يُتابع الشماليّون بدءاً من الحدود العكارية مروراً بالمنية- الضنّية ووصولاً إلى طرابلس، التصعيد الخطير الذي تُواجهه الحدود اللبنانية- السورية بقاعاً بين الجيش السوريّ ومجموعات “حزب الله” بحيطة وحذر كبيريْن، فهذه المعركة التي يرى أبناء الشمال، أنّها تأتي عقب الاحتفال السوريّ بذكرى انطلاق الثورة السوريّة منذ أيّام والذي شارك فيه طرابلسيّون، تتضمّن الكثير من النّزاعات المعروفة بخطورتها في حال امتدّت نحو المناطق الدّاخلية أو إلى الحدود المفتوحة والمتصلة.
ومن وادي خالد، حيث يُراقب أبناء المنطقة كلّ المستجدّات العسكرية والسياسية الأخيرة، يرى الشيخ عماد خالد، إمام وخطيب مساجد وادي خالد، أنّ الشمال يقع في الحقيقة بيْن منطقتيْن حدوديتيْن يتمّ استخدامهما لشنّ هجمات على القوّات النّظامية السورية، إحداها في سهل عكّار بمناطق المسعودية، حكر الضاهر والحيصة، والثانية، في القصر والهرمل “لكنّ الحقيقة تنفي دخول عناصر من القوّات النّظامية السورية إلى الأراضي اللبنانية، وللأسف هناك مجموعات ميليشيوية، بعضها سوريّ وبعضها الآخر لبنانيّ حزبيّ، تقوم بعملية خاطفة داخل الأراضي السورية أو على الحدود وتختبئ بيْن البيوت اللبنانية في المناطق المذكورة”، حسب ما يقول لـ “لبنان الكبير”.
وحول إمكان جرّ المنطقة الشمالية إلى معركة في حال استمرار الأمور على هذا النحو، يشيد خالد بالدور “الجبار” للأجهزة الأمنية والعسكرية لفرض سيطرتها على كامل الحدود، قائلاً: “إنّ الجيش اللبناني يصبّ كامل جهوده لمنع التعدّيات، لكنّ امتداد الحدود والمناطق المتداخلة والجبلية وطولها أحياناً، يحولان دون ضبط الحدود بصورة كاملة (خصوصاً مع تداخل المناطق السكنية بيْن حدود البلديْن)، وللأسف يُمكن استخدام بعض البيوت للهجوم على الجانب السوريّ الذي من الطبيعيّ أنْ يردّ على مصادر النيران التي قد يذهب ضحيتها أبرياء بجريرة من استغلّ بيوت المدنيين لشنّ هجمات على الجانب السوريّ الذي بات دولة قائمة بذاتها لن تقبل باستمرار الاعتداءات على أمنها، قوّاتها، أرضها ومواطنيها، لكن شخصياً، لا أتوقّع أيّ تدخّل عسكريّ في المناطق من أهل قرانا، لأنّنا بطبيعة الحال، نعوّل على الجهود التي تقوم بها المؤسسة العسكرية في ضبط الحدود”.
ويُضيف: “لن نكون مكتوفي الأيدي طبعاً في حال أراد أحدهم تحويل مناطقنا وقرانا الآمنة إلى منصّات لشنّ هجمات على القوات السورية النّظامية والتي تُعدّ علاقتنا معها مبنية على أسس احترام الجوار بكلّ المعايير، وهذا لا يعني قيامنا بأعمال ميليشيوية خارج نطاق الدولة، بل سنقوم بمؤازرة الأجهزة الأمنية والعسكرية والتعاون معها عبر تزويدها بمعلومات عن أيّة تحرّكات مشبوهة في المنطقة، وإذا تعرّض جيشنا وأجهزتنا الأمنية الموجودة على طول الحدود لخطر ما من ميليشيات لبنانية أو فلول هاربين من النّظام البائد، فإنّنا بالتأكيد سنكون درعاً لجيشنا وأرضنا وبلدنا لا سيما في مرحلة نشهد فيها أيادٍ خبيثة تعبث بأمن البلديْن خدمة للكيان الصهيوني وللميليشيات ضدّ العهد الجديد في لبنان وسوريا، لذلك فإنّنا اليوم نخوض في البلديْن معركة تحصين هذا العهد ومؤسساته الأمنية والعسكرية”.
وإذْ يُؤكّد خالد أنّ منطقته الحدودية بكلّ قراها وبلداتها لم تشهد أيّ خرق أو اعتداء من الجانب السوريّ أو العكس، يلفت إلى أنّ وادي خالد وعلى الرّغم من تداخلها الجغرافيّ مع سوريا وعلى مدار الأعوام الـ 14، لم تشهد خضّات أمنية تُذكر كالتي حصلت في مناطق أخرى، بفضلٍ من الله، وبحكمة من القيادتيْن العسكرية والأمنية، وحكمة أهل وادي خالد في تلك المرحلة الحساسة، معرباً عن خشيته من استمرار الاعتداءات من الأراضي اللبنانية على القوّات السورية “وتكرار سيناريو الجنوب في السعيّ الى إيجاد منطقة عازلة على الحدود، أيّ في المناطق التي تُستخدم للاعتداء على الجانب السوري، فإذا استمرت الاعتداءات، فإنّها ستُهدّد وجود السكّان اللبنانيين في تلك المناطق اللبنانية”.
وإلى طرابلس، حيث نُشرت أخبار تلفت إلى تهديدٍ “الكترونيّ” تلقّاه أهالي المدينة من “حزب الله” بعد ضربه سوريا، يردّ متابعون يُقال إنّهم من إدلب عبر حملة الكترونية أكّدت مناصرتهم للطرابلسيين في معركة تتجّهز لها الأرتال في المحافظة السورية “في حال قرّر الحزب الاقتراب من أهالي طرابلس إنْ تجرّأ”، وتمّ نسخ منشور واحد من إدلب (كما قيل) في الكثير من الصفحات وقالوا فيه “أبشروا بأرتال بدايتها في طرابلس ونهايتها في إدلب”، لكن مصدراً إسلامياً ميْدانياً ينفي لـ “لبنان الكبير” هذه الشائعات، قائلاً: “الحقّ يُقال، الحزب لم يُهدّد المدينة عبر قيادته الرّسمية، بل كان بعض مناصريه هدّد المدينة بفيديوهات أو منشورات ولدنة ليس إلّا، والمنشورات المضادّة تُعدّ محاولة لإثارة الفتنة وشدّ العصب، لكن لا أحد يتمكّن من الدخول إلى طرابلس وتهديدها، فالنّظام البائد جرّب وخسر وتسلّمها تسليماً، والخوف اليوم ليس على طرابلس، بل على السوريين في مختلف المناطق إنْ استمرّت الاعتداءات، فصحيح أنّهم لن يُقحموا أنفسهم في مشكلات، لكنّهم قد يتعرّضون لاعتداءات حزبية في الدّاخل، تُوسّع دائرة المعارك حسب التوقّعات والاحتمالات”.