قال مسؤولون عراقيون في بغداد وأربيل إن تنفيذ كامل الاتفاق بين العراق وإيران، المتعلق المعارضة الكردية من الشريط الحدودي العراقي مع إيران ونزع سلاحها، ما زال يواجه عقبات تحول دون تنفيذه بشكل كامل، متحدثين عن استمرار مساع مختلفة في هذا الإطار.
ونهاية أغسطس/آب الماضي، أعلنت كل من بغداد وطهران توقيع اتفاقية امنية تقضي بالتزام العراق بتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان على الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم، مقابل إيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية.
وبحسب اللجنة العراقية العليا لتنفيذ الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق وإيران في بيان سابق مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد جرى إخلاء جميع مقار المعارضة الإيرانية الموجودة على الحدود الفاصلة بين البلدين، إلا أن طهران من جهتها لم تؤكد ذلك حتى الآن، كما أن أربيل، المعني الأول بالملف، لم تتحدث عن رواية “الإخلاء الكامل” للحدود هي الأخرى.
رفض أجنحة كردية الانسحاب من الحدود
مسؤول عراقي بارز في مستشارية الأمن القومي تحدث، لـ”العربي الجديد”، شرط عدم الكشف عن هويته، عن أن العراق أكمل جزءاً كبيراً من اتفاقية الأمن الحدودي مع إيران، لكن هناك قضايا عالقة، أبرزها إصرار أجنحة قومية كردية من داخل أحزاب المعارضة الإيرانية على رفض انسحابها أو تسليم سلاحها.
وأضاف المسؤول أنه جرى نقل جزء كبير من جماعات المعارضة الإيرانية الكردية من المناطق والقرى الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية ضمن أربيل والسليمانية، كما جرى وضع اليد على مدافع هاون وأسلحة مختلفة، من دون مقاومة، وحالياً هذه الأسلحة تحت يد الحكومة العراقية، كما أن المقار التي أُخليت انتشرت فيها قوات عراقية مشتركة من حرس الحدود والبشمركة.
نقل المعارضة الكردية الإيرانية إلى مواقع جديدة
ولفت إلى “مواقع جديدة نُقلت إليها المعارضة الكردية الإيرانية، تقع على الطريق مع كركوك جنوب أربيل، وأخرى في السليمانية، وجميع هذه المواقع مؤقتة، إذ ستُنقل مرة أخرى إلى مخيمات يجرى بناؤها من قبل بغداد حالياً، وتكون تحت إدارة ورعاية الأمم المتحدة”.
وتابع: “من جرى نقلهم أفراد الأحزاب الكردية الإيرانية وعائلاتهم، ومن دون أسلحتهم، لكن هناك جزءاً من تلك الأحزاب، وهم القوميون والشيوعيون الأكراد الإيرانيون تحديداً، ضمن جماعات عدة أبرزها بيجاك وحدك وخبات، ما زالت تختبئ مع أسلحتها في مناطق وعرة وترفض تسليم سلاحها لبغداد أو الانسحاب.
وهناك عملية تفاوض تجرى من أجل إخراج أولئك العناصر وسحب السلاح منهم، ودمجهم مع العائلات التي رُحلت إلى مناطق مختلفة بعيدة عن الشريط الحدودي مع إيران”.
وكشف أن “العراق رفض طلباً سابقاً لتسليم بعض قيادات تلك الأحزاب وعناصرها إلى إيران، كونهم يوجدون بصفة لاجئين ومسجلين لدى الأمم المتحدة، ولا يمكن تسليمهم، وإقدام العراق على خطوة كهذه يعرضه لمشاكل أممية ودولية”.
من جهته، قال القيادي في “الاتحاد الوطني الكردستاني” برهان شيخ رؤوف، لـ”العربي الجديد”، إن “الأحزاب الكردية الإيرانية نُقلت إلى أماكن بعيدة عن الحدود، وهناك وفد إيراني أجرى زيارة غير معلنة إلى أربيل والسليمانية من أجل الاطلاع على تنفيذ كامل الاتفاق الأمني”.
وبيّن رؤوف أن “الجماعات الإيرانية الكردية المعارضة جرى نقلها إلى خمسة معسكرات فيها كل الرجال والنساء والأطفال، وهي مجهزة بكافة الاحتياجات، من قبل حكومتي بغداد والإقليم وبمساعدة الأمم المتحدة، وهي بلا أسلحة، وهناك إجراءات أمنية ومتابعة لكل تحركات تلك الأحزاب بعد نقلها”.
وكشف القيادي في “الاتحاد الوطني الكردستاني” أنه “تُبنى حالياً مخيمات لجوء رسمية للأحزاب الإيرانية المعارضة، منها واحد في أربيل وآخر في السليمانية، وهذه الأحزاب مع كافة عائلات عناصرها سينقلون إلى تلك المخيمات بعد الانتهاء منها”.
واعتبر أن تلك الجماعات “لها الحق في ممارسة أي نشاط سياسي، بعيداً عن الأنشطة المسلحة، لكن هناك سرية في عدم كشف مكان وجود تلك الأحزاب في الوقت الحالي، وهذا ضمن إجراءات حماية عناصر تلك الأحزاب وعائلاتهم”.
أحمد الشريفي: هناك صعوبة حقيقية في الإمساك بكامل الشريط الحدودي مع إيران
أما عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي وعد القدو فقال، لـ”العربي الجديد”، إن “الحدود العراقية ـ الإيرانية من الجهة الشمالية تشهد انتشاراً متواصلاً لقوات حرس الحدود العراقي، ووجود الأحزاب الكردية المعارضة يتلاشى، مع الأسلحة”.
الحكومة تعمل على الإمساك بملف الحدود
واعتبر أن “الحكومة العراقية تعمل على الإمساك بملف الحدود مع إيران من خلال قوات حرس الحدود، وتسعى لطي إحدى الأزمات الأمنية المزمنة”. وأقر بأن ملف تسليم العراق المطلوبين من تلك الجماعات لطهران ما زال عالقاً.
في المقابل، قال المحلل السياسي والأمني أحمد الشريفي، لـ”العربي الجديد”، إن “العراق كان جاداً في مسألة تنفيذ اتفاقه الأمني مع إيران، كونه يدرك خطورة التهديد الإيراني في تنفيذ عمليات عسكرية برية وجوية داخل الأراضي العراقية في حال لم تستجب بغداد للاتفاق”.
يمكن للأحزاب التحرك بشكل خفي
وبين الشريفي أن “تلك الأحزاب، وعلى الرغم من إبعادها عن الحدود الإيرانية، يُمكن لها التحرك بشكل خفي، عبر استغلال المناطق الوعرة من الجبال وغيرها، خصوصاً أن هناك صعوبة حقيقية في الإمساك بكامل الشريط الحدود مع إيران، ولهذا ستبقى هناك ثغرات يمكن أن تستغل في تسلل بعض العناصر المعارضين الإيرانيين، وهذا ما قد يعيد التهديدات الإيرانية للعراق”.
وأعلنت السلطات العراقية، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن إخلاء مقار مجموعات المعارضة الإيرانية، التي كانت موجودة داخل الأراضي العراقية الحدودية مع إيران، وذلك ضمن الاتفاق الأمني الذي وقعته بغداد وطهران الشهر الماضي.
وكانت طهران قد هددت بشن هجمات عسكرية على تلك المواقع في حال لم تف بغداد بتعهدات حول إخلاء المقار، وإبعاد تجمعات المعارضة الكردية الإيرانية عن حدودها.
وكانت إيران تستهدف بلدات ومناطق حدودية عراقية في إقليم كردستان، تقول طهران إنها تؤوي مجموعات كردية تصنفها “إرهابية”، من أبرزها الحزب “الديمقراطي الكردستاني الإيراني (حدكا)، وحزب “كوملة” الكردي اليساري، وحزب “الحياة الحرة” (بيجاك)، إضافة إلى منظمة “خبات” القومية الكردية.
وتنشط هذه القوى والأحزاب في مناطق وبلدات الشريط العراقي الإيراني الحدودي، وهي مناطق ذات تضاريس صعبة، أبرزها مناطق جبال وقرى جومان، وسيدكان، وسوران، وسيد صادق، وخليفان، وبالكايتي، وقنديل، وكويسنجق، وحلبجة، ورانيا ضمن إقليم كردستان العراق، شمالي أربيل وشرقي السليمانية.
وتوجه اتهامات إيرانية لأطراف داخل إقليم كردستان بأنها توفر دعماً غير مباشر للأحزاب والجماعات الكردية المعارضة من باب التعاطف القومي الكردي.