رووداو ديجيتال

أكد القنصل الإيراني العام في أربيل، فرامرز أسدي، أن الجمهورية الإسلامية لا تشارك وجهة نظر الدول الأخرى تجاه الكورد، وتختلف نظرتها إلى إقليم كوردستان عن نظرة الآخرين.

جاء ذلك خلال مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، رداً على سؤال حول استخدام إيران تعبير “إقليم كوردستان”، بينما تكتفي بعض الدول بقول “الإقليم” أو تشير إليه بـ”شمال العراق”.

أسدي شدد على أن هناك “الكثير من القواسم المشتركة”، وأن العلاقات بين الشعبين “قوية لدرجة لا يمكن لأي حكومة أو مؤامرة أو فتنة أن تفصل” بينهما.

ونوّه إلى أن “الأعداء المشتركين حاولوا تعكير صفو هذه العلاقات، لكن الجهات المعنية في كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية أدارت الأمور بحكمة”.

أما بشأن الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران، والتي تشمل إقليم كوردستان، فقد أوضح أنه تم تنفيذ بعض بنود الاتفاقية، بينما يتقدم البعض الآخر ببطء”.

أدناه نص المقابلة:

رووداو: شكراً جزيلاً، سيد فرامرز أسدي. دعني أبدأ بسؤال عن الثورة. اليوم تحل ذكرى الثورة الإسلامية الإيرانية، التي حملت العديد من الأهداف. بعد 46 عاماً، إلى أي مدى تحققت هذه الأهداف، وما الذي لا يزال قيد الانتظار؟

فرامرز أسدي: بسم الله، قبل كل شيء، أود أن أعبر عن احترامي لشعب إقليم كوردستان العراق المخلص والمضياف، كما أتوجه بالشكر إلى موظفي ومديري قناة رووداو المحترمين، هذه القناة الناجحة.

فيما يتعلق بإنجازات الثورة الإسلامية ومكتسباتها، لا يمكننا تلخيصها جميعاً في جلسة واحدة. لكن إذا نظرنا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نجد أنه خلال مرحلة النضال، عندما كان الناس يهتفون في الشوارع، كان الشعار الأول هو “الاستقلال، الحرية”، وقد تحقق هذا الهدف في 22 بهمن نفسه. كان الاستقلال والحرية، داخلياً وخارجياً، هو الهدف الأهم الذي سعت الثورة إلى تحقيقه.

قبل الثورة، كانت إيران دولة يحكمها قائد تابع للخارج، ولم يكن الشعب الإيراني هو من يقرر مصيره. وكما تعلمون، فإن كلمة “إيران” تعني “أرض الشجعان”، أو “الشعب النبيل والشجاع”. وقد صبر الإيرانيون طويلاً، وناقش قادتهم آنذاك مع النظام السابق أن بعض السياسات لا تتماشى مع الهوية الإيرانية، وطالبوا بإزالة تلك التبعية والعقبات. لكن بما أن الحكومة لم تستجب، خرج الناس إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم. يمكنني القول إن الثورة الإسلامية كانت واحدة من أكثر الثورات عفوية، حيث كان الإيرانيون سباقين قبل جميع شعوب المنطقة. لقد نجحت الثورة في وقت كان العالم فيه منقسماً إلى قطبين: الغرب والشرق، أمريكا والاتحاد السوفيتي.

انظروا، قبل ذلك الوقت، كانت إيران دولة يحكمها قائد تابع للخارج، وكان الآخرون يقررون مصير الشعب الإيراني. وإذا لاحظتم، فإن معنى كلمة “إيران” هو “مكان الرجال الشجعان” أو “الشعب الشجاع”، النبلاء الشجعان. هؤلاء الناس النبلاء والشجعان صبروا لسنوات، وتحدث كبارنا مع النظام السابق حول أن بعض المبادئ لا تتوافق مع القيم الإيرانية، وطالبوا الحكومة بإزالة هذه المشاكل والعقبات والتبعية. ولكن، بما أنها لم تفعل ذلك، خرج الناس إلى الشوارع… وأود أن أقول لكم بهذه الطريقة، إنها كانت واحدة من أكثر الثورات عفوية، وكان الإيرانيون سباقين قبل جميع شعوب المنطقة. نجحت الثورة الإسلامية الإيرانية في ظرف كان العالم، كما تعلمون بالتأكيد، منقسماً إلى قطبين: الغرب والشرق، أمريكا والاتحاد السوفيتي.

رفع الشعب الإيراني شعار “لا شرقية ولا غربية”، لأنهم لم يريدوا الارتباط لا بالشرق ولا بالغرب، ولذلك أرادوا أن يكونوا مستقلين. وفي صباح يوم 22 بهمن، قبل 46 عاماً، تحقق هذا الاستقلال. ومنذ ذلك اليوم، لم يتوقف خصومنا عن التآمر، وأعلنوا صراحة أنهم يسعون لإسقاط الثورة. خلال هذه السنوات الـ 46، لم يمر يوم دون أن يضعوا خططاً ضد الشعب الإيراني. جميع الحكومات، وخاصة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، عملت على إسقاط هذا النظام المقدس للجمهورية الإسلامية. لكن، بفضل الله والقيادة الحكيمة للإمام الخميني ومن بعده المرشد الأعلى، لم ينجحوا في ذلك، بل على العكس، النظام يزداد قوة ونجاحاً يوماً بعد يوم. أنا في خدمتكم للحديث بالتفصيل عن الإنجازات، سواء في المجالات الصناعية أو العلمية أو غيرها من القطاعات.

رووداو: حسناً، لقد تطرقت إلى نقطة مهمة تتعلق بالحرية، وذكرت أن الشعب الإيراني أصبح حراً. هناك أيضاً ميدان في طهران يحمل اسم “ميدان الحرية”. برأيك، ما هو مستوى الحرية في إيران اليوم؟

فرامرز أسدي: الحرية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تُمارَس ضمن إطار دستور الجمهورية الإسلامية والاستفتاء الذي صوّت له أكثر من 98٪ من الشعب الإيراني. إنها حرية تأتي ضمن إطار الدين والإسلام وإيران.

رووداو: كيف تصف العلاقات بين شعوب إيران اليوم، خاصة وأن الثورة الإسلامية كانت ثمرة جهود جميع مكونات الشعب الإيراني؟

فرامرز أسدي: انظر، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اليوم وعلى مر التاريخ، على مدى آلاف السنين، يعيش أتباع جميع الديانات السماوية، من المسيحية واليهودية والزرادشتية والإسلام وغيرها. أما فيما يتعلق بالقوميات التي تُحصى حالياً، فهناك عشر قوميات، سبع منها كبيرة ولها تاريخ، وإحدى هذه القوميات هي الكوردية. وعند البحث في تاريخ القوميات المعروفة في إيران، نجد أن القومية الكوردية تأتي في المرتبة الثالثة، بعد اللُرية… عذراً، القومية الكوردية هي الثالثة.

جميع القوميات جنباً إلى جنب، وجميع الأديان جنباً إلى جنب، وجميع المذاهب جنباً إلى جنب، تعايشوا في أخوة وصداقة على مدى مئات وآلاف السنين، ولا يزال هذا التعايش مستمراً. بالطبع، هناك دائماً عدد قليل من المعارضين والمهاجمين في كل الحكومات، لكن في الجمهورية الإسلامية، لا يُحسب لهؤلاء أي حساب.

رووداو: حسناً، لطالما كانت هناك علاقات مستمرة بين إقليم كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد حظيت هذه العلاقات بإشادة العديد من القادة الكورد. بعد زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق وإقليم كوردستان، إلى أي مستوى وصلت هذه العلاقات؟ وكيف جرى العمل على تعزيزها وتطويرها؟

فرامرز أسدي: انظر، كانت علاقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الكورد وثيقة ومترابطة منذ صباح 22 بهمن. بالطبع، هذه العلاقة كانت قائمة حتى قبل تأسيس الجمهورية الإسلامية، ويمكنكم التأكد أننا سنظل مرتبطين بهذه العلاقة لمئات السنين القادمة، لأن لدينا الكثير من القواسم المشتركة، وعلاقاتنا قوية لدرجة أنه لا يمكن لأي حكومة أو مؤامرة أو فتنة أن تفصل بين هذين الشعبين.

خلال هذه الفترة، كانت علاقاتنا مع إخوتنا الكورد قائمة دائماً على التبادل والتعاون، سواء في الخدمات أو المصالح المشتركة. في بعض الأحيان، حاول أعداؤنا المشتركون تعكير صفو هذه العلاقات، لكن الجهات المعنية في كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية أدارت الأمور بحكمة، وهو ما نراه اليوم في أعلى المستويات. فقد شهد العام الماضي زيارة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الإيراني إلى إقليم كوردستان، وهذه الزيارات مستمرة ضمن برنامج متواصل.من جهة أخرى، يقوم رئيس الإقليم المحترم، ورئيس الحكومة، ورئيس الوزراء، وقادة الأحزاب، والمسؤولون الحكوميون والوزراء، بزيارات دورية، بعضها أسبوعي وشهري، وقد تكررت هذه الزيارات مرات عدة هذا العام، ما يعكس دفء وقوة العلاقات بين الجانبين.

رووداو: لدي عدة أسئلة تتعلق بالمجالات التجارية والثقافية والأمنية، لكن هناك نقطة لفتت انتباهي الآن. لقد استخدمت مصطلح “إقليم كوردستان”، وأعتقد أن إيران، مقارنة بدول الجوار الأخرى، تتحدث بصراحة أكبر عن كوردستان وتستخدم هذا المصطلح بشكل واضح. بينما تكتفي بعض الدول بقول “الإقليم” أو تشير إليه بـ”شمال العراق”، نجد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستخدم تعبير “إقليم كوردستان”. ما الذي يميز الموقف الإيراني في هذا السياق؟

فرامرز أسدي: لأننا نرى كوردستان، وإقليم كوردستان، وشعب كوردستان كامتداد للثقافة الإيرانية. هم أعزاء ومحترمون لدينا، ونحن لا نشارك وجهة نظر تلك الدول الأخرى تجاه الكورد. لدينا في بلادنا محافظة كوردستان، وفي طهران يوجد طريق كوردستان السريع. شعب كوردستان هو شعبنا من الناحيتين الثقافية والاجتماعية. عدد كبير من شعبنا هم من الكورد، وأنا نفسي كوردي، ونفتخر بذلك، كما نفتخر بأن جزءاً من شعبنا هم كورد. نحن نعتبر إقليم كوردستان جزءاً منا، ونظرتنا إليه تختلف عن نظرة الآخرين.

رووداو: إلى أي مستوى تستهدفون وصول التبادل التجاري بين إقليم كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا العام؟ وإلى أي اتجاه تسير هذه العلاقات الاقتصادية؟

فرامرز أسدي: انظر، لقد التقيت كبار الشخصيات في إقليم كوردستان وتحدثت معهم، كما تحدثت مع المسؤولين الحزبيين والحكوميين. الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها خطة لتطوير علاقاتها في جميع المجالات، والقضية الاقتصادية ليست استثناءً، بل هي مهمة وذات أولوية بالنسبة لنا. إخواننا والمسؤولون المحترمون في إقليم كوردستان، الإخوة السياسيون، النخبة السياسية، المسؤولون الحكوميون والحزبيون، قد أبدوا موافقتهم في هذا المجال، وقالوا أيضاً إن رغبتنا هي تطوير العلاقات، وإن شاء الله، نحن الطرفان نسعى لتطوير هذه العلاقات. أي رقم موجود قد يكون جيداً، لكنه ليس في مستوى رضانا.

رووداو: فيما يتعلق بالتجارة، كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية سابقاً تشارك بشكل أكبر في المعارض التجارية الدولية في أربيل، وخاصة في السليمانية. سؤالي هو: هل هناك خطط لافتتاح معرض تجاري إيراني في أربيل مستقبلاً؟ وهل هذا ضمن برامجكم؟

فرامرز أسدي: بالتأكيد، نعم. المعارض الكبيرة، إن شاء الله، سترون بعد عيد نوروز، في الشهر الثاني من عام 1404، معرضاً كبيراً في الإقليم. نحن نسعى للتشاور، وأود أن أقول إن أحد اجتماعاتي المهمة، والتي كانت من أوائل الاجتماعات، كان مع غرفة تجارة إقليم كوردستان وأربيل. كان لدينا معهم اتفاق بأنه، إن شاء الله، سنعمل معاً مع المحافظات المجاورة ومع طهران، وبشكل عام مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. سنشارك معاً في المعارض الأخرى، وندعو الأصدقاء، وسنأتي بأنفسنا للعمل هنا بشكل مستقل.

رووداو: فيما يتعلق بالعلاقات والتنقل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإقليم كوردستان، هناك حركة سفر نشطة. لكن سكان إقليم كوردستان يرون أن التسهيلات التي يقدمها الإقليم للمواطنين الإيرانيين يجب أن تقابلها تسهيلات مماثلة من جانب الجمهورية الإسلامية لمواطني العراق وإقليم كوردستان. على سبيل المثال، عند السفر إلى إيران بالسيارة، يُطلب دفع مبلغ مالي يُقدَّر بحوالي 250 دولاراً. هل هناك نية للعمل مع الحكومة الإيرانية لخفض هذا المبلغ الذي بات معروفاً لدى معظم الناس؟

فرامرز أسدي: حول هذه المواضيع، كان من المقرر أن نتباحث مع محافظي المحافظات الحدودية. كما تعلمون، في إيران هناك منظمات مختلفة، وهذا الموضوع يتعلق بالحدود وعمل الأنظمة الجمركية. الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها عدة قوانين تصدر سنوياً، حتى بالنسبة لخروجنا نحن. إذا جاء شخص إيراني، على سبيل المثال، إلى إقليم كوردستان هذا العام لمرة واحدة، تكون رسوم خروجه قليلة، وفي المرة الثانية تزداد، وكذلك في المرة الثالثة. لكن بالنسبة للمواطنين العراقيين، سواء القادمين من إقليم كوردستان أو العائلات التي تزور إيران، فإن الرسوم ثابتة. أما فيما يتعلق بالسيارات، فأعتقد أنه موضوع عالمي يجب متابعته من خلال جمارك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك عبر المحافظات الحدودية والمعابر التي تمر منها السيارات وتُسجل. علينا متابعته والاستفسار عنه.

روداو: هل سيكون أحد مهامك الإصرار على تخفيضها؟

فرامرز أسدي: اليوم لا يمكنني أن أقدم وعداً بأننا نستطيع تخفيضها أم لا، لكن يمكن متابعة الموضوع، يمكننا الاستفسار لمعرفة كيف هو الوضع، لكنني لا أعتقد أنها 250 دولاراً. يعني هل يأخذون الآن 250 دولاراً للسيارة الواحدة التي تدخل إلى إيران؟

رووداو: هذا ما سمعته، في الحقيقة، أنا لم أذهب بنفسي؟

فرامرز أسدي: لا، لا، أريد أن أوضحها بهذه الطريقة. أنتم تدفعون 250 دولاراً لمدة سنة كاملة، ويمكنكم الذهاب بالسيارة إلى إيران عدة مرات خلال هذه السنة، وليس لمرة واحدة فقط. لا أعتقد أنه مبلغ كبير. اليوم، بالنسبة للتجار الذين يرغبون في السفر بسياراتهم من هنا إلى مشهد، يزد، أو شيراز، فإن هذا الخيار أفضل من استئجار سيارة أو السفر جواً. المبلغ المدفوع لا يعادل حتى ثمن تذكرة طيران واحدة، على سبيل المثال، إذا أراد شخص السفر من أربيل إلى طهران والعودة. يمكنه الذهاب بسيارته، والتجول في إيران لمدة شهر، ودفع 250 دولاراً فقط، مما يسمح له بالسفر عدة مرات خلال السنة.

رووداو: ليس لمرة واحدة، أقصد أن المبلغ يُؤخذ، لكن هناك من يسافر مرة واحدة فقط. كان هناك اتفاق بين محافظي السليمانية وأربيل وسنندج وأورمية، إلى جانب القائممقامين في المناطق الحدودية، لعقد اجتماع مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل لتقييم الأوضاع. لكن أحياناً يواجه هذا الاتفاق مشكلات أو يتأخر ولا يُعقد. ما هو دوركم في هذا السياق؟

فرامرز أسدي: انظر، في هذا الموضوع دعونا نتحدث بإنصاف، لأن عمل الطرفين كثير والقضايا الإدارية والأعمال والمشاكل والعقبات التي تواجه المحافظين كثيرة، قد لا يتمكنوا من عقد اجتماع كل ثلاثة أشهر، لكن قبل أن آتي إلى هنا، ذهبنا وتحدثنا مع المحافظين ودعني أخبركم اليوم، محافظا كردستان وكرمانشاه في المنافسة، ولديهما طلب لعقد اجتماع محافظي الإقليم ومحافظي المناطق الحدودية لجمهورية إيران الإسلامية في محافظتهما، وقلنا إن هذا الاجتماع سيكون بعد رأس السنة، أو بعد شهر رمضان المبارك؛ كلاهما يرغب في هذا الموضوع، محافظة كرمانشاه ومحافظة كردستان، لأن اجتماع أورمية قد تم، في أذربيجان الغربية، وتم في أربيل أيضاً، والآن جاء دور إحدى المحافظات الإيرانية، وكلتا المحافظتين تطلبان ذلك.

رووداو: أحياناً ترد شكاوى بشأن إغلاق المعابر الحدودية من الجانب الإيراني خلال فترات تساقط الثلوج والأمطار الغزيرة، رغم أن القرار ينص على عدم إغلاقها إلا في ثلاث مناسبات فقط، وهي عيد نوروز وعيد الأضحى وعيد الفطر. لماذا لا يتم تقديم المزيد من التسهيلات من الجانب الإيراني لإبقاء المعابر مفتوحة حتى خلال هذه الظروف الجوية؟

فرامرز أسدي: انظروا، ما يحدث على الجانب الآخر تأكدوا أنه من أجل سلامة الناس. كما تعلمون، الحدود تعج بالسيارات الثقيلة، الشاحنات والناقلات التي ترونها، وهي مركبات ضخمة جداً. في ظل تساقط الثلوج والأمطار، ومع الطرق الجبلية والمنعطفات، تصبح هذه المركبات خطرة على نفسها وعلى السيارات الأخرى والناس. في بعض الأحيان، حتى داخل البلاد، بين مدينتين، عندما تتساقط الثلوج والأمطار، نقوم بإغلاق الطريق لفترة حتى يتم تنظيفه، سواء كان ذلك ليوم واحد، لبضع ساعات، أو ليلة واحدة، حسب الحاجة. نحن نغلق الطريق خلال الفترة التي يكون فيها خطراً، حتى يجف أو تتم إزالة الثلوج منه. بالطبع، على هذه الطرق، ومع كثافة مرور المركبات الكبيرة وخطورتها، تزداد احتمالات وقوع الحوادث في أوقات الثلوج والجليد. تقبلوا أن إيران تقوم بذلك حفاظاً على أرواح شعبها، وأرواح السائقين، وأرواح أهل إقليم كوردستان أيضاً. دعونا لا نضغط في هذا الموضوع، ولندع الأمر يستمر من أجل سلامة الجميع.

رووداو: لا زلنا نتحدث عن الحدود، لكن هذه المرة من زاوية الأمن الحدودي. هناك اتفاقية تجمع بين إيران والعراق، ويشمل ذلك إقليم كوردستان، وكان من المقرر عقد اجتماع ثلاثي في أربيل لمناقشة أمن الحدود وحمايتها. السؤال الأول: متى سيتم عقد هذا الاجتماع الأول، أم أنه لن يُعقد؟ والسؤال الثاني: هل تسير الاتفاقية التي أبرمها الأطراف الثلاثة وفقاً لما هو مخطط لها حتى الآن؟

فرامرز أسدي: انظر، الحدود مشتركة، وليست لطرف واحد فقط. استخدامها، أمنها، واقتصادها مسؤولية كلا الطرفين، وكل طرف مسؤول تجاه الآخر. كانت هناك بعض التحركات على تلك الحدود، حيث اتفقت الأطراف الثلاثة – إقليم كوردستان، بغداد، وطهران – بشكل طبيعي على حماية أمن الحدود المشتركة وتشكيل لجنة لهذا الغرض. هذه اللجنة قد تم تشكيلها بالفعل، وعقدت العديد من الجلسات. نعم، تم تنفيذ بعض بنود الاتفاقية، بينما يتقدم البعض الآخر ببطء. من الطبيعي جداً أن تتابع الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل، خاصة تلك المتعلقة بالحدود التي لدينا مخاوف بشأنها في إقليم كوردستان. تتم متابعة الأمر بشكل منتظم، وقد عُقدت اجتماعات عدة في أربيل، وستستمر هذه الاجتماعات. لن يتم تجاهل هذا الملف، وستستمر اللقاءات حتى تحقيق النتائج النهائية.

رووداو: هل مخاوفكم كثيرة؟

فرامرز أسدي: نعم، الأمن بالنسبة لنا أمر في غاية الأهمية، حتى لو تعرض شخص واحد لحادث. أي فرد منا، أي موظف لدينا، أو أي شخص يشعر بعدم الاستقرار النفسي، فهو مهم للجمهورية الإسلامية الإيرانية. لماذا؟ لأن هناك أشخاصاً مسؤولين عن هذا الأمر، وكل شخص معني بهذا الملف يجب أن يؤدي دوره، حتى يشعر الجميع بالأمان.

رووداو: هل تعتقدون أن هذه المخاوف سيتم حلها بسهولة وستزول؟

فرامرز أسدي: 100%، كما كان الحال حتى الآن، وإن شاء الله، سيستمر كذلك مستقبلاً.

رووداو: حتى الآن، ما هي نسبة تنفيذ هذه الاتفاقية؟

فرامرز أسدي: انظر، مرحلة بمرحلة، تم تنفيذ مرحلتين أو ثلاث مراحل بشكل كامل وجيد. بالطبع، أنا لست عضواً في هذه اللجنة وليس لدي معلومات دقيقة، لكن وفقاً لمتابعتي، تم تنفيذ ثلاث أو أربع مراحل بنجاح تام. نحن في المرحلتين أو الثلاث مراحل الأخيرة التي سيتم تنفيذها بالتأكيد، لكن كل من العراق والإقليم تحت ضغوط خارجية، ونحن نتفهم ذلك، لكننا نتابع الأمر لنصل إلى النتائج النهائية بأي طريقة، بشكل ودي وأخوي.

رووداو: دعنا نبتعد قليلاً عن ملف الحدود، خاصة وأن إيران كان لها دور مستمر في العلاقات بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكذلك في حكومة إقليم كوردستان وتشكيلها في الماضي. ما هو دور إيران الآن في تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني من أجل تشكيل حكومة إقليم كوردستان؟ وما الخطوات التي قمتم بها في هذا الصدد؟

فرامرز أسدي: انظر، أولاً الحمد لله، رجال الإقليم وخاصة الحزبين الكبيرين والعريقين وصاحبي الموارد البشرية في إقليم كردستان، أي الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، يفهمون تماماً كل الأمور ويديرونها. نحن، كأخ ثالث لهذين الأخوين اللذين كانا دائماً معاً وإلى جانب بعضهما البعض. إذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية دأبت دائماً، سواء قبل تأسيس إقليم كوردستان أو بعد تشكيله وحتى اليوم، على تقديم مقترحات أخوية تهدف إلى تعزيز الوحدة داخل الإقليم.

اسألوا النخب، القادة الكورد، أين تشكلت الجبهة الكورية؟ كيف تشكلت الجبهة الكوردستانية وكيف كانت معظم الاتفاقيات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وبين الكورد وبغداد؟ كل هذه كانت من خلال الرؤية الخيّرة والأخوية والمخلصة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. واليوم أيضاً، إذا استمع إخواننا في الاتحاد الوطني وإخواننا في الحزب الديمقراطي لاقتراحنا، واستمعوا لمشورتنا الأخوية، عليهما تشكيل الحكومة معاً، ومن الطبيعي أن تكون الأحزاب الأصغر جزءاً من هذا الإطار لدعم الأحزاب الكبيرة، وليس لتحديها، لأنكم مع كل يوم تستمر فيه هذه المماطلات، تؤخرون يوماً من برنامج تقديم الخدمات للمواطنين. لذلك، كلما تم تشكيل الحكومة بسرعة أكبر، تمكنت من تنفيذ خططها لخدمة الشعب في وقت أقرب، وإن شاء الله، تحقق هدفها النهائي المتمثل في خدمة المواطنين.

رووداو: قلتَ إن الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي إذا استمعا إليكم… هل تعتقد أنهما سيستمعان إليكم؟

فرامرز أسدي: يحترموننا، وقد أظهر قادة الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي دائماً احترامهم للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي المقابل فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تبادلهم نفس الاحترام. لقد كنا أصدقاء وإخوة نعمل معاً منذ 46 عاماً. من الطبيعي جداً جداً أن يكون لدى هذين الأخوين اللذين عملا معاً سواء في إقليم كوردستان أو في العراق بعض الاختلافات في وجهات النظر فيما بينهم. هذا موجود دائماً، وهو موجود داخل الجمهورية الإسلامية نفسها، وحتى داخل الأسرة الواحدة، وفي إقليم كوردستان من الطبيعي جداً أن تختلف آراؤكم وبرامجكم ومطالبكم مع أخيكم. هذا الأمر موجود بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، لكن هذه الخلافات لم تصل أبداً إلى درجة تمنعهم من العمل معاً. لقد كانت لديهم خلافات دائماً، ولم يخلُ الأمر من الخلافات بين الطرفين في أي وقت، ولكن رغم وجود هذه الخلافات، فقد عملا دائماً معاً من أجل تحقيق هدفهم الكوردي الأكبر.

رووداو: فيما يتعلق بدور إيران في الثقافة والتراث، باعتبارها إمبراطورية في هذا المجال، فإن شعب إقليم كوردستان غالباً ما يتأثر بالثقافة الإيرانية. ما هو دوركم في تعزيز أو إعطاء أهمية أكبر للجانب الثقافي في إقليم كوردستان؟ وما الذي قدمتموه للشعب في هذا الصدد؟

فرامرز أسدي: انظر، الحمد لله، عندما أحضر الاجتماعات، أجد أن معظم الأصدقاء والشخصيات المهمة في إقليم كوردستان، سواء في الحكومة أو الدولة أو الأحزاب، يتحدثون الفارسية. إذا زار شخص إيراني أي مدينة في إقليم كوردستان للمرة الأولى، فإنه لا يشعر بالغربة، وفي معظم الحالات، بعد يوم أو يومين، يمكنه إنجاز أعماله في الإقليم باستخدام اللغة الفارسية نفسها. وأنتم تعلمون أفضل مني أن مئات الأشخاص من سكان إقليم كوردستان، حتى الذين لا يعرفون كلمة واحدة بالفارسية، يسافرون يومياً إلى إيران، ويتجولون في مختلف المدن الإيرانية دون أي مشكلة، ثم يعودون إلى الإقليم.

فيما يتعلق برغبتنا في امتلاك برنامج واستراتيجية موحدة لهذا العمل، فنحن، بشكل عام، نحب إخواننا الكورد، وإخواننا الكورد في إقليم كوردستان مرتبطون بالثقافة الإيرانية. لماذا؟ لأنهم يعتبرونها ثقافتهم الأم. لدينا الكثير من القواسم المشتركة، سواء الطبيعية، الإنسانية، الجغرافية، التاريخية، الثقافية، أو الاجتماعية. طرحت سؤالاً على أصدقائنا – لا أعلم إن كان هذا سيُبث على التلفاز – قلت لهم: اذهبوا وابحثوا في مدى التشابه بين الكورد وإقليم كوردستان مع مختلف دول العالم والدول المجاورة، وقارنوا نسب الزواج بين الكورد والإيرانيين مقابل الشعوب والدول الأخرى، وانظروا إلى حجم هذه العلاقات. على أي حال، الزواج موضوع مهم جداً، فهو قرار شخصي يحدد حياة الإنسان، وفي كثير من البيوت تجد أن العروس إيرانية أو العريس إيراني، والأمر نفسه في إيران. لا يقتصر ذلك فقط على المناطق الحدودية مثل ديانا وبيرانشهر، بل يمتد إلى أشخاص من أربيل يتزوجون من أصفهان، يزد، طهران، وكذلك في السليمانية والعكس صحيح، وحالات الزواج كثيرة جداً. هذا ليس عملاً منظمًا للحكومة، ولا يتم بأي شكل من أشكال الإلزام أو التوجيه.

رووداو: هل المقصود تقليل هذه الحالات أم استمرارها؟

فرامرز أسدي: لا، لا، ما أعنيه هو أن هذه القواسم المشتركة وصلت إلى مستوى لم تعد بحاجة إلى أي تخطيط، فالناس أنفسهم قد تقبلوا بعضهم البعض، ونحن نرغب في أن تزداد أكثر.

رووداو: دعني أسأل عن الجانب الأكاديمي، هل أنتم راضون عن مستوى تدريس اللغة الفارسية في جامعات كوردستان، خصوصاً في برامج الدراسات العليا؟

فرامرز أسدي: في إقليم كوردستان، لدي معرفة سابقة بالإقليم، ولم أكن منقطع الصلة بالجامعات، إذ كانت ولا تزال لدي علاقات مع النخبة والمسؤولين. كان هناك اهتمام كبير جداً بتعليم اللغة الفارسية، حيث كانت تُدرّس في الجامعات، وتم تشكيل فريق خاص باسم “فريق اللغة الفارسية”، وتمكن العديد من الطلاب من تعلمها، واليوم أصبحت اللغة الفارسية ضرورية في سوق العمل في إقليم كوردستان. مع الأخذ بعين الاعتبار ما ذكرتموه من العلاقات التجارية، البيع والشراء، التنقل، والاستثمار، سواء الاستثمارات الإيرانية في الإقليم أو العكس، فمن الطبيعي أن تكون هناك حاجة لأشخاص يتحدثون الفارسية للعمل في المصانع والشركات، وللتعامل مع التجار والمشاركة في المعارض. ومن الطبيعي أيضاً أنه كلما زاد عدد هؤلاء الأشخاص، كلما كان ذلك أمراً يسعدنا أكثر.

رووداو: قد يتساءل بعض المشاهدين: هل ستظل هذه العلاقات الجيدة بين إقليم كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية كما هي، أم أنها قد تواجه تحديات بعد عودة دونالد ترمب؟ هل هناك احتمال أن تتأثر هذه العلاقات أو تصبح أكثر تقييداً؟

فرامرز أسدي: انظر، العلاقة بين الكورد وإيران، بين إقليم كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم يؤسسها السيد ترامب أو غيره. لقد كان ترامب رئيساً لأربع سنوات، وبذل كل ما في وسعه ضد إيران، لكن ذلك لم يؤثر على علاقتنا. دعني أوضح لك ذلك. الجمهورية الإسلامية الإيرانية خاضت حرباً مباشرة مع حكومة البعث ونظام صدام حسين لمدة ثماني سنوات، بالإضافة إلى سنة قبلها وسنة بعدها، أي عشر سنوات من القطيعة الرسمية. لكن هل انقطعت العلاقات بين شعب كوردستان وإيران خلال تلك الفترة؟ هل توقفت الزيارات العائلية والتواصل؟ لا.

حتى عندما حشد صدام كل قواته وقدراته على الحدود، وسعى بنفسه لقطع هذه العلاقات، لم يحدث ذلك. لم تكن قدرات صدام قليلة، وكنا في حالة حرب، ومع ذلك لم تنقطع العلاقة. لذلك، أؤكد لكم أن ترامب، وما بعد ترامب، وما قبل ترامب، لن يكون لهم أي تأثير على العلاقات بين شعب إقليم كوردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية. بالطبع، هم لا يمانعون في بناء جدار على حدود إيران، وإذا استطاعوا، فسيفعلون ذلك.

رووداو: ما هي رسالتك لشعب إقليم كوردستان؟ نود أن نسمعها منك باللغة الكوردية قدر الإمكان.

فرامرز أسدي: إذا استطعت.

رووداو: بالتأكيد تستطيع.

فرامرز أسدي: أرغب كثيراً في أن أتمكن من التحدث باللغة الكوردية مع الشعب الكوردي العزيز في إقليم كوردستان. أشكرهم جزيلاً على استضافتهم لنا خلال هذه السنوات، والحمد لله، كانت علاقتنا معهم جيدة جداً. أشكر جميع شعب كوردستان، وخاصة حكومة الإقليم والأحزاب السياسية الكوردستانية، على وقوفهم معنا. إن شاء الله، سنبقى معاً في المستقبل، وسواء جاء ترامب أو ذهب غيره، فلن يؤثر ذلك على علاقاتنا.

رووداو: شكراً جزيلاً، لغتك الكوردية جميلة جداً. شكراً جزيلاً، السيد فرامرز أسدي، القنصل العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية في أربيل. نقدر وقتك ونشكرك على هذه المقابلة.

فرامرز أسدي: إن شاء الله، يمكننا التحدث مع بعضنا أكثر وتعزيز علاقاتنا أكثر. أشكرك.