معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى:
تحليل موجز
بدأت “حركة أبناء الجزيرة والفرات” تدّعي، من خلال بيانات شفافة للغاية، أنها تشن هجمات صاروخية على القواعد الأمريكية في سوريا.
في إطار الحملات الحركية لـ”محور المقاومة” التي تقودها إيران ضد الأصول الأمريكية في سوريا والعراق، تم استخدام جماعة على الإنترنت تدّعي أنها تمثل ميليشيا قبلية سورية لتبنّي هجمات صاروخية على القواعد الأمريكية في شرق سوريا.
في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ”المقاومة” العراقية خبراً عن هجوم صاروخي على القوات الأمريكية في قاعدة “كونوكو” الواقعة في ريف منطقة دير الزور الشمالية. وبخلاف جميع الهجمات على الأصول الأمريكية في العراق وسوريا منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023، باستثناء هجوم واحد، لم تعلن “المقاومة الإسلامية في العراق” مسؤوليتها عن هذا الهجوم. وبدلاً من ذلك، أشارت بعض قنوات المقاومة العراقية على تطبيق “تيليغرام” إلى أن ميليشيا سورية تدعى “حركة أبناء الجزيرة والفرات” قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
إن “حركة أبناء الجزيرة والفرات” هي ميليشيا مكوّنة من بعض القوى القبلية في شرق سوريا وترتبط بالنظام السوري وتعمل مع الميليشيات المدعومة من إيران في شرق سوريا. وتشكل “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة عدوها اللدود، مما يجعل من المنطقي أن تنظر الحركة أيضاً إلى القواعد والأفراد الأمريكيين كأهداف مشروعة.
ولم تصدر “حركة أبناء الجزيرة والفرات” بحد ذاتها أي بيان تعلن فيه مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي الذي وقع في 26 تشرين الأول/أكتوبر على قاعدة “كونوكو”، ولكنها لم تنفِ أيضاً نَسبْ الهجوم لطرف ثالث عبر الإنترنت. وبدلاً من ذلك، وقبل ساعات قليلة من الهجوم المزعوم في 26 أكتوبر/تشرين الأول، نشرت الحركة رسالة على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث فيها عن خطوة تصعيدية. وكُتب على المنشور:
“هااام جدا!
أكدت مصادر خاصة لـ “حركة أبناء الجزيرة والفرات” أن قائد قوات العشائر الشيخ #إبراهيم الهفل “أجتمع مع شيوخ ووجهاء عشائر الجزيرة , وبحث الاجتماع تجهيز مجموعات القتال والقادة العسكريين وتحديد وقت الهجوم بالتنسيق مع قادت الميدان, وأجمع الحضور من شيوخ ووجهاء على منح الثقة للشيخ #إبراهيم الهفل, وتحفظت المصادر عن ذكر تفاصيل أكثر بهذا الاجتماع”.
ولم تحدد الرسالة هدف الهجمات التي تمت مناقشتها في الاجتماع، لكن بعد ساعات قليلة نشر حساب “حركة أبناء الجزيرة والفرات” على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة تلمّح بشدة إلى مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على قاعدة “كونوكو”. وجاء في الرسالة القصيرة “رجم الشيطان. #حقل_كونيكو [للغاز]. دعم للطوفان [«عملية الأقصى»]”. وتضمنت الرسالة رمزاً تعبيرياً لصاروخ، مما يشير إلى أن المنشور يتناول هجوماً صاروخياً.
وفي اليوم التالي، 27 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ”المقاومة” العراقية عن هجوم مماثل استهدف هذه المرة القوات الأمريكية المتمركزة بالقرب من حقل “العمر” النفطي، الواقع في دير الزور أيضاً (الشكل 5). وعلى غرار هجوم “كونوكو” في 26 تشرين الأول/أكتوبر، لم تعلن “المقاومة الإسلامية في العراق” مسؤوليتها عن الهجوم المزعوم على حقل “العمر” النفطي، وعلى نحو مماثل، لمّحت مجدداً “حركة أبناء الجزيرة والفرات” بشدة إلى مسؤوليتها عنه في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء في المنشور: “صباح ناري يشفي الصدور. حقل “العمر [النفطي]”. تسلم الأيادي [التي كانت وراء الهجوم].” وتضمنت هذه الرسالة أيضاً رمزاً تعبيرياً لصاروخ.
وحتى الآن، أعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق” وحدها المسؤولية عن سلسلة الهجمات التي بدأت في العراق وسوريا منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023، باستثناء الهجوم الأول (الذي تبناه “تشكيل الوارثين” في البداية قبل أن يتراجع عن ادعائه هذا وتصبح “المقاومة الإسلامية في العراق” المسؤولة الوحيدة عنه) وهجوم 19 تشرين الأول/أكتوبر على مطار بغداد (الذي لم يتم إعلان المسؤولية عنه بعد). وجاءت الهجمات الأولى التي أعلنت “حركة أبناء الجزيرة والفرات” مسؤوليتها عنها قبل الغارات الجوية الأمريكية التي تم شنها في ليل 26-27 تشرين الأول/أكتوبر، وجاءت الثانية بعدها. وأعلنت هذه المجموعة الشاملة مسؤوليتها عن هجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة “عين الأسد” الجوية في العراق في 27 تشرين الأول/أكتوبر، في تأكيد على الطريقة التي لا تزال تنشط من خلالها “المقاومة الإسلامية في العراق”.
وربما يشكل ربط الهجمات في دير الزور بقوة قبلية محلية محاولة لتوجيه رسالة مفادها أن حلفاء إيران السوريين أصبحوا الآن جزءاً من الحملة ضد القواعد الأمريكية. وربما كان هذا هو الحال حتى قبل أن تبدأ “حركة أبناء الجزيرة والفرات” بتبني الهجمات باسمها، حيث وفرت القبائل السنّية المحلية بعض العناصر للمساعدة في الهجمات المحلية في دير الزور، ولكن الآن تعمد آلة “المقاومة” الدعائية إلى تقوية هؤلاء الشركاء علناً. وقد يكون ذلك بمثابة تحذير للولايات المتحدة من احتمال حشد الوكلاء القبليين بشكل أكبر لزعزعة استقرار مناطق عمليات الولايات المتحدة و”قوات سوريا الديمقراطية”.
الدكتور حمدي مالك هو زميل مشارك في “معهد واشنطن” ومتخصص في الميليشيات الشيعية. وهو المؤسس المشارك لمنصة “الأضواء الكاشفة للميليشيات”، التي تقدم تحليلاً متعمقاً للتطورات المتعلقة بالميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا. وقد شارك في تأليف دراسة المعهد لعام 2020 “التكريم من دون الاحتواء: مستقبل «الحشد الشعبي» في العراق”. ويتكلم العربية والفارسية.
مايكل نايتس هو زميل في برنامج الزمالة “ليفر” في معهد واشنطن ومقره في بوسطن، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج.
أعجبني
تعليق
مشاركة