طاولة كبيرة تمثل رمزيا المختطفين الإسرائيليين الذين اختطفتهم حماس في مناسبة حضرتها عائلاتهم في 27 أكتوبر 2023
طاولة كبيرة تمثل رمزيا المختطفين الإسرائيليين الذين اختطفتهم حماس في مناسبة حضرتها عائلاتهم في 27 أكتوبر 2023

وسط محادثات لإطلاق سراح المختطفين لدى “حماس”، تستمر وتيرة التصعيد للعملية الإسرائيلية على قطاع غزة ردا على هجوم 7 أكتوبر، في وقت يبدو فيه أن لعائلات الرهائن آراء متباينة تجاه القصف المكثف والحصار المطبق.

ويطالب عدد من أهالي الإسرائيليين الذين اختطفتهم حركة حماس في هجوم 7 أكتوبر، حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بإعادة أحبائهم مهما كان الثمن، وسط مخاوف من تهديد هجوم إسرائيل البري على قطاع غزة، لجهود وساطة قد تفرج عن هؤلاء، وفق تقرير لصحيفة تايمز البريطانية.

وتم إطلاق سراح أربعة مختطفين إسرائيليين حتى الآن، ومن الممكن إطلاق سراح المزيد، إذا نجحت المحادثات التي تتوسط فيها قطر، لكن الحملة العسكرية الإسرائيلية، والتي يمكن أن تتوسع إلى هجوم بري كامل، تهدد تلك الجهود، حسبما تشير الصحيفة.

أعيدوهم

ولدفع الحكومة الإسرائيلية نحو تلبية مطالبهم، تتجمع عائلات المختطفين من خلال احتجاجات خارج مقر الجيش في تل أبيب وفي شوارع إسرائيل تحت شعار “أعيدوهم”.

وقفة لعائلات مختطفين إسرائيليين اختطفتهم حماس

وفي 7 أكتوبر، شنت حماس المصنفة إرهابية هجوما هو الأعنف داخل الأراضي الإسرائيلية قتل فيه 1400 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.

والجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أن عدد الأشخاص الذين تأكد اختطفاهم خلال هجوم حماس ارتفع إلى 229، معظمهم من المدنيين، وبينهم العديد من الأجانب.

الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة جديدة للمختطفين في قطاع غزة
أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة ، أن عدد الأشخاص الذين تأكد احتجازهم كرهائن في قطاع غزة منذ الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حماس في 7 أكتوبر قد ارتفع إلى 229 معظمهم من المدنيين، وبينهم العديد من الأجانب.

والخميس، أعلن الجناح العسكري لحركة حماس، أن تقديراته تفيد بأن قرابة 50 مختطفا إسرائيليا قُتلوا في الغارات التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ بداية الحرب، ولا يستطيع موقع “الحرة” التحقق من صحة تلك الأرقام.

ووقتها رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق لقناة “الحرة” على ما قالته حركة حماس.

ادفعوا مهما كان الثمن

عائلات المختطفين الإسرائيليين يحضرون احتجاجا للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم في 26 أكتوبر 2023

وبينما كان مقاتلو حماس يقتحمون كيبوتس نير عوز، أخفى حاييم بيري، زوجته خلف أريكة وسلم نفسه للمقاتلين الملثمين.

ولأكثر من أسبوعين، لم يكن لدى عائلة الرجل البالغ من العمر 79 عاما أي فكرة عما إذا كان حيا أم ميتا، قبل أن تشير جارتهم التي أفرجت عنها حماس مؤخرا إلى أنها شاهدت بيري، في أعماق شبكة أنفاق الحركة.

وقال ابنه ليئور بيري: “أخيرا، حصلنا على علامة مطمئنة تريحنا، لكن المخاطر الآن أعلى، لدينا الكثير لنخسره، وغضبنا تجاه حكومتنا أصبح أكبر”.

وأضاف:” أنا أقول لحكومتي لا يهمني ما هو الثمن.. أدفعوا”، وفق “فايننشال تايمز”.

ومن جانبها، تتحدث ميراف ليشيم جونين عن ابنتها رومي ليشيم البالغة من العمر 23 عاما والتي اختطفتها حماس، خلال هجوم الحركة على مهرجان نوفا الموسيقي.

وتقول:” قلوبنا في غزة الآن، ونريد إعادتهم، والطريقة الوحيدة التي سنتمكن من تحقيق ذلك هي إذا بقينا كما نحن الآن.. متحدون معا”.

وكان أور ليفي (33 عاما) وزوجته إيناف (32 عاما) يشاركان في نفس المهرجان بالقرب من حدود غزة.

وفي صباح يوم الهجوم، تركوا ابنهم ألموج البالغ من العمر عامين مع والدي إيناف، قبل أن تهاجم حماس المهرجان.

وخلال الهجوم قُتلت إيناف، وقضى مايكل أيامًا في البحث في مقاطع الفيديو الدموية للمذبحة بحثا عن أي علامة على وجود أخيه.

وبعد مرور أكثر من أسبوع بقليل، أخبرهم الجيش الإسرائيلي أن أور تم اختطافه، حسبما يقول مايكل لـ”فايننشال تايمز”.

وقال مايكل: “نريد عودة أحبائنا”، ووجه ورسالته لرئيس الوزراء الإسرائيلي: “افعل كل ما عليك القيام به”.

“لا تدمروا غزة”

في المقابل، أصدرت العديد من عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين اختطفتهم حركة حماس الفلسطينية، بعد هجومها المباغت وغير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية، نداءات لوقف “تدمير غزة” والعمل من أجل “سلام دائم”، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية.

وكانت إسرائيل قد شنت حملة قصف عنيفة على قطاع غزة، وفرضت “حصارًا كاملاً” بعد أن نفذ مسلحو حماس، المصنفة إرهابية، وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس مقتل 7326، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.

وقال ماغن إينون، الذي تحدث إلى صحيفة “إندبندنت” من لندن، إن “عائلته أصيبت بصدمة كبيرة بسبب مقتل والديه بيلها، 75 عاماً، وياكوف، 78 عاماً، خلال هجمات 7 أكتوبر”.

وأكد كل من ماغن وشقيقه معوز، “رفضهما المطلق لتصعيد الحرب في غزة”.

وقال ماغن: “على المدى القريب، ندعو إلى وقف التصعيد.. لقد دمرتنا خسارة والدي ووالدتي، لكننا نواصل إرثهما الذي نرى فيه ما هو أبعد من الكراهية”.

وأضاف الأب لثلاثة أطفال: “لسنا متأكدين من الطريق، لكننا واثقون من أن الهدف هو تحقيق سلام طويل الأمد”، متابعا: “أتحدث إليكم وأنا أحمل طفلي البالغ من العمر 10 أشهر، وأعلم أن إرث والدي كان أنه لا يريد لحفيده أن يكبر على كراهية أي شخص”.

وفي مقابلة عاطفية مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، توسل شقيقه معوذ، الناشط الحقوقي، من أجل “التهدئة وإحلال السلام” في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وقال الأسبوع الماضي وهو يذرف دموعه بغزارة: “أنا لا أبكي حاليا على خسارة أمي وأبي. إنني أبكي على أولئك الذين سيفقدون حياتهم في هذه الحرب. يجب أن نوقف التصعيد، فالحرب ليست هي الحل”.

ورددت أحاديث ماغن ومعوز صدى كلمات آخرين تمزقت حياتهم أيضًا بسبب الهجوم الذي شنته حماس، لكنهم يشعرون بـ”القلق إزاء تصاعد سفك الدماء في غزة، والخطاب المتشدد لبعض قيادات حكومتهم”، قبل الهجوم البري المتوقع.

وتعهد الجيش الإسرائيلي بـ”رد غير مسبوق” على هجوم حماس. وباعترافه، شن أعنف قصف على الإطلاق للجيب المحاصر الذي يبلغ طوله 42 كيلومترا.

وأخبر المسؤولون الحكوميون والعسكريون وسائل الإعلام مرارا، أنهم “سيفعلون كل ما يلزم للقضاء على حركة حماس”، المصنفة إرهابية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

كما فرض الجيش الإسرائيلي “حصارًا كاملاً” على القطاع، وقطع المياه والغذاء والطاقة والوقود، وهو الإجراء الذي تقول جماعات حقوق الإنسان إنه “قد يصل إلى حد العقاب الجماعي وانتهاك القانون الدولي”.

وأمر الجيش الإسرائيلي المدنيين، بما في ذلك المسعفون والجرحى في المستشفيات، في شمالي القطاع بالتوجه جنوبا، وهو إجراء قالت منظمة الصحة العالمية إنه “يكاد يكون مستحيلا”. كما أن الغارات لا تزال مستمرة على جنوبي القطاع.

كما أن إمدادات الغذاء والمياه والوقود، والإمدادات الطبية، تنفد، مما يؤثر بشكل مدمر على المدنيين، بما في ذلك مليون طفل على الأقل، وفقًا للأمم المتحدة.

وقد أثارت الأوضاع الإنسانية المتفاقمة داخل القطاع، قلق بعض العائلات في إسرائيل، إذ قالت نيتا هيمان، التي اختطفت والدتها، ديتزا هيمان، البالغة من العمر 84 عامًا، من منزلها في كيبوتس (مزرعة تعاونية) نير عوز، إن رسالتها هي: “لا تدمروا غزة”.

وكانت ديتزا، قد ظهرت في شريط فيديو وصف بـ”المرعب”، وهي موجودة داخل شاحنة سيارة تابعة لحركة حماس، خلال عملية اختطافها.

وقالت ابنتها نيتا، وهي عضو في مجموعة السلام الإسرائيلية “النساء يصنعن السلام”، إنها تشعر “بقلق بالغ بشأن صحة والدتها، لأنها طاعنة في السن وتعاني أمراضا مزمنة”.

وتابعت الابنة الحزينة: “رسالتي أولاً، لا تدمروا غزة لأن والدتي هناك، فهي أيضاً يمكن أن تُقتل بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، كما أنني أعتقد أن تدمير غزة لن يكون مفيدًا”.

وأضافت: “رغم أنني لا أشعر أن المسلحين الذين خطفوا والدتي تصرفوا مثل البشر، فإنه في غزة يوجد الكثير من الناس الذين يريدون العيش في سلام وهدوء مثلنا، دون أن يكونوا قادرين على قول ذلك”.

وختمت بالقول: “أنا حزينة وغاضبة، لكني في الوقت نفسه قلقة (على حياة الناس)”.

“إنهم يعانون مثلنا”

وإحدى أكثر اللحظات المؤلمة في هجوم حماس كانت مقطع فيديو بالهاتف المحمول يصور اللحظة التي تم فيها أخذ، نوا أرغاماني،  البالغة من العمر 26 عامًا، وهي تصرخ، على دراجة نارية إلى داخل غزة، وذلك بعدما كانت متواجدة في مهرجان موسيقي داهمه مسلحو حماس قبل أن يختطفوا ويقتلوا العديد من الأشخاص.

وعلى الرغم من ذلك، دعا والدها يعقوب مرارا إلى “ضبط النفس والسلام”.

وقال يعقوب أرغاماني في مقابلة مع صحيفة “هآرتس”: “دعونا نكن صادقين، ففي غزة أيضاً، ثمة عائلات تبكي على أطفالها الذين قضوا”. وأردف: “لديهم وفيات أيضا.. إنهم يعانون من الألم، مثلنا تمامًا”.

وفي نفس السياق، اختفت ناشطة السلام الإسرائيلية الكندية البارزة، فيفيان سيلفر (74 عامًا) من منزلها، عقب الهجوم على منزلها في كيبوتس بئيري في 7 أكتوبر.

وكانت فيفيان عضوًا مؤسسًا في مجلس إدارة مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية المرموقة “بتسيلم”، ومؤسسًا مشاركًا في منظمة “النساء يصنعن السلام”.

وليس لدى ابنها، جوناتون زيغن،  أي فكرة عما إذا كانت والدته لا تزال على قيد الحياة، بيد أنه رفض في تصريحات تلفزيونية “رؤية المزيد من الأطفال القتلى”.

وأردف: “نحن بحاجة إلى السلام، وهو الأمر الذي أفنت والدتي حياتها من أجله”.

ودانت منظمة “النساء يصنعن السلام” ما  وصفته بـ”العمل الإجرامي الذي لا يغتفر الذي ارتكبته حماس”، موضحة في بيان أنه “لا يجب أن نسمع سردية الانتقام، وعبارات من قبيل (يجب محو غزة)”.