دبابة اسرائيلية على الانقاض في غزة(أ ف ب)

دبابة اسرائيلية على الانقاض في غزة(أ ف ب)
برأي إميلي تريب، مديرة AIRWARS، وهي منظمة لمراقبة الصراعات مقرها لندن، غزة الآن “أشبه بسطح القمر لا تصلح للعيش”. بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أطلق القصف العنان لذخائر “أكثر مما استخدمته الولايات المتحدة في أي عام من حملتها ضد داعش”. هو وابل تصفه الأمم المتحدة بـ”الحملة الحضرية الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية”.
ليس في ما سبق ما هو غريب أو جديد. كثيرةٌ هي التغطيات الإعلامية الميدانية المتحدثة عن حجم الدمار. صحف العالم أكدت المؤكد. حديث إميلي تريب إلى موقع “بوليتيكو” عن تشابه بين غزة وسطح القمر، والربط مع استحالة الحياة في القطاع راهناً، يأتي في السياق عينه. حجم الدمار، وصعوبة الحياة على أرض “أكبر سجون العالم” يُشعِر الغزيين المقيمين في الخارج بالذنب لعدم القدرة على فعل أي شيء. “نيويورك تايمز” تنقل شهادات على صلة.
يُرضي “حماس” وإسرائيل
…وأما بعد، ماذا عن الهدنة؟ ولماذا تعتبر مفاوضات احتجاز الرهائن معقدة إلى هذا الحد؟ تسأل “لو موند”. وفق الصحيفة الفرنسية “حصلت إسرائيل على اتفاق أكثر توازناً مما كانت عليه في المفاوضات السابقة، فيما أثبتت “حماس” المحاصرة أنها لا تزال قادرة على الحصول على تنازلات”.
بالنسبة إلى إتيان دينيات Etienne Dignat، الباحث المشارك في معهد سيري Ceri، والمتخصص في المفاوضات أثناء احتجاز الرهائن، فإن “هذا الاتفاق يرضي كلاً من حماس وإسرائيل والدول الغربية”. رينات يشرح لماذا استغرق الأمر شهراً ونصف لتحقيق ذلك، متحدثاً عن صعوبة التفاوض في ظل المعارك على الأرض، وإمكان فصل المحتجزين الخطيرين عن الأقل خطراً وتوقيت إطلاقهم، خصوصاً أن الرهائن لدى “حماس” ليسوا في سجون بل في أماكن تتكتم “حماس” عليها (…). الخطوة الأولى برأيه تُقرب وتُسهل الخطوات التالية، وتعطي بعض الثقة.
اختيار “حماس” التفريق بين الرهائن المدنيين والعسكريين بدل التفاوض حول الجميع دفعة واحدة، يمنحها فرصة إبقاء الضغط على إسرائيل، حسبما كتبت Le Temps السويسرية. الصحيفة نقلت عن خبير أن الحركة تعرف كيف تتعامل مع الحكومة الإسرائيلية في موضوع الرهائن منذ صفقة الجندي جلعاد شاليط.
أهالي الرهائن يعايشون انتظاراً محموماً، تكتب “نيويورك تايمز” ناقلة شهادة الأشقاء طنجي في الضفة الغربية. “هل سيُطلق سراح أختنا الصغرى ولاء؟” تساءلوا، تماماً كتساؤلات بثينة أو زيادة المتطلعة لرؤية شقيقتها الصغرى روان المعتقلة في السجون الإسرائيلية منذ ثماني سنوات.
على الضفة الأخرى، تركز الصحافة الإسرائيلية على بروتوكولات العناية بالرهائن المُطلق سراحهم. “تايمز أوف إسرائيل” تكتب عن استعدادات بدأت بعيد هجوم “حماس” لعلاج الرهائن حال التوصل إلى اتفاق للإفراج عنه. وزارة الصحة الإسرائيلية ووزارة الرعاية الاجتماعية بدأت إعداد بروتوكلات تشمل العلاج الجسدي والنفسي، وكيفية التعامل مع المُفرج عنهم من اللحظة الأولى، كأن يُمنع منعاً باتاً على الجنود الإجابة عن أسئلة مثل: “أين بابا؟” أو “أين ماما؟”. متخصصون بالصحة العقلية عليهم الإجابة تقول الصحيفة الإسرائيلية.
ما علاقة أيرلندا الشمالية؟
مع انعدام التشابه تقريباً بين الصراع الماضي في أيرلندا الشمالية والصراع المحتدم اليوم في إسرائيل وغزة، فإن هناك “ما يمكن أن يُستفاد منه من تجربة السلام في أيرلندا الشمالية للوصول إلى سلام في إسرائيل وفلسطين”، برأي الأيرلنديين فيرغال شاركي  (موسيقي وناشط بيئي) واللورد ألف دوبس (سياسي عمالي).
شاركي ودوبس استهلا مقالة مشتركة في صحيفة “تايمز” البريطانية، بالقول إن “هذا العام يصادف الذكرى السنوية الـ25 لاتفاق الجمعة العظيمة الذي بدأ عملية سلام أنهت ما كان يُعد صراعاً مستعصياً وغير قابل للحل دام عقوداً”.
الكاتبان الأيرلنديان أوضحا أن “الصراعات تنتهي بالحديث، أن التفاوض، بما في ذلك مع أولئك الذين يمكن اعتبارهم متطرفين على كلا الجانبين، أمر ضروري. وكلما بدأ الحديث أسرع، بدأت عملية السلام أسرع”، مع إشارتهما إلى أن “التحدث إلى الأعداء يحتاج إلى الصبر، والاستعداد لتجاوز اللوم والشعور بالذنب، والأهم من كل ذلك هو توفر القيادة”.
أين “جورج ميتشل” غزة؟
الكاتبان أعطيا مثالاً من حالة أيرلندا الشمالية؛ فالمفاوضات كانت موجهة بخبرة من قبل السيناتور الأميركي جورج ميتشل مَن كان يحظى باحترام كبير ومقبول بوصفه مستقلاً، وقادها سياسيون جادون وملتزمون بحسن نية، وتم دعم العملية من جميع الأطراف: المملكة المتحدة وأيرلندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
شاركي ودوبس أكدا أن “الصراع بين إسرائيل وغزة يحتاج إلى جورج ميتشل الخاص به وإلى تأييد وقيادة  السلطة الفلسطينية وإسرائيل وجيرانها العرب، وربما يكون لجامعة الدول العربية والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة دور تلعبه، في حالة طلب دعمها أيضاً، فالمفاوضات لا تسير إلى الأمام تحت وطأة الشروط المسبقة، وأن هناك مؤشرات واضحة في الصراع الحالي: إطلاق سراح الرهائن، الوصول الكامل إلى المساعدات الإنسانية، وقف العنف، كما ستكون هناك حاجة إلى جهود إعادة إعمار ضخمة في غزة ستوفر فرصاً للمنظمات التي تمثل الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء للعمل معاً وبناء الثقة”. الكاتبان أشارا إلى أنهما “رأيا ذلك العمل في أيرلندا الشمالية”.
“لا شيء سهلاً مما ذكره الكاتبان”، يعترفان بهذا، “ولا يوجد ما يحدث بسرعة، لكن تم التوصل للهدف المنشود في أيرلندا الشمالية عن طريق إبقاء الأعين ثابتة على الهدف الذي يتطلع إليه الجميع، وهو السلام”. قالا “إن الهدف في فلسطين وإسرائيل هو السلام والأمن، والدولة المستقلة للفلسطينيين التي توفر لهم الأمن والازدهار، والمزيد من الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع (..)”.
…لا ينبغي لأي شيء أن يصرف انتباه المجتمع الدولي عن محاولة الوصول إلى السلام، مهما بدا ذلك مستحيلاً، كتبت “تايمز” “يجب أن يبدأ الحديث الآن”.