تشهد بلدات وقرى محاذية لنهر الفرات شرق محافظة دير الزور استنفاراً أمنياً لليوم الثالث على التوالي، عقب قصف متبادل بين “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) وقوات الجيش السوري خلّف جرحى مدنيين. وجاء تبادل القصف بين الطرفين في أعقاب هجوم شنّه مقاتلو جيش العشائر المناوئ لـ”قسد” والذي تتهمه الأخيرة بتلقي الدعم من النظام السوري.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل الشاب حسان عماش العليوي العابد، وهو من أبناء الميادين، وإصابة جمعة أحمد الحسن بجراح، إثر إطلاق مدفعية “قسد” قذائف عدة على مدينة الميادين، حيث يسيطر النظام السوري.
وأضافت أن “قسد” ارتكبت “بشكل لا يقبل التَّشكيك” خرقاً لقراري مجلس الأمن “2139” و”2254″ القاضيين بوقف الهجمات العشوائية.
ونشر موقع “فرات بوست” المتخصص بتغطية أخبار المناطق الشرقية من سوريا، تسجيلاً مصوراً قال إنه عن لحظة سقوط قذائف “هاون” مصدرها “قسد” على مدينة الميادين، أسفرت عن مقتل شخص، وإصابة ثلاثة آخرين.
واندلعت الاشتباكات التي تخللها قصف متبادل بين “قسد” وقوات الدفاع الوطني صباح الأربعاء، وتركزت في محيط جسر الميادين شرق دير الزور. واستُخدمت في الاشتباكات الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون، وقصفت قوات النظام مواقع تابعة لـ”قسد” قرب منطقة الحوايج على ضفاف الفرات، وفق شبكة “عين الفرات” المحلية المعارضة.
وأضافت المصادر أن “قسد” ردّت باستهداف أطراف الميادين بعدد من قذائف الهاون، ما أسفر عن وفاة الشاب حسان العابد متأثراً بإصابة تعرض لها.
إثر ذلك شددت “قسد” من إجراءاتها الأمنية على حواجزها المنتشرة في المنطقة، بما في ذلك التدقيق الأمني في مناطق سيطرتها شرق دير الزور، كما نشرت حواجز طيارة في مناطق متفرقة.
كما فرضت “قسد” إجراءات مشددة وسط تدقيق على المارة في مدينة البصيرة شرق دير الزور. وكشفت مصادر محلية أن “قسد” وضعت حاجزاً موقتاً عند دوار الساعة في المدينة، وعمدت إلى تفتيش السيارات والمارة.
وأضافت المصادر أن عناصر الحاجز اعتقلوا شابين بتهمة حيازة أسلحة داخل سيارتهما، وحجزوا السيارة واقتادوهما إلى قيادة البصيرة.
وقال مصدر عسكري في قوى “الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” (مظلة قسد السياسية)، إن التشديد الأمني جاء على خلفية قصف النظام للمنطقة.
وأضاف المصدر الذي تحفظ عن ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، أن “الدفاع الوطني”، وهي قوات غير نظامية موالية للنظام، قصفت مواقع تتمركز فيها “قسد” داخل بلدتي حوايج وذيبان، ما أسفر عن إصابات بين العناصر المتمركزين في هذه النقاط، وذلك وفق ما نقلت شبكة “عنب بلدي”.
وتأتي الاستهدافات المتبادلة بين الجانبين في ظل حالة من التوتر تعيشها المنطقة على وقع قصف متكرر للقواعد الأميركية شرق نهر الفرات، تتبناه مجموعات موالية لإيران في معظم الأحيان.
وتضاف إلى ذلك عمليات استهداف تنفذها مجموعات صغيرة تنسب نفسها إلى ما يعرف بـ”الانتفاضة القبلية” التي شهدتها المنطقة بين آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) الماضيين، وتتهم “قسد” المسؤولين عنها بالتبعية للنظام السوري وإيران.
وقد تكررت الاستهدافات بين الجانبين على ضفتي نهر الفرات منذ نهاية العام الماضي، في الوقت الذي تتهم فيه “قسد” النظام بدعم مجموعات قبلية تشن هجمات ضد قواتها على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وفي 29 من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قالت “قسد” إن مجموعات من النظام السوري والأجهزة الأمنية التابعة له شنت هجوماً بالمدفعية الثقيلة والهاون وأسلحة “الدوشكا” على قرى وبلدات أبو حردوب وذيبان وأبو حمام، مخلفة قتلى بينهم مدنيون.
وردت “قسد” على الهجوم نفسه بقصف صاروخي طال مدينة الميادين التي تسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران، وتعتبر مركزاً رئيساً لها منذ سنوات، مخلّفة قتلى وجرحى.
وقالت “قسد” إن الهجوم أسفر عن مقتل 19 عنصراً من القوات المهاجمة، منهم ستة في بلدة ذيبان، و13 في بلدة أبو حردوب شرق دير الزور.
وبحسب “قسد” فإن الهجوم أسفر عن مقتل أربعة مدنيين في مناطق سيطرتها شرق النهر، إلى جانب ثلاثة من مقاتليها في المنطقة.
وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية حينها، إن مدنياً قتل وأصيب نحو 40 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، جراء قصف صاروخي “انتقامي” نفذته “قسد” على مدينة الميادين، رداً على نجاح أبناء العشائر العربية في ”تحرير” إحدى البلدات المتاخمة لقاعدة أميركية في ريف دير الزور الشرقي.