أكثر ما يؤلم هو هذه الزئبقية والانزياح في المواقف، عند من تتوسم فيهم خيراً، وتراهن عليهم من حيث الوعي ونسق القيم، مهما حدث من تبدلات وانعطافات، ومهما كانت المشهد ضبابياً..
يا شباب / ات : الانطلاق من وقائع اللحظة والحالة النفسية والهواجس الشخصية، في تحديد الموقف من أية قضية وحسم الخيارات، هو إما:
– نوع من الاحساس بالعجز لمن يظن ان التاريخ قد توقف بمجرد هزيمته في معركة.
– أو نشوة كاذبة ورضى تافه عن النفس لمن يظن انه كسب الدنيا والاخرة بمجرد ان يصفق له بعض الناس.
كل من ترك أثراً في التاريخ، تجاوز وعي اللحظة، ورد الفعل المباشر..دون ذلك لايمكن انجاز شيء ذو معنى، الوعي البشري تكوّن من خلال التراكم التاريخي والتجربة، الرهان فقط على من استطاع/ت أن يمسك بمبادئه وقيمه كأنه يقبض كالجمر … واذا كنت لاتستطيع أن تغيّر شيئاً الآن، على الاقل لاتورث /ي الاستسلام لمن يأتي بعدك.
لو خضع غاليليو لجبروت محاكم التفتيش في العصور الوسطى، لما طرح فرضيته عن حركة الكواكب وأصبح نسياً منسياً.
لو ان ماركس انطلق من طغيان / قوى أوروبا القديمة كلها؛ البابا والقيصر، مترنيخ وغيزو، …/ لما اختير كأهم فيلسوف في الالفية الثانية.
لو حدد غيفارا خياراته على اساس النكسة التي حدثت معه في بداية مشواره الثوري، لما أكمل طريقه ولما أصبح واحداُ من الـ 100 شخصية الاكثر تأثيرا في القرن الماضي حسب مجلة التايم.
لو انطلق نيلسون مانديلا من وقائع وظروف سجن نظام الابارتيد، ووقوف كبريات الدول مع ذلك النظام لما تحوّل الى ايقونة في التاريخ الانساني..
لو حدد المهاتما غاندي خياراته على اساس ان بريطانيا هي الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس لما اصبح رمزاً في تاريخ البشرية.
الحركة دائمة، والتاريخ لايتوقف، واللحظة، أية لحظة كانت هي مخاتلة ومخادعة ومضللة… الشرط المعرفي اي امتلاك قاعدة بيانات حقيقية عن اية ظاهرة او حدث او موقف، والاحتمالات المتعددة هي التي ينبغي أن تحدد الموقف…التاريخ خزان المعرفة والعلم، ليس بمعنى استنساخ تجارب الاخرين، بل بفهمها وابداع حلول في كل ظرف ملموس..
اذا ساد الخطاب الطائفي في ظرف ما ينبغي ان يزيد عداؤك للطائفية، اذا سادت الانتهازية في مرحلة ما من المفروض ان تسعى بكل السبل للخروج من المستنقع… ولست مهزوماً ما دمت تقاوم.