يشرع الديموقراطيون في عملية تقييم مريرة بعد هزيمة كامالا هاريس المدوية الثلاثاء أمام دونالد ترامب، لتحديد ما اذا كانت الاسباب أخطاء استراتيجية أو بعدهم من مطالب الطبقات الشعبية.

ولم تفشل نائبة الرئيس في أن تصبح أول امرأة تقود الولايات المتحدة فحسب، بل تعرضت لهزيمة ساحقة وقاسية الحقها بها الملياردير الجمهوري.

تمكن دونالد ترامب من التقدم على الديموقراطيين في الولايات التي كانت تعتبر معقلا لهم على غرار فرجينيا ونيوجيرزي وحتى في مناطق معينة من كاليفورنيا أو نيويورك.

وبات في ضوء ذلك أول رئيس جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ 20 عاما، بحسب عملية فرز لا تزال جارية.

وتجاوز فوز الجمهوريين هذا الحد ليشمل أيضا الكونغرس.

فقد استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ إلى حد كبير، بشكل فاق توقعاتهم وهم يتجهون إلى فرض سيطرتهم على مجلس النواب.

في المقابل، تتعقد الأمور بالنسبة للديموقراطيين الذين كانوا يتمتعون بصلاحيات كاملة في واشنطن قبل أربع سنوات فقط.

انتقادات لبايدن
بدأت الانتقادات تستهدف جو بايدن منذ اللحظة الأولى وخصوصا بعد أن عرّض الرئيس الثمانيني حزبه لمثل هذا الخطر عبر الترشح لولاية ثانية متجاوزا الشكوك الكبيرة في أهليته، ما أجبر نائبته على خوض حملة استمرت ثلاثة أشهر فقط.

وانتقد أحد أعضاء فريق كامالا هاريس الأربعاء هذه “الهوّة العميقة” التي اضطرت الديموقراطيين إلى محاولة الخروج منها في مهلة قياسية.

وانتفض عمدة نيويورك السابق ذو النفوذ الواسع مايك بلومبرغ ضد أولئك الذين “أخفوا نقاط ضعف الرئيس جو بايدن حتى أصبح لا يمكن إنكارها”.

وقالت المتحدثة باسم بايدن في ردها على أسئلة تعلقت بمدى اعتراف الرئيس بندمه مستقبلا، إنها ستترك الموضوع لـ “الخبراء”، مؤكدة أن بايدن “فخور” بتاريخه.

وفي أول خطاب له الخميس بعد هزيمة الديموقراطيين، لا يبدو الرئيس البالغ 81 عامًا مستعدا للتقييم.

الطبقة العاملة
لكن الأزمة التي تثير قلق الديموقراطيين أعمق من ذلك بكثير.

فالعديد من المسؤولين المنتخبين يتهمون الحزب بأنه منفصل للغاية عن الطبقات العاملة ولم يستخلص الدروس من فشله الأول ضد دونالد ترامب في العام 2016.

وقال السناتور الاشتراكي بيرني ساندرز في بيان شديد اللهجة: “لا ينبغي أن يفاجأ أحد بأن الحزب الديموقراطي الذي تخلى عن الطبقة العاملة يجد نفسه وقد تخلت عنه الطبقة العاملة”.

وعلى غرار هيلاري كلينتون، فقد خسرت كامالا هاريس فعليّا أصواتا ثمينة بين الطبقة المتوسطة.

في المقابل تمكن الجمهوري من توسيع قاعدته، وحقق نجاحات ملحوظة مع الناخبين السود واللاتينيين غير الحاصلين على تعليم جامعي.

والآن؟
بالنسبة للديموقراطي توم سوزي، فإن انفصال حزبه عن الطبقات العاملة لا يتعلق فقط بالقضايا الاقتصادية.

وانتقد المسؤول المنتخب معسكره لأنه اختار المسائل العقائدية التي تقلق النخب التقدمية كأرضية للمواجهة مع الجمهوريين، على حساب القضايا الجوهرية التي تهم الطبقات العاملة.

واستشهد بمسألة حقوق المتحولين جنسيا أو التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والتي انتقلت الى الجامعات الأميركية في الربيع الفائت.

وحذر المسؤول في نيويورك في بيان من أن “العديد من الأميركيين يخافون من اليسار أكثر من خوفهم مما سيفعله الرئيس ترامب”.

وانتقد المسؤول في الحزب الديموقراطي جيمي هاريسون بشدة اتهام حزبه بأنه أدار ظهره للعمال، ووصفه بأنها “محض افتراء”.

وقال في منشور على موقع اكس: “هناك كثير من التحليلات المتداولة بعد هذه الانتخابات وهذا التحليل ليس من التحليلات الجيّدة”.

وأعلن هذا المسؤول المقرب جدًا من جو بايدن أنه لا يعتزم الترشح للرئاسة، مما يمهد لتغيير القيادة الديموقراطية مع بداية العام المقبل.