أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تريد رؤية سوريا وهي “تركّز على حقوق الإنسان، وعلى الناس، وعلى الأقليات العرقية”، مشددة على ضرورة “عدم السماح للإرهابيين الأجانب بلعب أدوار رسمية في سوريا، وأن يتم التبرؤ من الإرهاب بكل أشكاله”.
وقالت نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ميغنون هيوستن، في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية: “نريد أن نرى سوريا تحترم حقوق الإنسان”، منوّهة إلى أن واشنطن منخرطة على أعلى المستويات في هذا الملف.
وتطرّقت هيوستن إلى مستقبل الأقليات في سوريا، مشددة على أنه “لا يقلّ أهمية عن مستقبل أي مكون آخر في سوريا. ولتحقيق ذلك، نحن نعمل الآن على إجراء محادثات جادة من شأنها أن تفضي إلى تلك النتيجة، وهذا بالضبط ما نقوم به حالياً”.
أدناه نص المقابلة:
رووداو: سأسألك عن السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترمب. هناك الكثير من التحركات الجارية في هذا المجال، وقد شهدنا تحولاً كبيراً بين هذه الإدارة والإدارة السابقة. هل يمكنك أن توضحي لنا ما هي أولوياتكم في السياسة الخارجية؟ هل تتركزون على الشرق الأوسط؟ أم أوكرانيا؟ أم الصين؟
ميغنون هيوستن: كما تعلمون، أنا أحب هذا السؤال، وخصوصاً في هذا اليوم بالذات، لأننا نحتفل بمرور 100 يوم على تسلّم هذه الإدارة لمهامها. إنه وقت مثير حقاً للتوقف والتفكير فيما تحقق، وقد تحقق قدر هائل من الإنجازات مع هذه الإدارة، نحن نشهد إنجازات حقيقية سواء على المستوى الداخلي أو الدولي. لقد جاءت هذه الإدارة بتفويض واضح من الشعب الأميركي، الذي قال: نريد أن نرى أميركا أكثر أمناً، وأكثر قوة، وأكثر ازدهاراً، وهذا ينطبق على السياسة الداخلية تماماً كما ينطبق على السياسة الخارجية.
نحن نركز على السياسات التي تمنح الشعب الأميركي الفرص والموارد والأمن الاقتصادي الذي نستحقه هنا داخل الولايات المتحدة، والشعب الأميركي يرى ذلك واضحاً عند حدودنا؛ فقد شهدنا انخفاضاً بنسبة 95 في المئة في عدد حالات العبور غير القانوني. وهذا إنجاز مذهل على الصعيد المحلي. أما على مستوى العالم، فإننا نشهد سياسة خارجية تقودها شخصية رائعة، وزير الخارجية ماركو روبيو، ونحن جميعاً نعتقد أنه مذهل. لا أعرف متى ينام، إنه يقوم بعمل مذهل أيضاً، ويسعدني أن أواصل الحديث معكم في هذا الشأن.
“نحن بحاجة إلى رؤية سوريا تركّز على حقوق الإنسان”
رووداو: دعينا نتحدث عن الشرق الأوسط. هل وضعت هذه الإدارة ملف الشرق الأوسط في المقعد الخلفي؟ لأننا لا نرى تفاعلاً كبيراً مع دول المنطقة، سواء في ما يتعلق بالعراق أو سوريا أو غيرها. لا يبدو أن هناك انخراطاً فعلياً مع السلطات المؤقتة في سوريا، وبالنسبة للصراع في غزة… فهل تم تهميش الشرق الأوسط، أم لا يزال الملف مطروحاً على طاولة المكتب البيضاوي؟
ميغنون هيوستن: مع كامل الاحترام، أرفض تماماً هذا الطرح. هذه الإدارة تركز على الشرق الأوسط بدرجة عالية جداً، وعلى أعلى المستويات.
نقوم بإرسال مسؤولين، سواء كان السفير [ستيف] ويتكوف، أو الوزير، أو مستشار الأمن القومي [مايك والتز]، للتركيز على ملفات المنطقة. لا يمرّ يوم دون أن نركّز فيه على قضية غزة، ولا يمرّ يوم دون أن نعمل على سبل تحقيق مزيد من الاستقرار والنهوض بقضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. نحن نعمل من أجل خلق ظروف مؤاتية للسلام، وللتنمية الاقتصادية، ولتحقيق التقدم الأمني، ونواصل عملنا على جميع المستويات لتحقيق ذلك.
بالنسبة لما ذكرتَه حول سوريا والسلطات المؤقتة هناك، فقد كنا واضحين تماماً في هذا الشأن: نريد رؤية أفعال لا أقوال فقط. نحن بحاجة إلى رؤية سوريا تركّز على حقوق الإنسان، وعلى الناس، وعلى الأقليات العرقية في البلاد، ونريد التأكد من أنهم لن يسمحوا للإرهابيين الأجانب بلعب أدوار رسمية في سوريا، وأنهم يتبرؤون من الإرهاب بكل أشكاله. هذا هو ما ننتظره من السلطات المؤقتة.
رووداو: تحدثتِ عن سوريا، لكن في الواقع، السلطات المؤقتة هناك لم تحترم حقوق الأقليات مثل الدروز والكورد. بل إنهم قتلوا عدداً من أبناء الطائفة الدرزية خلال الأيام القليلة الماضية، كما أنهم يرفضون إقامة منطقة حكم ذاتي للكورد، رغم أن الولايات المتحدة تدعم هذه الفكرة. ما موقفكم من حقوق الكورد والدروز في سوريا؟
ميغنون هيوستن: نحن كنا صريحين للغاية بشأن هذه القضايا. نريد أن نرى سوريا تحترم حقوق الإنسان. نحن منخرطون على أعلى المستويات في هذا الملف، وهناك نقاشات تدور حالياً داخل وزارة الخارجية، وكذلك في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، لضمان أن يتم احترام حقوق الإنسان في سوريا والمنطقة عموماً.
من المهم جداً أن تعرف الأقليات العرقية في سوريا، كما ذكرتَ، أننا نفكر بأصواتهم، بعائلاتهم، وبمجتمعاتهم، وأن مستقبلهم لا يقلّ أهمية عن مستقبل أي مكون آخر في سوريا. ولتحقيق ذلك، نحن نعمل الآن على إجراء محادثات جادة من شأنها أن تفضي إلى تلك النتيجة، وهذا بالضبط ما نقوم به حالياً.
“الوزير روبيو يريد استئناف تشغيل خط أنابيب العراق – تركيا”
رووداو: الوقت محدود ولدينا العديد من الأسئلة، فلننتقل إلى العراق. للولايات المتحدة دور كبير هناك، سواء في الحفاظ على الأمن، أو من خلال القواعد العسكرية، كما أن لديكم علاقات جيدة مع أربيل وبغداد. لكن الخلاف حول صادرات نفط إقليم كوردستان ما زال قائماً منذ وقت طويل. لديكم أيضاً شركات نفط أميركية تعمل في الإقليم، ووزير الخارجية ماركو روبيو أجرى عدة مكالمات مع رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني، وكذلك مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بهذا الشأن. لماذا لم نرَ حتى الآن استئناف تصدير نفط كوردستان عبر خط أنابيب العراق – تركيا؟ وما هو موقفكم من ذلك؟
ميغنون هيوستن: لقد رأينا الوزير روبيو يوضح بشكل صريح أنه يريد استئناف تشغيل خط أنابيب العراق – تركيا. نعم، هو يريد رؤية هذا الخط يعود إلى العمل. إنه يدرك أهمية هذا المورد للمنطقة، ويفهم تماماً ما يعنيه ذلك من حيث جذب الاستثمارات الأميركية، سواء من الشركات الأميركية العاملة هناك أو من المواطنين الأميركيين المتواجدين في المنطقة. نحن نريد أن يكون هذا المورد مجدياً وقابلاً للتشغيل. ونعلم أنه خلال العامين الماضيين، تراجعت القدرة التشغيلية لهذا الخط. نحن نريد تغيير ذلك. الوزير كان واضحاً جداً بهذا الشأن.
“نرى العراق شريكاً مهماً في المنطقة”
رووداو: الأسبوع الماضي، زار وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء العراقي فؤاد حسين واشنطن، واجتمع مع الوزير روبيو، وتحدثتم عن قضايا الأمن في العراق. نعلم أن هناك العديد من الجماعات المسلحة في العراق مدعومة من إيران. هل طلبتم من الحكومة العراقية تفكيك هذه الجماعات؟ وما هو موقفكم من تلك الجماعات التي تهاجم المصالح الأميركية داخل العراق وخارجه؟
ميغنون هيوستن: الوزير روبيو يركز على عراق آمن، وقابل للحياة، ومستقر. لدينا علاقة تعاون أمني قوية جداً مع العراق، كما أننا نتمتع بعلاقات طبيعية معه. نحن نرى العراق شريكاً مهماً في المنطقة، ونريد رؤية عراق قادر على هزيمة تنظيم داعش بشكل دائم. نريد عراقاً يمكنه أن يضمن الأمان لشعبه، وهذه هي المواضيع التي نناقشها على جميع المستويات. ندرك أن المسألة ليست سهلة، ولا يمكن حلّها بين ليلة وضحاها، لكن هذا هو التزامنا، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه.
رووداو: كيف تصفون علاقتكم مع حكومة إقليم كوردستان؟ أنتم تتمتعون بعلاقة جيدة مع الكورد، كيف تنظرون إلى مكانة حكومة الإقليم ضمن العراق؟ وهل تحدثتم مع حكومة كوردستان بشأن تشكيل الحكومة الجديدة هناك؟
ميغنون هيوستن: لا يمكنني التعليق على الجزء الأخير من السؤال، لكن يمكنني أن أقول إن خط أنابيب العراق – تركيا سيكون مورداً للجميع، أليس كذلك؟ سيكون مورداً لحكومة إقليم كوردستان، كما ذكرت، وسيكون مورداً للشعب الكوردي أيضاً. من المهم جداً بالنسبة لنا أن نُعيد تفعيل هذا الخط، لأنه سيسمح بجذب الاستثمارات، والتي بدورها ستؤدي إلى المزيد من السلام، والمزيد من الموارد، والمزيد من الفرص التي يستحقها هذا الشعب في المستقبل.
” الرئيس ترمب قادر على إنجاز الاتفاق مع إيران”
رووداو: في المرة السابقة، عندما انسحب الرئيس ترمب خلال ولايته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، قالت الإدارة في حينها إن الاتفاق لم يشمل كل الجوانب التي يجب الاتفاق عليها، مثل الجماعات المسلحة، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وغيرها. فهل ستركزون هذه المرة فقط على الأسلحة النووية وتخصيب اليورانيوم، أم أنكم ستناقشون أيضاً الجوانب الأخرى المرتبطة بإيران؟
ميغنون هيوستن: هذا سؤال ممتاز. هذه مناقشات ديناميكية تجري في الوقت الحالي، ولا أريد الكشف عن أي تفاصيل حساسة تتعلق بها. لكن يمكنني أن أكرر ما قاله الرئيس، والذي كان واضحاً وصريحاً للغاية في هذا الملف: إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً. ذلك سيكون مدمّراً للمنطقة، ومدمّراً للعالم أيضاً. ويجب عليهم أن يوقفوا برنامج الصواريخ الباليستية، وأن يوقفوا أيضاً استمرار تخصيب اليورانيوم بهدف تصنيع قنبلة. هذا ليس ما تستحقه شعوب المنطقة. نحن نريد الأفضل، ونريد المزيد لشعوب هذه المنطقة، ولهذا تحدث الرئيس عن هذا الاتفاق. التركيز يتم من خلال حملة الضغط القصوى، إلى جانب المحادثات الدبلوماسية على هذا المستوى.
رووداو: سؤال أخير، هل هناك جدول زمني محدد للمفاوضات مع إيران؟ إلى متى ستستمر هذه المحادثات؟ هل لديكم مهلة، أم أنكم ستواصلون الحوار دون سقف زمني؟
ميغنون هيوستن: انظري، أعتقد أن لدينا رئيساً يعرف كيف يبرم الصفقات، وهذا هو الأمر الأساسي هنا. لدينا رئيس بارع في عمله، ويعرف تماماً ما يقوم به. لا أستطيع التحدث عن أي جدول زمني، لكن يمكنني أن أقول بكل ثقة: لدينا ثقة تامة بأن الرئيس ترمب قادر على إنجاز هذا الاتفاق.