بينما تسعى الولايات المتحدة إلى إخراج سوريا من دائرة الملفات الشائكة في مجلس الأمن القومي والرئاسة، تتابع عن كثب تطورات المشهد السياسي في دمشق، لا سيما بعد الاتفاق الأخير بين قوات سوريا الديمقراطية والسلطة المؤقتة.

تهدف واشنطن إلى دمج الكورد في الحكومة السورية الجديدة ومنحهم دوراً محورياً في إعادة بناء البلاد وتحقيق الديمقراطية، لكنها لا تزال تتحفظ على بعض جوانب المشهد السياسي السوري، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة في غرب سوريا.

رغم دعمها للاتفاق، ما زالت أميركا متشككة في السلطة المؤقتة، خاصة عقب التقارير عن مقتل مدنيين علويين، الأمر الذي زاد من المخاوف تجاه إدارة دمشق.

وأوضح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن بلاده تتابع عن كثب الخطوات المستقبلية للسلطة السورية المؤقتة، مشيراً إلى أهمية مراقبة القرارات القادمة.

الولايات المتحدة تسعى لاتفاق قوي بين الكورد ودمشق

الأستاذ في معهد السياسة العالمية، بول ديفيس، قال في حديثه لرووداو، إن “أميركا مع الاتفاق، أميركا تريد إخراج سوريا من معادلة المنطقة، وأن يكون هناك اتفاق قوي بين القوات الكوردية ودمشق”.

لكن المشكلة تتعلق بالثقة، وفق ديفيس الذي رأى أن “الإبادة الجماعية للعلويين ليس مؤشراً جيداً للكورد”.

في الكونغرس الأميركي، تتباين المواقف حول مستقبل سوريا والسلطة المؤقتة. بعض الجمهوريين، ومنهم أعضاء في حزب الرئيس السابق دونالد ترمب، يرون أن الحكومة المؤقتة تضم مسؤولين متطرفين ويجب التعامل معهم بحذر.

أما الديمقراطيون، فهم يوافقون الجمهوريين على ضرورة منح الكورد دوراً رئيسياً في دمشق، ويؤكدون أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم مشاركتهم القوية في الحكومة السورية، بهدف منع الجماعات المتطرفة من الهيمنة على مستقبل البلاد.

كما يشددون على أهمية أن يشعر جميع مكونات سوريا، بما فيهم الكورد والدروز، بالأمان والاستقرار في ظل التحولات السياسية الجارية.

القلق بشأن فراغ السلطة

عضو الكونغرس الأميركي، كيم شراير، أوضحت موقفها بهذا الشأن لشبكة رووداو الإعلامية، قائلة: “أنا دائماً قلقة بشأن فراغ السلطة، لقد رأينا ذلك سابقاً في الشرق الأوسط حيث استغلته الجماعات الإرهابية، ونريد حماية جميع مكونات سوريا ولا نريد أن تسيطر الجماعات المتطرفة على بلد لديه فرصة للتقدم والتحول إلى الديمقراطية.”

إلى جانب الملف السياسي، لا تزال الحرب ضد داعش من أبرز القضايا التي تشغل واشنطن، حيث شدد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي على ضرورة عدم تجاهل هذا التهديد، مؤكداً أن الحكومة الأميركية يجب أن تواصل مراقبته بشكل دائم.

في السياق ذاته، كشفت ستة مصادر دبلوماسية أميركية أن واشنطن شجعت الكورد في كوردستان سوريا على التوصل إلى اتفاق مع دمشق لتجنب مزيد من التصعيد العسكري ضد الإدارة الذاتية، وتقليل الضغوط التركية على قوات سوريا الديمقراطية.

كما أشارت المصادر إلى أن الولايات المتحدة تسعى لضمان استمرار تركيز قوات سوريا الديمقراطية على محاربة داعش، حتى في حال انسحاب القوات الأميركية من كوردستان سوريا، مؤكدة أن واشنطن ترى في هذا الاتفاق خطوة نحو استقرار المنطقة وتقليل المخاطر الأمنية المستقبلية.