يقود مفاوضات مبادلة المعتقلين والرهائن ويدير العمليات العسكرية من مخابئ تحت الأرض في غزة
قال يحيى السنوار أمام حشد في غزة العام الماضي إن حركة “حماس ” ستنشر مقاتلين وصواريخ موجهاً ضربة شديدة لإسرائيل التي سجنته 23 عاماً قبل إطلاق سراحه وانتقاله إلى دوره القيادي في الجماعة المسلحة.
وحملت الكلمة التي ألقاها زعيم “حماس” في غزة أمام آلاف المؤيدين طابعاً خطابياً يستدر عطف الجماهير. وبعد أقل من عام، اكتشفت إسرائيل أن الكلمة لم تكن مجرد تهديد أجوف، بعد أن اخترق مسلحو “حماس” سياج غزة وقتلوا نحو 1200 شخص واحتجزوا أكثر من 200 كرهائن.
وفي كلمته التي ألقاها في الـ 14 من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، قال السنوار إنه سيغرق إسرائيل “بطوفان هادر وصواريخ دون عد”.
وفي وقت إلقاء الكلمة، كان السنوار ومحمد الضيف ، القائد العام لكتائب “عز الدين القسام”، الجناح العسكري لـ”حماس”، قد وضعا بالفعل خططاً سرية لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد منذ 75 عاماً، ورداً على الهجوم قصفت إسرائيل غزة واجتاحتها، مما أسفر عن مقتل أكثر من 15 ألف فلسطيني.
من يستمع إلى كلمات السنوار الآن يكتشف أنها كانت نذيراً لما سيأتي، وهو الهجوم الذي أطلقت عليه “حماس” اسم “طوفان الأقصى”.
يقود المفاوضات
وقالت ثلاثة مصادر من “حماس” لوكالة “رويترز” إن السنوار يقود مفاوضات مبادلة المعتقلين والرهائن ويدير العمليات العسكرية مع الضيف وقائد عسكري آخر ربما من مخابى تحت الأرض في غزة.
وصرح مسؤول أمني إسرائيلي كبير إلى الصحافيين هذا الأسبوع بأن السنوار كان له تأثير في المحادثات التي توسطت فيها قطر وأدت إلى وقف إطلاق النار الذي انتهى الجمعة بعد إفراج إسرائيل عن أكثر من 200 أسير فلسطيني مقابل إخلاء سبيل عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وقال رهائن مفرج عنهم إنهم شاهدوا السنوار في الأنفاق في الأيام التي تلت هجوم السابع من أكتوبر، ولم تعلق “حماس” والمسؤولون الإسرائيليون علناً على هذه الرؤية المزعومة.
وتعتبر مسألة الرهائن وتبادل المحتجزين شديدة الخصوصية للسنوار الذي قضى نصف عمره منذ أن شب خلف القضبان والذي تعهد بإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل.
وفي بيانه الوحيد منذ الهجمات، دعا السنوار جمعيات رعاية المحتجزين إلى إعداد أسماء الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل، وقال إنهم سيعودون جميعاً لوطنهم.
وكان هو نفسه واحداً من 1027 فلسطينياً أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية في مقابل جندي إسرائيلي واحد محتجز في غزة عام 2011.
ودعا في تجمع حاشد بمدينة غزة بعد إطلاق سراحه الفصائل الفلسطينية إلى التعهد بإطلاق سراح السجناء المتبقين وأن يتحول هذا على الفور إلى خطة عملية.
“يعيشون في الوقت الضائع”
انتخب السنوار (61 سنة)، المولود في مخيم خان يونس للاجئين، زعيماً لحركة “حماس” في غزة عام 2017، ومنذ السابع من أكتوبر تعتبر إسرائيل أنه وغيره من القادة “يعيشون في الوقت الضائع”، بحسب قول وزير الدفاع يوآف غالانت الأسبوع الماضي.
وذكر مسؤولون من المنطقة أن إسرائيل لن تنهي الحرب على الأرجح قبل قتل السنوار أو أسره.
وبرز السنوار على الساحة باعتباره رجلاً ينفذ مهماته بلا رحمة ورئيساً لجهاز الأمن والدعوة “مجد” الذي تعقب وقتل وعاقب فلسطينيين متهمين بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية قبل سجنه.
ويتفق قادة “حماس” والمسؤولون الإسرائيليون الذين يعرفون السنوار على أن إخلاصه للحركة المسلحة استثنائي.
ووصفه أعضاء “حماس” المقيمون في لبنان بأنه متزمت ويتمتع بقدرة مذهلة على التحمل.
وقال المسؤول السابق في الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) مايكل كوبي الذي استجوب السنوار لمدة 180 ساعة في السجن، إنه كان له بروز واضح بسبب قدرته على الترهيب والقيادة، وسأل كوبي ذات مرة السنوار الذي كان يبلغ من العمر حينذاك 28 أو 29 سنة، لماذا لم يتزوج.
وكشف كوبي عن أن السنوار “قال لي إن ’حماس‘ هي زوجتي، و’حماس‘ هي ولدي، و’حماس‘ بالنسبة لي هي كل شيء”.
“أنقذنا حياته”
وكان السنوار اعتقل عام 1988 وحكم عليه بأحكام سجن مؤبد لمرات متتالية لاتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل أربعة فلسطينيين. وفي السجن، استمر موقفه المتشدد ضد المتعاونين مع إسرائيل، كما قال إسرائيليون تعاملوا معه.
وصرح الرئيس السابق لقسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية يوفال بيتون إلى القناة 12 التلفزيونية في أكتوبر بأن السنوار حينذاك “لم تكن يداه ملطختين بدماء يهودية، بل كانت يداه ملطختين بدماء فلسطينية”.
وأضاف بيتون، طبيب الأسنان الذي عالج السنوار، أن فريقاً طبياً إسرائيلياً أزال ورماً من دماغ السنوار عام 2004، وأكد بيتون الذي كان ابن أخيه بين الرهائن في غزة “لقد أنقذنا حياته وهذا شكره”.
وقال كوبي إن السنوار كرس حياته لمهمة تدمير إسرائيل وقتل اليهود، ووصفه بأنه “مريض نفسي”، مردفاً “لا أعتقد بأن الطريقة التي يفهم بها الواقع تشبه طريقة الإرهابيين الأكثر عقلانية وبراغماتية”.
وأوضح بيتون أن زعيم “حماس” مستعد للسماح بحدوث معاناة هائلة من أجل قضية ما، وقد تزعم ذات مرة في السجن 1600 سجين إلى حافة الإضراب الجماعي عن الطعام حتى الموت إذا لزم الأمر، احتجاجاً على معاملة رجلين في حبس انفرادي، مشدداً على أنه “مستعد لدفع أي ثمن مقابل المبدأ”.