سيارة اطفاء تشارك في اطفاء حريق السكن الجامعي في سوران.

سيارة اطفاء تشارك في اطفاء حريق السكن الجامعي في سوران.
بعد حادثة حريق صالة الأفراح في مدينة الحمدانية شمال العراق، جاء حادث حريق السكن الطلابي في مدينة سوران شمال مدينة أربيل في إقليم كردستان الذي أودى بحياة 14 طالباً، عدا الاصابات، ما أثار تخوفاً شعبياً عارماً من حرائق الأماكن العامة.
حريق السكن الطلابي وقع في الطبقتين الثالثة والرابعة من مبنى يطل على الشارع العام، يسكنه طلاب ومدرسون في الجامعة الحكومية الخاصة بالمنطقة الإدارية الخاصة التابعة للعاصمة أربيل، وما لبث أن توسع والتهم كل طبقات المبنى. واستمرت فرق الدفاع المدني تعمل ساعتين إلى أن سيطرت على الحريق الذي قتل أربع طالبات وعشرة طلاب، وأصيب 18 شخصاً آخر قالت مصادر صحية في بلدة سوران لـ”النهار العربي” إنهم جميعاً غادروا المراكز الصحية بعد تحسن حالتهم، فأغلبهم واجهوا اختناقات بمواد سامة بسبب استنشاقهم دخان الحريق، منهم أربعة من عناصر الدفاع المدني.
السلامة العامة هاجس يتصاعد
مواطنون في الإقليم التقاهم “النهار العربي” عبروا عن تصاعد مخاوفهم من الحرائق التي قد تندلع في الأماكن العامة، في مراكز التسوق والأسواق الشعبية المغلقة وصالات الأفراح والألعاب الرياضية التي يستقبل الكثير منها آلاف الرواد أحياناً، خصوصاً أثناء أيام العطل الرسمية ونهاية الأسبوع، والكثير منها مغلق تماماً، ومن دون معرفة بمستويات الأمان الداخلي لجهة وجود أجهزة الإنذار والإطفاء الآلي والمخارج المتعددة لمنع الاختناقات أثناء الحرائق. فالكثير من هذه المباني بُني على فترات زمنية متتالية، وأغلبها ذو نمط تجاري، غير مبالٍ بشروط السلامة العامة.
الحريق الذي اندلع في صالة الأفراح في بلدة الحمدانية شمال مدينة الموصل، بالقرب من إقليم كردستان، في أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وأودى بحياة 125 شخصاً، كان قد دفع السلطات المحلية إلى اتخاذ إجراءات سلامة خاصة، متوعدة أصحاب الصالات والأماكن العامة بإلغاء التراخيص وحتى هدم المباني، في حال عدم استجابتها السريعة لدفتر شروط متطلبات السلامة العامة، وهو ما صار مواطنو إقليم كردستان يطالبون به، خصوصاً أن الإقليم يشهد ثورة عمرانية، بالذات في مجال الأماكن العمرانية الضخمة والمباني السكنية القائمة على شكل أبراج.
تحقيقات وموقوفون
السلطات الأمنية في إقليم كردستان أعلنت القبض على خمسة أشخاص، منهم مالك المبنى السكني وأحد العاملين في المحال التجارية في الطبقة الأرضية منه، بالإضافة إلى ثلاثة عمال يعملون في الخدمة العامة ضمنه. وعلى رغم عدم كشف السبب المباشر لاندلاع الحريق، إلا أن رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني دعا إلى “تحقيق شامل وجاد في أسباب الحريق”، بحسب بيان رسمي صدر من مكتبه،  فيما وجه رئيس وزراء الحكومة المركزية العراقية محمد شياع السوداني بتقديم مساعدة مباشرة لمصابي الحريق، بعدما تقدم بتعازيه ومواساته لأسر الضحايا.
الباحث والناشط المدني آواز ديرشوي رأى في حديث إلى “النهار العربي” أن “تكرار هذه الحوادث في مناطق عدة من العراق، وراهناً في إقليم كردستان، من المفترض أن يدفع السلطات التشريعية والتنظيمية إلى اتخاذ مجموعة كبيرة من الإجراءات الاحترازية الحديثة، تكون في المحصلة قيمة مضافة لمصلحة المجال العام وفي خدمة تحديثه كما يحدث في مختلف بلدان العالم حيث تأتي القوانين والإجراءات الحكومية نتيجة تكرار الحوادث السلبية، في أي قطاع كان، صحياً أو مرورياً أو تعليمياً. فالقوانين في المحصلة هي وليدة التجارب والأعراف الإنسانية. والحكومة في إقليم كردستان سبق لها أن اتخذت العشرات من القرارات تحت تأثير الرأي العام وبناءً عليه، وراهناً لا تستطيع أي جهة أن تمانع توجهات الحكومة، فالرأي العام مناهض تماماً لأصحاب الأعمال المتلهفين لتحقيق الأرباح الاستثنائية في أوقات سريعة، من دون رعاية لسلامة الفضاء العام”.
وكان السوق الشعبي العام وسط مدينة أربيل (اللكنة القديمة) قد تعرض لحريق قبل سنوات، أتى على نصفه على الأقل، لكنه لم يتسبب بأي ضحايا، لأنه وقع نتيجة ماس كهربائي أواخر الليل، حينما كان السوق خالياً إلا من الحراس المحليين. بعد الحادثة بأقل من عام أتى حريق على “مول أربيل” بالقرب من قلعة المدينة، ولم يتسبب أيضاً بوقوع ضحايا، لكنه دمّر المول تماماً. في العامين الأخيرين تسببت تمديدات الغاز المنزلي بوقوع حرائق عدة في محافظتي السليمانية ودهوك.
حوادث إقليم كردستان تأتي بعدما شهدت العاصمة بغداد حريقاً في مشفى أمراض الكوفيد في ربيع عام 2021 أودى بحياة 80 شخصاً، عقب انفجار أسطوانات للأوكسجين داخل المشفى، تلاه حريق آخر في مستشفى في محافظة الناصرية جنوب العراق أوقع 64 ضحية.