قصف عنيف تتعرض له غزة (أ ف ب)
وظهرت انقسامات بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب بشأن الهجوم العسكري الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة حيث قاومت واشنطن إلى جانب إسرائيل الضغوط من أجل وقف فوري لإطلاق النار على الرغم من ارتفاع أعداد القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وفي انقسام علني، حض وزراء خارجية عرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي على إقناع إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق النار. لكن بلينكن رفض الفكرة قائلا إن “هذا لن يؤدي إلا إلى السماح لحركة حماس الفلسطينية بإعادة تجميع صفوفهم وتكرار الهجوم على إسرائيل على غرار ما حدث في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي”.
ومن المقرر أن يواصل بلينكن اليوم جولته الراهنة في الشرق الأوسط وهي الثانية له للمنطقة منذ تفجر الصراع في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عندما اقتحم مسلحو حركة حماس التي تدير قطاع غزة بلدات إسرائيلية وقتلوا 1400 شخص وأخذوا أكثر من 240 آخرين رهائن.
وتواصل إسرائيل منذ ذلك الحين قصف قطاع غزة من الجو وفرضت حصارا على القطاع وشنت هجوما بريا مما أثار قلقا عالميا بشأن الأوضاع الإنسانية في القطاع. وقال مسؤولو الصحة في غزة أمس السبت إن أكثر من 9488 فلسطينيا لقوا حتفهم منذ بداية القصف.
وأدى تزايد أعداد القتلى المدنيين إلى تكثيف الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار لكن واشنطن شأنها شأن إسرائيل رفضت هذه الدعوات حتى الآن على الرغم من أنها سعت إلى إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقبول هدنات إنسانية. ورفض نتنياهو هذه الفكرة بعد اجتماعه مع بلينكن يوم الجمعة.
وردا على سؤال من الصحافيين عما إذا كان هناك أي تقدم محرز بشأن هدنة إنسانية في قطاع غزة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن “نعم”، من دون أن يفصح عن تفاصيل.
ولم يتضح إلى متى يمكن لإدارة بايدن مقاومة مثل هذه الدعوات، فقد نظم متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين احتجاجات أمس السبت في عدد من المدن في أنحاء العالم منها لندن وبرلين وباريس وإسطنبول وواشنطن للمطالبة بوقف إطلاق النار.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مؤتمر صحافي مشترك مع بلينكن إن “هذه الحرب ستجلب المزيد من الألم للفلسطينيين والإسرائيليين وهذا سيدفعنا جميعا مرة أخرى إلى هاوية الكراهية والتجريد من الإنسانية لذا يجب أن تتوقف”.
وقال شهود فلسطينيون إن إسرائيل استهدفت صباح أمس مدرسة الفاخورة في جباليا حيث يقيم آلاف النازحين.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن نتائج التحقيق الأولي تشير إلى أن قواته لم تكن تستهدف المدرسة “لكن الانفجار ربما كان نتيجة نيران أطلقها الجيش صوب هدف آخر”. وأضاف أن الواقعة “قيد المراجعة”.
ورأى وزراء الخارجية العرب أن التركيز يجب أن يظل على وقف الحرب وأنه من غير الممكن معرفة كيف سيبدو القطاع بمجرد توقف القتال.
وأشار وزير الخارجية المصري سامح شكري في نفس المؤتمر الصحافي الى أنه “من السابق لأوانه الحديث الآن عن مستقبل غزة”. وأضاف أنه يجب التركيز الآن على المساعدات الإنسانية لغزة ووقف العمليات القتالية.
تطويق مدينة غزة
وقال المبعوث الأميركي الخاص ديفيد ساترفيلد في أثناء وجوده في عمان أمس السبت إن ما بين 800 ألف ومليون شخص اتجهوا بالفعل إلى جنوب قطاع غزة، بينما يظل ما بين 350 و400 ألف في مدينة غزة وضواحيها بشمال القطاع.
وأمرت إسرائيل الشهر الماضي جميع المدنيين بمغادرة الجزء الشمالي من قطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة، والتوجه إلى جنوب القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السماح للفلسطينيين باستخدام الطريق الرئيسي بقطاع غزة، طريق صلاح الدين، لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر أمس السبت. وكتب الجيش في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العربية “إذا كنتم تهتمون بأنفسكم وبأحبائكم، فاتجهوا جنوبا وفقا لتعليماتنا”.
وذكر عدد من السكان لوكالة “رويترز” أنهم خائفون للغاية من المرور عبر هذا الطريق. ونشر كثيرون تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي من أن الدبابات الإسرائيلية متمركزة على الطريق.
وذكر مسؤولون إسرائيليون لمراسل شبكة (سي.إن.إن) المرافق للقوات الإسرائيلية التي توغلت حوالي كيلومتر واحد داخل قطاع غزة إنهم يطوقون مدينة غزة في الجزء الشمالي من القطاع المكتظ بالسكان ويعزلونه عن الجزء الجنوبي.
وأفادت (سي.إن.إن) بأن القتال كان “عنيفا” بالقرب من موقع إسرائيلي على مشارف مدينة غزة وقالت إن الجنود الإسرائيليين يخوضون قتالا مع مقاتلي حماس على بعد مئات الأمتار إلى الشمال والجنوب. وأمكن سماع دوي إطلاق نار كثيف في خلفية اللقطات التي تم تصويرها عند الموقع.
وقال جندي إسرائيلي للشبكة الإخبارية الأميركية “الجيش الإسرائيلي سيكون هنا مهما استغرق الأمر، أسابيع أو أشهر أو سنوات، إلى أن يتأكد من أن إسرائيل باتت آمنة… إذا تطلب الأمر الدخول من منزل إلى منزل في غزة فهذا بالضبط ما سيحدث”.
وتابعت شبكة (سي.إن.إن) أن القوات الإسرائيلية تواجه كمائن من أنفاق تحت الأرض مضيفة أن 29 جنديا قتلوا منذ أن بدأت إسرائيل هجومها البري.
ونقلت الشبكة عن جنود إسرائيليين قولهم إنهم يحاولون تأمين ممر إنساني لمساعدة المدنيين على الفرار من القتال.