قبل ساعات من وصول وفدي واشنطن وموسكو إلى الرياض لإجراء مباحثات بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا، والتحضير للقمّة المزمع عقدها بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، حلّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ضيفاً على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ثاني محطات جولته الشرق أوسطية بعد إسرائيل.
غزّة في الصدارة
وروبيو، الذي سيبقى في المملكة ليومين، سيبحث خلال زيارته العديد من الملفات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط والعالم. وستتصدّر القضية الفلسطينية، وبشكل خاص مسألة المرحلة الثانية من اتفاق غزّة وإعادة إعمار القطاع و”ريفييرا ترامب” والخطة العربية البديلة، مباحثات وزير الخارجية الأميركي مع المسؤولين السعوديين، قبل أن يتوجّه إلى الإمارات حيث يختتم جولته.
وكان روبيو استبق قدومه إلى السعودية بإطلاق مواقف مؤيدة لاقتراح ترامب تهجير الغزيين إلى دول مجاورة، وتولي الولايات المتحدة إعمار القطاع، الأمر الذي لاقى رفضاً عربياً واسعاً، وخصوصاً من المملكة التي عبّرت بوضوح عن تأييدها حلّ الدولتين، مؤكدة أنّ هذا “الموقف الثابت” ليس محل تفاوض أو مزايدات، وأن السلام العادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. وأكد بن سلمان، أكثر من مرّة، أن الرياض لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل، وهو هدف لواشنطن منذ فترة طويلة، دون اتفاق يتضمّن مساراً لإقامة دولة فلسطينية.
وتقود المملكة الجهود العربية لصياغة مقترح مضاد قد يتضمن صندوقاً لإعادة إعمار تقوده دول الخليج واتفاقاً لتنحية “حماس” من الحكم في غزة.
العلاقات الأميركية – الروسية… وأوكرانيا
وإلى جانب ملف غزّة الجدلي، يحضر إصلاح العلاقات الأميركية – الروسية المتوترة بقوّة في السعودية، إذ يلتقي روبيو، ومعه مستشار ترامب للأمن القومي مايك والتز ومبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بوفد روسي رفيع قال الكرملين إنّه سيضمّ وزير الخارجية سيرغي لافروف ومستشار السياسة الخارجية لبوتين يوري أوشاكوف، وهما مفاوضان مخضرمان.
ومن شأن هذا الاجتماع أن يضع الأساس رسمياً للمفاوضات بشأن إنهاء الصراع في أوكرانيا، تمهيداً لقمة بوتين وترامب في السعودية.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ المحادثات بين الجانبين “ستُخصص في المقام الأول لإعادة بناء العلاقات الروسية – الأميركية في كل المجالات”. وأضاف أن اللقاء “سيخصص أيضاً للتحضير لمفاوضات محتملة لتسوية الوضع في أوكرانيا وتنظيم اللقاء بين الرئيسين”.
ولفت إلى أنّ الشرق الأوسط قد يكون أيضاً على طاولة المحادثات، في إشارة ربما تطال سوريا التي انهار فيها حكم بشار الأسد، والانتكاسة التي منيت بها إيران.
ويأتي الاجتماع بعد ثلاث سنوات من التجميد شبه الكامل للعلاقات بين الجانبين، وقبل أسبوع من الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي حين شغلت مكالمة ترامب الهاتفية مع بوتين الأسبوع الماضي الوسط الديبلوماسي، تزيد الإدارة الجديدة من انتقاداتها لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين التقليديين، الذين استبعدتهم والأوكرانيين عن محادثات السلام، ما أثار ريبة كييف ودفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى انتقاد واشنطن بشدّة.
ودعا زيلينسكي، الذي يتوجّه غداً من الإمارات إلى تركيا وبعد غد إلى السعودية، الأوروبيين إلى “التحرك” لتجنب أن يعقد الأميركيون اتفاقاً “وراء ظهر” أوكرانيا وأوروبا.
وقال إن كييف “لم تكن تعرف شيئاً” عن المحادثات الروسية – الأميركية و”لن نعترف بأي اتفاقات تتعلق بنا بدوننا”.