تظاهر الأحد العشرات في ساحة الكرامة، وسطوسطالسويداء مُطالبين بإسقاط المنظومة الحاكمة والتغيير السياسي، وفق القرار الدولي 2254 الذي رسم خريطة الحل للقضية السورية منذ عام 2015، فيما طغت على السطح اقتراحات لتنظيم هذا الحراك لضمان استمراريته.
وبدأت تطفو على السطح أخيراً محاولات لتنظيم الحراك السلمي بعد مرور أكثر من مائة يوم على انطلاقه. وفي هذا الصدد، قدم عدد من النشطاء في ريف الجنوبي “ورقة عمل واقتراحات” بهدف “إضفاء حالة من التنظيم والاستمرارية”، وفق الورقة التي دعا من خلالها النشطاء إلى “إنشاء مجلس تأسيسي لكامل المحافظة عبر انتخاب ممثل لكل نقطة حراك في القرى والمدن”.
ودعوا إلى “انتخاب لجنة سياسية يحدد المجلس عدد أعضائها بعدد فردي مهمتها قيادة الحراك وخدمة الحراك من أجل تنفيذ غاية الحراك في إسقاط النظام سلمياً”.
ويقول الشاب بهاء الحناوي، وهو أحد المشاركين في الاجتماعات التي تمت في مدينة صلخد، في حديث مع “العربي الجديد”، إن الاقتراحات “انبثقت من الحاجة لوجود جسم سياسي يدعم الحراك الشعبي السلمي ولا يقصي أحد بل يعزز حضورهم، ويوحد جهودهم”.
وأشار إلى أنه “جرت بالفعل انتخابات حقيقية في غالبية القرى الجنوبية لانتخاب شخص واحد يمثل القرية وحراكها بعد قراءة معمقة لبنود المجلس التأسيسي الأولي، وبعدها ننتقل إلى باقي المناطق”، مضيفا: “عقب انتهاء الانتخابات يقام المؤتمر في مدينة السويداء لانتخاب أعضاء المؤتمر التأسيسي”.
وأكد الحناوي إن “هذا التجمع لا يقصي أحد من الرجال والنساء، ولا أي تجمع آخر، بل على العكس هو مكمل وجامع”.
في المقابل، يرى الناشط المدني هاني عزام في حديث مع “العربي الجديد” أن الاقتراحات التي قدمها نشطاء الريف الجنوبي “بعيدة عن الواقعية وإمكانية التطبيق”، مضيفاً: هذا الطرح يخالف أحد أهم أهداف الحراك الشعبي المتمثل بالتعددية السياسية وبالتالي هي مقترحات عشائرية تقليدية.
وتابع “على الرغم من محاولة القائمين على هذا الاقتراح إظهار الجانب الديمقراطي في الانتخاب وفي التمثيل النسائي، إلا أنه يقع في مطب التشكيل السياسي ذي اللون الواحد، وهذا المطب تجاوزه الحراك الشعبي بكل أطيافه كما تجاوزته التشكيلات الحزبية والكتل السياسية القديمة نسبياً والتي أحدثها الحراك الشعبي”.
وتمخض الحراك السلمي في السويداء حتى اللحظة عن عدد من التكتلات السياسية والشعبية في محاولة لتنظيم الحراك السلمي سياسياً واجتماعياً، ومخاطبة الرأي العام الداخلي أولاً، ثم التوسع نحو المحافظات الأخرى والخارج، لعل أبرزها: “الكتلة الوطنية” وهي مقربة من الشيخ حكمت الهجري الزعيم الروحي للموحدين الدروز، والتي أخذت على عاتقها مسؤولية التواصل مع المناطق والأرياف للحفاظ على الحراك، والانتقال لاحقاً لملفات الخدمات العامة وإيجاد الحلول المناسبة للسير في محاولة تشغيلها بالشكل الصحيح.
ونال الحراك السلمي في السويداء منذ انطلاقته اهتمام الأوساط السياسية الإقليمية والدولية، بيد أن النظام يحاول تجاهله في رهان على تراجعه، في هذه المحافظة ذات الغالبية الدرزية من السكان، محدودة الموارد.
وكانت التظاهرات الاحتجاجية في السويداء قد بدأت رداً على قرارات من حكومة النظام عمّقت الأزمة المعيشية لنحو 10 ملايين سوري يعيشون في مناطق سيطرته، ولكن سرعان ما أخذت طابعاً سياسياً صرفاً يعكس فقدان السوريين الأمل في حلّ سياسي قريب لأزمتهم التي طالت بسبب عدم اكتراث النظام بالتوصل لحل يضع حداً لها.
وأسقط الحراك الكثير من الأوراق السياسية من يد النظام، لعل أبرزها ورقة حماية الأقليات التي رفعها في وجه المجتمع الدولي منذ عام 2011، واتخذ منها ذريعة للفتك بالسوريين المطالبين بالتغيير.