المعارك التي يخوضها ضدّنا صحناوي تؤكّد لنا أننا ننجح في عملنا الاستقصائي الصحافي حيث نسعى لتحقيق العدالة لكلّ مودع خسر أمواله بسبب فساد المصارف وحزب المصارف الذي تقوده جمعية المصارف.

أنطون صحناوي المصرفي اللبناني والرئيس التنفيذي لمصرف “سوسيتيه جنرال في لبنان والأردن – SGBL”، يخوض حملة ممنهجة ضد منصّة “درج” على عدة صعد، أبرزها القانونية والإعلامية. هذه الحملة بدأت بشكاوى قضائية، حيث تمّ استدعاء فريق “درج” إلى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، وهو مكتب غير مختصّ بقضايا الصحافة، حيث حاول صحناوي الضغط على “درج” لتقليص سقفها العالي في العمل الصحافي.

على الصعيد الإعلامي، يتمتّع صحناوي بشبكة علاقات واسعة مع وسائل الإعلام اللبنانية، أبرزها قناة الـ MTV التي تقود الحملة ضدّ “درج”. يُذكر أن رئيس مجلس إدارة الـ MTV ميشال المرّ، استغلّ منصّته الإعلامية سابقاً ليقود حملة تشويه ضدّ الوزير طارق متري ورئيس الحكومة نواف سلام والسبب: رفضهما توزيره في الحكومة.

القناة نفسها التي دافعت عن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الذي يقبع اليوم في السجن. ومن ينسى عندما قال جورج غانم في برنامج شقيقه مارسيل غانم “صار الوقت” على القناة: “لازم رياض سلامة يتحاكم على 30 أو 28 سنة جعل اللبنانيين يعيشوا أكثر من طاقتهم ويصدقوا الخبرية…”.

في برنامج “تفاصيل” الذي قدّمه الإعلامي فراس حاطوم، أشار الإعلامي وليد عبود، الذي كان يقدّم برنامجاً على القناة المذكورة، إلى أن مارسيل غانم قد انضمّ إلى قناة الـ MTV كجزء من حزمة مع مموّله المصرفي أنطون صحناوي.

تحقيق “درج” الذي أثار غضب صحناوي
أما بالعودة إلى صحناوي، فكل المعارك التي يخوضها ضدّنا تؤكّد لنا أننا ننجح في عملنا الاستقصائي الصحافي، وتشدّ من عزيمتنا للمتابعة لتحقيق العدالة لكلّ مودع خسر أمواله بسبب فساد المصارف وحزب المصارف، الذي تقوده جمعية المصارف برئاسة سليم صفير رئيس مجلس إدارة بنك بيروت، وعضوية زملائه المصرفيين، أو البنكرجية، على حدّ قول الصحافي الاقتصادي منير يونس.

ما استفزّ صحناوي بشكل خاصّ هو تحقيق استقصائي نشره “درج” في عام 2023، كشف فيه كيف قام بكسر وديعة قيمتها 254 مليار ليرة لبنانية (169 مليون دولار حينها) قبل موعد استحقاقها الفعلي في عام 2047. تمّت هذه العملية بموافقة رياض سلامة حاكم مصرف لبنان السابق، بذريعة حاجة مصرف “سوسيتيه جنرال” للسيولة بالليرة اللبنانية، وفقاً لوثيقة اطّلع عليها “درج”، وذلك قبل أسابيع قليلة من الأزمة الاقتصادية، وتحديداً في 16 أيلول/ سبتمبر 2019.

“وافق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة على تحرير الوديعة بذريعة حاجة “سوسيتيه جنرال” إلى هذه الأموال لتأمين سيولة بالليرة اللبنانية، إذ جاء في نصّ الكتاب: “يعود السبب وراء هذه العمليات إلى نقص سيولتنا في الليرة اللبنانية”، على أن يُودع 60 مليار ليرة لبنانية بتصرّف مصرف لبنان بفائدة تتجاوز 9 في المئة”، بحسب التحقيق.

كان لصحناوي علاقة قوية مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة اليوم، بحيث رعى الأخير ضمّ المصرف “اللبناني الكندي” المفلس في عام 2011، إلى مصرف “سوسيتيه جنرال”، كما أقرض مصرف لبنان “سوسيتيه جنرال” نحو مليار دولار بين أيلول/ سبتمبر 2019 وكانون الثاني/ يناير 2020، وذلك في الأسابيع القليلة قبل فرض الـ “كابيتال كونترول” غير القانوني على المودعين، بحسب وثيقة اطّلع عليها “درج”.

عندها التزم “درج” الأخلاقيات المهنية، وأرسل أسئلة حقّ الردّ إلى مصرف SGBL ومصرف لبنان، ولم يتجاوب كلّ منهما مع أسئلة “درج”، حول أسباب هذا القرض وخلفيات تأمين المبلغ المذكور بالدولار الأميركي.

الأذرع الإعلامية لصحناوي
حملة صحناوي على “درج” لم تبدأ مؤخراً فحسب، بل سبقها منذ نحو سنتين تحقيق نُشر على مختلف المنصّات، التي يموّلها كـ ici beyrouth و”هنا لبنان” وThis is Beirut وغيرها من المنصّات، اتّهم “درج” ومنصّات مشابهة بأنها جزء من مؤامرة مزعومة، ينظّمها رجل الأعمال الملياردير الأميركي جورج سوروس. يُعتبَر هذا الاتهام سخيفاً وقديماً ومستهلكاً، ولكن سنتطرق له في مقالات أخرى.

يملك صحناوي أيضاً مجلّة “اكزكيوتيف”، ولديه علاقات قوية مع منصّات كثيرة من بينها France 24 والـ MTV.

لجأ صحناوي هذه المرة الى ذراع إعلامي أكبر، الـ MTV، لمهاجمة “درج”، بعدما فشلت المنصّات الأصغر التي يموّلها في تحقيق الهدف المطلوب. من المؤسف أن تختار منصّة إعلامية أن تكون أداة بيد مصرفي لمحاربة منصّة إعلامية أخرى.

من هو أنطون صحناوي؟
أنطون صحناوي هو مصرفي لبناني ومتخصّص في الإنتاج السينمائي، ولد في عام 1972 في بيروت، لبنان. والده هو نبيل صحناوي وهو رجل أعمال لبناني مؤثّر، ووالدته هي مي شهاب صحناوي، وهي من سلالة الأمير بشير شهاب الثاني الذي حكم لبنان في النصف الأول من القرن التاسع عشر. سُمي على اسم عمه الأكبر أنطون صحناوي، أحد مؤسسي البنك الذي أصبح لاحقاً “سوسيتيه جنرال دو بانك أو ليبان/SGBL “، وهو وزير ونائب سابق في البرلمان.

مع صحناوي الابن، أصبح SGBL واحداً من أكبر ثلاث مجموعات مصرفية في لبنان، خاصةً بعد الاستحواذ على الأصول السليمة للبنك “اللبناني الكندي” في عام 2011 وشراء بنك “ريشليو” و”موناكو” في فرنسا في عام 2018.

ربطت وسائل إعلام اسم أنطون صحناوي بجماعة “جنود الرب” المتطرّفة، التي اشتهرت بهجومها على مقهى Om Bar في مار مخايل، حيث اعتدت على المكان والموجودين فيه تحت ذريعة معارضة المثلية الجنسية، ضاربين بعرض الحائط مبدأ الحريات والحقوق الإنسانية.

من أحدث تطوّرات هذه الجماعة، قتلهم رئيس مركز في “القوات اللبنانية” هو رولان المر، بعد أن تم استدراجه إلى موقع الحادثة. وفقاً للمحامية فيوليت المر، ابنة رولان المر، في مقابلة لموقع “درج”، فإن “صحناوي يمنع وسائل الإعلام كافّة من تغطية قضية رولان المر”، منذ لحظة وقوعها في 4/12/2024 لغاية تاريخه، إضافة إلى عدم نقل حتى المؤتمر الصحافي الذي نظّمته منطقة بيروت في “القوات اللبنانية” بالتعاون مع مصلحة المهن القانونية، الذي حضره عدد من النواب، فضلاً عن تمثيل لنقيب محامي بيروت وأعضاء مجلس النقابة.

لصحناوي حصّة في السوق العقاري أيضاً، فهو من أكبر المساهمين في شركة “سوليدير”، وهي شركة تطوير عقارية تأسست في عام 1994، بحجّة إعادة إعمار بيروت بعد الحرب الأهلية. هدف زيادة حصّة صحناوي هو رغبته في الحصول على حصّة مسيطرة، ويعني ذلك أن القانون يمنحه تأثيراً على قرارات الشركة وتوجّهاتها. أما شريكه في رفع حصّة الأسهم فهو زياد أبو جمرة رئيس شركة “فيدوس” في قبرص التي يملكها صحناوي، كما أنه شغل سابقاً منصب رئيس أسواق رأس المال والتجارة في “فيدوس – مجموعة سوسيتيه جنرال”، وفقاً لتحقيق “درج”.

إضافةً إلى دوره المصرفي، يُعرف أنطون صحناوي بحبّه للفن والسينما، وهو منتج سينمائي وموسيقي، يشارك في شركة إنتاج سينمائي مع الممثلة الفرنسية جولي غاييه، وهي شركة “Rouge International”. أسّس صحناوي شركة “إزيكيل” للإنتاج السينمائي (Ezekiel Film Production) التي أنتجت أكثر من 30 فيلماً، من أبرزها فيلم “قضية رقم 23″، الذي رُشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في عام 2018. أما على الجانب السياسي، فلصحناوي حصّة في البرلمان اللبناني هو النائب جان طالوزيان.