أثمرت المحادثات والترتيبات المستمرّة بين وجهاء منطقة السويداء والإدارة السورية الجديدة اتفاقاً قبل أقلّ من أسبوعين، يقضي بالاندماج في الدولة السورية الجديدة على المستويات العسكرية والأمنية والإدارية بشكل تدريجي، وكانت “النهار” قد كشفت قبل أيام عن اتفاق ذي صلة بين دروز جرمانا والحكومة الانتقالية على تطويع عدد من الشبّان في القوى المسلّحة.
جديد هذه الحركة كان زيارة الأمير حسن الأطرش إلى مشايخ العقل الثلاثة، وإطلاقه موقفاً واضحاً بعد لقائهم، وهو “وجهة السويداء دمشق”، وفق ما تكشف مصادر متابعة لـ”النهار”، في إشارة إلى الهوية السورية العربية لطائفة الموحدين الدروز ورفض الاتجاهات الانفصالية أو الحماية الإسرائيلية، وهي خطوة جاءت في سياق تأكيد التأييد المجتمعي لهذا الاتفاق.
المصادر تعلّق على الأخبار التي تحدّثت عن الاتفاق بين الدروز والإدارة السورية، وتشير إلى أنّ هذا الاتفاق جرى قبل أسبوعين، وما يحصل اليوم هو عبارة عن استكمال له. وتتحدّث المصادر عن لقاء الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بوفد درزي في سياق التواصل الدائم بين السويداء ودمشق.
من جهته، كشف الكاتب والباحث السوري جمال الشوفي، عن هدف الاتفاق الذي يقضي بتحقيق الاندماج التدريجي على المستوى الإداري والأمني والعسكري، ويشير إلى ترتيبات مع وزارتي الدفاع والداخلية كانت مرتبطة بالجيش والضابطة العدلية في المحافظة أثمرت اتفاقاً على أن يكون عناصر هذه الأجهزة من أبناء السويداء.
ويقول أيضاً إنّ العمل بدأ على تشكيل وحدة عسكرية بموافقة الفصائل الرئيسية في السويداء، وعلى رأسها حركة “رجال الكرامة”، وهي الفصيل الأكبر، بهدف الاندماج في الجيش السوري، ويجري البحث بالأعداد المطلوبة والمرتقب تطويعها في الوحدة العسكرية المذكورة.
مصادر محلية مقرّبة من الفصائل تقول إنّ العمل ينصبّ على استكمال التنفيذ، ويقوم الاتفاق على تطويع 200 عنصر تقريباً من أبناء السويداء في الأجهزة الأمنية في المحافظة لملء الفراغ الأمني ومواجهة الجريمة، وهي أجهزة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية.
وفي القراءة السياسية، ينوّه الشوفي بأنّ الاتفاق الذي يهدف إلى تفعيل الاندماج الإداري والأمني بات يتمتّع بغطاء اجتماعي عام “يعاكس ويرفض كلّ النزعات الانفصالية التي جرى الحديث عنها والحمايات الأجنبية، ويعبّر عن الاتجاه العام المؤيّد للدولة السورية”، بعدما كثر الحديث عن نموّ اتجاهات تدعو إلى التقسيم والانفصال والانضمام إلى إسرائيل أو الحماية الإسرائيلية.
على المقلب الآخر، فإنّ الإدارة السورية أيضاً متحمّسة لهذا النوع من التوافقات التي تدعم موقفها في تشييد دولة موحّدة بعيداً عن مشاريع التقسيم والفوضى، وتدعم تشكيل المؤسسات الأمنية على أساس تشاركيّ من قبل أطياف المجتمع السوري، لعكس صورة إيجابية بعد مشاهد العنف التي اجتاحت الساحل السوري والمجازر التي حصلت واتّخذت طابعاً مذهبياً.
في المحصّلة، من المنتظر أن يتمّ اتّخاذ خطوات فعلية إضافية في الأيام القليلة المقبلة، والاتجاه العام يشير بأنّ السويداء تتجه نحو الاندماج بالدولة السورية والمشاركة في الحياة السياسية والأمنية والإدارية، بعيداً عن الطروحات الانفصالية.