شنّت الصحف التركية الموالية لـ«حزب العدالة والتنمية» حملةً غير مسبوقة على إيران، في ضوء الأحداث التي اندلعت في مدن حمص وطرطوس واللاذقية السورية، متّهمة إيّاها بأنها تقف وراء الاحتجاجات. ووفقاً لمزاعم صحيفة «يني شفق» التي عنونت «إيران تلعب بالنار في سوريا»، فإن الجمهورية الإسلامية، ومنذ عام 2011، «شكّلت الداعم الأكبر للنظام الأسدي. وها هي الآن من جديد في سوريا. من جهة تدعم حزب العمال الكردستاني، ومن جهة ثانية تستخدم فلول نظام الأسد، وتبدأ حملة تحريض في اللاذقية وطرطوس وحمص». وادعت الصحيفة أن المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي، «ضغط على الزر بدعوته أنصار إيران إلى الثورة. وقد هدّد وزير الخارجية، عباس عراقجي، قائلاً إنّ السلطة الجديدة في سوريا لن تستطيع الحكم».
وبعنوان «إيران تحرق سوريا»، اعتبرت صحيفة «يني عقد»، من جهتها، أن طهران «أعطت الضوء الأخضر لبدء نزاعات مذهبية جديدة»، وأنها «تعمل على تحريض النصيريين والعلويين والشيعة والدروز على الفتنة». أما صحيفة «تركيا»، والتي عنونت «إيران لا تشبع من الدم»، فرأت أن «الادّعاءات في شأن قتل الشرطة للعلويين غير صحيحة. هدف إيران وضْع يدها من جديد على سوريا». وكتب محمد متينير، الكاتب المعروف في «يني شفق»، بدوره، أن إيران «بدأت لعبة الفتنة في سوريا، وهي ترتكب الخطأ تلو الآخر بسبب مكابرتها وانفعالها، وتعمل على تخريب الوضع في هذا البلد وتجذير الصراعات المذهبية. من الواضح أنها منزعجة جدّاً من الوجود التركي في سوريا، بل إنها تعمل عبر دعم حزب العمال الكردستاني، على تخريب الوضع في سوريا وفي الداخل التركي أيضاً. كما تتحضّر لتدريب عناصر الجيش الذين هربوا من سوريا إلى العراق. وبذلك، تلعب إيران لعبة خطيرة ومزدوجة، فمن جهة تحرّض العلويين، ومن جهة أخرى تلعب بورقة حزب العمال الكردستاني». وأضاف متينير أنه «في كلّ خطوة لعدم الاستقرار في سوريا، يجب البحث عن الدور الإيراني. وأصل هذا الدور هو تصفية الحساب مع تركيا في سوريا. إن عداء طهران لأنقرة لن يجلب إلّا نهايتها، وهي تفلت الخيط من يدها. وعندما تضطرب إيران من الداخل، ستدرك أهمية تركيا وقيمتها، ولكن بعد فوات الأوان. إن إيران تدخل من جرّاء ذلك في مخاطر عدة. ولو أن الأسد لم يكن مكابراً وعنيداً، لكانت سوريا الآن في حال مختلفة. ولو أن إيران شجّعت الأسد على مصالحة شعبه، لكان نفوذها أكبر بكثير في سوريا من دعمها للنظام».
ثمّة في تركيا مَن يرى أن «محور المقاومة تحوّل إلى محور الفتنة»
وأشار الكاتب يحيى بستان في الصحيفة نفسها، إلى أن «خامنئي قال: «أرى أن حركة قوية وشريفة ستنهض في سوريا»، فيما قال وزير الخارجية عباس عراقجي: «على الذين يرون أنفسهم قد انتصروا، ألّا يفرحوا بذلك»». ولفت إلى أنه «بعد التصريحات الإيرانية، حصلت هجمات مناصري النظام السابق على قوات الحكومة، وهجمات لحزب العمال الكردستاني في منطقة منبج». ورأى أنه «من المهمّ الوقوف عن كثب عند موقف واشنطن ممّا يحدث. الولايات المتحدة وعدت الأكراد بحكم ذاتي، لكن سقوط الأسد قلب الأمور رأساً على عقب. ولم تَعُد أميركا تعرف ما الذي يجب فعله، ولا سيما مع قول الشرع للوفد الأميركي إنه يجب على الأكراد حلّ قواتهم وتسليم السلاح، وهو الموقف التركي نفسه. وفي هذا الحال من الإحباط، عاد حزب العمال يبحث عن الإسناد الإيراني له. وربّما يكون بافل طالباني صلة التنسيق بين إيران والكردستاني».
كذلك، شنّ الكاتب نديم شينير، في صحيفة «حرييات»، هجوماً لاذعاً على إيران، معتبراً أن «محور المقاومة تحوّل إلى محور الفتنة». وزعم أن طهران «كانت دائماً هي الشريك لكلّ ما كان يقترفه نظام الأسد. ولكن بعد سقوط النظام وانهيار محور المقاومة، تسعى الآن إلى جعل المحور من جديد أداة للتخريب والفتن». وأضاف أن «خامنئي كان واضحاً في تحميل تركيا، إلى جانب إسرائيل وأميركا، مسؤولية إسقاط النظام، حين قال إن دولة مجاورة لسوريا لعبت دوراً كبيراً في الأحداث السورية. وبعدها، قال إنه ليس من شيء يخسره الشباب السوري، فالمدارس والمنازل والشوارع كلّها غير آمنة. ويتطلّب أن يواجه الشباب هذا الوضع الجديد، وسيفوزون بإذن الله. وكما ولد حزب الله من قلب الحرب، فإن الشيء نفسه قد يحصل في سوريا». ولفت شينير إلى أن إيران «لم تتخلَّ عن إستراتيجية الوصول إلى البحر المتوسط عبر سوريا ولبنان»، داعياً تركيا إلى أن تكون يقظة لِما تخطّط له الجهمورية الإسلامية لـ«استعادة الهلال الشيعي»، والتنبُّه كذلك إلى «أنصار إيران في تركيا، وهم كثر. وقد اعتقلت الاستخبارات الكثير منهم في السنوات الماضية»، متابعاً أن عليها أيضاً «ألّا تغمض العين عن سعي إيران إلى إثارة الفتنة المذهبية في الداخل التركي»، على حدّ زعمه.