قبل يومين من يوم المرأة العالمي، أفادت منظمة العفو الدولية، الأربعاء، بأن السلطات الإيرانية تشن حملة واسعة لإخضاع النساء لمراقبة واسعة النطاق، لفرض قانون الحجاب، في الأماكن العامة، وحتى داخل السيارات، وتفرض عليهن عقوبات تشمل مصادرة المركبات، في حال عدم الالتزام.
وهزّت إيران احتجاجات شعبية حاشدة، في سبتمبر (أيلول) 2022، بعد وفاة الشابة مهسا أميني، أثناء احتجازها لدى الشرطة بدعوى «سوء الحجاب». وتواصلت الاحتجاجات المناهضة للسلطة أشهراً طويلة، ثم تراجعت بعد حملة قمع تخلّلها مقتل المئات، واعتقال الآلاف، وفق منظمات غير حكومية.
كان في صلبها حراك النساء للمطالبة بالحريات، لكن قادة البلاد أصرّوا على المضي قدماً في سياسة معتمدة منذ ثورة 1979 التي وضعت حجر الأساس للحكم الثيوقراطي في البلاد.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقرير يستند إلى شهادة 41 امرأة داخل إيران، نُشر قبل اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس (آذار)، إن السلطات الإيرانية تُخضع النساء «لمراقبة واسعة النطاق» في الأماكن العامة، مشيرة إلى «عمليات تفتيش جماعية تقوم بها الشرطة» تستهدف السائقات.
وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي: «في محاولة شريرة لإرهاق مناهضي الحجاب الإلزامي في أعقاب انتفاضة (امرأة، حياة، حرية)، تُرهب السلطات الإيرانية النساء والفتيات من خلال إخضاعهن للمراقبة والسيطرة الشُّرطية المستمرة، ما يعطّل حياتهن اليومية ويسبّب لهن ضائقة نفسية هائلة».
وقالت إن ذلك يحدث عبر «أساليب قاسية؛ من إيقاف النساء السائقات على الطريق، وتنفيذ مصادرة جماعية لسياراتهن، إلى فرض أحكام بالجَلد اللاإنساني وأحكام بالسجن».
وأضافت منظمة العفو الدولية أن النساء يُمنَعن من ركوب وسائل النقل والمطارات والحصول على الخدمات المصرفية، ويُشترط عليهن وضع الحجاب.
ووفق تقرير المنظمة، فإن الصور التي تلتقطها كاميرات المراقبة أو التقارير الواردة من عناصر يرتدون ملابس مدنية يستخدمون تطبيق الشرطة «ناظر»، تتعرّف على لوحات تسجيل المركبات التي تقودها نساء، أو تُقلّ نساء يشتبه بخرقهن القواعد.
تُرهب السلطات الإيرانية النساء والفتيات من خلال إخضاعهن للمراقبة والسيطرة الشُّرطية المستمرة مما يعطل حياتهن اليومية ويسبب لهن ضائقة نفسية هائلة. وتمتد أساليبهم القاسية من إيقاف النساء السائقات على الطريق إلى فرض أحكام بالجلد اللاإنساني وأحكام بالسجن
العفو الدولية
وتتلقى النساء اللاتي خالفن القانون رسائل نصية تأمرهن بالتوجه إلى مركز للشرطة وتسليم السيارة. وقالت المنظمة إن مئات الآلاف من أوامر حجز المركبات صدرت على هذا الأساس.
وقد يُفرَج عن السيارات في بعض الحالات بعد 15 إلى 30 يوماً، بعد دفع مبلغ معيّن وصفته المنظمة بأنه «تعسفيّ»، وتوقيع تعهّد مكتوب بالالتزام بالحجاب. وتُحال النساء اللاتي يخالفن هذه القوانين إلى المحاكمة.
في يناير (كانون الثاني) 2024، وبناء على حكم قضائي، تلقّت الشابة رؤية حشمتي 74 جلدة؛ لظهورها حاسرة الرأس في مكان عام.
وأقرّ البرلمان، في سبتمبر (أيلول) 2023، «مشروع قانون دعم ثقافة العفة والحجاب»، الذي يشدّد العقوبات على من ينتهكونه. وينتظر النص الآن موافقة مجلس صيانة الدستور.
ووفق الطحاوي، فإن الاضطهاد المتزايد للنساء والفتيات يحدث قبل أسابيع فقط من الموعد المقرّر لتصويت مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، على تمديد عمل بعثة تقصّي حقائق مكلّفة بالتحقيق في الانتهاكات التي وقعت منذ وفاة مهسا أميني في الحجز، ولا سيما ضد النساء والأطفال.
وقالت: «يجب على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، معالجة أزمة الإفلات من العقاب على الاعتداءات على النساء والفتيات، من خلال ضمان استمرار آلية دولية مستقلة في جمع الأدلة ودمجها وتحليلها؛ بهدف اتخاذ إجراءات قانونية في المستقبل».