ينتظر العراقيون من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته المرتقبة للعراق والمقررة في نيسان (أبريل) المقبل، أن يضعَ على طاولة بغدادية أربعة ملفات شائكة، على أمل أن تجد طريقاً للحل، وتضع العلاقات العراقية ـ التركية على مسارها الصحيح.
وكانت الزيارات المتبادلة للمسؤولين العراقيين والأتراك قد ساهمت في تحريك المياه الراكدة بين البلدين، كما حددت خطوات تمهيدية للزيارة المرتقبة.
وطبقاً لمصدر حكومي، فإن أجندة الزيارة تتصدرها أربعة ملفات تخص حزب العمال الكردستاني، ومشروع “طريق التنمية”، وأزمة المياه، وأخيراً ملف تصدير النفط عبر أنبوب جيهان التركي، مشيراً إلى أن حكومة محمد شياع السوداني تحاول إعادة صياغة العلاقات التركية – العراقية بالطريقة التي تضمن مصالح كلا البلدين.
وقال المصدر الذي طلب حجب هويته لـ”النهار العربي”، إنّ وفدين حكوميين سيجتمعان قريباً في بغداد لمناقشة قصة إنشاء مركز العمليات المشتركة بين البلدين، ووضع خطط عسكرية تستهدف مكافحة حزب العمال الكردستاني المناهض للنظام التركي، والذي يتمركز في مناطق قنديل وسنجار ومخمور والسليمانية وغارا، في شمال العراق.
وأضاف المصدر أن الزيارة ستشهد محادثات مكثفة من أجل التوصل إلى اتفاق ينظم ملف المياه.
يشار إلى أنه في عام 2014، تم توقيع اتفاقية بين تركيا والعراق وسوريا تسمى “اتفاقية إطار لنهر الفرات”، لتعزيز التعاون في إدارة وتوزيع المياه بين الدول الثلاث وتقديم حلول للقضايا المتعلقة بالمياه، لكن المشكلة لا تزال قائمة، وتتطلب جهوداً مستمرة من الأطراف تضمن استدامة الموارد المائية في المنطقة.
ضبابية وعدم وضوح
وتلفت النائبة في البرلمان العراقي انتصار الجزائري إلى وجود “ضبابية وعدم وضوح” في الموقف التركي حيال أبرز ملفين بين البلدين، وهما الملف العسكري وملف النفط.
وتقول في تصريح لـ”النهار العربي” إنها تعوّل كثيراً على زيارة أردوغان في إيجاد حلول مناسبة لتلك الملفات، إلى جانب أزمة المياه.
وتضيف الجزائري أنّ “مجلس النواب يدعم، بقوة، اندفاع العراق الى حلحلة القضايا العالقة مع جميع دول الجوار، وإعادة ترتيب الأوراق والقضايا بما يخدم مصلحة العراقيين”، لافتة إلى أن السوداني سيجتمع مع أردوغان خاصة لحسم ملفات المياه والوجود العسكري التركي وتصدير النفط.
وتضيف العضو في لجنة النفط والطاقة النيابية بأن ملف الخام لا يزال شائكاً، ويحتاج لإيجاد تفاهمات مع حكومة إقليم كردستان قبل عقد أي اتفاق مع الجانب التركي على تصدير النفط عبر ميناء جيهان، مشددة على ضرورة حل أزمة المياه: “الكثير من أراضينا الزراعية في المناطق الجنوبية تحولت بفعل الجفاف إلى صحراء، ونزح سكانها نحو المدن، بحثاً عن مصدر رزق آخر”.
وترى الجزائري أن وجود أردوغان على الأراضي العراقية يعكس “حسن نية” في حل المسائل العالقة وعقد اتفاقات تخدم كلا الشعبين: “سنترقب ما تفرزه الزيارة من مخرجات، وعلى أثر ذلك سنحدد موقفنا من الجانب التركي في مجلس النواب”.
نائب: نجهل تفاصيل الزيارة
يقول النائب العراقي المستقل هادي السلامي إن غالبية النواب يجهلون تفاصيل زيارة الرئيس التركي للعراق، “لكننا نأمل أن تجد الحكومة العراقية حلاً لأزمات النفط والوجود العسكري التركي في شمال العراق وملف المياه”.
ويضيف السلامي أن البرلمان العراقي يدعم أي مساعٍ للاستقرار في المنطقة: “هدفنا إيجاد علاقات طيبة مع دول الجوار وتحقيق مصالح العراقيين”، مرجّحاً أن “تتوصل بغداد وأنقرة إلى اتفاق أمني على ضبط الحدود ومكافحة الأحزاب المناهضة للنظام التركي”، في إشارة الى حزب العمال الكردستاني.
وفي زيارته الأخيرة للعراق، طالب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الحكومة العراقية بتصنيف حزب العمال الكردستاني PKK رسمياً منظمة إرهابية، وهو ما وصفه مراقبون بمحاولة إجبار بغداد على اتخاذ موقف أكثر وضوحاً من هذه القضية.
أجواء غير مشجعة
في ظل ارتباك العلاقة بين بغداد وأربيل وهشاشة الوضع الأمني، يعتقد الكاتب في الشؤون السياسية العراقية غالب الشابندر أن هذه الأجواء لا تجعل أردوغان متحمساً لعقد أي صفقة مع الحكومة العراقية، مضيفاً أن الرئيس التركي “يبحث عن دور محوري وكبير في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن تفكيك الخلافات مع جاره العراقي سيكون مهماً من أجل تنفيذ استراتيجيته الجديدة، التي تنافسه عليها إيران”.
ويرى الشابندر أن “أي دولة تفكر في بناء إمبراطورية كبرى في المنطقة تحتاج لعلاقة قوية مع العراق الذي يحظى بموقع استراتيجي، ربما يخدم أجندات تلك الدول. وهذا ما بدأت تتفهمه دول الجوار وتدركه جيداً، لذلك تحاول تصفير الأزمات معه”.