعفر البحر الأحمر في يوليو الجاري، حذر المجتمع الدولي، مما وصفه بـ”تهديد الكيان العفري”. ودعا الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والجهات الدولية الفاعلة، إلى فرض عقوبات ضد المسؤولين والقادة العسكريين الإريتريين، مطالباً بإنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي الذي يستهدف تحديداً جماعة العفر العرقية. وما يواجه الشعب العفري من مصادرة لأراضيه وإجباره على النزوح، واستغلال النظام طرق التجارة البحرية الرئيسة ضمن الأراضي العفرية يجعلها قواعد عسكرية أجنبية وشبكات تهريب.
الزيلع والبحر الأحمر والتاريخ
منطقة العفر، المعروفة أيضاً باسم إقليم دنكاليا، تقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وتمتد من جنوب شرقي إريتريا عبر شمال شرقي إثيوبيا، حتى تخوم جيبوتي جنوباً. وتعد هذه المنطقة جزءاً أساسياً مما يعرف بالمثلث العفري. وتستوطن قبائل العفر، ويعرفون كذلك باسم “الدناكل”، هذه المنطقة منذ آلاف السنين.
وتشير المصادر التاريخية والأنثروبولوجية إلى أن العفر من أقدم الشعوب القاطنة على الشريط الساحلي الجنوبي للبحر الأحمر، إذ يمتد حضورهم الجغرافي من شبه جزيرة بوري الواقعة جنوب مدينة مصوع الإريترية شمالاً مروراً بساحل البحر الأحمر الإثيوبي ومنطقة عصب، حتى الوصول إلى باب المندب جنوباً، فضلاً عن الرقعة الصحراوية الواسعة المحيطة بهذا الامتداد، بما في ذلك صحراء داناكيل، المعروفة بتضاريسها ونشاطها البركاني.
ويعرف هذا الامتداد الجغرافي الذي يشمل أجزاء من إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي (بالمثلث العفري)، ويعد من المناطق الجيوثقافية ذات الأهمية الاستراتيجية والبيئية في القرن الأفريقي.
يقول دكتور رجب محمد عبدالحليم في كتابه “العلاقات السياسية بين مسلمي الزيلع ونصارى الحبشة” عن وجود الزيلع (الصوماليين بمختلف إثنياتهم بما فيهم العفر) على سواحل البحر الأحمر، وما مثلوه منذ القدم من تداخل في المنطقة.
هل تشعل الاتهامات المتبادلة بين إريتريا وإثيوبيا حربا في المنطقة؟
ويمضي في سرده “الواقع أن منطقة القرن الأفريقي كانت تسكنها عناصر ذات أصول مختلفة وإن تقاربت الألوان والأشكال، فبلاد الزيلع أو شرق وجنوب شرقي هضبة الحبشة كانت تسكنها عناصر حامية، بينما كانت هضبة الحبشة تسكنها عناصر سامية، وظهر هذا واضحاً في تاريخ منطقة القرن الأفريقي، فقد غمر الإسلام المناطق ذات الأصول الحامية، وأصبح يطلق على هذه المناطق بلاد الزيلع، ونشأت فيها سلطنات وممالك إسلامية مثل سلطنة شوا وسلطنة أوفات وسلطنة عدل وممالك هدية وأربيني وبالي ودارا ودواروا وشرخا”.
ويذكر “بينما كان الأحباش يتركزون فوق الهضبة نفسها، فيما كان يعرف بأقاليم تيغراي وأمهرة وقجام وشوا والداموت، وهذه الأقاليم يدين غالب أهلها بالمسيحية ويتكلمون الجعزية والتيغرية والأمهرية، وتحتوي على إقليات إسلامية ووثنية”.
يضيف “ويفهم من كلام الحميمي الذي زار بلاد الحبشة عام 1648 ميلادية أن بلاد الحبشة النصرانية – المسيحية – هي البلاد الجبلية التي تبعد من البحر الأحمر مسيرة شهر، ولا تعتبر صحراء الدناكل التي تشكل الآن جزءاً من إقليم إريتريا من بلاد الحبشة. وعبر عن ذلك أحد ملوك الحبشة أنفسهم في بداية القرن الـ16، عندما أشار هذا الملك في رسالة له إلى ملك البرتغال بأن بلاده داخلية بعيدة من البحر وليس لها سواحل تطل عليه”.
عفر على مفترق طرق
على مستوى آخر، يقول الكاتب المختص في شؤون القرن الأفريقي عمار العركي، “تشكل المنطقة العفرية أحد أبرز المفاتيح الجيوسياسية في التفاعلات الإقليمية الراهنة، خصوصاً مع تصاعد التوتر بين إريتريا وإثيوبيا حول الموانئ، وعودة الحديث الإثيوبي عن ضرورة الوصول للبحر. وتمتد الجذور التاريخية للمنطقة العفرية إلى قرون من التمازج بين الانتماء المحلي والروابط العرقية العابرة للحدود، إذ ينتمي العفريون إلى قومية واحدة يتوزعون على ثلاث دول (إثيوبيا، إريتريا، وجيبوتي)، وهو ما شكل دائماً عاملاً حساساً في التوازنات الجيوسياسية، بخاصة مع محاولات توظيفهم سياسياً في نزاعات المنطقة”.
ويوضح أنه “في هذا السياق، يظل المستقبل الجغرافي والسياسي للمنطقة العفرية رهيناً بمدى قدرة العفريين على موازنة انتمائهم الوطني في الدول الثلاث مع خصوصيتهم العرقية الممتدة. ومن غير المستبعد أن تصبح المنطقة العفرية بؤرة صراع جيوسياسي جديدة، بخاصة إذا ما جرى توظيفها كورقة ضغط إثيوبية أو إماراتية في وجه إريتريا أو العكس”.
ويضيف “أما في ما يخص الاتهامات الموجهة لنظام أسياس أفورقي، فثمة معطيات ميدانية وإفادات محلية تشير إلى وجود سياسات ممنهجة لإبعاد العفريين من الساحل الإريتري، بما في ذلك تقييد حركتهم وإعادة توزيع السكان بصورة تؤدي إلى تغيير ديموغرافي فعلي”.
ويتوقع أنه “وفي حال استمرت هذه السياسات، فإنها لن تؤدي فقط إلى تأزيم العلاقة بين أسمرة والعفريين، بل قد تفتح المجال لتدويل قضيتهم، وتمنح أديس أبابا ذريعة جديدة لتقديم نفسها كمدافع عن حقوق العفريين، تمهيداً لطرح خطاب إقليمي ودولي يربط بين ’حقوق العفريين‘ و’الحق الإثيوبي في منفذ بحري‘. وهنا تكمن خطورة توظيف الخطاب العفري في سياق توسعي إثيوبي، يستهدف إعادة ترسيم النفوذ في البحر الأحمر تحت لافتات إنسانية أو حقوقية”.
ويختم حديثه بالقول “باختصار، المنطقة العفرية اليوم تقف عند مفترق طرق بين التكامل الإقليمي أو التفجير السياسي، مع تزايد احتمالات تدويل ملفها وتحويله إلى أداة صراع إقليمي بالوكالة”.