موقف حازم
بيروت – اتهم الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، الاثنين، إسرائيل بأنها تريد التمدد إلى جبل العرب (الدروز) في سوريا، محذرا من حرب أهلية يسعى إليها “بعض ضعفاء النفوس”، في موقف يبرز جنبلاط الحكيم القادر على جمع ما يكفي من العاقلين لمنع الحرب وتحييد الدروز عن الصراعات التي تشهدها المنطقة.
وقال جنبلاط، عقب اجتماع استثنائي عقدته الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في دار الطائفة بالعاصمة بيروت، “يريدون جر بعض ضعفاء النفوس، أهل سوريا يعلمون ماذا يفعلون، وسأذهب إلى دمشق للتأكيد على مرجعية الشام بالنسبة إلى الدروز.”
ولفت إلى أن “هناك استجرارًا (جذبًا) للبعض، وإذا نجح فسيؤدي إلى حروب أهلية لا ندري كيف ستنتهي.”
ويظهر جنبلاط بهذا الموقف حكمة وبعد نظر سياسيّا لمنع اشتعال حرب جديدة من بوابة العزف على وتر الطائفية، فيما هي في الأصل تعبر عن مصالح دول إقليمية كما جرى في لبنان بسبب إيران.
جنبلاط يظهر بهذا الموقف حكمة وبعد نظر سياسيّا لمنع اشتعال حرب جديدة من بوابة العزف على وتر الطائفية
وسبق لجنبلاط أن قاوم محاولة جر الدروز في لبنان إلى خدمة معارك الآخرين في فترة هيمنة حزب الله أو من قبله سيطرة القوات السورية على لبنان.
ورغم الضغوط والتهديدات التي يتعرض لها الدروز في سوريا تزامنا مع بدء المرحلة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، ينظر جنبلاط إلى الخطر ببعده الأشمل معارضا توظيف قضيتهم في خوض حرب جديدة بالمنطقة وجرهم إليها، ومخيرا الذهاب إلى سوريا ولقاء الشرع لتطويق هذا الخلاف من خلال الحوار بدلا من أن يحسب على الدروز أنهم كانوا سببا في إثارة الحرب وإعطاء شرعية للتدخل الإسرائيلي في سوريا.
وقال جنبلاط الأحد “نعوّل كثيرا على الشخصيات العربية السورية من كل الأطياف لمواجهة مخطّط إسرائيل الجهنمي،” في رسالة تهدف إلى لفت نظر السوريين إلى خطر الاستقطاب الطائفي والعرقي في ضوء ما يجري في جرمانا الدرزية القريبة من العاصمة دمشق وخطر توسيع دائرة الصراع إلى تصعيد إقليمي.
ويأتي هذا التوتر الطائفي في الوقت الذي تبحث فيه إسرائيل عن مسوغ يمهد لتدخلها بشكل مباشر في سوريا واستغلال ضعف الإدارة الانتقالية لفرض واقع أمني وعسكري يمنع أي خطر على حدودها.
وسبق لجنبلاط أن زار سوريا بعد سيطرة الإدارة الجديدة على الحكم في دمشق والتقى الشرع، في رسالة تظهر دعم الانتقال في سوريا.
ححخ
ويظهر الزعيم الدرزي في صورة الحكيم القادر على جمع ما يكفي من العاقلين داخل سوريا وفي الإقليم لمنع انفلات الوضع وسط مناخ من التوترات.
وقتل شخص وأصيب تسعة آخرون بجروح السبت جراء اشتباكات بين رجال أمن تابعين للسلطة السورية الجديدة ومسلحين محليين دروز في جرمانا، على خلفية توتر بدأ الجمعة ويجري تطويقه، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس تعليمات للجيش تقضي بالاستعداد لحماية الدروز في مدينة جرمانا القريبة من دمشق، بزعم تعرضهم لهجوم من قبل القوات السورية الجديدة.
رغم الضغوط التي يتعرض لها الدروز في سوريا تزامنا مع بدء المرحلة الانتقالية بقيادة الشرع، ينظر جنبلاط إلى الخطر ببعده الأشمل معارضا توظيف قضيتهم في خوض حرب جديدة وجرهم إليها
وقال نتنياهو وكاتس في بيان مشترك “لن نسمح للنظام الإرهابي للإسلام المتطرف في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز؛ إذا أساء النظام إليهم، فسوف نؤذيه.”
وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بأن إسرائيل تحظى بعلاقات جيدة مع طائفة الموحدين الدروز، وأنه يتعين على النظام السوري احترام هذه الطائفة.
ورغم سيطرة حزب الله على لبنان وتخويفه أغلب السياسيين، ظل جنبلاط أبرز معارض للحزب وعمل على انتقاد سياساته في الداخل اللبناني بما في ذلك سعيه لتقسيم الطائفة الدرزية، كما انتقد سياسات الحزب الخارجية. وقال جنبلاط في أكثر من مرة إن حزب الله خرب لبنان وعلاقاته الخارجية.
وعرف جنبلاط بانتقاداته المعلنة للرئيس السوري السابق بشار الأسد خلال سيطرة سوريا على لبنان أو بعد مغادرة القوات السورية.
وفي حديث له وصف جنبلاط الأسد بالكاذب قائلا “هو أكبر كذاب في العالم وأملك معلومات من دبلوماسي روسي أتى في عام 2012 إلى المختارة وأخبرني أن الأسد أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر روسيا وأبلغه أنه في حال تم تقسيم سوريا فإن الدويلة العلوية لن تكون ضد إسرائيل، فكان جواب نتنياهو أننا نريد رفات الجاسوس كوهين.”
ويعتبر الدروز من الأقليات في سوريا، إذ تبلغ نسبتهم نحو 3 في المئة من مجموع السكان. ويتمركز وجودهم في محافظة السويداء جنوبي البلاد، إلى جانب مناطق من العاصمة دمشق وريفها، ومناطق بالقنيطرة (جنوب)، وريف إدلب (شمال).