طالب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مجلس الأمن برفع العقوبات عن بلاده لأنها تعيق التقدم المطلوب للنهوض، وذلك خلال مداخلته، اليوم الجمعة، أمام المجلس في نيويورك خلال اجتماعه الشهري حول سورية. كما طالب بوقف الهجمات الإسرائيلية وانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية، مشدداً في الوقت ذاته على أنّ سورية الجديدة “لن تشكل تهديداً لأي من دول المنطقة والعالم بما فيها إسرائيل”.
وهذه هي أول مرة يحضر فيها الشيباني بصفته وزير خارجية سورية جلسة لمجلس الأمن منذ إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. واستهل الشيباني كلمته بالحديث عن رفع العلم السوري الجديد ضمن مراسم رفع العلم اليومية التي تشهدها الأمم المتحدة أمام مبناها الرئيسي في نيويورك. ووصف الشيباني هذا اليوم بـ”التاريخي”، وأضاف: “يشرفني أن أخاطبكم في هذا اليوم التاريخي، اليوم الذي رفع فيه قبل خطابي العلم الذي يمثل سورية الجديدة، سورية الحرية والكرامة… هذا العلم ليس مجرد رمز، بل إعلان لوجود جديد ينبع من رحم المعاناة ويجسد مستقبلاً ينبثق من الصمود ووعداً بالتغيير بعد سنوات من الآلام”.
وأضاف: “لم تتسبب أفعال النظام في مآسٍ إنسانية عميقة للشعب السوري فحسب، بل أتاحت لقوى مزعزعة أن تنبت في وطننا”، مذكّراً بأنه “تحت حكم الأسد أصبحت أرضنا مرتعاً لإنتاج المخدرات وملاذاً للتنظيمات الإرهابية والمليشيات الأجنبية التي وجدت فيها موطئ قدم زاد من معاناتنا… وعمّقت السياسات الوحشية الانقسامات وأجبرت العائلات على الهجرة… ومع ذلك أنا هنا اليوم لأمثل سورية الجديدة”. وأكد الشيباني أنّ سورية بدأت تلتقط أنفاسها وفتحت أبوابها للعالم.
أسعد الشيباني يرفع علم سورية الجديد، نيويورك 25 أبريل 2025 (صفحة سانا/فيسبوك)
أخبار
الشيباني يرفع علم سورية الجديد أمام مبنى الأمم المتحدة
وحول ملف الأسلحة الكيميائية، لفت وزير الخارجية السوري إلى أنّ تعاون حكومته مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يظهر أنّ أفعالها تتماشى مع كلماتها، وطالب بتقديم الدعم المكثف. وتحدث عن محافظة حكومة تصريف الأعمال ثم الانتقالية على مؤسسات الدولة والحؤول دون انهيارها، مشيراً إلى توحيد الفصائل العسكرية وبدء خطوات دستورية نحو “إصلاح حقيقي وحوار وطني”.
وحول أحداث الساحل السوري اتهم الشيباني “فلول النظام بمحاولة إشعال حرب أهلية من خلال ارتكاب المجازر… وما زلنا نتعرض لهذه الهجمات بهدف إثارة ردات فعل طائفية”. وتطرق إلى اللجان المتخصصة للمحاسبة والتحقيق. وتحدث عن الاحتفالات الدينية بما فيها للمسلمين والمسيحيين التي أقيمت خلال الأشهر الماضية وزيارات يهود سوريين لبلادهم ومعابدهم لأول مرة، “مما يعكس تنوع سورية”، بحسب الوزير السوري.
الشيباني: العقوبات تقيّد قدرتنا
وطالب الشيباني كذلك برفع العقوبات ووصفها بـ”الإجراءات التقييدية التي تمنع رؤوس الأموال والخبرات من الدخول وتتيح للجهات المشبوهة والشبكات غير المشروعة بأن تزدهر… هذه العقوبات تجبر سورية على لعب دور المعتمد على المساعدات بدلاً من أن تكون شريكاً في النمو الاقتصادي العالمي وتحول دون عمل المنظمات الدولية والمجتمع الدولي بسلاسة وتقيّد قدرتنا على تطبيق العدالة الانتقالية والأمن”.
وشدد على أنّ رفع العقوبات “يمكن أن يكون خطوة حاسمة تساهم في تحويل سورية من بلاد عرفت بماضيها المظلم إلى شريك نشط وقوي في السلام والازدهار والاقتصاد الدولي”، مشدداً على أنّ “استقرار سورية لا يمسنا فقط، بل المنطقة بأسرها”. وتطرق إلى الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية ووصفها بـ”العامل الإضافي الذي يزعزع الاستقرار”، قائلاً إنها “ليست فقط انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولسيادة سورية، بل كذلك تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي. إن العدوان المستمر يزعزع جهودنا في إعادة البناء ويقوّض السلام والأمن”. وطالب مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل “للانسحاب من سورية وتطبيق اتفاقية فصل القوات لعام 1974. وقد أعلنا مراراً عن التزامنا بأن سورية لن تشكّل تهديداً لدول المنطقة والعالم بما فيها إسرائيل”.
بيدرسون يرحّب بوحدة موقف مجلس الأمن
من جهته، عبّر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، عن تقديره لحضور الشيباني لأول مرة وبشكل رسمي جلسة مجلس الأمن حول سورية منذ سقوط النظام السوري السابق. ورأى بيدرسون أنّ مشاركة الشيباني “تعكس التطورات الهامة التي شهدتها سورية خلال الأشهر الأخيرة”. وقال: “أُقدّر التزامكم بتعزيز الاستقرار الإقليمي والانخراط البنّاء على المستوى الدولي. أُرحّب بوحدة موقف مجلس الأمن حول سورية، كما تجلّى في بيانيه الصادرين في ديسمبر/ كانون الأول ومارس/ آذار، ودعمه المستمر لعملية انتقال سياسي بقيادة سورية، وبتيسير من الأمم المتحدة، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254”.
المبعوث الأممي غير بيدرسون في منتدى أنطاليا، 11 إبريل 2025 (Getty)
أخبار
بيدرسون: إعادة إعمار سورية مهمة صعبة والبلاد منهارة أمنياً ومجتمعياً
وتوقف بيدرسون عند الاجتماعات التي أجراها في دمشق بما فيها مع ممثلين عن المجتمع المدني ومسؤولين في المنطقة وعواصم دولية. وتحدث كذلك عن “إرث النظام السابق وسوء الحكم والصراع والانتهاكات والفقر الذي تسعى سورية للخروج منه”. ووصفه بأنه “من أثقل ما واجهته أي دولة أو شعب في العصر الحديث. هذا يعني أن الوضع لا يزال هشاً للغاية بطبيعته. إن العناصر الأساسية لمعالجة هذه الهشاشة واضحة: شمول سياسي حقيقي يتيح لجميع السوريين المشاركة بفعالية في رسم مستقبل البلاد السياسي، إلى جانب مكافحة التطرف والإرهاب، ودعم حقيقي من المجتمع الدولي لإتاحة الفرصة لهذا التحول للنجاح رغم كل الصعاب”.
ورأى المبعوث الأممي أنّ “الانتقال السياسي الآن يمر بمنعطف حرج، على الرغم من انتقال سورية من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة جديدة موسعة وأكثر تنوعًا”. وفيما اعتبر ذلك “تحسّنًا مقارنة بالوضع في الماضي”، أكد في الوقت ذاته أن “هذا الإطار يفتقر إلى الشمولية الكاملة للانتقال السياسي. وهذا يترك الكثير من السوريين غير متأكدين من مكانتهم في سورية الجديدة الناشئة”. وتحدث عما أسماه “تركيزاً للسلطة مما يعني أن هناك العديد من الأمور غير واضحة المعالم بما فيها إرساء سيادة القانون، وعقد اجتماعي جديد، وانتخابات حرة ونزيهة”، مشيراً إلى القلق الذي تشعر به الكثير من النساء في سورية بسبب الاتجاهات السياسية والاجتماعية في البلاد فضلاً عن العنف في الساحل والانتقام.
وتطرق المبعوث الأممي كذلك إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد سورية، وقال “إنها تُقوّض سلامة أراضي سورية وعملية الانتقال”. وشدد على “ضرورة أن تتوقف تلك الهجمات”، مجدداً نداءه من أجل “الاحترام الكامل لاتفاقية فض الاشتباك بين القوات لعام 1974، وإلى هذا المجلس كي يُلزم إسرائيل بالتزامها بعدم السعي لتحقيق مكاسب إقليمية في سورية. يجب على إسرائيل الانسحاب واحترام سيادة سورية، وسلامة أراضيها، ووحدتها واستقلالها”.
الوضع الإنساني
من جهتها، تحدثت نائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، عن أن قرابة “ثلاثة أرباع السكان في سورية بحاجة إلى مساعدات، وأكثر من نصفهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وسبعة ملايين نازح”. وسلّطت الضوء على أربع نقاط؛ أولاها انخفاض كبير في الأعمال العدائية والذي عاد بنفع كبير للمدنيين والوضع الإنساني. وشددت في الوقت ذاته على أنه على الرغم من التحسن الملحوظ في الوضع الأمني، بما في ذلك الوضع في منطقة الساحل، إلا أن الأمم المتحدة ما زالت تسجل وقوع حوادث، كما “لا يزال عشرات الآلاف من الأشخاص نازحين، بمن فيهم أكثر من 30 ألف شخص فروا إلى لبنان”. وتحدثت عن “مخلفات الحرب من المتفجرات والتي لا تزال تُصيب أو تقتل أشخاصًا، بمن فيهم أطفال، بشكل شبه يومي. وقد سُجلت أكثر من 700 إصابة منذ 8 ديسمبر/ كانون الأول، بمعدل أكثر من خمسة أشخاص يوميًا”.
سورية/اقتصاد/البنك المركزي السوري/25-07-2016 (فرانس برس)
اقتصاد عربي
خاص | السعودية وقطر تكفلتا بسداد ديون سورية للبنك الدولي
وأشارت إلى المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة في المجالات المختلفة، مؤكدة في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة “بحاجة إلى مزيد من التمويل لاستدامة هذا العمل، فضلاً عن توسيع نطاقه. حتى الآن، تلقينا 186 مليون دولار أميركي؛ أي أقل من 10% مما نحتاجه خلال الأشهر الستة الأولى لهذا العام”. وشددت على أن النقص في التمويل يؤثر سلباً على استجابة الأمم المتحدة الإنسانية.
وقالت مسويا في هذا السياق: “تتوقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقليص عدد فريقها في سورية بنسبة 30%، في وقت تتزايد الحاجة إلى دعم عودة اللاجئين. سيُغلق ما يقرب من نصف مراكز المفوضية المجتمعية، والبالغ عددها 122 مركزًا، بحلول الصيف دون الحصول على مزيد من التمويل. وقد حذّر برنامج الأغذية العالمي من حاجته إلى 100 مليون دولار لتجنب انقطاع المساعدات الغذائية في أغسطس/ آب”. ولفتت إلى أنّ “العديد من المنظمات غير الحكومية، وخاصة في الشمال الشرقي، تواجه نقصًا مقلقًا للغاية. في دير الزور، تُواجه المستشفيات التي تخدم أكثر من 200,000 شخص خطر الإغلاق الشهر المقبل دون الحصول على تمويل إضافي. وفي الشمال الغربي، يُواجه أكثر من 170 مرفقًا صحيًا خطر نفاد التمويل بحلول نهاية الشهر المقبل”.
مواقف واشنطن وموسكو
إلى ذلك، قالت القائمة بأعمال المندوبة الأميركية، دوروثي شيا، في بداية مداخلتها إنّ بلادها “تأخذ علماً بحضور وزير الخارجية السوري المؤقت الشيباني هنا اليوم”. وشددت على أن بلادها تواصل “متابعة خطوات السلطات السورية المؤقتة عن كثب. ويظل أملنا أن يُمثل تشكيل الحكومة المؤقتة، الذي أعلنته السلطات المؤقتة في نهاية مارس/ آذار، خطوة إيجابية، إلا أننا نتوقع اتخاذ إجراءات إضافية لتعيين شخصيات أكثر تأهيلاً وتمثيلاً لشغل مناصب حساسة”.
وتابعت: “كما أوضحنا مراراً وتكراراً، فإننا سنحمّل السلطات السورية المؤقتة المسؤولية عن الخطوات التالية للتخلي الكامل عن الإرهاب وقمعه، واعتماد سياسة عدم الاعتداء على الدول المجاورة، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي أدوار رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والمساعدة في استعادة المواطنين الأميركيين المختفين في سورية، وضمان أمن وحريات جميع السوريين”. وأضافت: “لقد أحطنا علماً بقرار السلطات المؤقتة بتمديد ولاية لجنة التحقيق المستقلة المعنية بالعنف في الساحل. ونتوقع أن يُستغل هذا الوقت لزيارة جميع المواقع التي ارتُكبت فيها الفظائع، ومقابلة أكبر عدد ممكن من الناجين، وإعداد تقرير شامل يُفضي إلى اتخاذ السلطات المؤقتة إجراءات”.
مزارع في عفرين السورية، 10 أكتوبر 2021 (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
اقتصاد عربي
مكاسب دمج “قسد”: ثروات نفطية وزراعية ومعابر ومطار
أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، فقد تحدث عن الضربات العشوائية الإسرائيلية والتوتر على الحدود السورية اللبنانية، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة ضمان عودة إسرائيل لاتفاقية فك الاشتباك وسحب قواتها من الأراضي السورية. ولاحظ التقدم المحرز بين السلطات السورية والأكراد. وعبّر عن قناعة بلاده بأن التعاون مع الأكراد سيعزز الاستقرار في البلاد. كما أشار إلى ضرورة إعادة هيكلة عمليات الأمم المتحدة الإنسانية.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News