في خطوة غير معلنة مسبقاً، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إسطنبول، بعد يومين فقط من زيارة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن إلى دمشق، وما تلاها من تقارير عن اتصالات سورية-إسرائيلية برعاية تركية.
وجرى اللقاء في قصر دولما بهتشة على ضفاف البوسفور، بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات من الجانب التركي، إلى جانب رئيس هيئة الصناعات الدفاعية. أما الوفد السوري، فضم وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ومسؤولين آخرين.
وأفادت مصادر دبلوماسية تركية بأن اللقاء ركز على ثلاثة محاور رئيسية، على رأسها رفع العقوبات الدولية عن سوريا، بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع القيود الاقتصادية “دعماً للاستقرار وإعادة الإعمار”.
كذلك تناول اللقاء تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، بما في ذلك فتح خطوط تمويل تركية محدودة لدعم مشاريع البنية التحتية في شمال سوريا. وبحث مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد”) وخطة تركية تقترح دمجها تدريجياً بمؤسسات الدولة السورية الجديدة مقابل تسليم السلاح وخروج المقاتلين الأجانب من مناطق سيطرتها، حسب وكالة “رويترز”.
اتصالات سورية-إسرائيلية برعاية تركية
ويأتي هذا اللقاء في ظل تحولات لافتة في الموقف التركي من الملف السوري، حيث تلعب أنقرة دوراً جديداً كوسيط إقليمي بين دمشق وأطراف كانت على خصومة طويلة معها، وفي مقدمتها إسرائيل.
وكان رئيس الاستخبارات التركية قد اجتمع بالرئيس الشرع في دمشق الأسبوع الماضي، وناقش معه سبل تسوية ملف “وحدات حماية الشعب” الكردية عبر خيار الاندماج الأمني الكامل في الجيش السوري.
كما تحدثت وسائل إعلام عبرية عن “اجتماعات إيجابية” تمت مؤخراً بين ممثلين عن الحكومة السورية الجديدة وإسرائيل بوساطة تركية، ووصفت تلك اللقاءات بأنها بداية لمسار تفاوضي محتمل.
وتُعد زيارة اليوم هي الثالثة التي يقوم بها الرئيس الشرع إلى تركيا منذ توليه الرئاسة في نيسان/أبريل الماضي، وهو ما يعكس تنامي العلاقة بين دمشق وأنقرة، التي كانت لعقد مضى رأس الحربة في دعم المعارضة ضد نظام بشار الأسد.
وأصبحت تركيا أكثر انخراطاً في رسم ملامح النظام السوري الجديد، بعد أن تحولت من لاعب عسكري مباشر إلى شريك دبلوماسي، مدفوعة برغبتها في ضبط حدودها الجنوبية، وتحجيم نفوذ “قسد”، وضمان دور لها في مرحلة ما بعد الحرب، سواء من خلال إعادة الإعمار أو توجيه الاستثمارات نحو المناطق السورية الخاضعة لنفوذ أنقرة.