لمرّةٍ أخيرةٍ قبل جلسة التاسع من كانون الثاني، المقرّرة لانتخابٍ رئيسٍ للجمهوريّة، مُنِع انتخابه بالقوّة الصفيقة العارية، منذ أكثر من سنتين وشهرين، أوجّه نداءً تحثيريًّا إلى النوّاب عمومًا، وخصوصًا منهم مَن كنتُ، عشيّةَ الانتخابات النيابيّة الأخيرة، قد دعوتُ المواطنين الأحرار إلى انتخابهم، على مدى الـ10452 كيلومترًا.
اقرأوني جيّدًا:
1- بعضهم يريد أنْ لا يُنتخَب رئيسٌ للبنان، ليكون بلدنا سهل الالتهام، والمحو، في غمرة ما يُحكى عن الولائم المسمومة التي تُعَدّ “تكريمًا” للخرائط الجديدة والمصائر الجيوسياسيّة الغامضة في المشرق العربيّ.
2- يريد مَن يسمّيهم بعضُهم “ضمائرَ لبنان”، وهم جهاتٌ سياسيّةٌ شديدة النفوذ، وحاكمون بأمورهم ليس إلّا، لكنّهم بالتأكيد هم ليسوا بـ”ضمير” ولا “ضمائر”، أنْ يمرّروا – ومَن معهم من سقط المتاع النيابيّ والحزبيّ والسياسيّ – رئيسًا دميةً، وبالتهريب، يكون خيالَ صحراء، وذلك تأبيدًا للاحتلال، وللدعارة الرسميّة، وامتدادًا لعهودٍ من العمل السياسيّ، الأشبه ما يكون بالجنس الرخيص، في زمن القحط والقلّة.
3- هذه، من جهة، قلّةُ أدبٍ (وطنيّة) موصوفة، في زمنٍ لم يعد أحدٌ يستحي من كونه قليل الأدب، وعديم الأخلاق، وفاقد المعايير الوطنيّة.
4- وهي، من جهةٌ ثانية، “كَلْبَنَةٌ” دنيئة (تكالبٌ) من أصحاب الشهوات الرئاسيّة، ممّن لا يستحقّون رئاسةً، ولا وظيفةً دنيا في كتاب الدستور والجمهوريّة.
5- هؤلاء المُشار إليهم أعلاه، يتمتّعون بمهارةٍ شديدةٍ في باب “الملعنة” و”السعدنة” و”الغواية”، ويتّصفون بمكيافيليّةٍ شرّيرةٍ وخارقة، وبقدرةٍ على المقايضة والمساومة والبيع والشراء. ويتمظهرون، في الآن نفسه، بكونهم حرّاسًا للحياة الدستوريّة والديموقراطيّة، في حين أنّهم لاصقون بالكراسي، جالسون عليها جلوس الأبد. علمًا أنّه لم يعد ثمّة، بعد الآن، من أبدٍ، كما بات الجميع يعرف، أكان في سوريا أم في لبنان.
6- حذار. وانتبِهوا. ولا يحسبنّ أحدكم نفسه أكثر ملعنةً أو ذكاءً أو سعدنةً أو غوايةً منهم. كلّما كشفتم لهم تهريبًا، طفحتْ وشوشةٌ بتهريبةٍ أخرى. وفاحت رائحتها النتنة. ومن فوق الطاولة الخماسيّة والأمميّة. وعلنًا. وعلى عينكَ يا تاجر. أمّا تحت الطاولة فالفخاح حدِّث ولا حرج، حيث لا يبكّت ضميرٌ، ولا يندى جبينٌ.
أمّا المهمّ فهو الآتي، وهو بندٌ واحدٌ أحد:
بصرف النظر عن المعايير الشخصيّة والوطنيّة الصعبة وشبه المستحيلة، المتعلّقة بسدّة الرئاسة، وبمَن يصلح لتولّي هذا المنصب،
أدعو نوّاب الاعتراض الوطنيّ، الذين انتُخِبوا تحت الشرط، ومعهم نوّابٌ ضاقوا ذرعًا بـ”الأبد”، و”الصنم”، ويقال إنّهم “استفاقوا” و”حسّوا على دمهم” من فرط التوبيخ الذي لحق بضمائرهم،
إنّي أدعوكم، إنّي أدعو هؤلاء جميعًا، إلى منع الإتيان برئيسٍ “خيخة”.
وهذه فرصةٌ لن تُتاح مرّتين.
Akl.awit@annahar.com.lb
Aklawit52@gmail.com