تمتّع اللبنانيون في الفترة الماضية بحرّية الحركة ذهاباً وإياباً إلى سوريا ومنها عبر معبر المصنع الحدودي، حتّى بعد عودة التختيم و”التفتيش” على معبر جديدة يابوس السوري منذ مطلع العام الجاري، فسبقوا السوريين ممّن تمنعهم ظروفهم من زيارة بلدهم أو العودة إليه. فوجئ اللبنانيون الذين يقصدون سوريا بأعداد كبيرة منذ سقوط نظام الأسد، وخاصة يوم الجمعة، بامتناع الأمن العام اللبناني عن ختم بطاقة المغادرة لكلّ مواطن لبناني، تجاوباً مع طلب من الجهات السورية الحدودي
وفيما انتشر الخبر عن اعتماد السلطات الحدودية السورية شروطاً جديدة لدخول اللبناني إلى سوريا، إمّا بحيازة حجز فندقي ومبلغ ألفي دولار، وإمّا لموعد طبّي مع وجود كفيل سوري وإمّا حيازة إقامة سارية في سوريا، تحت طائلة فرض غرامة على كل مخالفة للإقامة ومنع دخول سوريا لمدّة عام، إلا أن الهوية أو جواز السفر اللبنانيين كانا كفيلين باستبعاد كلّ لبناني، حتى ممّن استوفوا الشروط المذكورة، عن شباك التختيم في دائرة المغادرة للأمن العام اللبناني، وقد سرى هذا الأمر حتى على سائقي الشاحنات من اللبنانيين.
وبالتالي لم يصمد الحديث عن معاملة بالمثل انتهجتها السلطات السورية الحدودية في مقابل شروط لبنان لدخول السوريين إلى أراضيه. وبحسب من لديهم اتصالات بالجانب السوري فإن الموضوع يتعلق بانزعاج السلطات السورية من تعامل الأمن اللبناني مع عناصر من الإدارة العسكرية السورية، وممّا ذُكر توقيف الجيش اللبناني عناصر مسلحين من الإدارة توغّلوا باتجاه لبنان وعن نية لاقتيادهم إلى الشرطة العسكرية لولا تدخّلات أفضت إلى إطلاق سراحهم، فيما حُكي أيضاً عن تعامل بالشدّة مع سوريين مخالفين بعد توقيفهم في شتورا، وأنه بعد عودتهم إلى سوريا طلب منهم إصدار تقرير طبيب شرعي للمطالبة بمحاسبة من أساء معاملتهم.
وبناءً على ذلك فإن الحديث الذي طغى في المصنع، بين أصحاب المصالح التجارية والاقتصادية، هو الحاجة لتواصل وزارة الداخلية اللبنانية مع نظيرتها السورية لتنسيق التعامل مع حركة العبور بين البلدين، وتكليف إدارة الأمن العام اللبناني رسمياً بزيارة نظيرتها السورية التي سبق أن بادر وفد منها ضمّ ممثلين عن دائرتي الهجرة والجوازات والجمارك بزيارة تنسيقية لمكاتب الأمن العام والجمارك ومخابرات الجيش على المصنع، علماً بأنه يُتوقع أن تتمّ هذه الزيارة الأسبوع المقبل، إذا ما توفر التكليف الرسمي.
ووسط ضبابية الموقف، وتأفّف اللبنانيين الذين عادوا أدراجهم من المصنع، نجحت نقابة سائقي الشاحنات المبردة في التواصل مع الأمن العام اللبناني من جهة والسوري من جهة ثانية، من ختم بطاقة مغادرة لثلاثة سائقي شاحنات مبرّدة لبنانيين توجّهوا ظهراً إلى سوريا، للتأكّد ممّا كانت قد أبلغت به النقابة من الجانب السوري بعدم وجود منع لدخول سائقي الشاحنات اللبنانيين، وبالفعل عبر السائقون الثلاثة إلى الأراضي السورية من دون مشكلات.
وفي ظلّ كلّ هذه المعمعة، كان السؤال عن مصير تدفق الوقود إلى سوريا من لبنان، ولا سيما من خلال تجارة البنزين غير الشرعية، سواء بالغالونات أو بخزانات السيارات، الناشطة بين البلدين بغضّ الطرف الرسمي عنها، لحاجة سوريا إلى هذه المادة، ليأتي الجواب جزئياً من المشاهدات في المصنع، حيث ظلّت غالونات البنزين جزءاً لا يتجزأ من متاع السوريين المغادرين، فيما السيارات التي تحمل اللوحات اللبنانية لم يشملها منع العبور إلى سوريا ما دام سائقها غير لبناني، ليكون تأثير المنع على المهرّبين اللبنانيين أنفسهم من دون أن يطال نقل المادة وإن ليس بالكمّيات المعتادة.