دمار في غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس في 10 نوفمبر 2023
دمار في غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس في 10 نوفمبر 2023

رغم تقدم الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، فإن الاستراتيجية الإسرائيلية طويلة المدى فيما يتعلق بالقطاع تظل “محاطة بالغموض”، بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، والفلسطينيين، وكذلك حلفاء إسرائيل، وفق تقرير لصحيفة تايمز

وعندما أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قوات من الجيش إلى القطاع الشهر الماضي، تعهد بأن إسرائيل سوف “تقضي” على حماس.

وفي الأيام القليلة الماضية طوقت القوات الإسرائيلية مدينة غزة بالكامل، ويقول الجيش الإسرائيلي منذ أيام إن قواته تقاتل حماس في قلب المدينة، وفق وكالة “رويترز”.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة معدلة نشرتها السلطات الإسرائيلية، السبت، وتم اختطاف 239 شخصا.

وردا على الهجوم الأكثر دموية داخل إسرائيل منذ تأسيسها في عام 1948، شنت القوات الإسرائيل الهجوم الأكثر تدميرا على غزة منذ انسحابها من القطاع في عام 2005.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11078 قتيلا، بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا وإصابة 27490 شخصا بجروح، إضافة إلى 2700 مفقود تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الجمعة.

متى وكيف ستنتهي الحرب؟

بينما تتوغل القوات الإسرائيلية بشكل أعمق في القطاع المحاصر، يبقى هناك “عدم وضوح بشأن مستقبل غزة بعد الحرب”، فلا أحد يعرف متى أو كيف ستنتهي الحرب، حسبما تؤكد “فايننشال تايمز”.

وتشير الصحيفة إلى أنه “ليس من الواضح أيضا ما يعنيه عمليا تدمير منظمة لها أذرع سياسية وعسكرية على حد سواء، والتي كانت على مدى السنوات الـ 16 الماضية جزءا لا يتجزأ من البيروقراطية وتوفير الخدمات العامة في غزة”.

وتزداد الصورة غموضا بسبب حقيقة مفادها أن القيادات الأميركية والإسرائيلية والفلسطينية، من الممكن أن تتغير خلال ما يرجح أن تكون “حملة مطولة”.

ولا أحد يعرف ما الذي سيتبقى من غزة، التي يسكنها 2.3 مليون شخص والتي دمرت بالفعل بسبب القصف والحصار المستمر منذ شهر، عندما ينتهي القتال أخيرا.

ويرى مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إميل حكيم، أن ما تفعله إسرائيل الآن هو الذي سيحدد ما يمكنك القيام به بعد ذلك.

وبينما يلتزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت بشأن خططهم طويلة المدى، يتساءل بعض المسؤولين الغربيين عما إذا كانت هذه الخطط موجودة بالفعل.

ويقول مسؤول غربي لم تذكر “فايننشال تايمز” اسمه، “الإسرائيليون، لم يفكروا في الأمر حقا، هذا يجعل من الصعب جدا على أي شخص آخر التخطيط”.

مستقبل غزة بعد الحرب

مع تصاعد الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار، أعطى نتنياهو هذا الأسبوع أوضح إشارة حتى الآن حول تفكير حكومته بشأن فترة ما بعد الحرب مباشرة.

وقال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز ” إن إسرائيل “لديها خطة واضحة لما تعمل على تحقيقه من خلال الحرب ضد حماس، مستبعدا “احتلال غزة أو حكمها” أو وقف إطلاق النار في الوقت الحالي”.

وقال نتانياهو: “أعتقد أنه من الواضح كيف يجب أن يبدو مستقبل غزة. ستختفي حماس” مضيفا “علينا أن ندمر حماس، ليس فقط من أجلنا، ولكن من أجل الجميع. من أجل الحضارة، من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.

وأوضح نتانياهو إن “عليهم أن يروا غزة منزوعة السلاح وخالية من التطرف وإعادة بنائها”، وأضاف “نحن لا نسعى إلى حكم غزة. ولا نسعى إلى احتلالها، لكننا نسعى إلى منحها ومنح أنفسنا مستقبلا أفضل، علينا التأكد من أن هذا لن يحدث مرة أخرى”.

ويعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن ذلك قد يشمل القوات المتمركزة في غزة بعد انتهاء الحرب، حسب “فايننشال تايمز”.

ويقول أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين والذي لم تذكر “فايننشال تايمز” اسمه، “سيتعين علينا نشر قواتنا في مناطق مختلفة لتمكين المرونة العملياتية”، مضيفا “لقد استيقظنا جميعاً في 7 أكتوبر على واقع جديد.. وهذا يعني لنا جميعًا ألا نفكر من منظور الماضي”.

ويعتقد البعض في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن “الوضع سيكون مشابه لما يحدث في أجزاء من الضفة الغربية”، حيث تمارس القوات الإسرائيلية السيطرة الأمنية إلى جانب السلطة المدنية الفلسطينية، هو النتيجة الأكثر ترجيحا.

ويقول أمير أفيفي، النائب السابق لقائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي: “هناك أمران عمليان يتعين عليك القيام بهما لمنع تراكم الإرهاب في غزة”.

وأنت بحاجة للسيطرة على الحدود المصرية، وتحتاج إلى شيء مثل المنطقة (ب) في الضفة الغربية، حيث يمكنك الدخول والخروج والقبض على “الخلايا الإرهابية كما نفعل هناك”، حسبما يضيف أفيفي.

هل تسيطر إسرائيل على غزة؟

لكن آخرين في اليمين الإسرائيلي طالبوا إسرائيل بممارسة المزيد من السيطرة المفتوحة على غزة، وحتى إعادة إدخال المستوطنات الإسرائيلية، التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية، في القطاع.

وقال وزير التعليم الإسرائيلي، يوآف كيش، في وقت سابق من هذا الأسبوع: “لا يوجد وضع قائم، ولا يوجد شيء مقدس”.

وأدى مثل هذا الحديث، إلى جانب تهجير إسرائيل لمئات الآلاف السكان من شمال القطاع، إلى إثارة المخاوف بين الفلسطينيين من أن إسرائيل قد تنتهي في نهاية المطاف بالسيطرة على غزة.

ويتساءل أحد المحللين الفلسطينيين والذي لم تذكر الصحيفة اسمه، “من هو السياسي الإسرائيلي الذي سيشن حملة للانسحاب من شمال غزة؟”، مضيفا” ستكون ضفة غربية أخرى، ولكن الأسوأ من ذلك، لأنه لن يكون هناك فلسطينيون”.

لكن القيادة الإسرائيلية تنفي ذلك، ويقول المسؤول الإسرائيلي الكبير: “لا أعتقد أننا نريد السيطرة على مليوني فلسطيني”.

وفيما يتعلق بالآليات المستقبلية لغزة، فهناك شرطان، الأول هو أنه لا يمكن أن تكون حماس تحت أي ظرف من الظروف، وثانيا، يجب أن نحافظ على التفوق العملياتي”، وفق حديث المسؤول الإسرائيلي.

سيناريوهات مختلفة

على الرغم من أن الأمم المتحدة لعبت دورا رئيسيا في إدارة الخدمات العامة في غزة قبل الحرب، مثل المدارس، إلا أن قليلين يعتقدون أنها ستكون قادرة على تولي الإدارة المدنية للقطاع بأكملها.

ومع تقدم الحرب، اتهم العديد من المسؤولين الإسرائيليين الأمم المتحدة، بـ”الانحياز إلى الفلسطينيين”.

ويقول الرئيس السابق لقسم الأبحاث في الجيش الإسرائيلي، يوسي كوبرفاسر، “لن تقوم قوة دولية بذلك”، متحدثا عما يسميه “فشل مهمة الأمم المتحدة في لبنان في منع الاشتباكات على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية”.

ويتسأل كوبرفاسر، “أين قوات اليونيفيل عندما يشن حزب الله هجمات علينا؟”.

والدول العربية ليس لديها أي رغبة في قبول ما تعتبره “الكأس المسمومة” المتمثلة في القيام بأي دور في غزة، وفق “فايننشال تايمز”.

لكن السؤال الأكبر هو ما إذا كانت أي محاولة لإعادة تثبيت السلطة الفلسطينية في غزة من شأنها أن تخلق مشاكل أكثر مما قد تحلها.

ويقول أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين: “لا تستطيع أي وكالة فلسطينية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، الاستيلاء على غزة في سياق التحالف بيننا وبين إسرائيل ضد حماس”.

ويصر هو والمسؤولون العرب على أن الخيار الوحيد القابل للتطبيق لـ”تحييد أيديولوجية حماس المسلحة هو إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل”.

ويقول المسؤول الغربي: “الشيء الإيجابي الوحيد هو أن الجميع يدرك أنه يجب أن يكون هناك نوع من الدفع نحو إقامة دولة فلسطينية، وإلا فلن يتحسن أي من هذا”.

ومع ذلك، يبدو أن هذا الاحتمال هو “طموح بعيد المنال”.

ويشير المسؤول إلى أن التوصل إلى تسوية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستعصي يتطلب ثلاثة عناصر رئيسية وهي “إدارة أميركية ملتزمة وقادة إسرائيليين وفلسطينيين جادين بشأن السلام”.