Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • لماذا هاريس؟ من أجل فلسطين، وعلى الرغم من كل شيء، علينا أن ننتخب الديمقراطيين طه بالي…المصدر:موقع الجمهورية:
  • مقالات رأي

لماذا هاريس؟ من أجل فلسطين، وعلى الرغم من كل شيء، علينا أن ننتخب الديمقراطيين طه بالي…المصدر:موقع الجمهورية:

khalil المحرر نوفمبر 4, 2024

يكاد يختلف مُرشحَّا الانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب في كل شيء. يبدأ التباين بينهما بالجنس والعِرق، ومن ثم الأسلوب الخطابي، دون أن ينتهي بمقاربتهما لقضايا كبرى تواجه أميركا والعالم: أزمة التغيُّر المناخي، صيانة الديمقراطية الأميركية، حكم القانون والمؤسسات، حقوق المرأة والأقليات، سياسات الهجرة، الحرب الأوكرانية، النظام الضريبي، وغيرها الكثير.
يخلو هذا التعداد السلس عادةً من ذكر الشأن الفلسطيني، نظراً لما يُعرَف من اشتراك الحزبَين الجمهوري والديمقراطي بتأييد إسرائيل الواسع والعميق، بما يشمل الثلاثة عشر شهراً الماضية التي تلت عملية 7 أكتوبر، والتي شهدت حرباً إسرائيلية انتقامية وإبادية ما تزال مستمرة.
يشيعُ القول إذاً إنّ لا فرقَ يُذكَر هناك بين مرشحَي هذا العام بناء على سياستهما تجاه القضية الفلسطينية. تقترح السطور القادمة بعضاً من الاستدراك لهذه المقولة، وتُحذّر من جعلها فصل الختام إذ تواجه فلسطين، ومعها كل شرق الأوسط، إحدى أخطر الفترات في تاريخها.
العجوز والدلو
بعكس ما قد يوحي الاسم، لا يُعطي الدستور والعرف الأميركيَان صلاحيات مهمة لمنصب نائب الرئيس، ليقتصر دور هذا على إجراءات برلمانية أو حضور مناسبات احتفالية، وتكون أهمية المنصب الأساسية عملياً هي خلافة الرئيس في حال مرضه أو وفاته. يحفل التاريخ الأميركي باقتباسات متململة لا تخلو من طرافة يُعلّق فيها نواب الرئيس على دورهم الهامشي؛ جون أدامز، النائب الأول لجورج واشنطن: «أعطتني بلادي منصباً لم تجترح قريحة الإنسان أتفه منه»، أو هاري ترومان: «لا يبدو أن أحداً يترقّب وفاة الرئيس سوى نائبه»، أو جون غارنر، أحد نواب فرانكلين روزفلت: «منصب لا يساوي دلواً من البصاق الدافئ».
لربما كان جو بايدن، عضو مجلس الشيوخ لـ6 فترات متتالية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية فيه لسنوات، أقرب للاستثناء من القاعدة في 2008، حين وقع عليه اختيار باراك أوباما الذي أراد التعويض بهذا الاختيار عن صغر سنه هو وقلة خبرته في السياسة الخارجية بخاصة، إضافة لمحاولة تبديد شجون عنصرية حيال ترشُّحه ليكون الرئيس الأسود الأول للولايات المتحدة.
وُلِدَ جو بايدن مع انتصاف الحرب العالمية الثانية، ونشأ وتشكَّلَ وعيه في أكثر فترات الحرب الباردة حرارة. كان بايدن، وما زال، ابن جيل من السياسيين الأميركيين الذين تصوَّروا إسرائيل كملجأ طوباوي مَهيض الجناح لليهود الناجين من المحرقة، يتنافر بحجمه وضعفه و«غَربيّته» وديمقراطيته مع دول مجاورة عربية وإسلامية مُعادية له ولأميركا معاً. برهنت الأشهر الماضية أن الرجل المُتكلِّس، والذي أبَت مسيرته الطويلة في واشنطن إلا أن تنتهي بمنصب الرئاسة، لم يقم بتحديث إعداداته عبر العقود الفائتة، وأنه، مهما كانت النوازع الأخلاقية أو الانتخابية أو الجيوسياسية، لا يستطيع تصوّرَ نهاية لمسيرته المهنية ذات نصف القرن على جانب سوى جانب ربيبه الإسرائيلي.
في استدارة مُثيرة للقدر، اختار بايدن في عام 2020 نائبة رئيس تكاد لا تشبهه في شيء، وبغرض مخاطبة شجون تعاكس بالضبط تلك التي واجهت رئيسه السابق. بينما وصل بايدن إلى مجلس الشيوخ في زمن يبدو الآن سحيقاً (1972)، ست سنوات قبل نشر إدوارد سعيد كتابه الاستشراق، وصلت كامالا هاريس إلى الجسم السياسي ذاته ليلة هزيمة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب في 2016. تنتمي هاريس، وهي ابنة مهاجرة هندية باحثة في علوم السرطان ومهاجر جامايكي درّسَ الماركسية في الجامعة، لجيل مختلف بالكامل. تأثرت السياسيّة متوسطة الموهبة ومُتقلِّبة القناعات بترشُّح ونجاح باراك أوباما، وانشغلت كمثل العديد من مُجايليها بقضايا التعافي من الأزمة المالية والتصدي للتغير المناخي وإصلاح النظام القضائي، ومن ثم انخرطت حتى النخاع في سياسات الهوية بخاصة بعد وصول ترامب إلى الحكم، مع اهتمام محدود بما يحدث خارج الحدود الأميركية.
عكس بايدن، كذلك، لم تشذّ هاريس عن دور وأداء أسلافها من نواب الرئيس. ورغم تصدّيها لمجموعة من الملفات المهمة نسبياً كأزمة الحدود الجنوبية أو إصلاح القوانين الانتخابية، تميّزت فترتها في هذا المنصب بضعف في الحضور السياسي والإعلامي، لا شكَّ أنه ترافق بغياب أي تأثير وازن في صياغة القرار الأميركي وبخاصة في السياسة الخارجية. هذا غيابٌ منطقي بحكم الفارق الكبير بين خلفيتها وخبراتها السياسية مقارنة مع بايدن. تدرّجت هاريس في السلّم الوظيفي القانوني في ولاية كاليفورنيا على مدى ربع قرن سبقت وصولها إلى مجلس الشيوخ، ولم تُمضِ في هذا الأخير أكثر من 3 سنوات قبل إطلاق حملتها الانتخابية الرئاسية التي باءت بفشل مبدئي، قبل أن يتم اختيارها لتصبح رفيقة بايدن في حملته.
في مذكّراتها القصيرة المنشورة عام 2019، كعادة السياسيين الأميركيين عشية ترشُّحهم للرئاسة، لا تكاد هاريس تتطرّق لمنطقة الشرق الأوسط برُّمتها: لا تُذكَر فلسطين أو غزة أو الضفة بالمرة؛ تُذكَر إيران مرّتين، إحداهما شبه محلية عند الحديث عن خطرها على الأمن السيبراني للانتخابات الأميركية، والأخرى في سياق التضامن مع مواطني إيران الذين حظر ترامب سفرهم إلى الولايات المتحدة؛ وتُذكَر إسرائيل مرتين كذلك، إعجاباً بتقنياتها المتطورة في تحلية المياه تارة، وبالطراز المعماري للمحكمة العليا الإسرائيلية تارة أخرى.
هكذا يمكن القول إن كامالا هاريس تصل إلى عتبة الرئاسة دون أحمال جو بايدن الإيديولوجية، وبعقلية أقرب للتأثر والتحوّر مع جيل شاب من السياسيين والناشطين والناخبين الديمقراطيين. ولكن، وهو الأهم، دون مساهمة فعلية في صوغ السياسة الأميركية المُشينة بالتعامل مع غزة بعد 7 أكتوبر، أو قدرة حقيقية على معارضتها خلال حملتها الرئاسية المُبتسَرة التي تخوضها وهي ما زالت في موقع رسمي يمنعها من انتقاد رئيسها في العمل بشكل حازم، علناً على الأقل.
فلنصدّق ترامب ونتنياهو
للمرة الرابعة على التوالي، تَأتي الانتخابات الرئاسية الأميركية وبنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية. وما عدا حكومة وحدة وطنية استمرت لعدة أشهر في 2020، جنَحت الحكومات الست التي شكّلها نتنياهو عبر سنواته الـ17 المتفرقة في الحكم بشكل مضطرد نحو اليمين، وصولاً إلى حكومته الحالية مفرطة التطرف. لا يكاد نتنياهو ومستشاروه وحلفاؤه يُخفُون ازدراءهم وعداءهم الإيديولوجي للتيارات والأحزاب الليبرالية الغربية، بما يشمل الحزب الديمقراطي الأميركي. ولا يكادون يخفون تفضيلهم التيار اليميني الشعبوي كحليف طبيعي، وبغضّ النظر عمّا يعتري هذا التيار وشخصياته من شبهات معاداة السامية، من فيكتور أوربان في هنغاريا وماتيو سالفيني في إيطاليا، إلى جائير بولسونارو في البرازيل، وصولاً، بالطبع، إلى دونالد ترامب في الولايات المتحدة. ويبدو أن تواصلاً وثيقاً استمرّ على مدى الأشهر الماضية بين نتنياهو وترامب وفريقه، وأن وصول ترامب للحكم سيكون أشبه بالحلم لنتنياهو، على ما رَشَح في الأخبار مؤخراً.
يبادل الجانب الجمهوري نتنياهو وإسرائيل تفضيلاتهم، ودون أي تأتأة. أشاد ترامب تكراراً وحتى الأيام القليلة الأخيرة قبل الانتخابات، في العلن وفي محادثات خاصة، بأداء نتنياهو وجيشه. الثيمة المكررة لهذه التصريحات كانت التأكيد على ضرورة «إنجاز المهمة» في غزة، وانتقاد إدارة بايدن لعدم إطلاقها يد إسرائيل لتفعل فيها ما تشاء (!). امتدّت انتقادات ترامب في هذا السياق لتطال تَساهُل الديمقراطيين في قمع المظاهرات المؤيدة لفلسطين في الداخل الأميركي، وتَوعُّده في مناسبة أخرى باتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المتظاهرين وبخاصة غير المواطنين منهم. لا يُستغرَب إذاً تفضيل 66 بالمئة من الإسرائيليين وصول ترامب للرئاسة مقابل 17 بالمئة فضّلوا هاريس، بينما يميلُ فلسطينيو غزة إلى العكس.
لا يمكن الإحاطة بالانحياز الترامبي الصارخ لإسرائيل دون التنويه لخلفية المسؤولين المعنيين في إدارته السابقة، إضافة لإدارته القادمة المحتملة. حاز وزير خارجية ترامب الثاني، مايك بومبيو، على امتياز كونه وزير الخارجية الأميركي الأول الذي يزور مستوطنة إسرائيلية بشكل رسمي، بينما موّلَ ديفيد فريدمان، السفير الأميركي الذي عينه ترامب في إسرائيل، المشروع الاستيطاني شخصياً. أما المسؤول الأهم عن الملف الفلسطيني في إدارة ترامب، أي صهره غارد كوشنر، فكان صديقاً شخصياً لنتنياهو وعائلته، ومهندس «صفقة القرن» سيئة الذكر التي سعت لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
استمرّت الأسماء المذكورة، والتي قد يعود بعضها إلى إدارة ترامب في حال نجاحه، بتصريحاتها الحاسمة في تطرّفها إلى جانب إسرائيل طوال أشهر المقتلة في غزة، مثلها في ذلك مثل أعضاء آخرين في الحزب الجمهوري يكثر الحديث عن احتمال تعيينهم من قبل ترامب لمناصب حساسة كوزارة الخارجية أو الدفاع. يصعب تفسير هذا الغلو في نبرة ومحتوى هكذا تصريحات دون التأمُّل في تَحوُّل التأييد لإسرائيل إلى ركيزة أساسية في «الحروب الثقافية» شديدة المحلية، التي طبعت السياسة في دول الغرب على مدى السنوات الماضية. استُورِدَت إسرائيل وأُعيد تعليبها لتصبح رمزاً يعتنقه اليمين الشعبوي المهووس بتقسيم العالم إلى «هم ونحن»، فيختزل به صراع الحضارة الغربية «اليهودية-المسيحية» مع الغزاة الهمج القادمين من الجنوب، والذين اخترقوا وأفكارَهم حدودَ(نا) وجامعاتِـ(نا) وشبابَـ(نا).
يُجيد نتنياهو العزف على هذه الأوتار الثقافية-السياسية كأفضل ما يكون، كما رأينا في خطابه الأخير أمام الكونغرس والذي كان موجّهاً للجمهوريين وقاعدتهم الانتخابية أساساً. ترك نتنياهو بلده الذي يخوض حرباً على أكثر من جبهة ليزور الولايات المتحدة ويكمل دورة تعايشه الحيوي مع الحزب الجمهوري؛ يقول هو لناخبيه: أنا أفضل من يتعامل مع أميركا؛ ويقول السياسي الجمهوري لناخبيه: أنا أفضل من يدعم إسرائيل.
تَقاطعٌ دون تطابق
لعل أحد أهم الدروس التي تعلّمناها، مجبَرين، على يد أحداث العام السابق البشع، هو غياب موقف موحد نهائي جوهراني للـ«غرب» مما يجري في غزة. ولئن ذهبت دول غربية كبرى إلى النهاية في تأييدها الجرائم الإسرائيلية، لم يعنِ هذا بقاءها هناك. فها هي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأستراليا تحت وطأة مشاهد الكارثة الإنسانية الاستثنائية تتحدث عن حظر تصدير السلاح أو بعضه إلى إسرائيل، وضرورة محاسبة الأخيرة بما تُمليه المحاكم الدولية، وها هي ألمانيا نفسها تتعثر أمام قوانينها ذاتها بالتعامل مع الإبادة المستمرة.
وفيما يتحور الحزب الجمهوري فتتساقط مراكز قواه تباعاً داخل الثقب الأسود الترامبي، ليغدو أشبه بطائفة دينية شمولية منزوعة السياسة، يبدو الحزب الديمقراطي أكثر تشظّياً بما لا يُقاس حول الشأن الفلسطيني، على الأقل مقارنة بمنافسه الرئيس أميركياً.
تُخبرنا قوائم يُعِدّها ويُحدّثها ناشطون بشكل دوري أنّ النصف تقريباً من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب (83 من أصل 212) ومجلس الشيوخ (26 من 51) قد دعوا لإنفاذ وقف لإطلاق النار في غزة. يقابل هذه الأرقام صفران جمهوريان، في مفارقة عجيبة إذا أخذنا بعين الاعتبار تدافعَ الجمهوريين لمعارضة البيت الأبيض الديمقراطي في أي شيء وكل شيء، ليقفوا خائبين دون معارضته في أكثر الأشياء وجاهة.
بالمثل، غاب 112 من أعضاء مجلس النواب و23 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن حضور خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في شهر تموز (يوليو) الفائت، فتركوا وراءهم زملاءهم الجمهوريين بحضور شبه كامل ليُحْيوا تحت أقدام مجرم الحرب الزائر حفلة تصفيق مُشينة ومُهينة قد لا تتعافى منها سمعة الكونغرس الأميركي لأجيال.
يمتد الافتراق بين الحزبين إلى دعوات مختلفة وحصرية من الديمقراطيين لمساءلة المساعدات العسكرية الإسرائيلية قانونياً، أو للسماح بالدخول الحر للصحافيين إلى غزة، أو لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إليها.
هذا انقسام هام وجديد ومتوسع. وهو انقسام عمودي: يشمل تقريباً كل الكتلة التقدمية الديمقراطية الوازنة والآخذة بالاتساع في الكونغرس؛ وانقسام أفقي، يتركز لدى الأعضاء الأصغر سناً. بهذه المعاني جميعها، ينفتح الحزب السياسي الأقدم في العالم على تغيير حقيقي يمكن أن يمتد ليبتلع مع الوقت نصف الطبقة السياسية في أكبر دول الغرب.
لا يملك المَعنيون بالهمّ الفلسطيني في أميركا، وسواها، ترفَ تجاهل أو تسفيه هكذا تغيير، دُفِعَت ثمنه عذاباتٌ لا تحصى عبر عقود طويلة.
ماذا عن معاقبة الديمقراطيين
إن أكثر المحاججات شيوعاً، وجدارة، للتصويت ضد الديمقراطيين، أو الامتناع عن التصويت لهم على الأقل، هي معاقبتهم بعد أشهر طويلة من دعم أميركي شبه مفتوح لما فعلته إسرائيل في غزة. هذه نظرية مغرية بحق، تتميز في الوقت نفسه بجاذبية أخلاقية لا تحتاج شرحاً، وبتفكير استراتيجي يَعتَبِر الوزن الانتخابي أداة مهمة للتغيير في المشهد السياسي الأميركي، والصوت العربي والمسلم وحلفاؤه قوةً انتخابية سيندم الديمقراطيون على تجاهلها في 2024، ليعودوا في المستقبل لإعادة النظر في سياستهم تجاه إسرائيل وفلسطين. إلا أن هذه المحاججة المهمة تقول بعض الحقيقة لا كلها، وهي تستأهل، على الأقل، موازنتها أمام اعتبارات وإشكاليات أخرى لا يجب أن تُهمل بحسابات التصويت الانتخابي.
فأولاً، في حال انتخاب ترامب، والذي يعود مع فريق حاشد من المسؤولين المفرطين بالولاء عكس فترته الرئاسية الأولى، سيكون بحكم المؤكد دخول البلد في سلسلة من الأزمات القانونية والحقوقية والدستورية العنيفة، يتضاءل أمامها ما شهدته سنواته السابقة في الحكم من فوضى واستنزاف للطاقات النضالية للحزب الديمقراطي وقواعده. لا يبدو بديهياً بطبيعة الحال أن يمتلك الديمقراطيون، على مدى السنوات القادمة وفيما يحترق البيت الداخلي الأميركي، راحة البال ورجاحة العقل والطاقة الاستيعابية لمَرْكَزة ومراجعة مواقفهم في السياسة الخارجية، ناهيك عن أعقد قضاياها على الإطلاق.
ثانياً، يَرجح أن تمسّ أذرع الحكم الترامبية، أولاً وبالذات، الجاليات العربية والمسلمة. لنا أن نتذكر أن رئاسة ترامب الماضية افتُتِحت في أسبوعها الأول بـ«الحظر المسلم»، بينما يتوعد ترامب وحلفاؤه هذه المرة بملاحقة «مؤيدي حماس» في الولايات المتحدة من طلاب وناشطين ومنظمات. إن التراجع المتوقع بالحقوق المدنية تحت سلطة أكثر الرؤساء سلطوية في التاريخ الأميركي الحديث، سيستهلك قدرات العرب والمسلمين الأميركيين الذين سيلتفتون إلى الداخل الأميركي والنضال لرفع سقف الحقوق المدنية فيه، على ما يذكّر بالسنوات الأولى بعد 11 أيلول.
ثالثاً، ستكون الانتخابات القادمة إحدى أكثر الانتخابات الأميركية تقارباً بأعداد الأصوات، على الأقل في «الولايات المتأرجحة». تبلغ نسبة العرب 1 بالمئة من الأميركيين ككل، وترتفع هذه النسبة في أكثر الولايات تركيزاً للعرب، أي ميشيغان، إلى 2.1 بالمئة. لم يصوت أكثر من 60 بالمئة من العرب الأميركيين لبايدن في 2020، وَيرجح أن تحصل هاريس على نسبة تتجاوز الـ35 بالمئة منهم هذا العام. سيكون على من يمحّص حصائل الانتخابات أن يأخذ هذا بعين الإعتبار، ومع أصوات لا بد أن يخسرها الديمقراطيين أيضاً من المعسكر المقابل، الصاخب بدوره، الذي سيصوت للجمهوريين باعتبارهم الحزب الموالي بصريح العبارة وبدون مواربة لإسرائيل.
رابعاً، يقامر العرب والمسلمون، وفي حال تدنّت أرقام تصويتهم للديمقراطيين إلى درجة تاريخية، بالوصول إلى وضع يفوز فيه الديمقراطيون رغم ذلك، دون أن يسهم الناخب العربي والمسلم في هذا الفوز، إن لم يكن قد وضع ثقله تجاه منعه دون فائدة. وإذا استقامت القناعة التبسيطية بأن معاقبة الديمقراطيين انتخابياً لإبقائهم خارج الحكم يمكن أن تعلّمهم درساً عن أهمية الصوت العربي-المسلم، فإن الجانب الآخر منها هو الدرس المعاكس الذي قد يتعلمونه عن محدودية هذا الصوت.
خامساً، لعل المخاطرة الأكبر بتصدّر الجالية العربية-المسلمة لدور رأس الحربة في هزيمة الديمقراطيين، هي وضعهم على المحك مستقبلَ أحدِ أهم إنجازات النضال للقضية الفلسطينية في السياق الأميركي على مدى العقود الماضية، أي التحالفُ الواسع الذي يدعم هذا النضال. تتقاطع فئات أميركية نقابية وأكاديمية وكنسية وهوياتية، تمثّل قضايا تحررية متنوعة، بتأييدها الحقوق الفلسطينية، دون أن يعني هذا تجاهلها لقضاياها الخاصة، والتي ستكون جميعها موقع استهداف الحكم الترامبي.
سادساً، يخوض ترامب وحزبه الانتخابات من على «يمين» الديمقراطيين فيما يتعلق بفلسطين: يعاير ترامب بايدن بضعف تأييده لإسرائيل فيصِفه «بالفلسطيني» على سبيل الإهانة، ويجاهر الحزب الجمهوري بكونه الحزب الذي سيقدم المزيد من الدعم الدبلوماسي والسياسي والعسكري لإسرائيل مقارنة بما فعله بايدن. إن نجاح ترامب في الانتخابات سيتم تفسيره كتفويض انتخابي من عشرات ملايين الناخبين الأميركيين، يطلق يده ليطبّق هذه الأجندة بالذات.
وأخيراً، فإن سيناريو معاقبة الديمقراطيين الذي سيغيّر سياستهم تجاه المنطقة لن يؤتي ثماره بأحسن الحالات قبل دورة الانتخابات القادمة في 2028. بعد عام مروع، سيُترك الوضع الكارثي، قل الإسعافي، في غزة وفلسطين عموماً ليواجه إدارة جمهورية متطرفة في دعمها لإسرائيل، ومتشوقة لزيادته. ومهما اعتقدنا بكون الفروقات بين ما سيفعله كل من هاريس وترامب طفيفة، فهي فروق ستؤثر بحياة ملايين الناس ولسنوات أربع، على الأقل.
وبعد
فيما يوازن الناخب الأميركي من أصول عربية أو مسلمة أربعة خيارات انتخابية: التصويت لهاريس أو لترامب أو لجيل ستاين أو الامتناع عن التصويت، لن يكون للانتخابات واقعياً سوى نتيجتان اثنتان: انتصار كامالا هاريس أو انتصار دونالد ترامب. هذا للقول إن لا خيارَ هنا خالياً من مسؤولية ما عمّا سيليه، وليس هنالك من طريق «نظيف» بالكامل.
لا يدّعي هذا النص وجود جواب واحد واضح على هذه المعضلة الأخلاقية، بل يدعو للتأمل بها من جوانبها جميعاً قبل اتخاذ القرار، وهو لا بدّ قرار شخصي بالكامل، يخضع لمجموعة تقديرات ومحاكمات وتأويلات ذاتية قد لا يشترك بها ناخب مع آخر.
إنه لمن سوء الطالع أن يكون لانتخابات أميركا كل هذه التبعات، ليس على البلد عينه فحسب، بل على العالم بأسره. هذا واقع علينا أن نعترف ببؤسه وأن نسعى لتغييره بما يتجاوز الأوهام والأماني. هنا هدف نبيل ولا ريب، لن يكون يوم الانتخابات القادم سوى محطةً واحدةً على طريقه؛ الطريق الذي نمتلك جعله أقل وعورة ولو قليلاً.

Continue Reading

Previous: جولستان سونوك: نحن لا نقبل هذا النظام المفترس…المصدر:Rûdaw
Next: عاريةٌ إلا.. منك…! علي جزيري…..المصدر : جربدة كردستان

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

هل من تنسيق لبنانيّ – أميركيّ بمواجهة التّصعيد الإسرائيليّ؟ ملاك عقيل…..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025
  • مقالات رأي

بعد طُوفان غزّة: “الحلم” بالهجرة الطوعية؟ هشام عليوان……..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025
  • مقالات رأي

عراقجي في بيروت يعتمد أسلوب “تاجر السجّاد”؟ وليد شُقَير……..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025

Recent Posts

  • دمشق تتابع بدقة عملية ضبط نشاط التنظيمات الفلسطينية…دمشق المصدر : بندر الشريدة …. الشرق الاوسط
  • هل من تنسيق لبنانيّ – أميركيّ بمواجهة التّصعيد الإسرائيليّ؟ ملاك عقيل…..المصدر: أساس ميديا
  • بعد طُوفان غزّة: “الحلم” بالهجرة الطوعية؟ هشام عليوان……..المصدر: أساس ميديا
  • عراقجي في بيروت يعتمد أسلوب “تاجر السجّاد”؟ وليد شُقَير……..المصدر: أساس ميديا
  • حكاية رئيسين: “الصيّاد” يجمع الحريري وعبيد (1/3) المصدر: أساس ميديا

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • دمشق تتابع بدقة عملية ضبط نشاط التنظيمات الفلسطينية…دمشق المصدر : بندر الشريدة …. الشرق الاوسط
  • هل من تنسيق لبنانيّ – أميركيّ بمواجهة التّصعيد الإسرائيليّ؟ ملاك عقيل…..المصدر: أساس ميديا
  • بعد طُوفان غزّة: “الحلم” بالهجرة الطوعية؟ هشام عليوان……..المصدر: أساس ميديا
  • عراقجي في بيروت يعتمد أسلوب “تاجر السجّاد”؟ وليد شُقَير……..المصدر: أساس ميديا
  • حكاية رئيسين: “الصيّاد” يجمع الحريري وعبيد (1/3) المصدر: أساس ميديا

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • الأخبار

دمشق تتابع بدقة عملية ضبط نشاط التنظيمات الفلسطينية…دمشق المصدر : بندر الشريدة …. الشرق الاوسط

khalil المحرر يونيو 6, 2025
  • مقالات رأي

هل من تنسيق لبنانيّ – أميركيّ بمواجهة التّصعيد الإسرائيليّ؟ ملاك عقيل…..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025
  • مقالات رأي

بعد طُوفان غزّة: “الحلم” بالهجرة الطوعية؟ هشام عليوان……..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025
  • مقالات رأي

عراقجي في بيروت يعتمد أسلوب “تاجر السجّاد”؟ وليد شُقَير……..المصدر: أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 6, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.