مسعود بارزاني المرشح الأقدر على لعب دور الوسيط، إذ يمتلك رصيدا من الثقة بين الأكراد وله علاقة بأنقرة.
انفتاح بارزاني يسمح له بأن يمضي بالوساطة إلى مستوى فعال
أربيل (إقليم كردستان العراق) – سلّم الأحد وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي المناصر للأكراد الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني رسالة من عبدالله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني، وذلك في إطار مساع لإطلاق عملية سلام مع أنقرة.
ومسعود بارزاني هو المرشح الأقدر على لعب دور الوسيط بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في حال دعاه أوجلان إلى إلقاء السلاح وفتح باب الحوار مع أنقرة، حيث يمتلك رصيدا من الثقة بين الأكراد لكونه الزعيم الكردي التاريخي وله تجربة ثرية مكنت أكراد العراق من الحصول على حكم ذاتي ومكاسب ثقافية واجتماعية واقتصادية.
كما أن انفتاحه على أنقرة يسمح له بأن يمضي بالوساطة إلى مستوى فعال ولا يكون مجرد ناقل لمطالب هذا الطرف أو ذاك وخاصة الجانب التركي في حال سعى إلى مفاوضات غير متكافئة أو فرْض شروط مسبقة. كما أنه لن يسمح بأن يكون مجرد واجهة للهروب من تحقيق السلام وفق ما يطلبه أوجلان في رسالته إلى القيادة الكردية.
ودعا بارزاني عقب لقائه الوفد الكردي التركي إلى “أن يركز الجميع جهودهم على إنجاح عملية السلام” باعتبارها “الطريق الوحيد الصحيح للوصول إلى حلّ” النزاع.
ونقل الموفدون من القوة الثالثة في البرلمان التركي “رسالة من السيد عبدالله أوجلان إلى الرئيس (مسعود) بارزاني” زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، خلال اجتماع الأحد قرب عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي، حسب ما أفاد به مكتب بارزاني.
ويخوض حزب العمال الكردستاني نزاعا مسلحا منذ أربعة عقود مع السلطة المركزية التركية، وتصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة “إرهابية”. وتقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة متمردي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان.
واستمرّ اللقاء “ساعة و45 دقيقة”، بحسب بيان صدر عن الوفد التركي برئاسة النائبَين سيري سورييا أوندر وبرفين بولدان اللذين زارا أوجلان مرتين في سجن جزيرة إيمرالي قبالة سواحل إسطنبول، حيث يقبع مؤسس حزب العمال الكردستاني منذ 1999. وأكّد أوجلان خلال اللقاءين أنه “مصمّم” على المشاركة في عملية المصالحة.
وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ حوالي عقد، أطلق معسكر رجب طيب أردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها في أكتوبر على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة.
وآنذاك دعا بهجلي أوجلان إلى نبذ العنف وحلّ حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه. وكذلك سمحت الحكومة لنواب من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب التركي المناصر لقضايا الأكراد بلقاء أوجلان في مكان اعتقاله.
ويقول عباس شاهين، الرئيس المشارك لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب في ديار بكر، “لا يمكن لأي حرب أن تستمر إلى الأبد،” مؤكدا أنّ “الإصرار على عدم التوصّل إلى حل لن يفيد أحدا،” واعتبر أنّ “أسوأ أنواع السلام أفضل من الحرب.”
وأوضح حزب المساواة وديمقراطية الشعوب في بيانه المقتضب الأحد أن الوفد “قدّم معلومات عن الاجتماعات التي عُقدت مع السيد أوجلان، وتلقى آراء بارزاني ومقترحاته وأفكاره في ما يتعلق بالعملية.”
وسيواصل الوفد لقاءاته في أربيل الاثنين مع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، على أن يتوجه الثلاثاء إلى السليمانية ثانية كبرى مدن الإقليم للقاء رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني.
ومن المتوقّع أنّ يُطلق أوجلان “نداء تاريخيا” خلال الأسابيع المقبلة، يأمل العديد أن يشكل مدخلا لحلّ ديمقراطي لـ”القضية الكردية”. ورغم أنّ موعد رسالته المرتقبة لم يُحدد بعد، إلا أنّ الزعماء السياسيين الأكراد يقولون إنّه وشيك ويؤكدون أنّ الرسالة ستصدر قبل عيد النوروز (رأس السنة الكردية) في مارس.
غير أن التوجّس والقلق لا يزالان قائمين، إذ سبق أن سادت آمال تحقيق السلام وسرعان ما تبددت، لاسيما عند انهيار الهدنة التي تمّ التوصل إليها في عام 2015، ما أدى إلى اندلاع العنف في جنوب شرق تركيا.
وتؤكد الرئيسة المشاركة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب في ديار بكر غولسن أوزير أنّ الصدمات السابقة لا تبعث على الثقة، موضحة أنّ تخطيها سيستغرق بعض الوقت. وتقول “الأشخاص الذين فقدوا أبناءهم هم أكثر من يريدون السلام، لا يريدون أن يعيش آخرون الألم نفسه.”
من جانبه يشير سيدات يورطاس، من مركز تيغر للأبحاث في ديار بكر، إلى أنّ المبادرة هذه المرة تختلف عن المبادرات السابقة لأنّها تأتي من زعيم حزب قومي.