مطالبات بإطلاق سراح مقاتلات وحدات حماية المرأة
دمشق – ينظر إلى الاتفاقيات الجزئية التي أبرمتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع دمشق على أنها الحجر الأساس في التوصل إلى اتفاق شامل بين الجانبين، لكن لا تبدو هذه الاتفاقيات بالصلابة الكافية وهي معرضة للانهيار كما هو الحال بالنسبة إلى اتفاق حلب.
وأبرمت قوات سوريا الديمقراطية والحكومة في مطلع أبريل الماضي اتفاقا في محافظة حلب شمال غربي البلاد، يقضي بانسحاب مقاتلي قسد من حيي الشيخ مقصود والأشرفية، اللذين يضمان غالبية كردية، على أن تتولى قوات الأمن السورية مهمة تأمين الحيين.
ويشمل الاتفاق جملة من البنود الأخرى التي لم يتم إحراز تقدم كبير بشأنها حتى الآن، ومن بينها قضية تبادل إطلاق سراح الأسرى، وسط اتهامات بين الجانبين حول المتسبب في العرقلة.
وقد جرى تبادل نحو 250 معتقلا من الجانبين، عقب التوصل إلى الاتفاق، على أن يصل عدد المفرج عنهم إلى 600 معتقل، بحسب تصريحات سابقة لمدير مديرية الأمن العام بحلب (قائد الأمن الداخلي في حلب حاليًا) محمد عبدالغني.
هيفين سليمان: سلطة دمشق أخلّت بالبند المتعلق بتبييض السجون
هيفين سليمان: سلطة دمشق أخلّت بالبند المتعلق بتبييض السجون
وتبعت تبادل الأسرى خطوات تنفيذية أخرى، أولاها خروج أرتال من قوات سوريا الديمقراطية إلى شمال شرقي سوريا، بلغت حوالي 900 عنصر.
وفي منتصف أبريل الماضي بدأت الحكومة واللجنة المفاوضة من حيي الأشرفية والشيخ مقصود بالسير نحو تنفيذ البنود الخدمية، بحسب ما تضمنه الاتفاق.
لكن وفق معلومات أوردها موقع “عنب بلدي” القريب من السلطات السورية الجديدة، فإن قضية المعتقلين جمدت المضي قدما في الاتفاق.
ونقل الموقع السوري عن مصدر في حلب، فضّل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له التصريح بأقوال تخص الملف، قوله إن قوات سوريا الديمقراطية رفضت إخراج معتقلين لديها مما يسمى “الجيش الوطني السوري”، وهو عبارة عن مجموعة فصائل سورية موالية لتركيا.
وأشار المصدر إلى أن قسد تحتجز نحو 70 عنصرا من “الجيش الوطني” تطالب بهم الحكومة في مفاوضاتها.
وبحسب الموقع، كان يفترض أن تجري الدفعة الثانية من عمليات تبادل الأسرى في 28 مايو الماضي، إلا أن ذلك تأجل بعد انتظار ذوي المعتقلين لعدة ساعات، ما أثار غضبهم.
واتهمت الحكومة قوات سوريا الديمقراطية بالتعطيل، لكن الأخيرة قالت إن سبب التأجيل يعود إلى رفض السلطات إخراج مقاتلات من “وحدات حماية المرأة”، التابعة لوحدات حماية الشعب الكردي.
وقالت هيفين سليمان، الرئيسة المشتركة لمجلس حيي الشيخ مقصود والأشرفية، إنهم كانوا مستعدين لتطبيق جميع بنود الاتفاق، مشيرة إلى أن “سلطة دمشق” أخلّت بالبند المتعلق بتبييض السجون، عبر رفضها تسليم مقاتلات “وحدات حماية المرأة” إلى جانب أسرى آخرين.
واعتبرت سليمان في تصريحات لوكالة “هاوار” القريبة من قسد أن سبب التأجيل غير قابل للنقاش و”لا بد لسلطة دمشق من تبييض سجونها، وتحقيق حرية الجميع،” مشيرة في الوقت ذاته إلى أن “الاتفاق لم يلغَ، لكنه تعرض لعوائق تخلقها سلطة دمشق من كل حدب وصوب.”
من جانبه شدد قهرمان بكر، وهو أحد أعضاء التفاوض في الوفد الكردي، على أن الحكومة بممارساتها “خرقت وتجاوزت بنود الاتفاق” ولم تلتزم بها، لافتا إلى أن قسد كانت مستعدة لتسليم المعتقلين لديها “دون أي إشكالية”، مؤكدًا في الوقت نفسه أنهم مصرون على تبييض السجون بالكامل.
وبحسب ما نقله موقع “عنب بلدي” عن المصدر في حلب، فإن قسد تطالب بأسرى من تشكيلات عسكرية تابعة لقواتها، وبعضها الآخر يتبع مباشرة قنديل، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وأضاف المصدر أن الأسرى الذين تطالب بهم قسد موجودون في سجن “حوار كلس” شمالي حلب، الذي تتبع إدارته أنقرة مباشرة.
ويضم سجن “حوار كلس” سجناء قبضت عليهم فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا، وتشرف عليه الأخيرة بشكل مباشر، وتنقل بعض سجنائها للتحقيق معهم داخل تركيا، خاصة من تعلقت بهم “قضايا الأمن القومي التركي”.
ويرى مراقبون أن تعثر تطبيق اتفاق حلب ربما يؤثر في المسار التفاوضي بين دمشق وقسد، لكنه لن يكون تأثيرا جوهريا، في ظل وجود قضايا عالقة بين الطرفين أكثر أهمية.
مراقبون يؤكدون أن تعثر تطبيق اتفاق حلب ربما يؤثر في المسار التفاوضي بين دمشق وقسد، لكنه لن يكون تأثيرا جوهريا، في ظل وجود قضايا عالقة بين الطرفين أكثر أهمية
ويشير المراقبون إلى أن قسد تحاول كسب الوقت وتراهن على دعم “الأصدقاء” الغربيين في إقناع دمشق ومن خلفها أنقرة بمطالبها وعلى رأسها تطبيق نظام لامركزي في سوريا، وهو مطلب يرفضه بشدة الجانبان.
وأبرم قائد قوات سوريا الديمقراطية اتفاق إطار مع الرئيس السوري أحمد الشرع في العاشر من مارس، ينص على اندماج الهياكل المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية الكردية بشمال شرق سوريا في الدولة السورية، مع ترك تفاصيل الاتفاق للجان، على أن تنهي عملها قبل موفى العام الجاري.
ولم تكن تركيا بعيدة عن نص الاتفاق، أو المفاوضات التي جرت بشأنه، وهي تريد بالواضح أن تفسح المجال للدبلوماسية، لتحقيق ما تصبو إليه من تفكيك للإدارة الذاتية، قبل تبني الخيار العسكري.
واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرا، قوات سوريا الديمقراطية بالمماطلة في المضي في الاتفاق.
وقال أردوغان للصحافيين خلال عودته من زيارة إلى أذربيجان “كنا قد أعربنا سابقًا عن ترحيبنا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، لكننا نرى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تواصل أساليب المماطلة، ويتوجب عليها أن تتوقف عن ذلك.”
وشدد الرئيس التركي على أن بلاده تتابع تنفيذ القرارات المتخذة في هذا الصدد عن كثب، مؤكدا أن الأساس هو تنفيذ التعهدات بما يتناسب مع الجدول الزمني المتفق عليه.
وتعتبر تركيا أن منح خصوصوية للأكراد في سوريا تهديد لأمنها القومي، وهو ما يجعلها تتشدد في موقفها حيال أي طروحات تتعلق بفيدرالية أو لامركزية في سوريا.