قدرت الاستخبارات الأميركية حصول هجوم عسكري على إيران في النصف الأول من العام الجاري، أي خلال ثلاثة أشهر، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
وفي تقرير مفصل بعنوان “ترامب وإيران يتبادلان الاتهامات النووية في ظل إرسال واشنطن قاذفات وسفن حربية إلى المنطقة”، أشارت الصحيفة إلى أن مستشاراً كبيراً للمرشد الأعلى الايراني علي خامنئي قال الاثنين إن إيران “ستتجه نحو” صنع سلاح نووي رداً على أي هجوم أميركي أو إسرائيلي، وذلك بعد يوم واحد فقط من تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ”قصف لم يروا مثله من قبل” إذا رفضت طهران تدمير برنامجها النووي وإنهاء دعمها للميليشيات التابعة لها في الشرق الأوسط.
وأضاف المستشار علي لاريجاني في مقابلة تلفزيونية، وفقاً لتقارير إعلامية إيرانية: “إذا قصفَت أميركا أو إسرائيل إيران تحت ذريعة نووية، فسيُجبراننا على التوجه نحو إنتاج قنبلة ذرية”. وأكدت إيران منذ فترة طويلة أن برنامجها النووي سلمي بحت.
وتحدث ترامب عن احتمال الهجوم خلال مقابلة مع قناة “إن بي سي” مساء الأحد، قائلاً: “إذا لم يتوصلوا الى اتفاق، فسيكون هناك قصف”. كما هدّد بفرض ما أسماه “رسوم جمركية ثانوية” على الدول التي تتعامل مع طهران. وقد عزز عقوباته الأسبوع الماضي على صناعة النفط الايرانية، ويوم الثلاثاء، على شبكات إنتاج الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.
وعلى الرغم من عدم وضوح السبب المباشر لتصعيد ترامب في خطابه، إلا أن مخاطر المواجهة المباشرة تصاعدت بسرعة خلال الشهر الماضي. فقد شنّ ترامب ضربات عسكرية متزايدة على الحوثيين المدعومين إيرانياً في اليمن، الذين استأنفوا هجماتهم البحرية على السفن التجارية والسفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر بعد أن استأنفت إسرائيل هجماتها على غزة عقب هدنة قصيرة.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي أن إيران وسعت بصورة كبيرة إنتاجها من اليورانيوم المخصّب بدرجة عالية وتعمل على زيادة مخزونها من المواد القريبة من درجة تصنيع الأسلحة، ما يقصّر الوقت اللازم لصنع جهاز نووي.
وعبّرت حكومة بنيامين نتنياهو بصورة أكثر علانية عن رغبتها في انضمام الولايات المتحدة إلى هجوم ضد إيران، والذي قدّرته الاستخبارات الأميركية بأنه محتمل الحدوث خلال النصف الأول من هذا العام.
وأكّدت قيادة الضربات العالمية لسلاح الجو الأميركي تقارير عن نشر مجموعة من قاذفات “بي-2 سبيريت” الشبحية في دييجو غارسيا، القاعدة في الجزيرة التابعة للبحرية في المحيط الهندي. وتستطيع قاذفات “بي-2” حمل أكبر ذخائر “بونكر-باستر” التابعة للبنتاغون، والتي يُعتقد أنها قادرة على اختراق المنشآت النووية الايرانية تحت الأرض، بالاضافة إلى الذخائر الموجهة بدقة والأسلحة النووية.
وقالت المتحدثة باسم القيادة كارلا بامبي في بيان الثلاثاء: “للحفاظ على الأمن التشغيلي، نحن لا نناقش تفاصيل التمارين أو العمليات”.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع شون بارنيل الثلاثاء، إن مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” تتجه إلى الشرق الأوسط لدعم مجموعة حاملات أخرى موجودة بالفعل في البحر الأحمر.
وكان ترامب سحب خلال ولايته الأولى، الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، والذي وافقت فيه الأخيرة على فرض قيود مؤكدة على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات. وأعاد فرض عقوبات “الضغط الأقصى” وقال إنه سيعقد “صفقة أفضل” في مفاوضات لم تتحقق قط. كما فشلت جهود الرئيس جو بايدن في التفاوض للعودة إلى الاتفاق الأصلي.
في أوائل آذار – حتى مع تصاعد العداء المتبادل – أطلق ترامب جهداً جديداً، بإرسال رسالة إلى خامنئي عبر مبعوث من الامارات العربية المتحدة، عرض فيها محادثات مباشرة حول تقليص البرنامج النووي الايراني. وقالت الرسالة، وفقاً لوصف محتوياتها بواسطة ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس لشؤون الشرق الأوسط، في مقابلة عبر الانترنت مع مقدم “فوكس نيوز” تاكر كارلسون: “السلام هو ما أريده”.
ونقل ويتكوف عن ترامب قوله: “لا سبب للقيام بذلك عسكرياً. يجب أن نتحدث… يجب أن نزيل سوء الفهم. يجب أن ننشئ برنامج تحقق حتى لا يقلق أحد من تسليح المواد النووية. وأود أن نصل إلى هذه المرحلة، لأن البديل ليس جيداً”.
ورد خامنئي الأسبوع الماضي، وفقاً لمسؤولين إيرانيين، بحيث تم تمرير رسالته إلى ترامب عبر ممثلين في عُمان، التي كانت مكاناً للمحادثات السرية الأميركية الايرانية في إدارات سابقة.
وفي كلمة أمام اجتماع لمجلس وزرائه الأحد، قال الرئيس الايراني مسعود بزشكيان إن رسالة إيران رفضت المحادثات المباشرة لكنها تبقى مفتوحة للتفاوض مع الولايات المتحدة عبر طرف ثالث. وأضاف، وفقاً لتقارير إعلامية إيرانية: “كما أن الجمهورية الاسلامية لم تغلق أبداً طرق المفاوضات غير المباشرة من قبل، فقد ذكرت هذه الرسالة أيضاً أن طريق التفاوض غير المباشر مفتوح، وأكدت أن إيران لم تتجنب أبداً المفاوضات”.
كذلك يختلف كبار المسؤولين الايرانيين – مثل نظرائهم الأميركيين – في اللهجة والمضمون عند مناقشة السياسة الخارجية والعسكرية. وعلى النقيض من تصريحات بزشكيان الديبلوماسية، هدّد اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد فرع الفضاء في الحرس الثوري الاسلامي، الاثنين بهجمات على المنشآت العسكرية الأميركية في المنطقة.
وقال: “الأميركيون لديهم 10 قواعد في المنطقة، خصوصاً حول إيران”، في إشارة إلى القواعد الجوية والبحرية في شبه الجزيرة العربية بالاضافة إلى القوات في العراق والأردن وسوريا. “هذا يعني أنهم يجلسون في بيت من زجاج، ومن يجلس في بيت من زجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة”.
كما حذّر خامنئي الاثنين من أن أي تحرك ضد إيران سيتلقى “ضربة ساحقة وحاسمة”.
بينما عرض ترامب كلاً من “جزرة” المحادثات و”عصا” القصف الأميركي، مال أعضاء آخرون في فريقه للأمن الوطني إلى طرف دون الآخر. ففي حديثه الشهر الماضي مع الاذاعي هيو هيويت، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن ترامب ليس مستعداً لاتخاذ إجراء عسكري إذا لم تمتثل إيران لمطالبه وحسب، بل أيضاً “للتقدم أكثر، وربما حتى تهديد النظام”.
بينما قال مايك والتز، مستشار الأمن الوطني للرئيس والموالي لخطاب التشدد ضد إيران، لبرنامج “فايس ذا نايشن” على “سي بي إس” الشهر الماضي: “يجب على إيران الموافقة على التفكيك الكامل” لبرامج تخصيب اليورانيوم والأسلحة الأخرى.