وسط تنامي الآمال بقوة، في اليومين الأخيرين، حيال احتمال التوصل إلى تسوية أو هدنة تُوقف حرب غزة، وتنعكس تلقائياً على الجبهة المحتدمة في جنوب لبنان، عاد إلى كواليس التعامل الديبلوماسي والأمني والعسكري مع واقع الجنوب المخاوف والتحذيرات من أن شيئاً لم يتبدّل عملياً وواقعياً بعدُ للتخلي عن تلك المخاوف المتّصلة باحتمال اندلاع حرب كبيرة في لبنان.
ووفق أوساط معروفة بصلاتها الديبلوماسية الموثوقة، فإن لبنان الرسمي الغائب تماماً عن خريطة وواقع الحضور في المجريات الديبلوماسية، والذي تفرّج ويتفرّج على مركز القرار في لبنان المتمثل بـ”حزب الله” وحده، وتداعيات تفرّده وانفراده بقرار الحرب والسلم، علم بالصدفة بخبر استقبال السيد حسن نصرالله الجمعة الماضي وفداً من حركة “حماس”، أبلغه بما يجب إبلاغه لكي تكون أذرع إيران منسجمة في مسار التسوية كما في مسار الحرب.
ولكن مشكلة تغييب الدولة والحكومة في لبنان عن أشدّ الاستحقاقات خطورة لا تقف عند هذا المشهد المخزي فقط لدولة في “كوما” (غيبوبة)، وفق ما تقول هذه الأوساط، بل تبيّن أن الدول البارزة المنخرطة بقوة في جهود منع انفجار حرب واسعة في لبنان بفعل رغبة جارفة لدى الحكومة والجيش في إسرائيل لتوجيه ضربة قاسية إلى “حزب الله” بمعزل حتى عن مجريات المفاوضات في غزة، تزمع تجديد توجيه التحذيرات إلى لبنان الرسمي من مغبة النوم على حرير التضخيم، الذي اعتمدته الدعاية “الممانعة” في الأيام الأخيرة، فيما برزت المعطيات الجديّة لاحقاً لتعكس الصعوبات والتعقيدات المتّصلة بتسوية غزّة؛ وتالياً فإن واقع الخطورة الكائن على جبهة الجنوب اللبناني لم يتبدّل أبداً، وليس هناك ما ينعش آمالاً متسرّعة بعد في أن يكون لبنان نجا نهائياً من قطوع احتمالات الحرب. ونصحت هذه المصادر “الدولة اللبنانية إن وُجدت” بأن تسارع إلى رفع صوتها بقوة عند استحقاق التجديد للقوات الدولية “اليونيفيل” برفض لبنان رفضاً قاطعاً لتوظيفه كساحة مستباحة، والتشدّد بلا هوادة بالتمسّك بتنفيذ القرار 1701 واتخاذ موقف مستقل تماماً عن كلّ النبرة الخشبية التي تطبع رموز السلطة حالياً، علماً بأن السباق مع الوقت سيبقى مسيطراً على مجمل الوضع اللبناني المحفوف بغموض لن يتبدّد قريباً.