دمار غير مسبوق تشهده غزة (أ ف ب)

دمار غير مسبوق تشهده غزة (أ ف ب)
أسقطت الولايات المتحدة من خلال الفيتو، مشروع قرار في ‏مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار فورا في ‏قطاع غزة، بينما تتواصل الحرب بين إسرائيل وحماس وسط ‏دعوات أممية لإنهاء “إزهاق أرواح الفلسطينيين”.‏
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن ‏الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول ‏‏(أكتوبر)، لا يبرر “العقاب الجماعي” للفلسطينيين، في ظل ‏أزمة إنسانية متصاعدة.‏
وعقد مجلس الأمن الجمعة جلسة طارئة بدفع من غوتيريش، ‏وتمّ التصويت على مشروع قرار يدعو إلى وقف “إطلاق نار ‏إنساني فوري” في قطاع غزة.‏
وصوّتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح ‏مشروع القرار الذي طرحته الإمارات وحظي بدعم عشرات ‏الدول غير المنضوية في مجلس الأمن، ومنظمات دولية ‏وإنسانية.‏
في المقابل، امتنعت المملكة المتحدة عن التصويت، بينما ‏عارضت الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، المشروع ‏واستخدمت الفيتو، ما أدى إلى إسقاطه.‏
واعتبر نائب المندوبة الأميركية روبرت وود أن المشروع ‏‏”منفصل عن الواقع” و”لن يؤدي إلى دفع الأمور قدما على ‏الأرض”.‏
ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية “إخفاق مجلس ‏الأمن في تمرير مشروع القرار” بسبب استخدام الولايات ‏المتحدة الفيتو بأنه “وصمة عار ورخصة جديدة لدولة ‏الاحتلال لمواصلة التقتيل والتدمير والتهجير”.‏
وقال أشتية إن “استخدام الفيتو يكشف أكذوبة الحرص على ‏أرواح المدنيين”، معتبرا ما جرى “إهانة لأحرار العالم ‏وانتهاك لقيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان”.‏
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت ‏الرشق “ندين بشدة استخدام واشنطن الفيتو… ونعدّه موقفا لا ‏أخلاقي ولا إنساني”، مضيفا “عرقلة أميركا صدور قرار ‏بوقف النار هي  مشاركة مباشرة للاحتلال في قتل أبناء شعبنا ‏وارتكاب مزيد من المجازر والتطهير العرقي”.‏
واندلعت الحرب ردا على هجوم دامٍ وغير مسبوق شنّته ‏حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) في إسرائيل، أوقع ‏‏1200 قتيل معظمهم مدنيون حسب السلطات الإسرائيلية، ‏واتخذت خلاله الحركة 240 رهينة.‏
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة ارتفاع حصيلة ‏القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 17487 قتيلا، نحو ‏‏70% منهم نساء وأطفال.‏
يعاني القطاع نقصا في الغذاء والماء والوقود والأدوية في ‏وقت نزح 1,9 مليون شخص أي 85% من سكانه وسط ‏دمار وأضرار طالت نصف مساكنه. وتقول الأمم المتحدة إن ‏هؤلاء يواجهون أيضا تهديدا متزايدا لانتشار الأمراض.‏
‏”عقاب جماعي” ‏
وسبق التصويت تحذير منظمات غير حكومية دولية، بينها ‏‏”أنقذوا الأطفال”، من أن “أولئك الذين نجوا من القصف ‏أصبحوا معرضين الآن لخطر الموت الوشيك بسبب الجوع ‏والمرض”.‏
كما دعا المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين ‏الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة إلى “وقف ‏إنساني فوري لإطلاق النار” في غزة.‏
وأتى موقف لازاريني قبل ساعات من بدء جلسة مجلس ‏الأمن. وفي بدايتها، قال غوتيريش إن “وحشية” حماس لا ‏يمكنها تبرير “العقاب الجماعي” للفلسطينيين.‏
وأضاف “أدين بلا تحفظ هجمات حماس في 7 تشرين الأول ‏‏(أكتوبر)”، معتبرا أن “لا مبرر لقتل نحو 1200 شخص ‏عمدا، بينهم 33 طفلا، وإصابة آلاف آخرين، واحتجاز مئات ‏الرهائن”، مضيفا “في الوقت نفسه فإن الوحشية التي مارستها ‏حماس لا يمكنها تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.‏
وكان غوتيريش وجّه الأربعاء رسالة إلى مجلس الأمن استخدم ‏فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له “لفت ‏انتباه” المجلس إلى ملف “يمكن أن يعرّض السلام والأمن ‏الدوليين للخطر”، في أول تفعيل لها منذ عقود.‏
وكانت واشنطن أكدت حتى قبل التصويت، معارضتها وقف ‏النار.‏
وقال وود “في حين تدعم الولايات المتحدة بشدة السلام ‏المستدام الذي يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمن ‏وسلام، لا ندعم الدعوات إلى وقف فوري للنار” لأن ذلك “لن ‏يؤدي سوى إلى زرع بذار الحرب المقبلة”.‏
وسبق لمجلس الأمن أن رفض في الأسابيع التي تلت اندلاع ‏الحرب أربعة مشاريع قرارات في ظل انقسام الدول الكبرى.‏
وتتالت الدعوات الجمعة لحضّ المجلس على تبنّي قرار لوقف ‏النار.‏
فقد دعا وفد يضم وزراء خارجية دول عربية وتركيا زار ‏الولايات المتحدة الجمعة إلى وقف فوري للأعمال القتالية في ‏غزة. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ‏باسم هؤلاء “نعتقد أن من الضروري وضع حد للمعارك في ‏شكل فوري”.‏
من جهتها، اعتبرت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة أن عدم ‏تحرك مجلس الأمن يجعله “شريكا في المجزرة” بغزة.‏
وخرج المجلس عن صمته أخيرا في منتصف تشرين الثاني ‏‏(نوفمبر) باعتماده قرارا دعا إلى “هدنات وممرات إنسانية” ‏في قطاع غزة، وليس إلى “وقف للنار”.‏
محاولة فاشلة لإنقاذ رهائن ‏
وبعدما ركّز الجيش هجومه البرّي في مرحلة أولى في شمال ‏غزة، وسع عملياته هذا الأسبوع إلى الجنوب حيث يحتشد ‏زهاء مليوني شخص باتوا محاصرين في بقعة تضيق مساحتها ‏تدريجا.‏
وتواصلت المواجهات الجمعة في مدينة غزة وخانيونس ودير ‏البلح والنصيرات، بما يشمل عمليات برّية وقصف جوي ‏وبحري نفّذها الجيش الإسرائيلي.‏
وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة إن القتال احتدم خصوصا في ‏قطاع خان يونس، واصفا إياه بأنه “معقل مهم لمنظمة حماس ‏الإرهابية”.‏
وأوضح العميد دان غولدفوس، قائد الفرقة 98 في الجيش في ‏مقطع فيديو “تمركزنا وسط المدينة”، مؤكدا “نواصل العمل ‏بشكل منهجي ودقيق، والانتقال من نفق إلى نفق، ومن منزل ‏إلى منزل، وضرب الإرهابيين بأكبر قدر ممكن من الدقة”.‏
منذ اندلاع الحرب، لم تتوقف المعارك سوى سبعة أيام تخللها ‏تبادل رهائن ومعتقلين، والسماح بإدخال مزيد من المساعدات ‏الإنسانية إلى القطاع.‏
والجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جنديين “بجروح ‏خطرة” خلال عملية فاشلة هدفت إلى تحرير رهائن ليلا في ‏غزة، فيما أعلنت حماس مقتل محتجز خلال العملية.‏
وذكر الجيش في بيان أن جنديين “أصيبا بجروح خطرة خلال ‏عملية لإنقاذ رهائن تحتجزهم حماس”. أضاف “خلال العملية، ‏قُتل كثير من الذين شاركوا في خطف الرهائن واحتجازهم”، ‏مؤكدا “عدم إنقاذ أي رهائن”.‏
من جهتها، قالت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح ‏العسكري لحماس، في وقت سابق إن مقاتليها أحبطوا “محاولة ‏صهيونية للوصول إلى أحد الأسرى الصهاينة فجر اليوم”.‏
ونشرت مقطع فيديو يظهر ما قالت إنها جثة المحتجز. ولم ‏تتمكن فرانس برس من التأكد من صحته في شكل مستقل.‏
وحضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة رئيس ‏الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على فتح معبر كرم أبو ‏سالم بين إسرائيل وغزة لإيصال المساعدات. وذكرت الرئاسة ‏الفرنسية أن ماكرون تحدث مع نتانياهو عن “ضرورة حماية ‏المدنيين في غزة وشدد على أهمية التوصل إلى وقف دائم ‏لإطلاق النار”.‏
وكرّرت الولايات المتحدة موقفها إزاء تزايد عدد القتلى ‏المدنيين. وشدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على ‏‏”وجوب أن تجعل إسرائيل حماية المدنيين أولوية”، مشيرا إلى ‏وجود تفاوت بين النية المعلنة و”النتائج”.‏
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال مع نتنياهو ‏الخميس “الحاجة الماسة” لحماية المدنيين مع احتدام القتال، ‏داعيا إلى إنشاء ممرات إنسانية “لفصل السكان المدنيين عن ‏حماس”.‏
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في دبي إن ‏‏”الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه”.‏
وتستمر أعمال العنف أيضا في الضفة الغربية المحتلة، حيث ‏قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين خلال توغل في مخيّم ‏الفارعة للاجئين الجمعة، حسب وزارة الصحة التابعة للسلطة ‏الفلسطينية.‏
ومنذ بدء الحرب، قُتل أكثر من 260  فلسطينيا بنيران الجيش ‏الإسرائيلي أو مستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة حسب ‏وزارة الصحة الفلسطينية.‏
وتثير الحرب مخاوف من تحوّل النزاع حربا إقليمية.‏