تحولت المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا إلى ساحة مواجهة مفتوحة، بعد أن اشتبكت العشائر البقاعية مع القوات السورية في معركة عنيفة أسفرت عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 39 آخرين. ومع تصاعد التوتر، دفعت دمشق بتعزيزات عسكرية، وردّت بقصف مدفعي طال المناطق الحدودية، ما استدعى تدخّل الجيش اللبناني، الذي ردّ على مصادر النيران في محاولة لمنع تفاقم المواجهات.

وعلى الرغم من أن هذه الاشتباكات لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن الجديد هو إعلان دمشق رسمياً أن المواجهة المباشرة مع “حزب الله” قد بدأت، بحيث أعلنت وزارة الدفاع السورية تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة لطرد عناصر الحزب من قرى حدودية، متهمةً إياه باستخدامها ممرات للتهريب وتعزيز وجوده العسكري داخل الأراضي السورية.

اشتباكات البقاع
تصاعدت المواجهات على الحدود اللبنانية-السورية إلى مستوى خطير، بحيث أفيد عن مقتل 6 مواطنين وسقوط 39 جريحاً، جراء اشتباكات عنيفة مع القوات المسلحة السورية. ووفق المعلومات بدأ الاشتباك بين العشائر البقاعية وقوات الأمن السورية، وأقدمت دمشق على الدفع بتعزيزات الى الحدود مع لبنان وقصف المناطق الحدودية، الأمر الذي دفع بالجيش اللبناني إلى الرد على مصادر النيران، فيما اتهمت مصادر سورية “حزب الله” بالتوغل في قرية حوش السيد علي السورية واستخدامها ممراً للتهريب.

وأعلنت “الدفاع السورية” عن عمليات عسكرية مكثفة لطرد عناصر الحزب من المنطقة، مشيرة إلى مقتل 5 جنود سوريين في اشتباكات مسلحة. وأرسلت الفرقة 52 تعزيزات لـ”ضبط الأمن”، وسط اتهامات متبادلة بين دمشق و”حزب الله” باستهداف البنى التحتية، مثل محطة مياه سد زيتا التي تغذي حمص.

استنفار لبناني رسمي
أدارت الرئاسات اللبنانية الثلاث الأزمة بوتيرة متسارعة. فاتصل رئيس الجمهورية جوزاف عون بوزير الخارجية يوسف رجي في بروكسل للضغط على الوفد السوري، مُحذّراً من أن “ما يحدث على الحدود لا يمكن أن يستمر، ولن نقبل بأن يستمر”.

وأشار عون إلى أنه تابع الأوضاع الميدانية هناك منذ اندلاع الأحداث وحتى ساعات الصباح الأولى، ولا يزال يطلع على التطورات بصورة مستمرة، وأنه أعطى توجيهاته إلى قيادة الجيش للرد على مصادر إطلاق النار.

وعقدت الحكومة جلسة طارئة برئاسة نواف سلام، أعلن بعدها وزير الاعلام بول مرقص عن تشكيل لجنة وزارية لـ”ضبط الحدود ومكافحة التهريب”، مشيراً إلى تسليم جثث 3 مهربين سوريين عبر الصليب الأحمر. كما كشف عن سقوط طفلٍ شهيداً وتهجير مدنيين، فيما طالب سلام السلطات السورية بـ”تعزيز التجاوب” لمنع تكرار الأحداث.

وأكد النائب علي المقداد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب من الجيش “أن يكون الحامي الأساسي للحدود”، معرباً عن أملِه في أن تكون هذه الاعتداءات “الأخيرة” في ظل أوضاعٍ اقتصادية وإنسانية معقدة، خصوصاً مع وجود 130 ألف لبناني مُهجّر من قُرى حدودية سورية.

القصف الاسرائيلي
لم تكن ساحات الشمال الوحيدة التي تشتعل، ففي الجنوب والبقاع، تواصل إسرائيل حربها الجوية ضد “حزب الله”، بحيث شنت سلسلة من الغارات الجوية استهدفت حمى لبايا في البقاع الغربي (شرق لبنان)، وتوزعت على 4 غارات من مسيرات حربية، وخامسة نفذتها طائرة حربية معادية من نوع “إف-16” من دون الابلاغ عن إصابات.

واستهدفت لاحقاً خراج دير ميماس في قضاء مرجعيون بجنوب لبنان.

ومساء، شن الطيران الحربي غارة معادية استهدفت محيط قلعة الشقيف لجهة يحمر الشقيف في قضاء النبطية. وكذلك تعرض وادي زلايا وتلال الجبور في البقاع الغربي، إلى غارات معادية.

وأعلن الجيش الاسرائيلي في بيان، أنه شن غارات على مواقع عسكرية لجماعة “حزب الله” تم رصد داخلها “مخربين ووسائل قتالية تابعة له”.

مجلس الأمن والقرار 1701
على طاولة الأمم المتحدة، عاد القرار الدولي 1701 إلى الواجهة خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن. وحذّرت المنسقة الخاصة جينين بلاسخارت من أن “استمرار الوجود الاسرائيلي في لبنان قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة”، مشددةً على ضرورة “انسحاب كامل” و”تنفيذ القرارات الدولية لنزع سلاح الميليشيات”.

وقدّم الأمين العام أنطونيو غوتيريش تقريراً دعا فيه إلى “تسهيل حركة يونيفيل” و”اعتماد تقنيات جديدة لمراقبة الحدود”، مع إدانةٍ واضحة لـ”الانتهاكات الاسرائيلية”، خصوصاً في قرية الغجر المحتلة منذ 2006. كما أشاد بخطوات لبنان نحو “تفكيك قواعد فصائل فلسطينية”، لكنه طالب بـ”خطوات جريئة لنزع سلاح حزب الله”.

وفي سوريا أيضاً، استهدفت غارات إسرائيلية محيط مدينة درعا على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”.

وأفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” بأن الغارات استهدفت مقراً عسكرياً كان يتبع للجيش السابق، ويضم قوات من الجيش السوري الجديد.

وقال الجيش الاسرائيلي: “هجماتنا في سوريا شملت مقار قيادة ومواقع عسكرية تابعة للنظام السابق بعد محاولة إعادة تأهيلها”.