لا تملك سلطة الأمر الواقع في دمشق بقبادة كافور قابلية للاستمرار. فهي مفلسة تمامًا، لا تمتلك سوى 700 مليون دولار، وهو مبلغ ضئيل لا يكفي لتغطية نفقاتها الأساسية، حتى إنها عاجزة عن تشغيل التلفزيون الرسمي. على المستوى العسكري، تعرضت لضربات قاسية، حيث دُمّرت أسلحتها في 500 غارة جوية. كل ما تملكه هو مجموعات همجية بعتاد خفيف، تفتقر إلى العقيدة والأخلاق، في حين أن قاعدتها الشعبية تتكون من أنصار طائفيين منتشين بنصر لم يتحقق حتى في الحلم.
داخليًا، فهي سلطة إقصائية لا تتردد في الفتك بالسكان انتقامًا، مما زاد من حالة الغضب الشعبي تجاهها. ومع تفشي الفقر بشكل غير مسبوق، باتت الحياة اليومية أكثر صعوبة، ما يعمّق الأزمة أكثر فأكثر. أما على المستوى الدولي، فهي معزولة مع استمرار العقوبات المفروضة عليها وتصنيفها الشائن.
قد يكون دعم سيدهم رجب هو نقطة قوتها الأبرز، لكنه لم يعد ضمانة طويلة الأمد. فالرئيس التركي نفسه يواجه تحديات كبيرة، إذ قلّ ظهوره العلني، و يبدو ان حالته الصحية ليست على ما يرام، وهو أمر محظور مناقشته في تركيا. كنتُ قد سألت أبا الدهاء الماندريني عن صحة رجب، وطلبت منه البحث والتحقق من الأمر بعمق، “أقرأ الإجابة في أول تعليق”.
بالمحصلة، حتى لو لم تكن هذه السلطة تعيش أيامها الأخيرة، فمن الواضح أنها غير قابلة للاستمرار. ومع احتمالية تغير القيادة في تركيا، قد تجد نفسها قريبًا من دون دعم خارجي، مما سيؤدي إلى تراجع نفوذها بشكل كبير وتداعيها لاحقا.
من هو البديل؟
من غير المرجّح أن تأتي قوات سوريا الديمقراطية إلى الحكم، فهي، مثل البارزاني، تفضّل المشاركة لا القيادة فالكرد قوميون مناطقيون بالدرجة الأولى. المرشح الأكثر احتمالًا هو أحمد عودة، رجل روسيا والإمارات، الذي يتمتع بهدوء وصبر وسرية مشبوهة في الانتظار، ويحظى بدعم مستدام وتمويل إماراتي قوي، إضافةً إلى ارتباطه بالعشائر واعتداله النسبي والاهم درعاوي من مهد الثورة.
يمثل عودة، إلى حدٍّ ما، الثورة المضادة، حيث يعيد إنتاج النظام السابق ربما بواجهة أكثر قبولًا، وبدعم دولي من روسيا وإقليمي من الإمارات وخزائن قارونها. وهو الخيار الأكثر واقعية، مقارنةً بالفصيل الحالي الذي يفتقر إلى التمويل والخبرة السياسية.
الخلاصة
لا يمكن القول إن السلطة الحالية في دمشق ستنهار غدًا، لكنها بالتأكيد غير قابلة للاستمرار. فهي مفلسة، ضعيفة عسكريًا، معزولة دوليًا، ومكروهة داخليًا ومعاقبة ومصنفة دوليا. تعتمد بالكامل على دعم تركي قد لا يدوم طويلًا، وعاجزة عن بناء أي مشروع سياسي حقيقي. ومع التغيرات الإقليمية والدولية، فمن المرجح أن يكون أحمد عودة هو البديل الأكثر واقعية في المرحلة القادمة. سيمثل صعوده إلى السلطة ثورة مضادة، وعودة للنظام السابق بشكل مغاير ربما، مع قدر ضئيل من الأمل.