Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • من سوريا مع الحب سرديات نظام الأسد الانتقائية على إنستغرام إيليز دانيوه عودة…..المصدر: الجمهورية .نت
  • مقالات رأي

من سوريا مع الحب سرديات نظام الأسد الانتقائية على إنستغرام إيليز دانيوه عودة…..المصدر: الجمهورية .نت

khalil المحرر نوفمبر 8, 2024

مع تَوسُّع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، سعت الأنظمة الاستبدادية إلى ضبط تأثيرها على المجتمع والسياسة، واستخدامها للترويج لإيديولوجيتها وأجنداتها. تشمل الأساليب التي استخدمتها لهذا الغرض الرقابة والتأطير المتحيز للأخبار وحملات التضليل الإعلامية. وفي هذا الصدد، يقدم الوضع في سوريا حالة دراسة مثيرة للاهتمام.

تولّت العديد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي مهمة تغطية تاريخ سوريا وثقافتها وأنماط الحياة فيها، لكنها في الكثير من الأحيان عتَّمت على الحقائق القاسية للحرب وقمع نظام الأسد للشعب السوري بشكل يومي. يسعى هذا المقال إلى فحص مصداقية هذه الحسابات والخطاب الذي تروّج له، ويكشف كيفية تلاقي المواضيع غير السياسية على صفحات إنستغرام بما يُسيء تمثيل الوضع على الأرض ويدعم دعاية النظام السوري.

ظهرت العديد من هذه الحسابات خلال الأعوام الخمس الماضية، لكن هذا التحليل سيُركّز على حسابَين معيَّنَين على إنستغرام هما عيش حب سوريا (live.love.syria@) وسوريتي (_mysyria@). أنشأ الفريق ذاته الحسابَين في آذار (مارس) 2015 وآب (أغسطس) 2017 على التوالي، وكلاهما مستوحى من صفحة عيش حب بيروت (livelovebeirut@)، وبالمُجمل، فقد جمعا مئات الآلاف من المتابعات.

تصف عيش حب سوريا نفسها بأنها «حملة جماهيرية مستقلة تسعى إلى نشر جمال سوريا وتمكين الشباب السوري»، بينما تدَّعي صفحة سوريتي بأنها «نافذة لاكتشاف جمال الثقافات والتراث المتنوع لكل أنحاء سوريا».

تلعب هذه المساحات الافتراضية وتمثيلاتها للثقافة السورية دوراً مهماً في بلاد مزقتها الحرب والقمع منذ 2011. فهي تساهم في تحديد كيفية رؤية المشاهدين والمشاهدات حول العالم للوضع داخل سوريا، والحياة اليومية فيها، ومعنى أن يكون المرء سورياً.

بناء الهوية السورية
ينطوي تمثيل سوريا في 2024 على الخوض في مجتمع شديد الاستقطاب. واجه النظام ذو الخمسين عاماً، الذي وصفه سعد الدين إبراهيم بِـ«الجُملُكيَّة» (الجمهورية الملكيَّة)، وحَكَمهُ بشار الأسد منذ 2000، تحدياً كبيراً لسيطرته على الخطاب العام – وعلى تعبيرات الذوات العربية السورية – منذ اندلاع ثورة 2011.

بالنسبة إلى المثقف السوري ياسين الحاج صالح، فإن الانتفاضة السورية كانت «الحدث التحويلي الأكثر إيجابية في تاريخ سوريا منذ الاستقلال»، فقد منحت الشعب السوري فرصة استعادة هويته من «سوريا الأسد»، بعدما فرض النظام رؤية متجانسة لِـ«ما يعني أن يكون المرء سورياً» وعربياً. قاوم النظام الثورةَ عبر نَشرِ روايات مضادة تتماشى مع السردية التاريخية الرسمية، وفَرضِ قيود على دخول الأجانب إلى البلاد.

لفهم أهمية التمثيلات المرتبطة بالدولة-الأمة السورية، ينبغي الرجوع إلى «قائمة التحقق من الهوية» التي صاغتها المؤرخة آن ماري ثييس لكي تساعدنا على فهم مدى صُنعيَّة هذا المفهوم. تشمل القائمة:

الأسلاف المؤسسون؛ تاريخ يثبت استمرارية الأمة عبر تقلبات التاريخ؛ مجموعة من الأبطال؛ لغة مشتركة؛ معالم ثقافية وتاريخية؛ أماكن للذاكرة؛ مناظر طبيعية نموذجية؛ الفولكلور، والتماهي الصوَري.

من خلال التحديد التدريجي لهذه العناصر، يمكن لمجتمع ما أن يخترع لنفسه تراثاً مشتركاً ينتشر ويستوعبه أفراده.

في محاولته لاستعادة الشرعية، عمل نظام الأسد على الترويج لصورة عن سوريا تُناقض الصورة التي قدَّمتها الثورة، واستخدم الأدوات الإعلامية الجديدة لهذا الغرض. في الوقت نفسه، كما أشارت منظمة فريدوم هاوس، فإن النظام ما يزال «يقمع بشدة حريات التعبير والتجمُّع»، و«يمارس رقابة شديدة على المناقشات الشخصية وعلى الإنترنت» و«يعاقب بقسوة المعارضة في المناطق التي يسيطر عليها».

محتوى احترافي من فريق شاب وديناميكي
تمت مراقبة حسابَي عيش حب سوريا وسوريتي لمدة 11 شهراً، من أيلول (سبتمبر) 2023 إلى تموز (يوليو) 2024. ما يلفت النظر على الفور هو مستوى احترافيّتهما، الأمر الذي يتضح من جودة الصور وتصاميم مقاطع الفيديو، وإرفاقها بأوصاف بالعربية والإنجليزية. تُظهر مقاطع الفيديو على الصفحتَين فهماً عميقاً لخوارزميات وترندات وسائل التواصل الاجتماعي.

يكشف التصفح في المنشورات عن محتوى مُصمَّم بعناية لتقديم رؤية شاعرية عن سوريا، فيُظهر مناظر خلّابة لمختلف المناطق السورية، ومعالم سياحية محلّية، واحتفالات ومناسبات دينية. تُرينا أحدثُ مشاركات صفحة عيش حب سوريا شواطئَ اللاذقية، وحفلة موسيقى تِكنو في قلعة الحصن، ومدينة تدمر القديمة، وبائعي الآيس كريم في سوق الحميدية بدمشق؛ بينما تعرض سوريتي صوراً وفيديوهات للجامع الأموي في دمشق، وكرنفال مرمريتا، والمسرح الروماني في بصرى، والفستق الطازح في أسواق حلب.

كما تتداول الصفحتان مقاطع فيديو تُظهر الحياة اليومية في سوريا، وتُصِرّ على «الصمود»، وتنقل صورة إيجابية لبلد يتعافى من حرب استمرَّت 13 عاماً – حرب ما تزال مستمرة في الحقيقة إلى يومنا هذا.

 

بالإضافة إلى محتواهما الأصلي، تشارك هاتان الصفحتان مقاطع فيديو لمستخدمي ومستخدمات إنستغرام سوريين ذوي شعبية (داخل وخارج البلاد)، وتستضيف محتوىً سهلَ الرواج يتصف بالدرجة الأولى بخلوِّه التام من السياسة، مثل فن الطهي وأنماط الحياة والموضة والموسيقى.

يتّسم حساب عيش حب سوريا، الذي أنشأه كمال قنيدر، مع الفريق الذي يديره، بالكتمان والبُعد عن الأنظار. أما حساب سوريتي فأكثر انفتاحاً، وهو يُشارك بانتظام صور أعضاء فريقه (مجموعة من الطلاب) مع مؤسس الصفحة، المهندس المعماري أيمن الرفاعي. يسأل جمهور إنستغرام فريقَ الصفحة بانتظام عن توجُّههم السياسي، لا سيّما بسبب الصور التي ينشرونها مع شخصيات ذات معنى سياسي. من بين هؤلاء بشار الأسد وزوجته أسماء، اللذَين منحا فريق الصفحة جائزة على عملهما، بالإضافة إلى شخصيات عامة أُخرى من بينها دارين سليمان، رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سوريا. من المتوقّع بالطبع، في ظل نظام استبدادي، أن تقوم النخبة الحاكمة بالاستيلاء على المبادرات الناجحة: لكن هذه الاجتماعات لم تُنشر فحسب، بل وأُشيد بها على الصفحات الخاصة للقيِّمين على الصفحات، وأُعيد نشرها بانتظام. تُظهر إحدى هذه القصص (ستوري)، التي أعيد نشرها من أيلول (سبتمبر) 2023، فريقَ حساب سوريتي يتلقى جائزة من أسماء الأسد شخصياً.

 

من بين الحوادث التي أثارت غضباً ملحوظاً مشاركة ماهر يمّين، المسؤول الإعلامي عن حساب عيش حب سوريا (المسمّى المكتوب على صفحته)، صورة له في موسكو مع حافظ الأسد الابن، نجل بشار الأسد، على حسابه الشخصي. حُذفت الصورة من حسابه منذ ذلك الحين. في مقطع فيديو آخر، نرى يمّين يشرب البيرة، وفي قصة أُخرى، يتزلج على الجليد مع حافظ الأسد الابن. نظَّمَ الرحلة المركز الثقافي الروسي في سوريا للمشاركة في المنتدى الشبابي الروسي-السوري.

الترويج لرموز النظام
خلال فترة المراقبة، ظهرت على كلا الحسابَين رموز إيديولوجية تهدف إلى تشويه تصوّر الوضع على الأرض. أولها العرض المتكرر للعلم السوري.

يُظهر فيديو مُثبَّت أعلى صفحة سوريتي علماً سورياً كبيراً وتعليقاً يقول: «حزينة هذه البلاد، أكثر من كل مرة». يرافق فيديو مماثل على صفحة عيش حب سوريا عبارة «اللهم احم بلدنا الحبيب»، ويحتفل الحساب في 29 آذار (مارس) بِـ«يوم العلم السوري». أظهر عمل فيكتوريا ج. غيلبرت في هذا السياق أن عرض الأعلام في سوريا ينطوي على رمزية سياسية مهمة، وغالباً ما يمثِّل «توأمة بصرية لا نهائية ودمجاً بين صورتَي العلم الوطني وصورة الرئيس».

رفضت المعارضة السورية هذه الرمزية منذ 2011، واستخدمت بدلاً من ذلك علم الاستقلال السوري لعام 1930، الذي يحمل نجوماً حمراء. يُثبِت حضور العلم الوطني على كِلا الحسابَين وجود هوية وفهم مُشتركَين للأمة. في دراستها، تضم غيلبرت أيضاً رموزاً أُخرى مثل الخريطة السورية أو مرتفعات الجولان، التي تدل على المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي – وكلاهما كثيراً ما يُسلَّط الضوء عليهما.

 

مع ذلك، فإن هذين الحسابَين يستخدمان هذه الرموز بحذر، ولا يُظهِران في المواقع المعروضة للمشاهدين وجود صور الأسد في جميع أنحاء البلاد، بل يلمِّحان إلى وجودها فقط، كما هي الحال في لقطات مدخل قلعة حلب، التي تهيمن عليها لوحة إعلانية ضخمة.

 

تاريخ مُنتقى
يفتح استخدام رموز معينة في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي بوّابةً لخطاب أوسع قد يكون مألوفاً لدى السوريين والسوريات، ولكن ليس لدى الأجانب بالضرورة. وكما يقترح روبرت إنتمان، فإن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، مثلها مثل أي فعل خطابي، هي إنشاءات يؤطِّرها الراوي-ة لمشاركة تصوُّراته-ـا عن الواقع.

يمثّل كل نص وصورة ومقطع فيديو اختياراً واعياً لما يستحقُّ عرضه وما يمكن طمسه. يخلق هذا التصوير الانتقائي صورة غير متوازنة لسوريا، تصل مباشرة إلى الهواتف الذكية للمستخدمين والمستخدمات. وبحجة إظهار صورة إيجابية للبلاد، تؤدي هذه الفجوات التمثيلية إلى قراءات بديلة للواقع، وتحجب بشكل واعٍ عناصر واجهها النظام بالقمع النشط منذ 2011.

قد يكون من المستحيل تعداد جميع العناصر الاجتماعية والثقافية والتاريخية المطموسة في منشورات الحسابَين، إلا أن هنالك أحداثاً تاريخية رئيسية، وأحداثاً جارية أيضاً، تبرز بسبب غيابها، مثل القصف المتواصل على المدنيين في محافظة إدلب، على سبيل المثال، والذي لا يحظى بأي ذِكر، على الرغم من تخصيص العديد من المنشورات للجرائم التي ترتكبها إسرائيل حالياً في فلسطين؛ أو حصار ومجزرة حماة عام 1982، التي قُتل خلالها قرابة 40 ألف مدني بأمر من حافظ الأسد؛ أو ربيع دمشق عام 2000؛ أو الانتفاضة المدنية السلمية في 2011 والثورة التي تلتها – كل هذا لم يحظ بأي تغطية على الإطلاق؛ بل لَم يُلمح حتى إلى القمع العنيف والانتقامي الذي مارسه النظام على الشعب السوري خلال الأعوام الثلاثة عشر الأخيرة. وأخيراً، فإن الاحتلال العسكري لسوريا من قبل إيران وروسيا، حليفتَي النظام السوري، يبقيان بلا تصوير.

بالنسبة إلى عمار عزوز، دكتور الهندسة المعمارية ومؤلف قتل المنازل: الهندسة المعمارية والحرب وتدمير المنزل في سوريا، فإن مثل هذه الصفحات:

تصرُّ على إظهار صورة جامدة وأُحادية الجانب لسوريا، تتظاهر وكأن الحرب لم تحدث قط. في مثل هذه الصفحات، تبقى سوريا ملونة وثرية ومتنوعة وسَليمة. نادراً ما تظهر صورة لمبنى مُدمَّر في تايم لاين طويل كلُّه منشورات لحفلات موسيقية وزيارات مطاعم وأحداث رياضية ومواقع تراث قديم. يتساءل المرء، أين الحرب؟

يُشدِّد عزوز على أهمية الحفاظ على الذاكرة الغنية لسوريا والشعب السوري، ويُحذِّر من أن الخطر الذي تشكِّله بعض صفحات التواصل الاجتماعي يكمن في «محاولة إعادة كتابة تاريخ البلاد وتبييض معاناة الشعب السوري: فالصور المُشاركَة تبدو بعيدة عن حيوات السوريين العاديين الذين يعيشون حياة ما بعد الحرب».

قسم التعليقات: مساحة للرد
بينما يسعى الحسابان اللذان نناقشهما إلى تقديم سوريا موحدة تحت حكم آل الأسد، يتحدى المتابعون والمتابعات هذه السردية بانتظام، ويواجهون مسؤولي الصفحات حيال التناقضات بين الصور والواقع على الدوام، مُتسائلين عن أمور مثل دعم النظام السوري للحسابات، والوجود الروسي والإيراني في سوريا، والغارات في الشمال الغربي، والتهجير القسري، وانتشار اليأس بين عموم الشعب السوري. كما تغرق المشاركات التي تُظهِر علم النظام بصور متحركة لعلم الثورة السورية في قسم التعليقات. من المثير للاهتمام أن هذه التعليقات لا تخضع للإشراف، مما يترك مساحة صغيرة لحرية التعبير التي لا يُسمَح بها داخل البلاد، ويُظهِر وجهاً أكثر ودّية للعالم.

في 19 (نيسان) أبريل 2024، تساءل متابعون ومتابعات عن سبب عدم مشاركة صفحة سوريتي لمنشور ينعى محمد فارس، أول رائد فضاء سوري وشخصية عامة مؤيدة للديمقراطية، عند وفاته، بينما خُصًّصَ منشور لنعي الممثلة الحلبية ثناء دبسي قبل شهرَين.

كذلك، أثارت تغطية الصفحات للأحداث الجارية في فلسطين اتهامات بازدواجية المعايير. ففي 7 شباط (فبراير) 2024، عندما شاركت صفحة سوريتي آثار الهجوم الإسرائيلي على حمص، قوبلت بتعليقات ساخرة من قبيل: «ممن؟ الأسد؟ أم إسرائيل؟» أو «الأسد فعل أسوأ من ذلك» و«الأسد دمَّر نصف حمص».

وأثار منشور على صفحة عيش حب سوريا مُهدى إلى الجيش العربي السوري ردود فعل مماثلة، حيث كتبت إحدى المتابعات بالإنجليزية:

هل هذه نفس الصفحة «المستقلة» التي لا تناقش السياسة كما أفهم؟ هل يمكن أن تكونوا أكثر انفصالاً عن الواقع؟ أقل ما يمكنكم فعله هو التحلي ببعض الخجل واللباقة تجاه أكثر من 600 ألف قتيل والملايين من النازحين والنازحات.

وكتب آخر:

هل تقصدون هنا أيضاً الشهداء من الأطفال والنساء من شعبنا السوري الأعزل في إدلب ودرعا ودير الزور وحماة وحمص والحسكة والرقة والقلمون والسويداء وحلب وجميع محافظاتنا السورية الجريحة؟ نريد منكم إجابة.

المجتمع المحلي وريادة الأعمال الشبابية
على الرغم من بعض الردود الانتقادية، يتلقى الحسابان الثناءَ عموماً عندما يقومان بأدوار أكثر نشاطاً في مجال المشاركة المجتمعية. غالباً ما يشارك الحسابان لقطات لأنشطة شبابية، بما فيها توزيع الطعام والملابس خلال شهر رمضان. كذلك يعرضان المناسبات والفرص الأكبر من خلال القصص ومقاطع الفيديو. شارك فريق سوريتي، على وجه الخصوص، في سلسلة من الفعاليات من بينها منتدى السياحة للشباب السوري الذي نظمته وزارة السياحة وهيئة التميز والإبداع، وهي وكالة تعنى بِـ«دعم المبدعين وربطهم بوزارة التربية والتعليم». كما ظهر شباب وشابات سوريون يستمتعون بزيارة دمشق وحلب وحماة واللاذقية وأوغاريت وطرطوس وجزيرة أرواد. تهدف المبادرة إلى تعزيز التراث السوري وتعريف الشباب بالمهن المحتملة في مجال السياحة. كذلك روَّجت صفحة عيش حب سوريا للهيئة التي أعلنت عن مهمتها بِـ«خلق نواة شابة سورية قادرة على تمثيل سورية في المحافل الدولية، وإظهار ما تملكه سوريا من كنوز ثقافية سياحية وتاريخية تعكس من خلالها تاريخ سورية حاضرها ومستقبلها».

 

في السياق الاستبدادي لسوريا، تُحيل مثل هذه المحاولات لاستمالة الشباب إلى مفهوم «المنظمات غير الحكومية المُدارة حكومياً» أو الـGONGOs. غالباً ما تَستخدم حكومات الدول الاستبدادية مثل هذه المنظمات لتضمن «آلية شركاتية تغذي بشكل مباشرة الفضاء المدني والجماهيري» وتحتل في الوقت نفسه مساحة المجتمع المدني عبر جهود خيرية «غير سياسية». في هذا السياق، حضر أعضاء الفريق من كِلا الحسابَين إفطاراً رمضانياً أُقيم في ساحة طرطوس القديمة في أبريل الماضي، حضره كلٌّ من بشار الأسد وأسماء الأسد. وقد نظَّمت الحفل «جمعيات وهيئات مجتمع مدني بالمشاركة مع أفراد المجتمع».

لا تُظهر الفيديوهات المنشورة على صفحة سوريتي آل الأسد بشكل مباشر: مرَّة أُخرى، يتم التلميح إلى وجودهم من خلال القصص المُعاد نشرها من حسابات أعضاء الفريق. لكن ثلاثة قصص أُعيد نشرها لأحمد الشامي، وهو عضو في فريق حساب سوريتي، في قسم الإضاءات على الحساب، تُظهره وهو يأخذ سيلفي مع بشار الأسد وأسماء الأسد في «العشاء الخيري» المذكور أعلاه في طرطوس، أبريل الماضي.

 

 

 

في آذار (مارس) 2024، سافر فريق سوريتي إلى روسيا للمشاركة في مهرجان شباب العالم. وقَدَّمت القصص التي شاركها الحساب لمحة عن الأجواء: كانت هناك عروض للنشيد الوطني، وعروض للعلم السوري، ومشاركات للكشافة السورية، وحضور لأكثر من 10 آلاف شاب وشابة من جميع أنحاء العالم. وبحسب وثائق داخلية مسرَّبة من الكرملين، فإن هذا الحدث كان جزءاً من استراتيجية أوسع تمزج بين النفوذ السياسي، والعلاقات العامة الدولية، والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتنظيم من الحكومة الروسية.

سوريا تشارك في المهرجان العالمي للشباب في سيريوس، روسيا. المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
السياحة والتطبيع
يسلّط محتوى هاتين الصفحتَين ضوءاً على العلاقات مع وكالات السياحة المعتمدة والمرشدين الذين يرافقون السياح الأجانب خلال زياراتهم إلى سوريا. في مقابلة له، أوضح الخبير السوري أيمن عبد النور، رئيس منظمة مسيحيون سوريون من أجل السلام غير الربحية، أن النظام يعمل على تشجيع مثل هذه الصفحات كجزء من جهوده لمعالجة الأزمة الاقتصادية المستمرة، والتي تشكل تهديداً لاستقراره. وبحسب عبد النور، فإن خطة النظام تقوم على ثلاث خطوات رئيسية: فتح الحدود للمدونين والمدونات الأجانب، ثم التشجيع على زيارة سوريا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم الدعم من وزارة السياحة ومكتب أسماء الأسد. لا تهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز السياحة فحسب، بل إلى طمأنة المغتربين السوريين والمواطنين مزدوجي الجنسية الذين يعيشون في الخارج، وتشجيعهم على العودة إلى وطنهم لقضاء العطلات. بادعائهم إظهار «سوريا التي لن يريكم إياها الإعلام»، يكّرر المؤثّرون والمؤثرات رواية نظام الأسد عن الحرب وهم يستمتعون بالحياة الليلة في دمشق، وحفلات البلياردو في حمص، وزيارة المواقع الثقافية والتراثية (قلعة الحصن وقلعة حلب ومدينة تدمر وغيرها)، ويحصدون ملايين المشاهدات.

نتيجة لذلك، فقد شهد صيف 2022 زيارة 50 ألف سوري أميركي لدمشق، بحسب عبد النور. لكن زلزال 2023 الذي ضرب شمال وغرب سوريا فاقم الأزمة، وساهم بذلك انهيار الليرة السورية، وشح المياه والكهرباء، وغياب البنية التحتية. أدى ذلك إلى حدوث تحول في أشكال التواصل التي يتبعها النظام. ويشير عبد النور في هذا السياق إلى صعود صفحات إنستغرام وتيك توك التي تعرض محتوى يبدو غير سياسي، ويركز على الثقافة والطعام والتاريخ والذكريات، وغالباً ما يُظهر أيضاً نساء سوريات جميلات. تهدف هذه الصفحات إلى إحياء ارتباط السوريين العاطفي بوطنهم وتشجيعهم على زيارته مع عائلاتهم.

* * * * *

تقدم هاتان الصفحتان على إنستغرام دراسة حالة مُقنعة للمبادرات الإعلامية الجماهيرية التي يشجعها النظام ويستحوذ عليها. من خلال هاتَين الصفحتَين، طورت مجموعة من الشباب السوريين المقيمين في دمشق، والذين يمكن تخمين موقفهم السياسي، مشاريع ناجحة، وخلقوا فرصاً واكتسبوا شعبية في ظل نظام يحد بشدة من حرية التعبير.

ومن خلال احتضان الصفحتَين للسردية الرسمية للحرب السورية، وحذف أي إشارات إلى العنف الذي يرتكبه آل الأسد، فإنهما تقدِّمان واقعاً بديلاً يتماشى مع استراتيجية التواصل التي ينتهجها النظام. إن أهداف هاتَين الصفحتَين (ومثيلاتهما) واضحة بالنسبة إلى النظام: إثارة ردود فعل عاطفية من المواطنين السوريين المنهكين بسبب الحرب، وقمع أي سرديات معارضة، والترويج لصورة بلدٍ على طريق التعافي، والتطبيع مع الوضع ضمن الشباب العرب والغربيين، الكثيفَي الاتصال الافتراضي؛ وتحفيز النشاط السياحي والاقتصادي.

*****

الكاتبة باحثة ومرشحة للدكتوراه في العلوم السياسية. مختّصة بتاريخ الأفكار الروسي، وبالفكر السياسي العربي، وبالوجود الروسي في سوريا، وبالخطاب السياسي الرسمي.

 

Continue Reading

Previous: حزب الديمقراطي ينظم مظاهرة “لا قيوم للديمقراطية” في 5 مدن..المصدر:روداو .
Next: قصف روسي بالمسيّرات والصواريخ على أنحاء مختلفة من أوكرانيا المصدر: ا ف ب…. النهار

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

الدكتور محمد نور الدين….  صلاحيات «ديانت» الجديدة: وحدها الدولة من تفسّر الدين…صفحة الكاتب

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

الدائرة المستحيلة وانتحار التبرير دارا عبدالله،،….المصدر:ضفة ثالثة

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

اكرم حسين عن المواطنة المتساوية في سوريا…؟.المصدر:صفحة الكاتب

khalil المحرر يونيو 7, 2025

Recent Posts

  • الدكتور محمد نور الدين….  صلاحيات «ديانت» الجديدة: وحدها الدولة من تفسّر الدين…صفحة الكاتب
  • الدائرة المستحيلة وانتحار التبرير دارا عبدالله،،….المصدر:ضفة ثالثة
  • تراجع التحويلات المالية إلى السوريين… تعرف على الأسباب نور ملحم …المصدر:العربي الجديد
  • دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد بشير البكر……..…المصدر: العربي الجديد
  • اكرم حسين عن المواطنة المتساوية في سوريا…؟.المصدر:صفحة الكاتب

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • الدكتور محمد نور الدين….  صلاحيات «ديانت» الجديدة: وحدها الدولة من تفسّر الدين…صفحة الكاتب
  • الدائرة المستحيلة وانتحار التبرير دارا عبدالله،،….المصدر:ضفة ثالثة
  • تراجع التحويلات المالية إلى السوريين… تعرف على الأسباب نور ملحم …المصدر:العربي الجديد
  • دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد بشير البكر……..…المصدر: العربي الجديد
  • اكرم حسين عن المواطنة المتساوية في سوريا…؟.المصدر:صفحة الكاتب

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

الدكتور محمد نور الدين….  صلاحيات «ديانت» الجديدة: وحدها الدولة من تفسّر الدين…صفحة الكاتب

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

الدائرة المستحيلة وانتحار التبرير دارا عبدالله،،….المصدر:ضفة ثالثة

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • الأخبار

تراجع التحويلات المالية إلى السوريين… تعرف على الأسباب نور ملحم …المصدر:العربي الجديد

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • الأخبار

دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد بشير البكر……..…المصدر: العربي الجديد

khalil المحرر يونيو 7, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.