فلسطينيون يحملون أكياس الطحين التي حصلوا عليها من شاحنة مساعدات بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية (رويترز)
فيما يلوح في الأفق شبح مجاعة في غزة بعد مرور خمسة أشهر على شن اسرائيل حملتها العسكرية على القطاع، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أمس الثلاثاء، أن امريكا لا تعتزم إرسال قوات أميركية إلى غزة لتعزيز جهود توزيع المساعدات ، في تصريحات تقلل على ما يبدو من شأن مقترح إنشاء ميناء يديره الجيش الأميركي أو موقع هبوط لتوزيع المساعدات عن طريق البحر.
وقال الميجر جنرال باتريك رايدر المتحدث باسم البنتاغون في مؤتمر صحافي “في الوقت الحالي لا توجد خطط لنشر قوات أميركية على الأرض في غزة”.
ويؤكد مسؤولون أميركيون أن المساعدات التي تُسقط جواً بديل مكلف وغير كاف للمساعدات التي تُنقل بالشاحنات نظراً لحجم الأزمة الإنسانية. وتضغط إدارة بايدن من أجل زيادة وصول المساعدات براً.
وقال الجيش الأميركي إن طائرات أميركية وأردنية أسقطت دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية على غزة، أمس الثلاثاء، شملت أكثر من 36800 وجبة بينما ضغطت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على مسؤول إسرائيلي كبير من أجل زيادة وصول المساعدات خلال محادثات في واشنطن.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة في نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون ونقص حاد في الغذاء والمياه والدواء.
والوضع في شمال غزة هو الأسوأ إذ لا تستطيع وكالات الإغاثة أو كاميرات وسائل الإعلام الوصول إليه. وكانت المنطقة ساحة لعملية الإسقاط، أمس الثلاثاء. وتقول سلطات الصحة في غزة إن 15 طفلاً توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفى واحد فقط.
لقاء أوستن وغانتس
والتقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في البنتاغون، الثلاثاء، بيني غانتس الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية وحثه على تشجيع قيام إسرائيل ببذل مزيد من الجهد لمساعدة المدنيين.
وقال أوستن إنه التقى غانتس، حيث بحثا العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع عزة، والوضع الحالي على الأرض والموقف الإنساني المتردي في القطاع.
وأشار رايدر إلى أن “الوزير (أوستن) أعرب عن قلقه البالغ تجاه الوضع الإنساني في غزة وطلب دعم الوزير غانتس لتمكين وصول مزيد من المساعدات الإنسانية وتوزيعها في غزة”.
ولم يدل غانتس بأي تعليقات في البنتاغون لكنه قال لصحافيين خارج وزارة الخارجية إن اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كان “جيداً للغاية”.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر الوضع الإنساني في غزة بأنه “مروع”. وتضاءلت إمدادات المساعدات لبقية قطاع غزة بشدة خلال الشهر الماضي، بعدما تقلصت بالفعل بشكل حاد منذ بداية الحرب. وباتت مناطق كاملة من القطاع محرومة تماماً من الغذاء. ونفذت الولايات المتحدة أول عملية إسقاط جوي لها، السبت، فوق ساحل جنوب غرب غزة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في منشور على “إكس” إن “الولايات المتحدة ملتزمة بذل كل ما في وسعها لتوصيل مزيد من المساعدات للأشد احتياجاً في غزة، ولن نقف مكتوفي الأيدي”.
وأبدى مسؤولون أميركيون اهتماماً بممر بحري محتمل لإيصال المساعدات إلى غزة، لكن من غير الواضح كيف ستدخل المساعدات من دون وجود عسكري أميركي لتسهيل ذلك، بما في ذلك إنشاء ميناء موقت.
وقلل رايدر، في ما يبدو، من شأن مثل هذا الاحتمال عندما سئل عما إذا كانت هناك حاجة لنشر قوات أميركية لتأمين ميناء أو أي موقع آخر لتوزيع المساعدات على الأرض.
فشل محاولة استئناف تسليم المساعدات
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن المحاولة التي قام بها لاستئناف تسليم المساعدات إلى شمال غزة الذي صار على شفا المجاعة “فشلت إلى حد كبير”، الثلاثاء.
وكان البرنامج قد أوقف تسليم المساعدات موقتاً في 20 فبراير (شباط) بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة وبعد تعرض قوافله لهجمات من حشود جائعة.
وقال البرنامج، ومقره روما، في بيان إنه أرسل قافلة مساعدات غذائية من 14 شاحنة إلى شمال غزة، لكن الجيش الإسرائيلي أعادها بعد انتظار دام ثلاث ساعات عند نقطة تفتيش وادي غزة.
وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه تم تغيير مسار الشاحنات ثم أوقفها لاحقاً حشد كبير استولى على نحو 200 طن.
وقال نائب المدير التنفيذي للبرنامج كارل سكاو “على رغم أن قافلة اليوم لم تصل إلى الشمال لتوفير الغذاء لمن يعانون الجوع، فإن برنامج الأغذية العالمي يواصل استكشاف كل السبل الممكنة للقيام بذلك”.
وأبلغ مسؤول كبير في مجال المساعدات بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، مجلس الأمن بأن ما لا يقل عن 576 ألفاً في قطاع غزة، أي نحو ربع سكانه، صاروا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
منظمة التعاون الإسلامي تطالب بوقف فوري للنار
دعا اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة السعودية، أمس الثلاثاء، إلى وقف فوري وغير مشروط للقصف الإسرائيلي المستمر على غزة، وفتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات إلى القطاع من دون عوائق.
وطالب البيان الختامي للاجتماع في دورته الاستثنائية بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية، وتوفير المياه والكهرباء وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات العاجلة إلى قطاع غزة دون عوائق وبشكل كاف. وأكد بيان منظمة التعاون الإسلامي رفضه القاطع وتصديه بكل السبل لأي محاولة للتهجير والطرد أو النقل القسري للشعب الفلسطيني عن أرضه.
ورفض المجلس أي مساس بدور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، مستنكراً الضغوط التي تتعرض لها في ظل الأوضاع المأساوية بغزة وشح الموارد والمساعدات، ومديناً تعليق بعض الدول دعمها المالي لها وطالبها بالتراجع الفوري عن موقفها، مؤكداً مواصلة دعم دور الوكالة إلى أن تنتهي محنة اللاجئين الفلسطينيين وفق حل عادل وشامل يضمن حق عودتهم إلى ديارهم.
وكرر دعوته دعم الجهود الرامية إلى توسيع الاعتراف بدولة فلسطين وانضمامها كعضو كامل العضوية إلى الأمم المتحدة، وذلك كخطوة أساسية نحو تحقيق حل الدولتين على حدود عام 1967.